أعلنت وزارة الطاقة والمياه – هيئة إدارة قطاع البترول في بيان رسمي مطلع الأسبوع، أنه “في الثالثة من بعد ظهر 2 تشرين الأول وقبل ساعة واحدة من انتهاء موعد تقديم الطلبات للاشتراك في دورة التراخيص الثانية، تقدّم الائتلاف المكوّن من “توتال إنيرجيز” الفرنسية و”إيني” الإيطالية و”قطر للطاقة” بطلبَي اشتراك في دورة التراخيص الثانية للمزايدة على الرقعتين ٨ و ١٠ في المياه البحرية اللبنانية”.
بهذا الإعلان، حَسَمَت وزارة الطاقة الجدل الذي أثير في الأيام الأخيرة حول وجوب تمديد دورة التراخيص الثانية إفساحاً في المجال لاستطلاع نتائج الحفر الاستكشافي الأول في “حقل قنانا” أي الـ “بلوك 9″، والتي يبشّر المعنيون بالقطاع، على الصعيدَين الرسمي والخاص، بأنها ستكون إيجابية، الأمر الذي دفع بائتلاف الشركات إلى التقدّم بالمزايدة على الـ “بلوك 8” والـ “بلوك 10” الملاصقَين للـ “بلوك 9” جنوباً… وبالتالي يُعتَبَر أي تلزيم للبلوكات البحرية قبل صدور نتائج الحفر والاستكشاف في البلوك “رقم 9″، إجحافا في حق لبنان وحرمانه من رفع سقف شروطه في حال اكتشاف مخزون تجاري واعد.
لكن هذا الحسم استلزم توضيحاً يبرّر خطوة الوزارة في عدم تمديد الدورة الثانية، ودحض أي شك وصفها بـ “المتسرِّعة”.
مصدر في قطاع الطاقة يرى في حديث لـ “الديار”، أن “لبنان لم يتسرّع في عدم التمديد مرة أخرى لدورة التراخيص الثانية، إنما يعتمد استراتيجية خاصة في هذا الموضوع يتعاطى بها مع الشركات العالمية، فالدولة اللبنانية على بيّنة من توجّه الشركات ومدى اهتمامها بقطاع النفط عموماً ودورة التراخيص الثانية خصوصاً”.
ويسأل في السياق، “ما الأفضل: انتظار نتيجة عمليات الحفر والاستكشاف، أم أخذ العروض لدرسها؟ علماً أن التلزيم لم يتم بعد، أي لم يُعطَ حتى الآن أي حقوق بترولية، فالمجال لا يزال مفتوحاً… لذلك حتى لو تقدّم من دورة التراخيص الثانية عروض مقبولة، فهذا لا يعني أنه لا يحق للدولة التفاوض لتحسين الشروط!”.
ويتابع “يسارع لبنان إلى تلقف الفرص العالمية لاستقطاب الشركات العالمية المهتمة، إذ لا يمكن بعد الآن هدر الوقت وإضاعة الفرص في الانتظار والترقب… فهناك شركات مستعدة للتقدّم بعرض تلزيم أي بلوك بالشروط التي تحدّدها الدولة اللبنانية، وعلى لبنان التمسّك بهذه العروض”.
“العملية ممسوكة” يؤكد المصدر، وبالتالي “لا داعي لإطلاق الشكوك والتحاليل… ليس هناك أي تسرّع في هذه الخطوة. وفي حال حصول اكتشاف في الـ “بلوك 9″ فيمكن أن يستقطب لبنان شركات إضافية لبلوكات أخرى، الأمر الذي يرفع من منسوب المنافسة ويؤمّن شروطاً أفضل للدولة اللبنانية”.
هل بيئة لبنان مؤاتية لتلقف النتائج؟!
توازياً، تمضي الباخرة TRANSOCEAN BARENTS بمرحلة استكشاف النفط والغاز في الـ “بلوك “9، ويبادر إلى أذهان اللبنانيين السؤال البديهي عما إذا كانت الدولة اللبنانية على جهوزيّتها لتلقف النتائج والإفادة منها كما هو مأمول؟!
خبير الطاقة الدولي رودي بارودي يأسف عبر “الديار” “لعدم قيام الحكومة اللبنانية بدورها المنتظَر حتى الآن”، ويقول: يحتاج لبنان اليوم قبل أي شيء آخر، إلى انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد. ثم على السلطات اللبنانية القيام بالكثير من الإصلاحات الملحّة التي تكمن في:
– أولاً: إحياء و/أو تعيين هيئة جديدة لإدارة قطاع البترول اللبنانية، علماً أنه تم تشكيل الهيئة في العام 2012، وقام أعضاؤها بأعمال كثيرة ومهّدوا الطريق أمام عملية الاستكشاف، إنما انتهت مدة ولاية
الهيئة في العام 2018، ومنذ ذلك الحين غادر العديد من أعضائها لبنان أو استقال.
– ثانياً: القيام بالإصلاح القضائي على كل المستويات من أجل حماية مصالح لبنان وشركات النفط والغاز الكبرى. ومن المعروف أن القضاء المستقل يجذب الاستثمارات المهمة.
– ثالثاً: تطبيق الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي ولا سيما الإصلاحات المالية التي تعطي الثقة مجدداً بالقطاع المصرفي، وبالطبع يجب إقرار قانون صندوق سيادي يوافق بين الحاجات اللبنانية والمبادئ العالمية، خصوصاً لناحية الشفافية. لذلك يجب إعداد دراسة معمّقة لقانون الصندوق السيادي ليكون شفافاً وقادراً على تأدية واجباته على أكمل وجه، خصوصاً أن الثروة النفطية هي ملك الشعب اللبناني ويُفترض عدم التفريط بها.
الاستثمار الأجنبي المباشر إذاً، يحتاج دائمًا إلى سيادة القانون والشفافية المطلقة والاستقرار السياسي… فأين لبنان منها؟! علماً أنه في حال تم اكتشاف كميات من النفط في مياه لبنان الإقليمية، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) الذي سيحتاج إليه “كونسورتيوم” الشركات الذي تترأسه “توتال إنرجي”، سيتراوح بالتأكيد ما بين 1 و3 مليارات دولار.
مرتبط
المصدر الكاتب:hanay shamout الموقع : lebanoneconomy.net نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-10-06 09:24:25 ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي