سلاح ذو حدين.. “الميكروجليا” تحمي الخلايا وقد تسبب ألزهايمر
وأظهرت الدراسة المنشورة في دورية “نيورون” دور “الميكروجليا” (Microglia)، وهي الخلايا المناعية الأساسية في الدماغ، والتي تم التعرف عليها كلاعب رئيسي في الاستجابات الوقائية والضارة المرتبطة بمرض ألزهايمر.
وتُعتبر الميكروجليا الموجودة في الجهاز العصبي المركزي، أول خط دفاع ضد الأضرار والالتهابات في الدماغ والنخاع الشوكي، وتُشبه في وظيفتها خلايا المناعة الأخرى في الجسم، مثل الخلايا البلعمية في الدم، حيث تقوم بمراقبة البيئة المحيطة لها والبحث عن أي مؤشرات غير طبيعية، مثل العدوى أو التلف الخلوي.
الميكروجليا وحماية الدماغ
عندما تكتشف الميكروجليا أي ضرر أو تهديد، تقوم بتفعيل آلياتها الدفاعية، مثل ابتلاع الجسيمات الغريبة كالبكتيريا أو الخلايا الميتة، أو إطلاق مواد كيميائية تساعد في استجابة الجسم للتهديد، ولكن في بعض الأحيان، يمكن أن تتسبب في حدوث أضرار غير متوقعة عند استجابتها للتغيرات البيئية.
كما تلعب دوراً حيوياً في حماية الدماغ من الإصابات والالتهابات، إذ تشارك في عملية التخلص من النفايات الخلوية، مثل البروتينات التالفة والخلايا الميتة، ما يساعد في الحفاظ على بيئة عصبية صحية.
وتساهم كذلك في الاستجابة المناعية، عن طريق إفراز مجموعة من المواد الكيميائية التي تُحفّز الاستجابة المناعية، وتساعد على التخلص من التهديدات.
سلاح ذو حدين
ومع ذلك، في بعض الحالات، قد تتحول الميكروجليا إلى “سلاح ذو حدين” من خلال المساهمة في تفاقم الأمراض العصبية بدلاً من الشفاء منها.
وعندما يتعرض الدماغ إلى الضغط الخلوي المزمن أو الإجهاد العصبي، مثلما يحدث في مرضَي ألزهايمر أو “باركنسون“، يمكن أن تنحرف استجابة الميكروجليا وتصبح ضارة، بحسب الدراسة الجديدة، التي أظهرت أن هذه الخلايا يمكن أن تساهم أيضاً في تفاقم “التنكس العصبي” في ألزهايمر.
وفي هذه الحالات، تصبح الميكروجليا مفرطة النشاط، وتبدأ في إطلاق مواد سامة مثل الدهون الفسفورية السامة، التي تسبب تلفاً في الخلايا العصبية، وقد تتحول إلى نوع يُسمَّى “الميكروجليا المظلمة”، التي تتسبب في زيادة التنكس العصبي، وتساهم في فقدان الذاكرة، وضعف الوظائف العقلية.
وتتحول الميكروجليا التي كانت في السابق تحمي الدماغ، إلى عامل مُضر عندما تصبح غير قادرة على التمييز بين الخلايا السليمة والتالفة.
وفي مرض ألزهايمر، تتسم خلايا الميكروجليا الضارة بتفعيل مسار إشارات مرتبط بالضغط الخلوي، وهو ما يؤدي إلى تفاعلها بشكل غير طبيعي ويسهم في تفاقم التنكس العصبي.
وأوضحت الدراسة أن الخلايا الضارة في مرض ألزهايمر هي خلايا الميكروجليا التي تظهر تحت تأثير الضغط الخلوي، مما يسبب زيادة في إفراز المواد السامة مثل الدهون السامة التي تضر بالخلايا العصبية وخلايا أخرى في الدماغ تؤدي إلى تلف التشابكات العصبية، وهو أحد الأعراض البارزة في ألزهايمر.
الضغط الخلوي والتنكس العصبي
اكتشف الباحثون باستخدام المجهر الإلكتروني تراكم خلايا “الميكروجليا الداكنة” في الأنسجة الدماغية لمرضى ألزهايمر بعد الوفاة.
وتبيَّن أن هذه الخلايا، التي ترتبط بالضغط الخلوي والتنكس العصبي، كانت موجودة بمستويات ضعف التي توجد في الأفراد الذين يتمتعون بصحة جيدة في الفئة العمرية نفسها.
ويحدث الضغط الخلوي عندما تتعرض الخلايا لمجموعة من العوامل التي تتجاوز قدرتها على التعامل معها، ما يؤدي إلى تغيرات في الوظائف الخلوية.
وفي الدماغ، عندما يتعرض الكائن الحي للضغط الخلوي المزمن، تبدأ الخلايا العصبية وخلايا الميكروجليا في العمل بشكل غير طبيعي، وترتبط هذه الحالة بشكل مباشر بالتنكس العصبي، وهو التدهور التدريجي للخلايا العصبية الذي يحدث في العديد من الأمراض العصبية مثل ألزهايمر.
في مرض ألزهايمر، يؤدي الضغط الخلوي في الخلايا العصبية وخلايا الميكروجليا إلى تنشيط عدة مسارات إشارات خلوية مرتبطة بالإجهاد، مثل مسار إشارات الاستجابة للضغط المتكامل.
ويعمل هذا المسار بشكل طبيعي في الخلايا لحمايتها من التغيرات الضارة، لكنه قد يصبح ضاراً إذا ظل مفعَّلاً لفترة طويلة، كما يحدث في مرض ألزهايمر.
وعندما يتعرض الدماغ للضغط الخلوي، تتفاعل الخلايا العصبية والميكروجليا من خلال مسار يُسمَّى ISR، وهو استجابة تتضمن إنتاج بروتينات مقاومة للإجهاد لحماية الخلايا من التلف.
الدهون الفسفورية السامة
أفادت الدراسة بأن التنشيط المستمر يتسبب في تدهور وظيفة الخلايا العصبية والميكروجليا، وهو ما يؤدي إلى إنتاج مزيد من المواد السامة.
وفي ظل استمرار الضغط الخلوي، تفرز خلايا الميكروجليا التي تضررت بسبب الإجهاد العصبي دهوناً سامة، مثل الدهون الفسفورية السامة التي تسبب تلفاً في خلايا الدماغ التي تلعب دوراً مهماً في حماية الألياف العصبية.
والدهون الفسفورية السامة، هي مركَّبات دهنية تحتوي على مجموعة فوسفات مرتبطة بحمض دهني ويتم استخدامها في الكائنات الحية كجزء من الأغشية الخلوية، ولكن عندما تكون سامة أو في حالة خلل في وظيفة الخلية، قد تصبح مؤذية.
وفي أغلب الأحيان، تتواجد الدهون الفسفورية السامة داخل الخلايا أو في الأغشية الخلوية وتكون جزءاً أساسياً من تكوين الغشاء الخلوي الذي يحيط بالخلية ويقوم بفصل البيئة الداخلية للخلية عن البيئة الخارجية.
وعندما تتجمع الدهون الفسفورية السامة أو يتراكم السم في الغشاء الخلوي، يمكن أن تضعف وظيفة الغشاء؛ وقد يؤدي هذا إلى تسرُّب المواد السامة داخل الخلايا، مما يؤدي إلى تحللها ويمكن أن تعرقل الدهون الفسفورية السامة عملية النقل الخلوي، وتُعيق التفاعلات الكيميائية الحيوية الهامة التي تحدث داخل الخلايا.
كما يمكن أن تؤدي الدهون الفسفورية السامة، إلى تفاعلات التهابية أو أضرار في الأنسجة، وفي بعض الحالات، يؤدي هذا إلى إلحاق الضرر بالأعضاء الحيوية مثل الكبد، والقلب، والدماغ.
ويؤدي التلف الناتج عن هذه الدهون السامة إلى فقدان التشابكات العصبية، وهي عملية حاسمة في فقدان الذاكرة والفكر في مرض ألزهايمر.
ويمكن أن تكون الدهون الفسفورية السامة مؤذية للأعصاب أيضاً، إذ تؤثّر على الأنسجة العصبية من خلال التأثير على الإشارات العصبية أو موت الخلايا العصبية، ما يؤدي إلى أمراض عصبية.
وفي نماذج على الفئران، أظهرت الدراسة أن تثبيط تفعيل مسار ISR، أو مسار إنتاج الدهون قد منع فقدان التشابكات العصبية وتراكم البروتينات السامة مثل البروتين “تاو”، ما يُقدّم مساراً واعداً للتدخل العلاجي.
وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة، آنا فلوري، إن النتائج تكشف عن الرابط الحاسم بين الضغط الخلوي والتأثيرات السامة للميكروجليا في مرض ألزهايمر.
وأوضحت أن “استهداف هذا المسار قد يفتح آفاقاً جديدة للعلاج، سواء من خلال إيقاف إنتاج الدهون السامة أو منع تفعيل الأنماط الضارة للميكروجليا”.
وأكدت هذه الدراسة، إمكانية تطوير أدوية تستهدف مجموعات معينة من خلايا الميكروجليا، أو آلياتها المرتبطة بالضغط الخلوي.
وقال الباحثون، إن هذه العلاجات يمكن أن تساعد في إبطاء أو حتى عكس تطور مرض ألزهايمر، وهو ما يمنح الأمل لملايين المرضى وأسرهم.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :asharq.com
بتاريخ:2024-12-23 08:01:00
الكاتب:
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>