اشترك في :

قناة واتس اب
عين على العدو

الرؤيا العقارية للرئيس ترامب في قطاع غزة قد تضعضع التسويات الاستراتيجية في

هآرتس 27/1/2025، تسفي برئيل: الرؤيا العقارية للرئيس ترامب في قطاع غزة قد تضعضع التسويات الاستراتيجية في المنطقة

“الأردن لن يكون في أي يوم الوطن البديل للفلسطينيين”، هذا ما قاله الملك عبد الله، ملك الأردن، في الخطاب الذي القاه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في شهر أيلول الماضي. في حينه كان على الملك مواجهة فقط تهديدات اليمين المتطرف في إسرائيل. في هذا الأسبوع قلق عندما سمع على لسان الرئيس دونالد ترامب بأن تحويل الأردن الى وطن للفلسطينيين يمكن أن يكون السياسة الرسمية للبيت الأبيض. الملك نفسه لم يرد بعد بشكل علني، ونحن لا نعرف ما الذي قاله ترامب، لكن اقتراح الرئيس “الإنساني” اثار عاصفة عامة شديدة. يبدو أن الأردن ومصر تنويان تجنيد السعودية ودول عربية أخرى تعتبر حليفة للولايات المتحدة من اجل أن ينزل ترامب عن هذه الشجرة.

الأردن، الذي يستضيف الآن على أراضيه نحو مليون لاجيء سوري، عراقي وغيرهم، إضافة الى اكثر من مليوني لاجيء فلسطيني، يقف الآن امام تهديد تهجير الفلسطينيين في سنة 2019 عندما اقترح ترامب نفسه استيعاب مئات آلاف الفلسطينيين مقابل مساعدات مالية في اطار “صفقة القرن. في حينه الأردن رفض هذا العرض. الآن هذا التهديد يعود، وبالنسبة للاردن هو قبل أي شيء آخر مشكلة الحفاظ على هوية الأردن في دولة ثلثي مواطنيها هم من اصل فلسطيني، والذين يهزون الدولة في كل مرة يكون فيها حدث مهم في المناطق.

خلال عقدين فحص الأردن بتشكك وخوف الحوار في إسرائيل حول إقامة وطن بديل للفلسطينيين. في كل مرة كان مطلوب تصريحات تهدئة من قبل الزعماء في إسرائيل للتوضيح بأن إسرائيل لا تنوي تغيير هوية المملكة الديمغرافية. في فترة الحرب في غزة، عندما ظهرت مرة أخرى إمكانية طرد آلاف الغزيين الى مصر ودول أخرى، حصل الأردن ومصر على وعود من إسرائيل بأنه لا توجد أي نية للبدء في عملية الترانسفير من القطاع. مصر لا تثق بتعهدات إسرائيل، وحتى أنها جربت في العام 2008 “اقتحام” مليون ونصف فلسطيني لحدودها بعد قيام حماس بتفجير جزء من الجدار الفاصل بين غزة وسيناء. في بداية الحرب في غزة كثفت المنظومة العسكرية على طول الحدود وحذرت من أنها لن تسمح لأي فلسطيني باجتياز حدودها بدون تصريح. في الحقيقة لا يوجد للاردن حدود مشتركة مع غزة، لكنه أوضح لادارة الرئيس جو بايدن، التي فحصت إمكانية نقل آلاف الفلسطينيين الى شبه جزيرة سيناء، بأنه اذا حصلت هذه العملية على الشرعية فان إسرائيل ستستغلها أيضا لتنفيذ عملية ترحيل من الضفة الى الأردن. خوف الأردن فعل فعله، ووزير الخارجية انطوني بلينكن أوضح بشكل علني في كانون الثاني الماضي بأن “المواطنين الفلسطينيين يجب أن يعودوا في اللحظة التي تسمح فيها الظروف بذلك. محظور الضغط عليهم للخروج من غزة. رئيس الحكومة نتنياهو وعد بأن سياسة إسرائيل ليست التشجيع على الهجرة الطوعية من القطاع”.

بايدن وبلينكن ذهبا ومعهما، كما يبدو، رفع “السور الدفاعي” الذي قاما بتوفيره ضد هستيريا اليمين في إسرائيل، التي الآن تحصل على الرياح الداعمة من ترامب. ولكن الأردن يعتمد بشكل كبير على المساعدات التي يحصل عليها من الولايات المتحدة. الأردن وقع معها في 2022 على اتفاق مساعدات سخي لعشر سنوات، بمبلغ 10 مليارات دولار. باستثناء ذلك فان حجم تجارة الأردن مع الولايات المتحدة يبلغ 3 مليارات دولار في السنة. وبعد تجميد ترامب في الأسبوع الماضي كل المساعدات الخارجية التي تعطيها الإدارة لدول العالم، باستثناء مصر وإسرائيل، فانه من غير الواضح ماذا سيكون مصير هذا الاتفاق الذي استهدف انقاذ الأردن من الازمة الاقتصادية الشديدة التي وجد نفسه فيها، عجز في الميزانية يبلغ 2.2 مليار دولار ونسبة بطالة 21 في المئة.

الآن الأردن مطلوب منه السير على اطراف الأصابع من اجل ضمان سلامة المساعدات وعدم المس بالتسهيلات الضريبية التي يحصل عليها من الولايات المتحدة. ولكن في المقابل فان كل إضافة للاجئين فيه تعني عبء اقتصادي لا يمكن تحمله. الآن تقدر تكلفة “استضافة” اللاجئين في الأردن بنحو 2 مليار دولار في السنة، والمساعدات التي يحصل عليها مقابل ذلك آخذة في التناقص. في الفترة الأخيرة قررت المملكة فرض رسوم على رخص العمل التي يحصل عليها الغزيون الذين لا يحملون الجنسية الأردنية، بعد أن قامت في السابق بإلغاء هذا الاعفاء للاجئين آخرين من هذه الرسوم المرتفعة التي تبلغ 500 دولار في السنة.

هنا يكمن التهديد الآخر الذي تضعه فكرة الترانسفير الفلسطيني على الأردن. استيعاب اللاجئين من سوريا ومن العراق ليس فقط القى تكاليف زائدة على البنى التحتية المدنية مثل المياه والكهرباء والصحة والتعليم، بل هو تسبب أيضا بفقدان آلاف أماكن العمل للمواطنين الأردنيين – تم استبدالهم بقوة بشرية رخيصة وفرها اللاجئون. اجرة الشقة ارتفعت بشكل دراماتيكي ومعها غلاء المعيشة، الى درجة أن جزء من الطبقة الوسطى هبط الى ما تحت خط الفقر.

من ناحية نظرية على فرض أن الأردن يجب عليه استيعاب حوالي نصف مليون غزي من المليون ونصف مواطن الذين يقترح ترامب اخلاءهم، فان هذا الترانسفير يمكن أن يأتي مع رزمة مساعدات حقيقية بمبلغ 2 مليار دولار في السنة على الأقل – بحساب تخصيص 3 آلاف دولار لكل لاجيء في السنة. هذا مبلغ الحد الأدنى، وهو يكفي ولكن بصعوبة لتغطية الاحتياجات الجارية. هل سيوافق ترامب على تمويل هذه الرزمة؟ ولأي فترة؟. الحديث لا يدور فقط عن الأردن لأن مصر أيضا، التي حسب الحسابات النظرية سيتعين عليها استيعاب مليون غزي، ستطالب بمساعدات مشابهة، أي حوالي 4 مليارات دولار في السنة. هناك شك كبير اذا كان ترامب يمكنه تجنيد الدول المصرفية المعتادة – السعودية، اتحاد الامارات وقطر – لتوفير هذا التمويل، في الوقت الذي تنشغل فيه بتخطيط إعادة اعمار سوريا ولبنان، وبعد ذلك بالتأكيد سيطلب منها المساعدة في إقامة سنغافورة على شاطيء غزة حسب رؤيا ترامب.

في مصر، مثلما في الأردن، قضية ترحيل الفلسطينيين تهز المشاعر الوطنية، التي تطالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وليس اقل من ذلك الخوف الأمني والاقتصادي. مصر، التي تواصل الحرب التي لا هوادة فيها ضد المنظمات الإرهابية الإسلامية في شبه جزيرة سيناء لا تحتاج الى إضافة مليون فلسطيني، لأنه حتى لو تم وضعهم في سيناء فان من شأنهم أن يقيموا قواعد لنشاطات إرهابية، ليس فقط ضد إسرائيل بل أيضا ضد مصر نفسها. واذا كان الامر هكذا فان مصر، التي يعيش فيها الآن 100 ألف لاجيء غزي، من بين الـ  9 ملايين لاجيء ومهاجر عمل يعيشون فيها، تبنت سياسة متشددة من خلال نية منع التمركز الفلسطيني فيها.

على سبيل المثال معظم اللاجئين الفلسطينيين يجب عليهم العيش في العريش، التي هي محبوسة داخل جدران وحواجز عسكرية. هم لا يسمح لهم بالعمل وتأشيرات المكوث مؤقتة وفي معظمهم يعتبرون ماكثين غير قانونيين، الذين يمكن طردهم وحتى اعتقالهم في أي لحظة. مقارنة مع الأردن فان مصر لا تسمح للاونروا بالعمل في أراضيها، باستثناء ممثلية رمزية، وهي تضع قيود مشددة على نشاطات منظمات الإغاثة الأخرى. من ناحية رسمية مصر وافقت على استيعاب 5500 مريض ومصاب من غزة، لكن هؤلاء مطلوب منهم تلبية شروط مكوث مشددة – محظور عليهم مغادرة حدود المستشفى إلا بمرافقة رجل أمن، أيضا لا يمكنهم ادخال معدات خاصة أو حتى العاب للأطفال.

في الحقيقة مصر تحصل من أمريكا على مساعدات امنية بمبلغ 1.3 مليار دولار في السنة، مثلما جاء في اتفاق كامب ديفيد، وعلى مساعدات اقتصادية بمبلغ متغير. ولكن مقارنة مع الأردن فان المساعدات الامريكية هي جزء صغير من اجمالي المساعدات التي تحصل عليها من الدول العربية مثل السعودية، قطر واتحاد الامارات. القيمة الحقيقية للمساعدات الامريكية تكمن في حقيقة أنها تعطي لمصر الدعم المطلوب من اجل الحصول على القروض من مؤسسات التمويل الدولية. ولكن اذا كان ترامب ينوي التمسك باستيعاب القاهرة لمئات آلاف الغزيين فان ذلك يمكن أن يدفعها الى مفترق طرق خطير، الذي يمكن أن يحدد مصير تعاونها مع الولايات المتحدة، وحتى وضع في الاختبار اتفاق السلام مع إسرائيل.

لكن حلم الترحيل لترامب لا يعتبر مشكلة اردنية أو مصرية فقط. فهو يمكنه التأثير على شبكة العلاقات بين الدول العربية والولايات المتحدة، وأن يضع في الاختبار قدرة الأنظمة العربية، منها الأنظمة التي تعتبر حليفة استراتيجية للولايات المتحدة، على التعامل مع الضغوط العامة التي يتوقع أن تثيرها خطة كهذه. في هذا الوضع فان حلم التطبيع بين إسرائيل والسعودية يمكن أن يكون الضحية الهامشية للمشروع العقاري لترامب في قطاع غزة.

مركز الناطور للدراسات والابحاثفيسبوك

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-27 15:19:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى