قد يسبب الإدمان عدة أضرار للإنسان وعلى أصعدة مختلفة، ومن بينها وظائف الدماغ. اقترحت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Alcohol and Alcoholism أن الإقلاع عن الكحول قد يحسن الاضطرابات الإدراكية خلال أسابيع.
يتعاطى كثير من الناس مادة ما خلال حياتهم، ما يؤدي لعدد كبير من المشكلات المتعلقة بالوظائف المعرفية وفقدان الذاكرة وغيرها. ارتبطت العيوب في الإدراك مع معدلات أعلى من النكس وأعراض أشد لتعاطي المادة. يعاني المصابون باضطراب تعاطي الكحوليات الشديد (أو إدمان الكحول AUD) من صعوبة في التحكم في تناوله، إذ غالبًا ما يشكلون درجة من تحمل الكحول فيحتاجون إلى كميات أكبر للحصول على التأثير نفسه. يرتبط الاستهلاك الكبير للكحول مع عدد كبير من حالات العجز الإدراكي، ومنها تخزين المعلومات واسترجاعها، وقد يؤدي الاستهلاك المفرط إلى تلف الدماغ.
ومع ذلك، توجد دراسات تقترح إمكانية تحسن بعض أنواع الوظائف الإدراكية بعد الانقطاع عن تعاطي المادة، لكن العوامل المؤثرة في هذه التطورات غير مفهومة جيدًا. تسعى هذه الدراسة لاستخدام مقاربة طولانية لدراسة هذه التطورات الإدراكية.
استخدم بيرنارد أنجيرفيل وزملاؤه عينة شارك فيها 32 ممن لديهم اضطراب استهلاك شديد للكحول (24 منهم من الرجال)، إلى جانب 32 من الشواهد الأصحاء.
تكونت المجموعة التي تعاني من إدمان الكحول من الأشخاص الذين سبق وأُدخلوا إلى برنامج الإدمان في مستشفى فرنسي للأمراض النفسية بين أبريل 2018 ويناير 2019. استُبعد منهم الأشخاص المدمنين على مادة غير الكحول والمشَخصين بأمراض نفسية أخرى والمستخدمين لأدوية ذهانية ومن لديه تاريخ من الاضطرابات الصحية مثل الجلطة الدماغية والصرع وتليف الكبد وإصابة سابقة على الرأس. شارك المرضى في برنامج للإقلاع عن الكحول يتضمن ورشات معالجة مع إعطاء فيتامين B1 (الثيامين) فمويًا واستمر العلاج 5-9 أيام.
اختير الشواهد من قاعدة بيانات إلكترونية ممن ليس لديهم أي تاريخ للإصابة بالأمراض العقلية أو الاضطرابات العصبية أو أية أمراض خطيرة.
أكمل جميع المشاركين الإجراءات المتعلقة بالمعلومات السكانية والاجتماعية، واستهلاكهم للمواد، وتقييم BEARNI الذي يرمز للتقييم الموجز للضعف العصبي النفسي المرتبط بالكحول، وهو يحاول تحديد الحالة المعرفية لمدمني الكحول ويُعد من بين المعايير الذهبية للاختبار.
اختبرت التقييمات العصبية النفسية كلًا من الذاكرة الشفهية العرضية والذاكرة الشفوية العاملة والفعالية التنفيذية والقدرات البصرية المكانية. اختبر المشاركون الذين يعانون من اضطراب إدمان الكحول في 8 أيام و 18 يومًا بعد التوقف عن تناول الكحوليات.
أظهرت النتائج أن 60% تقريبًا من المرضى الذين يعانون إدمان الكحول يظهرون ضعفًا إدراكيًا بعد ثمانية أيام من الانقطاع عن الكحول. من بين هؤلاء، أظهر 63% تحسنًا في الإدراك، بحيث عادوا إلى المستويات الطبيعية لأدائهم بعد 18 يومًا من الإقلاع عن الكحول.
ظهرت معدلات واعدة لاستعادة الذاكرة العاملة بنسبة 60% والذاكرة العرضية بنسبة 63% . أظهر 67% من المشاركين الذين عانوا من ضعفٍ في الرؤية المكانية عند جمع البيانات الأولية مستوياتٍ طبيعية عند جمع البيانات في المرة الثانية. بالإضافة إلى ذلك، استعادوا مرونة أدائهم بنسبة 100%.
قال الباحثون «يجب على مقدمي الرعاية أن يأخذوا بعين الاعتبار الاضطرابات النفسية العصبية بعد 18 يومًا من الامتناع عن الكحول، لأن الاضطرابات الإدراكية ترتبط مع نتائج علاج الإدمان … تعد فترة 18 يومًا بعد الإقلاع عن الكحول فترة زمنية حاسمة لبدء العلاج النفسي، كالعلاج السلوكي المعرفي الذي يتطلب أداءً إدراكيًا سليمًا ليكون فعالًا»
اتخذت هذه الدراسة خطوات مهمة نحو فهم أفضل لكيفية تحسين الإدراك بعد الإقلاع عن استخدام المواد المسببة للإدمان، ولكن توجد قيود يجب ملاحظتها.
أحدها مثلًا أن حجم العينة كان محدودًا، ويعزى هذا جزئيًا لمعايير الاستبعاد الصارمة التي جعلت العينة متجانسة، وبغض النظر عن ذلك، تظهر العينات الأصغر نتائج أقوى. بالإضافة إلى ذلك، لم تشمل معايير الاستبعاد التبغ والنيكوتين التي قد يكون لها تأثير في الإدراك.
استنتج أنجرفيل وزملاؤه ما يلي: «توجد حاجة لدراسات إضافية لتقييم التحسينات المعرفية في أثناء الإقلاع، وخاصة في وقت مبكر في الامتناع عن تناول الكحول … يجب أن تُقيِّم الدراسات الإضافية أيضًا البدء المبكر للإدراك الاجتماعي والحيز، ووجود أعراض تثبيطية لدى المريض المصاب باضطراب تعاطي الكحول في مرحلة مبكرة من الامتناع عن تناول الكحوليات، نظرًا لتأثيرها السريري».
اقرأ أيضًا:
هل يتضرر دماغك إذا تناولت الكحول باعتدال؟
الإدمان على الكحول وموت الخلايا الدماغية لدى البالغين
ترجمة: تيماء الخطيب
تدقيق: نور عباس
مراجعة: محمد حسان عجك
المصدر
الكاتب:تيماء الخطيب
الموقع : www.ibelieveinsci.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-02-06 22:16:18
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي