كنا نتمنى على وزير الخارجية العراقي ان يأتي بمثال على “التدخل الايراني في الشأن العراقي”، الا نه لم يفعل للاسف، لذلك وضع المتابع في حيرة من أمره، وخاصة المتابع العراقي، الذي لم ير من ايران الا سندا وسندا قويا لبلاده منذ سقوط الطاغية عام 2003 وحتى اليوم.
اذا كان تأييد ايران للعراق الجديد، والعملية السياسية، والدستور، والانتخابات، والوقوف الى جانب الشعب العراقي عندما هددته عصابات “داعش” بعد ان وصلت الى ابواب بغداد واربيل، وفتح مخازن الاسلحة الايرانية امام العراقيين للدفاع عن مدنهم ومقدساتهم، والتضحية باشرف واكرم قادتها للدفاع عن العراق، والوقوف الى جانب العراق للحفاظ على وحدة اراضيه وسيادته، يعتبرا تدخلا، فالحق كل الحق مع وزير خارجية العراق.
كنا نتمنى ايضا، ان يتحدث رئيس الدبلوماسية العراقية، بلغة جديدة ايضا، مع الدول التي رفضت كل ما تقدم، وناصبت العراق والعراقيين العداء، وانفقت المليارات من الدولارات، واصدرت فتاوى بتكفير العراقيين، وارسلت عشرات الالاف من التكفيريين والانتحاريين ليفجروا اجسادهم في شوارع واسواق وازقة ومدن العراق، لهدم العراق الجديد وتخريب العملية السياسية واعادته الى ما قبل 2003.
للمرة الثالثة نتمنى على السيد فؤاد حسين ان يستخدم اللغة الجديدة التي استخدمها مع ايران في هذا اللقاء، مع الدول التي كانت وراء كل مصائب العراق، فهو يقول : ان “العلاقات مع دول الخليج (الفارسي) الآن باتت ممتازة”، فاذا كان العراق قد تغاضى عن كل بحور الدم التي اراقتها الانظمة العربية في العراق قبل وبعد عام 2003، ووصل الى علاقات ممتازة معها، ترى كيف يعجز عن الوصول الى هذه العلاقة مع بلد لم يتورط في اراقة قطرة دم عراقية واحدة، بل على العكس تماما، قُطعت اشلاء اعظم قادتها في شوارع بغداد .
حول علاقات العراق مع تركيا تحدث السيد فؤد حسين بلغة دبلوماسية، بل وحتى تبريرية، غابت عنه عند الحديث عن ايران، رغم ان تركيا تحتل اراض واسعة من العراق، وتحرمه من مياه دجلة والفرات، حيث يقول ما نصه:” ان بناء السدود التركية ليس وليد اليوم، بل يعود إلى عقود ماضية.. الأتراك في حديث معنا وكانوا يقولون أنتم يأتيكم الماء ثم يذهب إلى البحر، لماذا لا تديرون المياه؟”!.
اما عن احتلال تركيا لاراض واسعة من العراق فإستمر وزير الخارجية العراقي بالحديث بتلك اللغة قائلا: “الأتراك يطرحون مشكلة وجود حزب العمال الكردستاني في الأراضي العراقية، وهي بمثابة مشكلة للعراق ولتركيا أيضا.. “!.
قبل ان نختم نعود ايضا الى اللغة التي استخدمها الوزير العراقي مع ايران حيث قال وبشكل قاطع: ان”الجانب الإيراني يجب أن يفهم هذه المسألة، نحن سنكون أصدقاء وسنبقى جيران ونعمل معا، ولكن مسألة التدخلات الإيرانية غير مقبولة”.
حاولنا ان نجد دليلا واحدا على “التدخلات” الايرانية في الشأن العراقي ، فهي عبارة تكررت كثيرا في اللقاء، فلم نعثر عليه، اللهم الا اذا كان المقصود منها الوجود المكثف للموساد الاسرائيلي في شمال العراق، والذي كان مسؤلا عن العديد من الجرائم التي وقعت في ايران، فهذا الامر لا يمكن وضعه في خانة “التدخلات”، فالوجود الصهيوني في العراق ليس مرفوضا من قبل ايران، فهو مرفوض ايضا من قبل العراق، الذي يجرم برلمانه كل انواع التطبيع معه، ناهيك عن السماح لعصابات الموساد بالتواجد على الارض العراقية . ان خطرالموساد على ايران لا يقل عن خطره على العراق، لذلك كانت مكافحة هذا الوجود المخرب للعلاقات بين دول المنطقة، هي مسؤولية جميع دولها.
الكاتب :
الموقع :www.alalam.ir
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2022-06-14 01:06:26
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي