هآرتس 15/1/2025، هاجر شيزاف وبار بيلغ: معتقلون غزيون يشهدون أفعال تنكيل في المعتقلات لا تقتصر على سديه تيمان
من ناحية أ. تلك الايام كانت مثل الثقب الاسود. فهو لا يعرف أين هو موجود، والى أين سيتم أخذه، ومن هم المعتقلون معه، ومتى سينتهي كل ذلك. “منذ وصولي الى هنا، عيوني معصوبة ويدي مكبلة طوال الوقت حتى عند الذهاب الى الحمام”. هكذا شهد في الشهر الماضي. “أنا اجلس كل الوقت في الحظيرة مع 50 شخص آخر”.
أ. هو شاب غزي محتجز لدى الجيش الاسرائيلي منذ نهاية تشرين الاول عندما تم اعتقاله في جباليا. من هناك تم نقله الى سديه تيمان، بعد ذلك الى معسكر عناتوت في شمال القدس. حسب قوله فانه منذ اعتقاله سمحوا له باستبدال ملابسه مرة واحدة، والذهاب الى الحمام ثلاث مرات. معلومات عن مصيره لم يتم اعطاءها أبدا.
“نحن نمر بالتنكيل في عناتوت”، شهد م.، وهو معتقل آخر في هذه المنشأة. “طوال اليوم نجلس وأيدينا مكبلة وعيوننا معصوبة. الجنود يقومون بشتمنا، ويسمحون لنا بالنوم في منتصف الليل، بعد ساعة يقومون بايقاظنا ويطلبون منا الوقوف لنصف ساعة، بعد ذلك يعيدوننا للنوم، بعد ساعة يقومون بايقاظنا، هكذا طوال الليل. نحن بصعوبة ننام ثلاث ساعات”، قال. “في الصباح يتم اخذ فرشات المعتقلين التي ينامون عليها، وهم يبقون على الارض مكبلين حتى الليلة القادمة”.
“عناتوت” هو واحد من منشآت الاعتقال الاربعة التي يعتقل فيها 1500 غزي، من بين الـ 3400 الذين بعضهم معتقلون ايضا في سجون مصلحة السجون (حسب بيانات قدمتها الدولة ردا على الالتماس الذي قدمته اللجنة ضد التعذيب في منتصف كانون الاول). مع ذلك، ربما الايام القريبة القادمة تكون الايام الاخيرة لهذه المنشآت. الافتراض هو أنه في اطار صفقة التبادل، اذا خرجت الى حيز التنفيذ، سيتم اطلاق سراح ايضا المعتقلين الغزيين فيها، الذين ضد معظمهم لم تتم اجراءات جنائية. من اجل معرفة الوتيرة العالية لاعتقال الغزيين في الاشهر الاخيرة فانه يكفي النظر الى رد الدولة على لجنة مناهضة التعذيب، الذي بحسبه بين تشرين الاول – كانون الاول اعتقل 1300 غزي اضافي في اطار العملية العسكرية في شمال القطاع.
سديه تيمان الموجود في الجنوب يبدو أنه المعتقل المعروف بسيء الصيت بين منشآت الاعتقال العسكرية. بعد سلسلة منشورات حول ظروف اعتقال غير انسانية، وفي اعقاب التماس قدمته منظمات حقوق انسان للمحكمة العليا فانه في الصيف اعلنت الدولة أن المعتقلين سيتم نقلهم من هناك، وبعد ذلك سيتم بناء في سديه تيمان منشآت اعتقال جديدة، وستقل الحاجة الى التكبيل الطويل. هكذا اعترفت، حتى لو لم يكن بشكل صريح، أن الظروف في هذه المنشأة لم تكن تتوافق مع واجبات اسرائيل حسب القانون المحلي والدولي. ولكن يبدو أن ما حدث في سديه تيمان يحدث الآن في عناتوت.
حسب الشهادات فان المعتقلين في عناتوت يحتجزون فيما يسمى “قفص” أو “حظيرة” – مساحة حولها سور وغير مغلقة بالكامل؛ نوع مثل الهنغر العسكري أو المظلات، التي هي بشكل عام تستخدم لتخزين السيارات. التصريحات المشفوعة بالقسم، التي حصلت عليها المحامية نادية دقة والمحامية نادين أبو عرفة من “موكيد” للدفاع عن الفرد، يتضح منها بأن المعتقلين هناك يتم تكبيلهم 24 ساعة في اليوم، وعيونهم معصوبة ولا يعرفون أين يوجدون. المعتقلون قدموا حتى شهادات حول ظروف النظافة الصعبة، والاكتظاظ والعنف في كل مراحل الاعتقال.
“في الليلة الاخيرة القيود كانت مشدودة جدا”، قال ج. في شهادته. “طلبت من الشاويش (وهو معتقل يقوم الجيش بتعيينه كمسؤول) تخفيف شدة القيود، ولكنهم لم يوافقوا على ذلك. عيوني معصوبة طوال الوقت هذا يعني أنني معتقل في عناتوت، ويعني أنني كنت لمدة اسبوعين في سديه تيمان”. وحسب قوله فانه منذ اعتقاله تم السماح له بالاستحمام مرة واحدة.
في الجيش الاسرائيلي يفسرون الظروف القاسية في منشآت الاعتقال العسكرية، معتقل عناتوت بالذات، بأنه تم اعدادها للتصنيف والاعتقال المؤقت لمعتقلي الحرب، الى حين اطلاق سراحهم أو نقلهم الى مصلحة السجون. مصادر في الجيش الاسرائيلي، من بينها ضباط كبار تحدثوا مؤخرا مع “هآرتس”، اوضحوا بأن الجيش غير معني باحتجاز معتقلين، وأنه يعتقد أن حراستهم ليست من مهمته. ولكنهم هنا يقولون بأنه يوجد هنا لغم: وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير. الوزير المسؤول عن مصلحة السجون يقوم بوضع العقبات أمام استيعاب معتقلين آخرين. وحتى أن القضية تم طرحها في الرسالة التي ارسلتها المستشارة القانونية للحكومة الى رئيس الحكومة. وقد اشارت فيها الى أن بن غفير يفشل اخلاء سديه تيمان.
ليس فقط ظروف المعتقلين هي التي تزعج الجيش، بل مصادر في الجيش الاسرائيلي أكدت على أن بعض السجانين هم من الجنود النظاميين، وفي الجيش هم غير معنيين بالتواصل مع معتقلين مشبوهين بالارهاب. اضافة الى ذلك في الجيش يقولون بأن مجرد وضع جنود قرب المعتقلين يمكن أن يؤدي الى اعمال العنف أو الانتقام. مثال بارز على ذلك هو التنكيل بمعتقل فلسطيني على يد اعضاء القوة 100 (القوة التي في كانون الثاني الماضي اعاد الجيش تشكيلها بسبب الحاجة الى حراسة المعتقلين). في حادثة اخرى، الوحيدة حتى الآن التي وصلت الى مستوى تقديم لائحة اتهام، قام فيها الجندي الذي رافق المعتقلين قام بضربهم والتنكيل بهم.
حول تفجر قضية سديه تيمان، في محاولة لشرح الظروف هناك، قالوا في الجيش الاسرائيلي بأن البنية التحتية لم تكن مؤمنة بما فيه الكفاية، لذلك كانت هناك حاجة الى اتباع “وسائل أمن وقائية”، أي التكبيل. في اعقاب انتقاد المحكمة العليا تم بناء في بعض منشآت الاعتقال، مثل سديه تيمان وعوفر، غرف مؤمنة بدلا من الحظائر.
لكن في معتقل عناتوت بقي الوضع المؤقت على حاله. وبسبب أن المعتقلين يوجدون في هذه المنشآت الارتجالية لاشهر فان الظروف فيها هي حكم بعيد المدى. احيانا يوجد له تاريخ انتهاء – النقل الى سجن تابع لمصلحة السجون اذا كان يوجد مكان، أو اطلاق السراح الى غزة. السيناريو الثاني لا يعتبر أمر نادر جدا. فمنذ اندلاع الحرب تم اطلاق سراح الآلاف الى القطاع، على الاغلب بعد أن لم يتم العصور ضدهم على دلائل لنشاطات ارهابية. عند عودتهم الى هناك هم ايضا تحدثوا لوسائل الاعلام عما مر عليهم في منشآت الاعتقال في اسرائيل. في هذا الشهر توجهت جمعية حقوق المواطن الى النيابة العامة العسكرية وطلبت نقل المعتقلين في عناتوت الى منشأة سجن منظمة، بحيث توفر لهم الظروف التي يستحقونها حسب القانون. “ازاء ما جاء في الشهادات فانه يجب اعطاء أمر باجراء فحص شامل لسلوك الجنود الذين يعملون كسجانين في معتقل عناتوت، وفي البداية فحص سلوك قادة المنشأة”، كتبت الجمعية.
الضرب
معظم الغزيين الذين تم اعتقالهم اثناء الحرب يحتجزون في اسرائيل بقوة قانون “المقاتلين غير القانونيين”، الذي يمكن من السجن بدون محاكمة لكل من ادعي ضده بأنه شارك في النشاطات العدائية ضد الدولة. القانون يسمح بحرمان المعتقلين من حق الالتقاء مع محام لفترة طويلة، 45 سوم، وفي بعض الحالات 75 يوم، وينص على احضارهم للمثول امام قاض فقط بعدج 45 يوم على الاعتقال.
500 من بين الـ 3400 غزي المعتقلون الآن في اسرائيل حتى الآن لم يلتقوا مع محام.
معظم المعتقلين تم احتجازهم في البداية في غزة، وبعد ذلك تم نقلهم الى سديه تيمان. بعد التحقيق معهم تم نقلهم الى معتقلات عسكرية اخرى مثل محنيه عوفر وعناتوت أو قاعدة نفتالي في الشمال. مظاهر العنف تظهر حسب الشهادات في كل مراحل الطريق، في التحقيق، في منشآت الاعتقال وبالاساس على الطرق. في “هآرتس” تم النشر عن حالة التي فيها الجنود الذين رافقوا معتقلين من خانيونس، مشتبه فيهم بقتلهما، بعد رؤية على رأسهما علامات ضرب وعلى اجسادهما ظهرت علامات التكبيل.
التصريحات المشفوعة بالقسم تكشف المزيد من النواحي التي لم يتم التحدث عنها حتى الآن في اسرائيل. مثلا، قصة ح.، أحد سكان حي حمد في خانيونس، الذي بدأ العنف الشديد ضده في الاعتقال الاول له، عندما كان مع عائلته. “ضربوني على رأسي ولدي جرح كبير على جبيني”، قال. تم نقلهما الى شاحنة وبعد ذلك الى حافلة، فيها تم ضربنا، عيوني معصوبة ومكبل اليدين والقدمين. حسب اقواله. لقد تم احضار المعتقلين الى بيت، قضيا فيه الليل، في الوقت الذي اجبرهما فيه الجنود على الهتاف “شعب اسرائيل حي”.
وصف آخر لـ ي. احد سكان بيت حانون وأب لخمسة اولاد: “في 25 تشرين الاول كنت في العمل، أنا ممرض مؤهل في مستشفى كمال عدوان”، قال. وحسب قوله فان الجيش دخل الى المستشفى وطلب من الجميع الخروج الى الخارج، وخلع ملابسهم والبقاء في الملابس الداخلية. أخذوا الجزء الاكبر من الطاقم الطبي، بما في ذلك أنا. قاموا بتكبيل أيدينا وعصب عيوننا ووضعونا في حافلة، في الطريق كان الكثير من العنف، طلبوا منا حني الرأس، وقاموا بضربنا في كل جسمنا، بأيديهم وبالسلاح. “انا كسرت ثلاثة ضلوع لي”.
هدف الشاحنة التي وضعونا فيها هو سديه تيمان. هناك تم التحقيق معي. “المحقق قام بضربي”، قال. “بعد ذلك جاء مكانه شخص آخر، وهو ايضا ضربني ضرب مبرح”. ما حدث بعد ذلك هو أمر معياري بمفاهيم سديه تيمان: هذا الشخص تم اعتقاله وهو مكبل ومعصوب العينين مدة 28 يوم، بعد ذلك تم نقله الى غرفة مع 20 معتقل، وتم فك القيود وعصبة العيون واصبح يمكنه رؤية حالته.
العملية التي يتحدث عنها ي. التكبيل المستمر وبعد ذلك نقل الى غرفة فيها الكثير من المعتقلين، تظهر في شهادات معتقلين آخرين تم احتجازهم في سديه تيمان. الغرفة التي يدور الحديث عنها والتي تم جلبهم اليها بدون تكبيل مبنية من الباطون. هناك العيون تكون مفتوحة، لكن يحظر التحدث أو تغيير الملابس، قال. ايضا الاستحمام ليس بالأمر السهل، فهو مسموح به مرة كل اسبوعين. النوم على سرير هو موضوع محل تساؤل. في الغرفة كانت ثمانية أسرة.
هذا الوصف لما يحدث في سديه تيمان يرسم صورة مركبة فيما يتعلق بتعهد الدولة بتحسين الظروف في هذه المنشأة. الرد الذي قدمته للمحكمة العليا، اعلنت الدولة بأنه عندما سيتم فتح اقسام جديدة في السجن يمكن تقليل مدة تكبيل المعتقلين في الـ 96 ساعة الاولى. حقا تم افتتاح غرف اسمنتية جديدة، لكنها ايضا لم تكن بدون مشاكل. من الشهادات يظهر ايضا أنه مر وقت الى أن تم نقل المعتقلين الى الغرف الجديدة، وحتى ذلك الحين كان الكثيرون منهم ما زالوا مكبلين لايام.
في اعقاب نفس الالتماس ومنشورات اخرى حول ما يحدث في سديه تيمان، قام رئيس الاركان هرتسي هليفي بتعيين لجنة لفحص ظروف المعتقلين بشكل عام في كل المنشآت العسكرية، باستثناء عناتوت الذي لم يكن في حينه يعمل. في محادثة اجرتها الصحيفة مع احد اعضاء اللجنة، قال إنه في سديه تيمان وفي معسكر عوفر تم اجراء تحسينات وفقا لتوصية اللجنة. في عوفر الاغلبية المطلقة من المعتقلين لا يتم تكبيلها، ومن يتم تكبيلهم يكون ذلك بسبب خطورتهم. يتضح ايضا من الشهادات وحسب قوله فانه يوجد نقل لمعتقلين الى الغرف الاسمنتية، في نصفها توجد خدمات صحية.
وقد جاء من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي الرد: “هذه الادعاءات غير دقيقة، وظروف الاعتقال في عوفر مناسبة للاعتقال الطويل في غرف منظمة. المعتقلون لا يتم تكبيلهم، باستثناء بعض الحالات التي يتم فيها استخدام التكبيل على خلفية خطورة كبيرة للمعتقل”.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-15 13:51:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>