إسرائيل لا تزال غير جاهزة للخروج من لبنان، لكن الدور السعودي كفيل بأن يحسم

تسفي برئيل – هأرتس – 26-01-2025 إسرائيل لا تزال غير جاهزة للخروج من لبنان، لكن الدور السعودي كفيل بأن يحسم
انسحاب اسرائيل من كل اراضي لبنان الذي كان يجب أن ينتهي اليوم، لم يخرج الى حيز التنفيذ في موعده. آلاف السكان الذين أملوا العودة في هذا الاسبوع الى بيوتهم سيضطرون الى الانتظار في اماكن مكوثهم المؤقتة، دون معرفة متى سيتم اعطاء الضوء الاخضر لعودتهم. اسرائيل تقول إن الجيش اللبناني لم يقم حتى الآن بالوفاء بتعهده حسب الاتفاق، ولم يستكمل تفكيك قواعد حزب الله وجمع سلاحه. في لبنان يردون بأنه طالما أن اسرائيل توجد في عشرات القرى في جنوب لبنان فان الجيش اللبناني لا يمكنه العمل فيها. والدليل على ذلك هو أنه في هذه المناطق التي انتشر فيها الجيش اللبناني قام بجمع الكثير من السلاح ونقله الى مخازنه.
اسرائيل في الحقيقة قامت بالانسحاب من معظم القرى التي احتلتها، لكن التأخير الاخير يثير في لبنان الشك بأنها تنوي ابقاء في يدها عدد من المناطق لفترة طويلة، التي يمكن أن تصبح نقاط احتكاك وذريعة لرد عنيف من قبل حزب الله، الامر الذي سيستدعي رد اسرائيل. من هنا المسافة قصيرة لانهيار وقف اطلاق النار. هذا التهديد غير مخفي عن عيون دول الوساطة، بالاساس الولايات المتحدة وفرنسا، التي في نقاشات لجنة الرقابة لتطبيق وقف اطلاق النار تدفع الى التوصل الى موعد جديد متفق عليه وقريب لاستكمال الانسحاب، بالاساس التأكد من أن نية اسرائيل ليست ابقاء في يدها اراضي داخل لبنان تحت سيطرتها الدائمة.
دول الوساطة تخشى من أن هذا التواجد الدائم ليس فقط سيعرض للخطر اتفاق وقف اطلاق النار، بل هو سيفشل المرحلة التالية للاتفاق. حسب هذه المرحلة فان الدولتين يمكنهما البدء في التفاوض حول ترسيم الحدود البرية، وهي العملية التي يمكن أن تنهي مرحلة الخلافات الجغرافية بينهما التي تضم 13 نقطة مختلف عليها، التي استغلها خلال سنوات حزب الله كذريعة للعمل ضد اسرائيل، بحجة تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي.
في هذه الاثناء يبدو أن حزب الله الذي امتنع عن المواجهة مع الجيش اللبناني، يقوم بتغيير نغمة التهديد. ففي بداية الاسبوع الماضي حذر علي فياض، عضو البرلمان من حزب الله، من أن الحزب سينتظر حتى 26 من هذا الشهر (اليوم) الذي فيه حسب الاتفاق يجب على اسرائيل استكمال الانسحاب بشكل كامل. واضاف أنه “اذا لم يقم العدو الاسرائيلي بالوفاء بتعهده فهذا يعني انهيار تفاهمات تنفيذ الاتفاق وتفجير آلية الضمانات الدولية لتطبيقه… هذا الوضع سيضع كل اللبنانيين امام مرحلة جديدة تقتضي فحص جديد بعنوان “المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي بكل الطرق والوسائل لاخراجه من دولتنا. هذه المواجهة هي من مسؤولية جميع اللبنانيين – الحكومة، الجيش، الشعب، الاحزاب والمقاومة”.
في يوم الخميس نشر حزب الله بيان جديد، حذر ومعتدل أكثر، يقول بأن “أي تجاوز للستين يوم سيعتبر خرق للاتفاق ومس بسيادة لبنان، الذي يجب على الدولة مواجهته بكل الطرق والوسائل”. أي أن حزب الله يلقي بالمسؤولية على الحكومة في لبنان لمواجهة خرق الاتفاق، وازاء التهديد السابق هو لا يضع نفسه كمن سيعمل بدلا من الحكومة أو معها في أي مواجهة يمكن أن تتطور.
لكن يبدو أن “موقف المراقب” الذي يقف فيه حزب الله يعرض حكومة لبنان وكأنها تقف في الامتحان، ليس فقط تجاه سكان جنوب لبنان، بل كدولة يسخرون منها حيث يخرقون الاتفاق الذي وقعت عليه بدون أي رد مناسب من قبلها. هذا الموقف يقوي حزب الله كتنظيم وحيد يعرف كيفية مواجهة اسرائيل والذي ما زال يمكنه تهديدها. من هنا هذا الموقف يعرض كل مطالبة بنزع سلاح حزب الله بأنه تهديد للامن اللبناني، الذي الحكومة فيه لا تعتبر حسب حزب الله حكومة قادرة على اجتياز امتحان تطبيق حقوقها السيادية.
هذا الامتحان الخطير يأتي بالذات في الوقت الذي فيه لبنان يقوم بخطواته الاولى قبل تشكيل نظام جديد هدفه اعادة اعمار الدولة وانقاذها من الازمة الاقتصادية الشديدة الموجودة فيها منذ خمس سنوات. انتخاب جوزيف عون في هذا الشهر كرئيس جديد بعد سنتين لم يكن رئيس للدولة، والموافقة السريعة والاستثنائية على تعيين قاضي محكمة العدل الدولية نواف سلام في منصب رئيس الحكومة الدائمة، هي خطوة اولية ومهمة في المسار السياسي الملغم. ولكنها ما زالت بعيدة عن أن تكون خطة عمل قابلة للتنفيذ.
سلام يدير في هذه الايام مفاوضات متعرجة حول تشكيل الحكومة، وهي العملية التي كانت تستغرق في السابق بضعة اشهر، لكن الآن بسبب حالة الطواريء ربما سينجح في تقليص هذه الفترة. سلام يجب عليه التسوية بين التوق الى تاسيس حكومة تكنوقراط، التي الحقائب فيها غير موزعة حسب الطوائف كما هو سائد وبين ضرورة دفع ثمن سياسي لارضاء التمثيل الطائفي، وهكذا منع العقبات المتوقعة امام خطة تطبيق الاصلاحات الهيكلية. هذه الاصلاحات – منظومة البنوك والبنك المركزي وشركة الكهرباء والشركات الحكومية الاخرى – والتعديلات المطلوبة في التشريع الاقتصادي واجهزة الرقابة على سلوك الوزارات الحكومية، هي شرط رئيسي للمساعدات، التي تم املاءها من قبل الدول المانحة ومؤسسات التمويل الدولية.
لكن لبنان ليس الوحيد في طابور صناديق الدول المانحة. فاسقاط نظام بشار الاسد على يد احمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام، جعله شخص مرغوب فيه في الدول العربية والغربية وذخر استراتيجي، ضمن امور اخرى، لأنه يعتبر الكابح امام نفوذ ايران وروسيا في المنطقة. وغزة يمكن أن يكون بؤرة الجذب القادمة للاستثمارات العربية والدولية، سواء بسبب حجم الدمار الكبير أو بسبب أن اعادة اعمار غزة هو جزء من اتفاق وقف اطلاق النار وتحرير المخطوفين.
لبنان، رغم أنه تكبد اضرار تقدر بمبلغ 13 مليار دولار وحوالي مليون وربع من مواطنيه هجروا من بيوتهم، لا يعتبر “منطقة كوارث” تقتضي التدخل الدولي السريع. اهميته الاستراتيجية لا تشبه اهمية سوريا الاستراتيجية، وبشكل متناقض فان الضربة التي تكبدها حزب الله حولته من تنظيم أملى السياسة وشكل تهديد اقليمي وجر لبنان الى حرب، الى تنظيم يحارب الآن من اجل مواقفه السياسية، قلل الخطورة الاقليمية للبنان والحاحية انقاذه.
لحسن الحظ أن لبنان وسوريا الآن هما بؤرة جذب للسياسة الخارجية للسعودية التي ترى دعوات للحلول فيها محل ايران، وتريد استغلال هاتين الدولتين كثروة استراتيجية في الفضاء الذي فيه المنافسة الجديدة لها هي امام تركيا وقطر. السعودية، التي وزير خارجيتها فيصل بن فرحان، قام بزيارة بيروت في يوم الخميس، وبعد يوم زار دمشق، يمكن أن تكون اداة الانقاذ الاقتصادي الاساسية للبنان، لكن ايضا يوجد لها شروط. اضافة الى الاصلاحات الاقتصادية التي تضعها كشرط للمساعدات فانها تضغط الان من اجل أن تقلص جدا الآن دور حزب الله في الحكومة اللبنانية الجديدة. اذا كان ستجد صعوبة، لاسباب سياسية، في املاء ابعاده أو طرده بشكل كامل فهي ستصمم على أنه لن يتم اعطاءه حقائب مهمة أو حقائب يمكن أن تساعده في اعادة ترميم مكانته الجماهيرية.
من هنا فان الرياض تتحول هي ايضا الى لاعب نشيط وهام في جهود انهاء تواجد اسرائيل في لبنان من اجل تحرير الرئيس ورئيس الحكومة والحكومة التي سيتم تشكيلها من تهديدات حزب الله ومن التحدي السياسي الذي يضعه امامهم وانهاء المنافسة بين الحزب وبين الدولة على اعادة اعمار لبنان. من اجل نجاح هذه العملية، السعودية – اللبنانية، يتعين الآن دعم اسرائيلي يلزمها بتسريع استكمال الانسحاب من لبنان والسماح بالانتشار الكامل للجيش اللبناني على طول الحدود. لأن من يتوق الى التطبيع مع السعودية يجب عليه أن يأخذ في الحسبان ايضا الطموحات الاستراتيجية لها في المنطقة.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-26 21:59:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>