أحدث دواء لعلاج الفصام.. كيف يعمل وما هي آثاره الجانبية؟
ويوصف العقار بأنه أول مضاد للذهان معتمد لعلاج الفصام، يستهدف مستقبلات الكولين بدلاً من مستقبلات الدوبامين، وهو المعيار المستخدم منذ فترة طويلة في العلاج.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يؤثر الفصام على ما يقرب من 24 مليون شخص، أو 1 من كل 300 شخص (0.32%) في جميع أنحاء العالم.
ورغم أن المرض ليس شائعاً مثل العديد من الاضطرابات العقلية الأخرى، إلا أنه يرتبط بمجموعة من الأعراض الأكثر خطورة، والضعف الشديد في المجالات الشخصية، والعائلية، والاجتماعية، والتعليمية، والمهنية، وغيرها.
مرض الفصام
وغالباً ما يظهر مرض الفصام في أواخر فترة المراهقة، والعشرينيات، ويميل ظهور المرض إلى الحدوث مبكراً بين الرجال مقارنة بالنساء، ولا تُعرف على وجه الدقة أسباب الإصابة بالفصام، كما لا يوجد علاج شافٍ لمرض الفصام، رغم وجود أدوية يُمكن أن تساعد على إدارة الحالة.
ومنذ تقديم أول دواء مضاد للذهان في الخمسينيات من القرن العشرين، تعمل الأدوية اللاحقة لعلاج الذهان على نفس المادة الكيميائية التي تساعد الدماغ على التواصل مع بقية الجسم: الدوبامين.
والدوبامين هو الناقل العصبي المرتبط عادة بالمكافأة، والتعلم، ولكنه في الواقع لديه الكثير من الوظائف. كما يلعب دوراً في التحكم في الحركة، غير أن عقار Cobenfy يعمل على مادة أخرى، وهي الكولين، المسؤول عن تنظيم العديد من الوظائف العصبية والعضلية، اعتماداً على الناقل العصبي أستيل كولين.
كيف يعمل دواء الفصام الجديد؟
يستهدف الدواء الجديد للفصام، بشكل رئيسي، مستقبلات المسكارين، التي تتواجد في الجهاز العصبي المركزي، وتشارك في تنظيم العمليات العقلية، مثل الذاكرة، والانتباه. وعندما يرتبط بهذه المستقبلات، يُنشّط تأثيرات شبيهة بالكولين، مما يعزز التواصل العصبي، وهذا ما يجعله دواءً محتملاً لعلاج أمراض مثل الفصام، إذ يلعب خلل نظام الكولين دوراً.
كما يحاكي تأثيرات هذا الناقل العصبي في الجهاز العصبي المركزي، مما يُحسن من الأعراض الإيجابية الهلوسة والتفكير المشوش- والسلبية العزلة الاجتماعية واللامبالاة لمرض الفصام تركيزاً على أن تحفيز مستقبلات المسكارين يُمكن أن يُعيد التوازن للوظائف العصبية المعطلة في مرضى الفصام.
وتم تطوير Cobenfy، المعروف أيضاً باسم “كار إكس تي”، بواسطة شركة كارونا ثيرابيوتكس، والتي اشترتها شركة بريستول مايرز سكويب (BMS) العام الماضي مقابل 14 مليار دولار، وهو أول فئة جديدة من العلاج للاضطراب النفسي منذ الموافقة على عقار كلوزابين، أول مضاد للذهان غير نمطي، في عام 1989.
وCobenfy مزيج من مادتين هما: “زانوميلين”، والتي تنشط المسارات التنظيمية في الدماغ، و”تروسبيوم” والذي يُعتقد أنه يخفف من أعراض الفصام.و”زانوميلين” أحد الأدوية التي بدأت تُدرس في بداية التسعينيات لعلاج مرض ألزهايمر والفصام، إذ يعمل هذا العقار كمنبه لمستقبلات في الدماغ.
في ذلك الوقت، حاولت شركة “إيلي ليلي” تطوير العقار كعلاج لمرض الزهايمر، ولكن الآثار الجانبية للجهاز الهضمي كانت صعبة للغاية، فرغم النتائج الإيجابية التي أظهرها هذا الدواء في تحسين أعراض الفصام، توقفت الأبحاث عليه بسبب الآثار الجانبية الشديدة الناتجة عن تنشيط مستقبلات الكولين في الجهاز العصبي الطرفي.
ومستقبلات الكولين مجموعة من البروتينات الموجودة على سطح الخلايا العصبية، وخلايا أخرى في الجسم، وتلعب دوراً مهماً في نقل الإشارات العصبية.
ورغم التوقف عن تطوير عقار “زانوميلين” لفترة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت استكشافاً جديداً للعقار بمشاركة عقار آخر هو “تروسبيوم”، والذي يعمل كمضاد لمستقبلات الكولين الطرفية.
ويساعد “تروسبيوم” في الحد من الآثار الجانبية الطرفية لـ”زانوميلين”، مثل التعرق الشديد، واللعاب الزائد والإسهال، مما يعيد الأمل في استخدامه لعلاج الفصام.
وترتكز آلية عمل “زانوميلين” على تأثيره على مستقبلات الكولين في الدماغ، خاصة في المناطق المسؤولة عن التحكم في الإدراك والمشاعر مثل الجهاز الحوفي، والقشرة الدماغية.
تخفيف أعراض الفصام
وخلال مرحلة مبكرة من الأبحاث، واجه الباحثون صعوبات مع “زانوميلين”؛ بسبب الآثار الجانبية الطرفية مثل التعرق، واللعاب، والإسهال، ولكن مع إضافة عقار “تروسبيوم” الذي يعمل على تقليل هذه الأعراض، تم إعادة تقييمه في تجارب سريرية جديدة، وفي إحدى التجارب السريرية العشوائية، أظهرت النتائج أن استخدام “زانوميلين” مع “تروسبيوم” كان فعالاً في تحسين أعراض الفصام، مقارنة بالاستخدام مع دواء وهمي.
وأظهرت إحدى التجارب السريرية، على مريضين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً، أن “زانوميلين” مع “تروسبيوم” نجح في تخفيض مجموع نقاط مقياس تقييم الأعراض الإيجابية والسلبية للفصام بمقدار -17.4 مقارنة بـ -5.9 للدواء الوهمي.
سعر دواء الفصام الجديد
تقول شركة “بريستول مايرز سكويب” إن الدواء سيكون متاحاً بدءاً من أكتوبر بسعر 1850 دولاراً شهرياً، وهو سعر يقترب من علاجات الفصام الأخرى.
ورغم الفوائد المحتملة للعلاج الجديد، توجد بعض العيوب الملحوظة، مثل صعوبة تعديل الجرعة لأي من الدوائين دون التأثير على الآخر.
ورغم استخدام نظام الجرعات المرن في التجارب السريرية، إلا أن تطبيقه في العالم الواقعي قد يكون معقداً، سواء تم وصف الدوائين بشكل فردي أو كجزء من مزيج الجرعات الثابتة.
آثار جانبية للدواء
أظهرت التجارب السريرية وجود مجموعة من الآثار الجانبية للدواء؛ مثل الإمساك وجفاف الفم والنعاس، وهي تأثيرات قد لا تكون مقبولة لدى بعض الفئات، وخاصةً المرضى المسنين، مما قد يقلل من قبول هذا العلاج لديهم.
كما يُنصح بتجنب استخدام هذا المزيج للمرضى الذين يعانون من تاريخ مرضي يتعلق باحتباس البول أو مشكلات المعدة، أو أمراض ارتفاع ضغط العين.
من جهة أخرى، قد تكون هناك مشكلة تتعلق بفترات نصف العمر لكل من الدوائين، إذ يمتلك “تروسبيوم” نصف عمر يبلغ حوالي 20 ساعة، بينما نصف عمر “زانوميلين” أقصر بكثير، حوالي 1.25 ساعة فقط، وهذه الفجوة في نصف العمر قد تتسبب في بعض الاضطرابات فيما يتعلق بتوازن الجرعات، وتأثيرات الأدوية على الجسم.
كما أن التوافر الحيوي لـ”زانوميلين” عن طريق الفم أقل من 1%، ما يعني أنه قد يصل إلى الجهاز العصبي المركزي أكثر من البلازما، مما يفسر تأثيراته العصبية، ويُضاف إلى ذلك أن “تروسبيوم” يمتلك تأثيرات مركزية، مثل النعاس والدوار والهلوسة والارتباك، مما قد يتسبب في تعارض تأثيراته مع تأثيرات “زانوميلين” على الجهاز العصبي المركزي.
ومع ذلك، تُظهر الدراسات أن الدواء يُحسّن الأعراض الإيجابية، والسلبية للفصام، وهي الأعراض التي لا تستجيب بشكل جيد للعلاجات التقليدية.
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :asharq.com بتاريخ:2024-09-30 12:33:14
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي