نيويورك تايمز: خروج الغزيين من الحرب مكلف… والعرجاني ينفي الرسوم الباهظة ويتهم “الإخوان المسلمين”

لندن \ مدار نيوز \“القدس العربي” إبراهيم درويش : نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً حول شراء الكثير من الغزيين الراغبين بالخروج من قطاع غزة بطاقة الحرة، من خلال دفع آلاف الدولارات للوسطاء أو شركة مصرية.

وفي التقرير، الذي أعدّه آدم راسغون، ورد أن المعبر الوحيد الذي يمكن للغزيين الهروب منه هو عبْر مصر، ولكنه طريقٌ معقّد ومكلف، ويحتاج لأن تدفع آلاف الدولارات لشركة مصرية تقوم بوضع الفلسطينيين على قائمة المسموح لهم بالخروج واجتياز الحدود.

ولجأ الفلسطينيون إلى جمع الأموال عبر منصات رقمية، مثل “غو فاند مي”، لكي يتمكّنوا من دفع المبالغ المحددة والهروب من الجوع المنتشر في القطاع.

وقام الدكتور سالم غيدا، أخصائي الأطفال في إسكتلندا، باستخدام هذه المنصة، في كانون الثاني/يناير، لجمع التبرعات، بعدما أرسلت له أخته رسالة نصية قالت فيها إن والدهما عانى من نوبة. وتم نقل والده إلى المستشفى، إلا أن غيدا (52 عاماً)، والذي غادر غزة عام 2003، رأى أن هناك ضرورة لإخراج عائلته، وبأي ثمن. ونقلت عنه الصحيفة قوله: “فكرتُ بأنني سأنام وأصحو لأجد أن كل عائلتي ذهبت”، و”شعرت بالعجز واليأس، وكان عليّ عمل شيء”.

وبحسب السفير الفلسطيني في القاهرة دياب اللوح، فقد غادر غزة، على مدى الأشهر الثمانية السابقة، حوالي 100,000 شخص. ومع أن هناك البعض غادروا من خلال علاقتهم بمنظمات إنسانية أو حكومات، إلا أن الطريق المتوفر أمام سكان القطاع هي شركة “هلا”، المرتبطة، على ما يُعتقد، بالحكومة المصرية.

وبعد سيطرة القوات الإسرائيلية على هذا المعبر، في أيار/مايو، بات هذا الطريق غير واضح. فمنذ ذلك الوقت لم يُسمح لأي غزيّ بالمرور عبره، ولا يُعرف متى سيعاد فتحه.

وقابلت الصحيفة أعداداً من الأشخاص داخل وخارج غزة يحاولون مغادرة القطاع، أو مساعدة عائلاتهم على الخروج، وكلّهم، باسثناء شخص، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

وهناك طرق أخرى للخروج من غزة، ولكنها مكلفة للغاية. منها واحد غير رسمي، ومن خلال وسيط داخل غزة يطلب ما بين 8,000- 15,000 عن الشخص الواحد، مقابل ترتيب الخروج، وخلال أيام، وذلك حسب أربعة فلسطينيين، دفعوا الثمن، أو حاولوا الخروج.

واستطاع فلسطينيون على علاقة مع المنظمات الدولية والحكومات، أو من حملة الجوازات الأجنبية، الجرحى والطلاب الذين يدرسون في جامعات خارج غزة، الخروج بدون دفع أموال. وهناك أكثر من مليوني فلسطيني في غزة لا تنطبق عليهم أي من هذه الأوصاف.

وتبلغ رسوم شركة “هلا” 5,000 دولار من أجل تنسيق خروج الأشخاص في سن السادسة عشرة أو فوق، و2,500 عن الأشخاص ممن هم تحت هذا السن، وذلك حسب أربعة أشخاص دفعوا المبلغ، أو جربوا هذا الطريق.

ولم ترد شركة “هلا” على أسئلة الصحيفة، إلا أن إبراهيم العرجاني، رئيس مجموعة العرجاني، ذكر “هلا” كواحدة من شركاته، ووصف نفسه بالمساهم، وأنكر أنها تحصل على هذه المبالغ. وأكد أن الأطفال يخرجون مجاناً، وأن الكبار يدفعون مبلغ 2,500 دولار. وقال إن هذا المبلغ ضروري لأن الخدمات التي تقدمها شركته هي على مستوى “في أي بي”، أو خدمة كبار الزوار، وأن كلفة التشغيل زادت بسبب الحرب.

وبحسب ثلاثة أشخاص، فالعرجاني هو رجل أعمال، وبتاريخ في مساعدة الحكومة المصرية على قتال المتطرفين في شبه جزيرة سيناء، وله صلات مع كبار المسؤولين المصريين. ونفى أن يكون قد انتفع بطريقة غير عادلة من علاقاته.

وقال شخص يعيش بخيمة بدير البلح، وسط غزة، إنه شعر وكأنه يتعامل مع تجار حرب نظراً للضغط المالي عليه، وفي أضعف مرحلة من حياته. وشعر أنه لا يوجد خيار سوى التسجيل في شركة “هلا”. وقال الرجل البالغ من العمر 48 عاماً، ويحاول تأمين الدعم لزوجته وأطفاله السبعة الذين دفع بعضهم رسوم الكبار، وهو ما يعني أنه كان بحاجة إلى 37,500 دولار، لكنه استطاع تأمين 7,330 من خلال “غو فاند مي”. وقال: “ما هي الخيارات؟ لا شيء”.

وتفرض شركة “هلا” على الناس عمليات بيروقراطية معقدة لتسجيل أقاربهم والأعزاء عليهم في القائمة. وتطلب الشركة من واحد من أقارب العائلة زيارة مكتبها بالقاهرة، ودفع أجر الخدمة بدولارات من فئة المئة دولار والصادرة عام 2013، حسب غيدا وثلاثة أشخاص على معرفة بعملية دفع الرسوم لشركة “هلا”. ونفى العرجاني معرفته بهذه الممارسة، معتبراً أن أي شخص دفع دولارات من فئة المئة تعرض للخداع من السماسرة.

وعندما سافر غيدا، نهاية شهر شباط/فبراير، إلى العاصمة المصرية القاهرة لتسجيل اسم أخته وابنها، أحضر معه ابنه البالغ من العمر 23 عاماً لتجنّب حمل أكثر من 10,000 دولار. وفي تلك الفترة كان قد جمع حوالي 25,000 دولار. وقال: “كل العملية كانت طويلة ومعقدة وغير واضحة”.

وفي مقابلة بمكتبه في القاهرة، تحدث العرجاني، وبتفصيل، عن نشاطات “هلا”، مع أنه شدد على أن دوره فيها محدود، وأنه واحد من المساهمين.

وطالما ظهرت “هلا” ضمن مجموعة شركات العرجاني على موقعه في الإنترنت، إلا أنها اختفت، على ما يبدو، في الفترة الأخيرة. ولم ترد مجموعة العرجاني للتعليق على حذف “هلا” من قائمة الشركات التابعة لها. ووصف العرجاني شركة “هلا” بأنها شركة سياحية “مثل أي شركة موجودة في المطار”، وأنها أنشئت عام 2017 لتقديم خدمات “في أي بي” للمسافرين الفلسطينيين الذين يريدون خدمة راقية للخروج من معبر رفح. وقال: “أساعدهم فقط عندما يريدون الدخول لقاعة كبار الزوار وتناول الإفطار، ونقلهم إلى القاهرة بسيارة جميلة من نوع بي أم دبليو والتوقف والراحة، ثم مواصلة رحلتهم”، و”دورنا تقديم أفضل خدمة موجودة، هذا كل ما في الأمر”.

وقال عددٌ من الفلسطينيين الذين استخدموا خدمات “هلا” إنهم لم يحصلوا على خدمة كبار الزوار، وأنهم نقلوا بحافلات صغيرة، وقدم لهم طعام بسيط. وقال العرجاني إن زيادة الطلب أثناء الحرب على خدمة شركته، ونقل الراغبين من رفح إلى القاهرة، أجبرها على زيادة الرسوم.

وتحدث في مكتبه الذي علّق فيه صورة كبيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أنكر استفادة “هلا” من العقود التفضيلية للحكومة المصرية، واعتبر ما يقال تشهيراً من منظمات إعلامية لها علاقة مع حركة “الإخوان المسلمين”، التي أطاح السيسي بها من السلطة، قبل عقد.

وفي زيارة إلى مقر الشركة في وسط القاهرة، وقف 40 شخصاً في طابور أمامها، ومعهم الوثائق المصورة والحزم المالية. وكانوا يتحدثون باللهجة الفلسطينية حول سعر الصرف بانتظار فتح موظفي أبواب الشركة لهم، في وقت أحضرت فيه السيارات الخاصة والعمومية المزيد.

وعندما طلبت الصحيفة من الحكومة التعليق على الاتهامات الواردة في التقرير، أحالتها على تصريحات المسؤولين المصريين، بمن فيهم وزير الخارجية سامح شكري، حيث قال للصحافيين، في شباط/فبراير، إن الحكومة لا تدعم الرسوم العالية، 5,000 دولار كرسوم، وإن الحكومة ستقوم بالخطوات لإلغاء الرسوم.

ورفضت هيئة تنسيق نشاطات الحكومة في المناطق المحتلة التابعة للجيش الإسرائيلي التعليق على دورها في حركة الفلسطينيين عبر معبر رفح.

وبحسب موقع الهيئة على الإنترنت، فقد نسقت إسرائيل مع مصر والولايات المتحدة خروج حملة الجنسية المزدوجة والأجانب من غزة. ومنعت إسرائيل أي شخص من غزة من الدخول إليها، أو محاولة العبور منها إلى أماكن أخرى.

وفي منتصف أيار/مايو، قالت منصة “غو فاند مي” إن أكثر من 150 مليون دولار جمعت لمساعدة الغزيين، وإن 19,000 حملة فتحت على المنصة لدعم عمليات إجلاء أو توفير الخدمات الطبية والطعام. ولم تقتصر المساهمات على الأصدقاء والأقارب وحساباتهم على منصات التواصل، بل وغرباء، لا علاقة لهم بهذه الحملات.

ولجأ فلسطيني عمره 31 عاماً إلى المنصة، حيث قرر، في كانون الثاني/يناير، أنه لم يعد قادراً على تحمل الحياة في خيمة تفتقر لكل وسائل النظافة. وكان عليه تسخين الماء إن أراد الاستحمام على مدفأة، ثم نقله إلى حاوية بلاستيكية، وأخذه إلى خيمة وسخة فيها حمام واستخدام قنينة. ولجأ إلى “غو فاند مي”، حيث جمع لعائلته 50,000 دولار، وغادر معها إلى مصر.

وفي نيسان/أبريل، عاد غيدا إلى القاهرة لاستقبال والديه وشقيقته وابنها الذين وصلوا أثناء عيد الفطر. وشعر بالفرح لكن بعبء كبير نظراً لوجود 28 فرداً من عائلته عالقين في رفح ومدينة غزة. كما أن والديه سيعيشان في القاهرة، على الأقل حتى نهاية الحرب. وقال: “هي حلو مر”، و”تعني رؤية والدي وشقيقتي وابنها كل شيء لي، لكنني لا زلت أشعر بالخوف بشأن عائلتي التي لا تزال في غزة. ولا أستطيع التنفس بشكل طبيعي حتى أشعر بأنهم في أمان”.

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :madar.news
بتاريخ:2024-06-21 11:21:11
الكاتب:علي دراغمة

ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version