عين على العدو

إسرائيل اليوم: تنوع القدس هو قوتها

إسرائيل اليوم 10/2/2025، ليدور سلطان: تنوع القدس هو قوتها

كيف ستبدو القدس بعد خمس سنوات؟ هل ستصبح حريدية أكثر. كم من العرب سيسكنون فيها؟ هل ستتواصل الهجرة السلبية منها؟ أسئلة باعثة على الفضول بالتأكيد. لكن اذا كنا نريد أن نفهم بعمق الميول الديمغرافية التي تسير اليها عاصمة إسرائيل في المستقبل، فيجب التوجه بداية الى المعطيات اليوم: صحيح حتى بداية 2024 يعيش في القدس اكثر من مليون نسمة – نحو 60 في المئة منهم يهود، ونحو 39 في المئة عرب (الباقي أقليات باعداد هامشية). يخلق هذا الوضع، عمليا، ثلاث مجموعات مركزية في المدينة.

“يدور الحديث عن تركيبة مميزة جدا في إسرائيل”، يشرح يئير اساف – شبيرا، باحث كبير ورئيس فريق المعلومات والمعطيات في معهد القدس للبحوث السياسية. “صحيح حتى اليوم لا توجد في القدس اغلبية واضحة لفئة سكانية معينة. لا الحريديم، لا العرب ولا اليهود غير الحريديم يشكلون اغلبية واضحة، الامر الذي لا يمكن قوله عن أي مدينة كبيرة أخرى في البلاد. في حيفا وتل أبيب مثلا الأغلبية الواضحة هي يهود غير حريديم. في القدس نشأ وضع من ثلاث مجموعات أساسية تتماثل في حجمها وفي داخلها عدد لا يحصى من التيارات الأخرى.

البروفيسور سيرجيو دلا فرغولا، ديمغرافي في الجامعة العبرية في القدس يضيف: “هذه مدينة ذات فسيفساء نادر من الفئات السكانية المختلفة التي تعيش معا  بشكل منسجم نسبيا، وكل فئة سكانية تتركز في حيها.

الفوارق بين الاحياء تخلق توترا وتشكل جزءاً لا بأس به من الشرخ المركزي بين اليهود والعرب في المدينة، بخاصة حول الاعداد”.

كيف الحفاظ على الأغلبية

عمليا، منذ حرب الأيام الستة في 1967 رفع الى السطح السؤال حول مستقبل الديمغرافيا في المدينة، وما يمكن عمله لاجل زيادة عدد اليهود فيها وتثبيت مكانة العاصمة الموحدة كمدينة يهودية. منذئذ، عمل أناس كثيرون في المسألة، التي نالت مفعولا خاصا في نهاية التسعينيات في زمن ولاية اهود أولمرت كرئيس البلدية. جمع أولمرت في حينه أفضل الخبراء لمشروع طموح كان هدفه فهم التحولات التي من المتوقع للقدس أن تجتازها حتى العام 2020 ومنها التحولات الديمغرافية وذلك من اجل محاولة تغيير الواقع مقارنة بالميول الطبيعية التي يتوقعها الخبراء للمدينة.

“دعيت لان أكون رئيس الفريق الديمغرافي في المشروع”، يتذكر البروفيسور دلا فرغولا. “أولمرت، كرئيس البلدية، طلب أن يعرف كيف يمكن الحرص على أن تكون في العام 2020 اغلبية يهودية من 75 في المئة في القدس. اهتم جدا في بحثنا ونزل الى تفاصيل التفاصيل لكل جدول وسطر. منذئذ فهمت بان عمليا تسير الميول في المدينة الى اتجاهات أخرى. شرحت بان معدل اليهود بالذات سيقل، فيما أن معدل العرب سيرتفع بسرعة اكبر. شرحت بانه من اجل الوصول الى الهدف المرغوب فيه هو أمر لكن التوقع الدقيق يقوم على أساس البحث هو شيء آخر”.

حسب معطيات مركز البحوث والمعلومات في الكنيست، في أواخر التسعينيات بلغت حصة اليهود في القدس نحو 69.5 في المئة. واندرج في هذا المعطى، مثل طريقة القياس اليوم، جماعات اقلية أخرى أيضا. مع هذا العدد انطلقوا في بلدية القدس الى الدرب.

“بفرض أننا لا نغير حدود القدس، مثلما طلب أولمرت وصلنا الى الاستنتاج بان ليس فقط معدل اليهود لم يرتفع بل انه سينخفض في العام 2020 الى 60 – 65 في المئة”، كما يقول البروفيسور دلا فرغولا. “بعد نحو 20 سنة من ذلك، في يوم البحث نفسه، فوجئت بان اكتشف بان توقعنا انحرف بـ 0.6 في المئة فقط ومعدل اليهود في المدينة بلغ نحو 61.5 في المئة”.

النتائج الإحصائية التي نشرت في 2020 بينت أن عدد سكان اليهود ارتقع بـ 40 في المئة، اما العرب بـ 110 في المئة – اكثر من الضعف. واستخلص الخبراء من الاستنتاجات ميولا مشوقة – احدها في مجال التكاثر الطبيعي. “في السنوات الأخيرة نرى ان السكان العرب في القدس ينجبون أطفالا اقل مقارنة بالماضي”، يشرح اساف – شبيرا. “صحيح أن نسبة النمو في المجتمع العربي في المدينة اعلى مقارنة بالسكان اليهود بالضبط مثلما توقع الخبراء مسبقا، لكن يتبين أن معدلات الولادة ادنى بكثير من المعدلات في عموم اليهود في المدينة.

معطيات مكتب الإحصاء المركزي في بداية 2024 تعزز هذا التشخيص: معدل الخصوبة في أوساط النساء اليهوديات وغيرهن في العاصمة بلغ 4.3 في المئة، اما في أوساط النساء العربيات فبلغ 2.81 في المئة.

اساف – شبيرا: “لجملة منوعة من الأسباب في السنوات الأخيرة انخفض معدل الخصوبة العام في المجتمع العربي واساسا في شمال البلاد، في الوسط وفي القدس. مقابل ذلك، فان معدل الخصوبة في المجتمع الحريدي في القدس يبقى مرتفعا”.

اذن كيف يحتمل أن يكون معدل النمو في المجتمع العربي في المدينة يواصل كونه اعلى من ذاك لدى السكان اليهود؟

“ثمة شيء ما يؤثر اكثر بكثير من معدل الخصوبة، وهو الهجرة. فكر بالمدينة كوعاء اصغر مما هو قادر على ان يحتويه، وبالتالي فان الفوائض “تنسكب” منه الى الخارج في شكل هجرة سلبية. هذه مسيرة تميز كل مدينة كبيرة، حتى تل ابيب”.

البروفيروس دلا فرغولا: “بشكل تقليدي تخسر القدس في ميزان الهجرة – عدد مغادريها كل سنة اكبر بالالاف من عدد المستقرين فيها، وهذا معطى سيرافقنا في المستقبل القريب القادم. الهجرة الداخلية السلبية تميز القطاع اليهودي وليس العربي الذي يكاد لا تكون فيه هذه “الخسارة”، وعليه فان القطاع العربي ينمو كل الوقت، حتى عندما يكون التكاثر الطبيعي لديه بطيئا نسبيا مقارنة بالمجتمع اليهودي”.

ورغم كل هذا، يواصل عدد سكان القدس النمو

دلا فرغولا: صحيح. انه من ناحية نظرية يفترض بالهجرة السلبية ان تؤدي الى تقليص عدد سكان المدينة. اما عمليا في القدس توجد ولادة عالية جدا الى جانب معدلات وفيات متدنية بسبب العمر الشاب للسكان – وعليه فالمدينة تواصل النمو. هذا سيستمر هكذا في السنوات القادمة أيضا.

الحريديم يغادرون أيضا

حقيقة مشوقة أخرى اظهرتها المعطيات التي نشرت في 2020 تتعلق بتوزيع السكان المغادرين للمدينة.

“في الهجرة بين المدن فان القطاعات اليهودية في القدس اكثر نشاطا بخلاف المجتمع العربي في العاصمة”، يشير دلا فرغولا. “من ناحية الفئات، تظهر المعطيات بان العلمانيين يغادرون اكثر الى منطقة الوسط اما الحريديم فينتقلون أساسا الى بيتار عيليت، بيت شيمش وموديعين عيليت. المتدينون القوميون يغادرون في معظمهم الى الضفة، الى معاليه ادوميم ومناطق الاستيطان في غلاف القدس. يوجد في الجمهور فهم بان كل العلمانيين يغادرون القدس وانها تتحرد، لكن في الواقع هذا ليس دقيقا على الاطلاق.

اشرح، لو سمحت.

“عملية تحرد المدينة وان كانت قائمة ولكن ليس بالضرورة بسبب الهجرة العلمانية. “معدل الحريديم الذين يغادرون القدس عال جدا ولهذا فان تحرد المدينة ابطأ مما يعتقد”.

اساف شبيرا: “النبوءة عن القدس المتحردة” هي قول ينبغي الحذر منه. من يرى السواد يستند الى نموذج كان في مدن أمريكية في عهد التمدن الكبير، حين غادر السكان البيض مراكز المدن وبقي فيها سكان فقراء، سود أساسا. في السطر الأخير، في القدس يوجد كل الألوان والجماعات السكانية وباعداد كبيرة. هذه الفئة السكانية او تلك لن تختفي غدا ولا بعد عقد أيضا”.

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-02-10 15:39:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى