موقع الدفاع العربي 4 أبريل 2025: تصاعدت التوترات مؤخرًا بين مصر وإسرائيل بعد تصريحات مسؤولين إسرائيليين طالبوا فيها القاهرة بتفكيك وجودها العسكري في شبه جزيرة سيناء، معتبرين ذلك أولوية قصوى. كما دعا هؤلاء المسؤولون الولايات المتحدة إلى ممارسة ضغوط على مصر للامتثال لهذا الطلب، بحجة أن التعزيزات العسكرية المصرية تنتهك اتفاقيات كامب ديفيد الموقعة عام 1979، والتي تعد إحدى أهم الاتفاقيات في تاريخ الشرق الأوسط، حيث شهدت أول اعتراف رسمي عربي بإسرائيل.
حددت اتفاقيات كامب ديفيد إطارًا واضحًا للوجود العسكري المصري في سيناء، حيث قُسمت المنطقة إلى ثلاث مناطق رئيسية:
المنطقة (أ): تقع على الحدود المصرية مع خليج السويس، وتسمح بتمركز فرقة مشاة واحدة، تضم نحو 24,000 جندي مجهزين بكامل العتاد العسكري.
المنطقة (ب): تقع في وسط سيناء بين المنطقتين (أ) و(ج)، ويسمح فيها بوجود لواء واحد من قوات حرس الحدود والشرطة المدنية، مزودين بأسلحة خفيفة وأنظمة إنذار مبكر، ويبلغ عددهم حوالي 4,000 عنصر.
المنطقة (ج): تقع مباشرة بمحاذاة إسرائيل، وتقتصر على الشرطة المدنية وقوة خفيفة التسليح من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، مع عدم السماح بأي وجود عسكري مصري.
اتفاقية كامب دايفيد وتقسيم شبه جزيرة سيناء
تصاعدت التوترات بين مصر وإسرائيل مع تعزيز القاهرة وجودها العسكري قرب حدود غزة، ورفضها القاطع لمقترحات توطين الفلسطينيين في سيناء. تأتي هذه التطورات وسط تعثر مفاوضات التهدئة التي كانت تأمل مصر أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار في غزة. ويرتبط هذا التصعيد بمخاوف إسرائيلية متزايدة حول مستقبل الانتشار العسكري المصري في سيناء، وتأثيره على التوازن الأمني في المنطقة.
تعد شبه جزيرة سيناء العمق الاستراتيجي لمصر وخط دفاعها الأول، كما أنها تمثل رابطًا جغرافيًا مهمًا بين إفريقيا وآسيا وبين البحرين الأحمر والمتوسط. ومنذ 2011، قالت السلطات المصرية إن المنطقة واجهت “تهديدات إرهابية متزايدة”، مما دفع مصر إلى تعزيز وجودها العسكري هناك، وهو ما تطلّب تعديلات منسّقة لاتفاقيات كامب ديفيد بموافقة إسرائيلية. لكن المطالب الإسرائيلية الأخيرة تثير تساؤلات حول مدى استعداد تل أبيب لقبول هذا التوسع العسكري المصري، خصوصًا مع تغيّر موازين القوى الإقليمية.
ترى بعض الأوساط الإسرائيلية أن تعزيز الوجود العسكري المصري في سيناء قد يشير إلى تغير محتمل في قواعد الاشتباك المستقبلية، وهو ما يثير قلق إسرائيل بشأن إمكانية إعادة توجيه القوة العسكرية المصرية في أي مواجهة مستقبلية. تسعى إسرائيل لضمان بقاء القوة العسكرية المصرية ضمن حدود واضحة، وتخشى أن تؤثر أي تغييرات في هذا التوازن على استراتيجيتها تجاه غزة، خاصة إذا أدى الدور المصري المتزايد إلى إعادة رسم معادلة الصراع بين غزة وإسرائيل.
تندرج هذه التطورات ضمن تحولات أوسع في المشهد الجيوسياسي للشرق الأوسط، حيث يتصاعد التنافس على الممرات البحرية الاستراتيجية مثل قناة السويس، ومضيق باب المندب، ومضيق هرمز. تزايد التوتر في البحر الأحمر بسبب التدخل الإيراني وهجمات الحوثيين على السفن التجارية دفع إسرائيل إلى العمل على ضمان عدم تحوّل سيناء إلى قاعدة عسكرية مصرية يمكن أن تؤثر على تحركاتها البحرية. كما تسعى إسرائيل إلى منع أي قوة إقليمية متحالفة مع مصر من استخدام سيناء كورقة ضغط، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية المصرية التي قد تجعلها أكثر عرضة للتأثير الخارجي.
لطالما اعتمدت إسرائيل على تفوقها العسكري النوعي، لكنها باتت تدرك أن مصر تمتلك منظومات تسليح متطورة ومتنوعة، تشمل دفاعات جوية حديثة ومقاتلات من الجيل الجديد. لذا، أصبح تقليص البنية التحتية العسكرية المصرية في سيناء أولوية استراتيجية لإسرائيل للحفاظ على تفوقها العسكري.
في مواجهة الطلب الإسرائيلي، تملك مصر عدة خيارات استراتيجية. يمكنها رفض الطلب رسميًا، مستندة إلى التعديلات السابقة لاتفاقية كامب ديفيد التي تمت برعاية أميركية لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي. كما قد تسعى القاهرة إلى تعديل الاتفاقية لتعزيز وجودها العسكري مع تقديم ضمانات أمنية لإسرائيل. إلى جانب ذلك، يمكن لمصر العمل على تعزيز تحالفاتها الإقليمية والدولية، خصوصًا مع الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية والإمارات، لتأمين دعم استراتيجي لمواجهة الضغوط الإسرائيلية الرامية إلى الحد من وجودها العسكري في سيناء.
نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-04-04 16:09:00 ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل