هل يؤدي الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا إلى انفراجة في أزمة الحبوب العالمية؟

(رضا زيدان)

شفقنا- صدقت أوكرانيا وروسيا اتفاقا في مدينة اسطنبول التركية برعاية أممية ، يسمح باستئناف تصدير الحبوب الأوكرانية العالقة في موانئ البحر الأسود، منذ بدء العملية العسكرية الروسية قبل نحو 5 أشهر، والتي تنتظرها الأسواق العالمية بفارغ الصبر.

الاتفاق الموقع ، أمس الجمعة، نصّ على إنشاء مركز مشترك للتنسيق والقيادة مقرّه إسطنبول، للإشراف على سير العمليات وحل الخلافات. ووفق مسؤولي الأمم المتحدة، سيستغرق إنشاء المركز من 3 إلى 4 أسابيع. وهذا يعني أنّ شحنات الحبوب قد لا تبدأ بالتدفق السريع قبل النصف الثاني من آب/أغسطس المقبل.

وكانت مسألة تفتيش السفن من أكثر النقاط الشائكة في الاتفاق بين الطرفين، فأوكرانيا لا تريد من روسيا تفتيش سفنها للتحقق من عدم وجود شحنات أسلحة لدى عودة السفن إلى مرافئها.

وقال مسؤولو الأمم المتحدة إنّ الأطراف الأربعة متفقة على أنّه سيكون من الصعب جداً إجراء عمليات تفتيش السفن، التي تطالب بها روسيا، في أعالي البحار. وعوضاً عن ذلك ستشرف الأطراف الأربعة على تفتيش السفن في أحد المرافئ التركية لدى عودتها إلى أوكرانيا، وسيكون ذلك على الأرجح في إسطنبول. ولم يعرف بعد على وجه التحديد من سيُسمح له بالصعود على متن السفن الأوكرانية.

ووفق الاتفاقية، قررت الأطراف نزع الألغام من المنطقة، رغم أنّ هذا الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً لا يسمح بزوال خطر تفشي المجاعة في عددٍ من أكثر مناطق العالم فقراً.

وزرعت أوكرانيا ألغاماً في مناطق محيطة بالمرافئ الأوكرانية الرئيسية المطلة على البحر الأسود، بهدف درء الهجمات الروسية.

وتسري الاتفاقية مدة 120 يوماً، ويمكن تمديدها تلقائياً من دون الحاجة إلى مزيد من المفاوضات، ويشمل الاتفاق المرافئ الأوكرانية المطلّة على البحر الاسود في أوديسا، إضافة إلى موقعين مجاورين.

ويعتقد مسؤولون أمميون أنّ فترة الاتفاقية ستكون كافية لشحن 25 مليون طن من القمح والحبوب الأخرى العالقة في المرافئ الأوكرانية.

القمح الروسي والأوكراني طعام العرب والأفارقة

تحتلّ روسيا المرتبة الأولى في تصدير القمح عالمياً، إذ تمثل 18% من الصادرات العالمية بقيمة 7.9 مليارات دولار أميركي، وتُمثل أوكرانيا 7%. بمعنى آخر، يمثل البلدان نحو ثلث إمدادات القمح العالمية.

وتعتمد بعض الدول النامية والفقيرة في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بشكل كبير على القمح الروسي والأوكراني بمتوسط 75%، حتى أنّ بعض البلدان تعتمد اعتماداً كاملاً على القمح الروسي والأوكراني بنسبة تصل إلى 100% مثل الصومال وإريتريا. ويُساهم نقص صادرات الحبوب من موانئ أوكرانيا في تفاقم أزمة الغذاء العالمية، فما هي جذور الأزمة؟

  • عيّنة من البلدان الأكثر اعتماداً على القمح الروسي والأوكراني

قبل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كان معظم القمح الأوكراني والذرة وزيت عباد الشمس يمرّ عبر موانئ البحر الأسود. أما الآن، فالعديد منها تحت السيطرة الروسية أو تحاصرها الألغام الأوكرانية، في حين تضررت بعض البنى التحتية للموانئ.

مع أولى أيام العملية العسكرية، أغلقت أوكرانيا موانئها، المُطّلة على البحر الأسود كمينائي أوديسا وخيرسون، ومينائي ماريوبل وبرديانسك وسكادوفسك المطلة على بحر أزوف. وتحتوي هذه الموانئ نحو 20 مليون طن من الحبوب العالقة في صوامع أوكرانيا، وفق وكالة “رويترز”.

هذا الإغلاق أدى إلى انهيار سلاسل التوريد الاوكرانية ، وبحلول منتصف العام، كان ما لا يقل عن 20 مليون طن من الحبوب التي تمّ حصادها في العام 2021 عالقة في البلاد، وتزامن ذلك مع بدء موسم حصاد القمح.

بعض القمح والذرة والشعير نقل براً إلى رومانيا وبولندا وموانئ بحر البلطيق، من خلال الطرق والسكك الحديدية أو عبر نهر الدانوب، وكانت هذه الطرق قادرة على التعامل مع نحو خُمس صادرات أوكرانيا قبل الحرب فقط، وبلغ إجمالي صادرات الحبوب، في حزيران/يونيو، 1.4 مليون طن فقط مقابل حوالي 5 ملايين طن شهرياً في الأعوام السابقة، فيما تعطّلت الجهود المبذولة لزيادة حجم المنقول عنها بسبب ندرة وقود الشاحنات وأزمة الطاقة في أوروبا.

ألغام تعطّل الملاحة

في حين أنّ أكبر محطات التصدير الأوكرانية لم تتضرر إلى حدٍ كبير، ولا تزال تحت السيطرة الأوكرانية، فإنّ الموانئ والمياه الساحلية مليئة بالألغام، إذ لغّمت أوكرانيا موانئ أوديسا وأوتشاكوف وتشورنومورسك ويوجني بنحو 400 لغم قديم من الألغام التي تقبع تحت سطح الماء بعمق بضعة أمتار، وفق وزارة الدفاع الروسية.

زرع الألغام وانزلاقها نحو البحر الأسود، كان ضاراً بشكلٍ خاص على تصدير الحبوب، وهذا سبب أزمة غذاء، كون الشحنات البحرية كانت تمثل 90% من صادرات الحبوب والبذور الزيتية قبل العملية العسكرية، وفق الاتحاد الأوروبي.

وقال متحدث باسم المنظمة البحرية الدولية، وهي وكالة الشحن التابعة للأمم المتحدة وإحدى الهيئات العديدة التي تعمل على إنشاء ممر بحري لإمدادات الحبوب، إنّ “الألغام البحرية وضعت في مداخل الموانئ، فيما أُغلقت المخارج بقوارب ورافعات غارقة”.

واستفادت روسيا من الحصار الأوكراني، إذ حرمت حكومة كييف من الإيرادات التي تريد تحويلها إلى سلاح، وألحقت أضراراً اقتصادية بخصوم موسكو الغربيين، وعززت قيمة قمحها في السوق الدولية.

ويرى محلل السوق الزراعية غوتييه لو مولغات أنّه رغم العديد من العوائق الموجودة، فمن “مصلحة الجميع حالياً استئناف حركة المرور عبر البحر الأسود، بالنسبة إلى الأوكرانيين أولاً، ولكن أيضاً بالنسبة إلى الروس، الذين لديهم محصول وفير للتصدير”.

بعد توقيع الاتفاقية، لا يزال القلق قائماً من قدرة الموقعين على الالتزام بها، ما يتيح تجنّب أزمة مجاعة تتعرض لها نحو 43 دولة، أم أنّ أحداثاً ستعرقل الاتفاق؟

*الميادين

انتهى

2.12.0.0

المصدر
الكاتب: Sabokrohh
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2022-07-23 09:45:32
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Exit mobile version