رسالة بار غير مسبوقة في تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية وفي العالم

هآرتس 7/4/2025، أوري بار زوهر: رسالة بار غير مسبوقة في تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية وفي العالم
بيان رئيس الشباك، رونين بار، الذي نشر كملحق لموقف المستشارة القانونية للحكومة حول اقالته، هو عملية شجاعة من اجل الدفاع عن أسس الديمقراطية. هذا البيان غير مسبوق، ليس فقط في تاريخ دولة إسرائيل، بل أيضا في تاريخ دول أخرى مرت عليها إجراءات تشبه ما تمر فيه إسرائيل الآن.
نظراء بار في تركيا، فنزويلا، هنغاريا وبولندا، لم يفعلوا مثله. هاكان فيدان، الذي في الأعوام 2010 – 2023 ترأس جهاز المخابرات الوطنية في تركيا، اصبح شخص مخلص لرجب طيب اردوغان، وقام بتطهير الصفوف من الجهات المعارضة، وهو يعتبر الآن الوريث المحتمل للرئيس. ميغوئيل رودريغز في فنزويلا، تم نقله من منصبه بشكل مفاجيء في حزيران 2005. وهوغو تشافيز حول الجهاز الى جسم بدون عمود فقري. بيوتر بوغونوفسكي، من حزب “القانون والعدالة”، تمت ترقيته الى منصب رئيس الجهاز السري في بولندا بعد فترة قصيرة من فوز الحزب بالحكم في 2015، وقد نفذ في هذا الجهاز تطهير واسع. في هنغاريا عين فيكتور اوربان المقربين منه على رأس جهاز المخابرات عندما وصل الى الحكم في 2010، وقام بتغيير بنية الأجهزة وتحويلها الى خاضعة.
إن قدرة بار على تحدي محاولة سيطرة بنيامين نتنياهو على جهاز الامن، تستند ليس فقط على صفاته الشخصية، بل أيضا، وبالاساس، تستند الى العلاقة بين الاستخبارات والقادة، التي تطورت في إسرائيل على مدى السنين. في البداية كان “المسؤول” عن الجهاز هو آيسر هرئيل، الذي في الحقيقة اظهر الولاء لحزب السلطة مباي، لكن هو وافعاله كانت استثنائية، وثقافة إسرائيل السياسية مرت منذ ذلك الحين بتغييرات جوهرية.
منذ بداية الستينيات كان اللقاء بين رجال الاستخبارات الذين يمثلون “االتجربة بدون صلاحية” وبين متخذي القرارات الذين هم أصحاب “صلاحية بدون تجربة”، يتميز بالمهنية، التي في مركزها كانت الثقة المتبادلة والاعتراف بأن واجب رؤساء اجهزة الاستخبارات هو قول الحقيقة للسلطة الحاكمة. وأن واجب السلطة الحاكمة الاخذ في الحسبان تقدير أجهزة الاستخبارات عند وضع السياسة. لقد كان واضح للطرفين الخط الذي يفصل بين الصلاحية المهنية للاستخبارات في بلورة التقديرات الاستخبارية وبين حق السلطة في وضع السياسة، حتى لو كانت لا تتساوق مع موقف الاستخبارات.
هذه الثقة المتبادلة ليست ظاهرة طبيعية وهي لا توجد في كل نظام ديمقراطي. ففي بريطانيا في السبعينيات، مثلا، تشكك أعضاء كبار في المخابرات بأن رئيس الحكومة هارولد ولسون هو “عميل” للسوفييت، وفحصوا إمكانية اقالته. وفي الولايات المتحدة من السائد عند تولي رئيس جديد أن ترافقه اقالات لقادة المخابرات وتعيين الموالين له بدلا منهم. وهكذا، في بعض الحالات أجهزة المخابرات أو رؤساءها يميلون الى ملاءمة تقديراتهم مع سياسة الرئيس من اجل الحفاظ على مكانتهم. هذا النموذج ساهم في تورط الولايات المتحدة في حرب فيتنام، وشن الحرب في العراق في 2003، التي ارتكزت الى تقدير استخباري علني، مريح للإدارة، والذي يقول بأن صدام حسين يمتلك سلاح كيميائي وبيولوجي وقريب من امتلاك قدرة نووية.
الامر ليس هكذا في إسرائيل. فمنذ بداية الستينيات رؤساء جهاز الامن يتم تعيينهم لفترة محددة، دون صلة بتشكيلة الحكومة. ومن غير المعروف تقريبا أي حالة طلب منهم فيها تقديم “معلومات استخبارية لارضاء الرغبة” أو “أنهم فعلوا ذلك بالفعل”. بالعكس، مثلا، في اعقاب “الانقلاب” في العام 1977 أوضح مناحيم بيغن لرؤساء الجهاز عند توليه منصب رئيس الحكومة بأنه لا توجد لديه أي نية لاجراء تغييرات في قمة الجهاز، لأنه يثق بهم بشكل كامل وأنه يتوقع منهم التعاون المثمر. يمكن الافتراض أن بيغن عرف أن ابراهام احيطوف، رئيس الشباك في حينه، واسحق حوفي، رئيس الموساد في حينه، وشلومو غازيت، رئيس شعبة الاستخبارات في حينه، لم يصوتوا لليكود، ولكنه كان مخلص لتقليد أن ولاء رؤساء الجهاز ليس شخصي أو حزبي بل هو “للدولة”.
هذه الثقة تم الحفاظ عليها. لذلك فانه لم يكن لاوري ساغي كرئيس لشعبة الاستخبارات العسكرية أي فرصة لعرض في العام 1992 على رئيس الحكومة اسحق شمير تقديره بأن سوريا مستعدة لاتفاق سلام مع إسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من هضبة الجولان. ساغي عرف أن شمير يعارض أي انسحاب، لكنه رأى أن من واجبه طرح تقديره. كان من حق شمير مواصلة سياسته، وساغي لم يقلق على مكانته عندما عرض عليه تقدير غير مريح له.
هكذا كان الامر أيضا في حالات أخرى. الخمسة رؤساء شباك الذي خدموا تحت حكومات الليكود اوضحوا في مقابلات أجراها معهم درور موريه في كتابه “حراس العتبة”، أنهم اعتقدوا أن سياسة الاستيطان لليكود في المناطق هي كارثية. أحدهم، آفي ديختر، قال إن سياسة الاستيطان وعدم التقدم نحو العملية السلمية مع الفلسطينية هي “خيبة الأمل الأكبر لي من حكومة نتنياهو”. الرؤية الأيديولوجية المختلفة لم تمنع الثقة بينهم وبين المسؤولين عنهم.
المبدأ الذي يقول بأن مهمة الاستخبارات هي حماية “المملكة” وليس “الملك” هو الأساس المتين الذي يعتمد عليه بار في رسالته. ثقة الجمهور بذلك تمنح موقفه مصداقية اضافية. مطالبة نتنياهو بـ “الولاء الشخصي” اوجدت الازمة الأكثر خطورة في العلاقة بين أجهزة الاستخبارات والمسؤولين. ونحن نأمل أن يساعد قرار حكم المحكمة العليا في القريب على الخروج من الازمة.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-04-07 17:10:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>