سلط تقرير بنك عوده الاخير الضوءعلى نمو الاحتياطيات الاجنبية الموجودة في مصرف لبنان ومقداره ٤٩٠ مليون دولار اميركي منذ تاريخ استلام وسيم منصوري منصب حاكمية مصرف لبنان في نهاية تموز الماضي وحتى الان لتبلغ الاحتياطيات ٩،٠٦٣ مليار دولار وهذا يعني ايقاف النزف الذي كان حاصلا في هذا الاحتياطي والتراجع المتدحرج دون اي محاولة للجمه خصوصا ان المؤشرات السلبية لا تساعد على تحقيق هذا النمو واهمها استمرار الفراغ الرئاسي والصراع القائم بين الحكومة والمصارف حول من يتحمل الخسائر والفجوة المالية، والحرب في غزة والتهديدات الاسرائيلية للبنان والحديث عن تدمير بناه التحتية .
واسباب نمو الاحتياطيات الاجنبية كثيرة:
١-في ظل الضغوط السياسية والمالية على الصيارفةِ التي منعت المضاربة يستمر مصرف لبنان اللاعب الاول والكبير في سوق القطع حيث بات بامكانه رفع او خفض سعر الصرف مفضلا في هذه الايام الحفاظ على الاستقرار النقدي بانتظار التطورات السياسية والاقتصادية وبانتظار تحقيق الاصلاحات الموعودة وقد تمكن مصرف لبنان من نحقيق الارباح في سوق القطع .
٢-ما زال مصرف لبنان يؤمن رواتب موظفي القطاع العام بالدولار ويؤمن الدعم لبعض القطاعات كالصحة وحاجات القوى الامنية والعسكرية ضمن الضوابط التي حددها مصرف لبنان لمنع اي انهيار او مضاربة لسعر الصرف وبدلا من ان تتراجع الاحتياطيات الاجنبية تمكن مصرف لبنان من زيادتها رغم ما يدفعه بالفريش دولار للقطاعات التي ذكرناها.
٣-لقد بات البلد كله مدولرا تقريبا بحيث بات الدولار معروضا اكثر من الليرة اللبنانية التي يمكنها ان تتحسن وتعيد بعض توازنها في حال سمح بذلك مصرف لبنان الذي يحسب حساباته على الاستقرار.
٤-اعلان حاكم مصرف لبنان انه لن يمس اي دولار من الاحتياطي الاجنبي طالما هو على رأس الحاكمية وبالتالي لن يقرض الحكومة اي مبلغ ان كان بالدولار او بالليرة اللبنانية ،مع العلم ان الجميع كان يعرف ان تراجع حجم الكتلة بالاحتياطي الاجنبي كان بسبب كثرة اقراض الحكومة منه اضافة ما تم صرفه على الدعم ايام حكومة الرئيس حسان دياب .
٥-اقتناع المواطن بقدرة مصرف لبنان على ضبط الايقاع في سعر الصرف وبالتالي لا حاجة للهلع والخوف” والفشخات “الكبيرة للدولار الذي كان يحصل سابقا مما كان يؤدي الى تهافت المواطنين على سوق القطع التخلص من ليرتهم واللجوء الى الدولار بينما اليوم نراهم يفتشون عن الليرة التي تمكن المركزي من تخفيف حجم الكتلة النقدية بالليرة الى حوالى ٥٥ تريليون دولار بعد ان وصل الى حدود ال ٧٥ تريليون ليرة لبنانية
ويسأل خبير المخاطر المصرفية محمد فحيلي سؤالين:
الأول يتعّلق بأهميّة ارتفاع احتياطي المركزي وانعكاسه على الواقع المالي والاقتصادي، ومدى ارتباط ذلك بحلّ أزمة الودائع. والثاني بمصير الدولار، في حال عادت الجبهة الجنوبية ملتهبة ، أو تطوّر نطاقها نحو حرب أشمل، هل يعود الدولار إلى التحرّك صعودًا؟
“ما لم يُستثمر الاحتياطي بالعملة الاجنبية لدى مصرف لبنان في خدمة الاقتصاد، لجهة تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنقدي، وسلامة القطاع المصرفي، وتمويل الدولة بحاجاتها الضرورية جدًا، هذا يعني أنّ الاحتياطي هو نقمة وليس نعمة” لافتًا إلى أنّ رقم الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى المركزي لا يشكّل بحدّ ذاته حلًا، بدليل أنّ مصرف لبنان كان يملك حوالى ٣٠ مليار دولار في اذار ٢٠٢٠عندما قررت حكومة حسان دياب التوقف عن الدفع.
ويعتبر فحيلي أهمية سعر صرف الدولار هي في أنه مؤشر لثقة المواطن بالكيان اللبناني وليس في عدد الليرات والحل للأزمة الإ قتصادية التي يتخبط فيها لبنان منذ انفجارها في أواخر ال 2019 لن يأتي من بوابة خفض سعر صرف الدولار، ولا باستعادة ودائع الناس؛ والحل ليس بحاجة، على الأقل في مرحلة الإنقاذ، إلى صندوق النقد الدولي. لبنان بحاجة ماسة الآن إلى الذهاب وبأسرع وقت إلى:
أ. إعادة تنظيم العلاقة بين مكونات الاقتصاد الخاص المنتج وزبائنها بذهنية استبعاد الرغبة بالاستغلال والاحتكار، والتوجه نحو التعاون من أجل لبنان أفضل. دعنا نفكر بأولاد الوطن عند مقاربة هذه الخطوة. وهذه الخطوة قد تكون صعبة ولكنها ليست مستحيلة، وعدم اتخاذها قد يوصلنا إلى ما هو أصعب! التركيز يجب أن يكون هنا على أمرين اساسين: تمويل فاتورة الاستهلاك للأفراد للاستمرار في الإنفاق؛ وتمويل المصاريف التشغيلية للمؤسسات لإبقاء وضمان استمرارية دوران العجلة الاقتصادية وتفادي الاختناق.
ب. ولمواكبة ما يقوم به القطاع الخاص، يجب المباشرة بإقرار الإصلاحات البنيوية وترشيد الإنفاق في مكونات القطاع العام. يجب مقاربة هذه الإصلاحات بذهنية “المواطن والوطن أولاً”، وليس بذهنية “المكاسب السياسية تعلو على كل اعتبار”.
هذه الخطوات بحاجة إلى إرادة أصحاب القرار وليس إلى موارد صندوق النقد الدولي. حاجة لبنان إلى الدول المانحة وصندوق النقد الدولي والصندوق الفرنسي-السعودي تأتي بعد مرحلة إنقاذ الذات. أهمية “إنقاذ الذات” هي أنها تساهم في ترميم الثقة بين مكونات المجتمع اللبناني من المواطن البسيط إلى رئيس البلاد، ومن مؤسسات القطاع الخاص إلى إدارات الدولة.
كل مال الدنيا سوف يذهب هدراً إذا بقيت الثقة مفقودة!
المصدر
الكاتب:hanay shamout
الموقع : lebanoneconomy.net
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-12-13 07:40:53
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي