وغالباً ما يشجع المديرون والمعلمون، الموظفين والطلاب على بذل جهد عقلي، ونظرياً يبدو هذا جيداً، ففي الغالب يختار هؤلاء الأنشطة التي تُمثّل تحدياً عقلياً، ويميل علماء إلى استنتاج أن هذه الفئات تستمتع بالتفكير الجاد.
وفي المقابل، أشارت نتائج البحث الجديد، إلى أن هذا الاستنتاج قد يكون خاطئاً، فبشكل عام، يكره الناس بذل المجهود العقلي.
ولفت البحث إلى أنه رغم الدفع المجتمعي نحو الصرامة العقلية، فإن الكراهية المتأصلة للمجهود العقلي قد تعوق الإنتاجية والتعلم. وحثّت النتائج على إعادة تقييم كيفية التعامل مع المهام التي تتطلب جهداً معرفياً كبيراً، ما يشير إلى الحاجة إلى استراتيجيات يمكن أن تجعلها أكثر قبولاً.
المشاركة المعرفية
وقال الباحثون، إن فهم النفور من الجهد العقلي، يمكن أن يؤدي إلى طرق أكثر فاعلية لتحفيز الأفراد وإشراكهم في كل من البيئات التعليمية وأماكن العمل، فمن خلال الاعتراف بالانزعاج المرتبط بالجهد العقلي، يمكن تطوير أنظمة وبيئات دعم أفضل تسهل المشاركة المعرفية دون المشاعر السلبية المصاحبة.
وذكر الباحثون أن عبارة “يؤلمني التفكير” في جوهرها، أكثر من مجرد كلام، إذ يمكن أن تُمثّل انعكاساً للانزعاج الحقيقي الذي يأتي مع الجهد العقلي، وهو الانزعاج الذي يجب معالجته لتحسين الأداء والرفاهية في كل من السياقات الأكاديمية والمهنية.
وأجرى الباحثون تحليلاً تلوياً، لـ170 دراسة، نُشرت بين عامي 2019 و2020 وتضم 4 آلاف و670 مشاركاً، لفحص كيفية تجربة الأشخاص بشكل عام للجهد العقلي.
والتحليل التلوي هو إجراء إحصائي قائم على دمج البيانات النوعية والكمية بهدف الوصول إلى استنتاجات إحصائية دقيقة عن الدراسات ذات النتائج المتداخلة.
واختبر الباحثون ما إذا كان الجهد العقلي، مرتبطاً بمشاعر غير سارة، وما إذا كان يعتمد هذا على المهمة أو المجتمع المعني.
واستخدمت الدراسات مجموعة متنوعة من المشاركين من 29 دولة، شملت موظفي رعاية صحية، وموظفين عسكريين، ورياضيين هواة، وطلاب جامعات، واشتملت على 358 مهمة معرفية مختلفة، مثل: تعلم تقنية جديدة، وإيجاد طريقة للتغلب على بيئة غير مألوفة، وممارسة لعبة الجولف، وأداء ألعاب ذهنية في الواقع الافتراضي، وغيرها.
الإحباط والتوتر
وفي جميع الدراسات التي تم تحليلها، أبلغ المشاركون عن مستوى الجهد الذي بذلوه، وأيضاً مدى شعورهم بمشاعر غير سارة، مثل الإحباط، أو التوتر، أو الانزعاج.
وكلما زاد الجهد العقلي، بين المجموعات السكانية والمهام، زاد الشعور غير السار الذي يشعر به المشاركون.
كما أظهرت النتائج التي توصّل إليها الباحثون، أن الجهد العقلي يبدو غير سار عبر مجموعة واسعة من السكان والمهام.
ولفت الباحثون، إلى أن الأمر مهم بشكل خاص عند المهندسين والمعلمين الذين ينبغي أن يأخذوا هذه النتائج في الاعتبار عند تصميم المهام، أو الأدوات، أو الواجهات، أو التطبيقات، أو المواد التعليمية، وغيرها.
ونبّه الباحثون إلى أنه عندما يُطلب من الأشخاص بذل جهد عقلي كبير، يجب أن يتم دعمهم أو مكافأتهم على جهودهم.
وعلى الرغم من أن الارتباط بين الجهد العقلي والمشاعر السلبية لا يزال كبيراً، إلا أنه كان أقل وضوحاً في الدراسات التي أجريت في البلدان الآسيوية، مقارنة بتلك التي أجريت في أوروبا أو أميركا الشمالية.
تاريخ التعلم لدى الأشخاص
ويتناسب هذا مع الفكرة العامة القائلة، إن نفور المجهود العقلي قد يعتمد على تاريخ التعلم لدى الأشخاص.
وأفاد الباحثون، بأن طلاب المدارس الثانوية في الدول الآسيوية يميلون إلى قضاء وقت أطول في الواجبات المدرسية، مقارنة بنظرائهم في أوروبا أو أميركا الشمالية، وبالتالي قد يتعلمون تحمُّل مستويات أعلى من المجهود العقلي في وقت مبكر من حياتهم.
وقد يتعلم الناس أن بذل جهد عقلي في بعض الأنشطة المحددة من المرجح أن يؤدي إلى مكافأة، فإذا كانت فوائد ممارسة الشطرنج على سبيل المثال تفوق تكاليفها العقلية، فقد يختار الناس لعبها، وحتى التعبير عن أنفسهم بأنهم يستمتعون بها.
ومع ذلك، عندما يختار الناس متابعة الأنشطة التي تتطلب جهداً عقلياً، فلا ينبغي أن يؤخذ هذا كمؤشر على أنهم يستمتعون بالجهد العقلي في حد ذاته، فربما يختار الناس الأنشطة المجهدة ذهنياً رغم الجهد المبذول، وليس بسببه.
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :asharq.com بتاريخ:2024-08-05 15:05:18
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي