خليل نصرالله – مختص في الشؤون الإقليمية | خاص الواقع
صعد الأميركيون خلال المرحلة الماضية من مواقفهم العدائية اتجاه القوات الروسية في سوريا بشكل غير مسبوق. عززوا قواعدهم العسكرية – غير الشرعية – بأسلحة ومعدات متطورة، وكثفوا من تسيير طائراتهم المسيرة في الأجواء ووسعوا دائرة تحليقها، وهو ما أدى إلى احتكاكات جوية كادت تصل إلى حد الاشتباك في إحدى المرات. كذلك رفع الأمريكيون من منسوب الانتشار في المنطقة، وأعادوا طائرات حربية متطورة إليها بعد نقلها في وقت سابق إلى شرق أوروبا، منها أف ٣٥، رابضت بعض منها في قواعد جوية شمال الأردن.
مرد التحرك الأميركي يعود إلى تحركات روسية إيرانية وكذلك سورية على الأرض، حيث عمدت القوات الروسية تحديداً إلى توسيع تموضعها نحو شرق البلاد وشرعت بإنشاء قاعدة عسكرية لها جنوب مدينة دير الزور، وهو ما يعني توسيع حضورها الجوي إلى معظم الأجواء السورية، ومنها عمق البادية حتى “الحدود” مع شرق الفرات، ما يفرض على الأمريكيين المزيد من التنسق الجوي، ويحد من حرية حركتهم أكثر.
ومع توسيعرموسكو تموضعها العسكري في سوريا سجل تنامي وتصاعد في العلاقة العسكرية بين القوات الروسية والمستشارين الايرانيين وزيادة التنسيق بينهما في مجالات عدة، وهو ما رأى الأمريكيون فيه علاقة تتعدى مسألة مكافحة الإرهاب.
وكانت صحيفة “الواشنطن بوست” قد نشرت تقريرا في حزيران الماضي، كشفت فيه عن إطلاعها على وثائق استخباراتية أمريكية مُسربة تفيد بأن “إيران غيرت من استراتيجيتها بهدف إخراج القوات الأمريكية من سوريا وإنها تتعاون مع روسيا وسوريا لتحقيق الهدف”، وهو ما فسر يومها إعادة الأميركيين قوات لهم إضافة إلى طائرات حربية حديثة وبوارج حربية إلى المنطقة، وهي خطوات ترافقت مع تصعيد الخطاب اتجاه التعاون الروسي الإيراني، مع اتهامات لموسكو بتقويض محاربة “التحالف” لتنظيم داعش الإرهابي.
وبغض النظر عن المشهد الذي قدمه الأميركيون حول التعاون الروسي – الإيراني، ودلالة تعزير موسكو وجودها الشرعي في سوريا في وقت تخوض حربا في أوكرانيا ودلالات ذلك على ثباتها العسكري هناك، فإن الوقائع على الأرض كانت تشير إلى مأزق أميركي حقيقي أمام القدرات للقوى الدولية التي تساند دمشق بمكافحة الارهاب، ولا يمكن إنكار ذلك والتكتم عليه.
وقد فعل الأمريكيون كل ما يمكن فعله لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، أي عودة الروس إلى التموضع العسكري السابق وانحسار العلاقة بينهم وبين الايرانيين في مناطق بعيدة عم نفوذهم المباشر، لكن لم تأت النتائج كما أرادوا، ليضطروا إلى إنشاء قنوات تواصل مع روسيا لاحاطت الأخير بجهود مكافحة الارهاب في سوريا، كما عبرت وأعلنت نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي “دانا ستورل” التي كانت تتحدث لقناة الجزيرة يوم الاربعاء ١٣ أيلول، حيث بررت الخطوة بأن ما تقوم به روسيا في سوريا يشتت عمليات القوات الأمريكية على الأرض، حسب قولها.
ما أعلنته نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي، يؤكد على تراجعات أمريكية والرضوخ لأمر واقع بات قائما، أي التموضع الروسي الجديد في سوريا والآخذ بالاتساع. كما سيساعد الأمر الروس وشكرائهم الإيرانيين إلى جانب الجيش السوري، بالاطلاع على بعض الأعمال التي يقوم بها الأميركيون وبالتالي تقيمها وبالبناء عليها.
المصدر
الكاتب:admin
الموقع : alwaaqe3.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-09-14 22:24:06
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي