إيران تغطي المنطقة برادارات “ما وراء الأفق” لإحباط هجمات مفاجئة من الولايات المتحدة وإسرائيل

في أواخر مارس، فعّلت إيران منشأتها التاسعة من رادار “غدير” من فئة OTH، وهو نظام قوي قادر على كشف الأهداف حتى مسافة 1100 كيلومتر، ما يعزز دوره كنقطة محورية في شبكة الدفاع الجوي الإيرانية المتكاملة.
هذا التفعيل لا يعزز فقط قدرة إيران على اكتشاف الطائرات ذات البصمة الرادارية المنخفضة والصواريخ الباليستية القادمة، بل يرفع من جاهزيتها في مواجهة منصات الشبح مثل الطائرة الأمريكية F-35 والإسرائيلية F-15I “راعم”.
وتشير معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر إلى أن إيران أنشأت رادارين من نوع “غدير” في الجنوب الاستراتيجي، بتغطية تهدف إلى إحكام الرقابة على الخليج العربي ومضيق هرمز — وهما شريانان حيويان لشحنات النفط العالمية ونقاط توتر مزمنة.


إن السيطرة على هذه الممرات البحرية تمنح إيران ميزة استراتيجية غير متماثلة، ما يمكّنها من مراقبة تحركات القوات البحرية الغربية ويزيد من تعقيد عمليات مجموعات حاملات الطائرات الأمريكية في حال نشوب صراع.
أما شمالًا، فقد أُنجز موقع رادار آخر من نوع “نذير” قرب مدينة تبريز، يُقال إنه يقع بالقرب من قاعدة صواريخ باليستية تحت الأرض — هدف محتمل في أي حملة جوية مستقبلية تشنها إسرائيل أو الولايات المتحدة.
ويعكس تموضع هذا الرادار بالقرب من بنية تحتية صاروخية حساسة تركيز طهران على البقاء والدفاع الطبقي ضد الضربات الدقيقة والعمليات الحربية الإلكترونية السيبرانية.
وفي تطور منفصل، يُقال إن إيران تضع اللمسات الأخيرة على نموذج جديد وأكثر تطورًا من رادار OTH قرب مدينة شيراز، يتميز ببنية هوائية أطول وكثافة هوائيات أعلى لتحسين استقبال الإشارة ومقاومة التشويش.
ومن المتوقع أن يوفر هذا الرادار من الجيل التالي، الذي يخضع للتقييم منذ عام 2022، دقة أعلى في تتبع الأهداف فائقة السرعة مثل الصواريخ فرط الصوتية — وهو مجال يشهد استثمارات مكثفة من قبل الخصوم الإقليميين.
تُعد رادارات “ما وراء الأفق” من أكثر التقنيات تطورًا في مجال المراقبة بعيدة المدى، حيث تمكّن من كشف وتتبع التهديدات الجوية والبحرية على مدى آلاف الكيلومترات — متجاوزة القيود الخطية التي تفرضها أنظمة الرادار التقليدية.
وعلى خلاف الرادارات الاعتيادية التي تحدها انحناءة الأرض وتقتصر على الرصد ضمن خط البصر، تستخدم أنظمة OTH موجات راديوية تنكسر على طبقة الأيونوسفير، ما يمنح المشغلين قدرة غير عادية على مراقبة مساحات شاسعة كانت خارج مدى الرؤية سابقًا.


تقنية الانعكاس الأيوني تُحوّل الغلاف الجوي العلوي إلى طبقة استشعار استراتيجية
تُحوّل تقنية الانعكاس على طبقة الأيونوسفير الغلاف الجوي العلوي فعليًا إلى طبقة استشعار استراتيجية، مما يسمح للمخططين العسكريين بمدّ مظلة الإنذار المبكر إلى عمق المجال الجوي المعادي أو المناطق البحرية المتنازع عليها.
وتُعد التداعيات الاستراتيجية لهذه القدرة بالغة الأهمية، لا سيما للدول المجاورة لحدود متوترة أو ممرات بحرية حرجة، حيث يمكن لقدرة الكشف المبكر بفارق دقائق أو ساعات أن تحدد مآل الصراع قبل إطلاق أول صاروخ.
تتميز أنظمة رادار OTH الحديثة بمدى كشف يصل إلى 3000 كيلومتر، حسب التكوين التقني والظروف الجوية، وهو مدى كافٍ لمراقبة النشاط عبر مناطق شاسعة — من مجموعات حاملات الطائرات في عرض البحر، إلى تشكيلات القاذفات بعيدة المدى وإطلاقات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
وتكمن القيمة الأساسية لهذه الأنظمة في قدرتها على تقديم إنذار مبكر ضد مجموعة واسعة من التهديدات ذات الأولوية العالية — بدءًا من المركبات الانزلاقية فرط الصوتية والقاذفات الشبحيّة، مرورًا بإطلاقات الصواريخ الباليستية والمجنحة، وانتهاءً بالمجموعات البحرية المعادية القريبة من الممرات البحرية الاستراتيجية.
وفي عصر تُصمم فيه منصات جوية متقدمة مثل بي-21 “رايدر” وإف-35 “لايتنينغ 2” بخصائص تخفٍّ متطورة، توفّر رادارات OTH وسيلة غير متماثلة للكشف، عبر استغلال تنوّع الموجات الراديوية والانعكاسات العالية التردد لكشف حتى أكثر المنصات الجوية مراوغة.
وتبرز أهمية مماثلة في دور أنظمة OTH في مراقبة الممرات البحرية الاستراتيجية مثل مضيق هرمز، باب المندب، وبحر الصين الجنوبي — حيث تتقاطع التوترات الجيوسياسية مع تنافس القوى الكبرى ونقاط الاشتعال المحتملة.
Latest status of Iran’s Over-the-horizon radar coverage
[This is the work of my dear friend @ Mokhtasatk]
Resonance/Ghadir: 9
Keyhan: 1
Nazir: 3
New IRGC radar: 5
Surface wave radar: 2 (coverage is not circular)
Total number of detected OTH radars is currently 20.. https://t.co/cNqbYZUvK1 pic.twitter.com/TmwBJZDTRJ
— NoctuMind (@var_ya_da_yok) April 3, 2025
رادار “نذير” يوسّع المراقبة نحو القوقاز وتركيا
في يناير، نشرت إيران رادار OTH من طراز “نذير” على مرتفعات محافظة جيلان، موسعة بذلك مظلة المراقبة نحو القوقاز وشرق تركيا — مناطق اكتسبت أهمية استراتيجية جديدة في ظل التحولات الإقليمية.
ويُعد “نذير”، القادر على كشف الأهداف الجوية حتى مسافة 800 كيلومتر، منصة مراقبة حيوية موجهة نحو أذربيجان، التي أثارت علاقاتها الدفاعية المتنامية مع إسرائيل وتركيا قلقًا متزايدًا في طهران.
وتُشير مزاعم متكررة إلى أن إسرائيل استغلت في السابق المجال الجوي الأذربيجاني لتنفيذ عمليات استطلاع بل وربما ضربات محدودة على منشآت عسكرية إيرانية، بما فيها مواقع دفاع جوي ومنشآت مرتبطة بالبرنامج النووي.
ويعكس تعزيز إيران لقدراتها الرادارية في هذا الاتجاه تحوّلًا في إدراكها للتهديدات، لا سيما مع استمرار باكو في تعميق تعاونها الأمني مع شركاء منخرطين في حلف الناتو.
المرونة التقنية لرادارات OTH
تكمن متانة أنظمة OTH في بنيتها التقنية — حيث تعمل على عدة ترددات، مع القدرة على القفز الترددي (frequency-hopping)، مما يجعلها شديدة المقاومة للكشف والتشويش من قبل أنظمة الحرب الإلكترونية المعادية.
وقد كُشف عن برنامج الرادار الإيراني OTH لأول مرة في 2015 ودخل الخدمة الفعلية في 2016، وتحوّل منذ ذلك الحين من قدرة تجريبية إلى عماد استراتيجي لشبكة المراقبة، بدعم من البحث والتطوير المحلي رغم ضغوط العقوبات.
وقد صرّح العميد فرزاد إسماعيلي، القائد السابق لقاعدة الدفاع الجوي “خاتم الأنبياء”، في عام 2016:
“نظام الرادار OTH بدأ عملياته، ومن الآن فصاعدًا، لن يكون هناك أي جسم طائر يصعب كشفه يمكنه دخول المجال الجوي الإيراني دون إذن.”
وأضاف أيضًا:
“تم تصميم هذا النظام خصيصًا لرصد الأجسام الجوية الصغيرة، بما فيها طائرات MQ-1 وRQ-4 وU-2. وهو قادر أيضًا على اكتشاف وتتبع الصواريخ الباليستية والمجنحة، والأهم من ذلك، الطائرات الشبح التي يصعب عادة رصدها عبر الرادارات التقليدية.”
وبحسب تقارير قناة PressTV، فقد تم تركيب العديد من أنظمة OTH الإيرانية في مناطق جبلية كجنوب شرق إيران، على ارتفاعات تتجاوز 3000 متر، لتعظيم مدى الكشف وزيادة الامتداد الراداري.
وصُممت هذه الرادارات محليًا لتلائم بيئة التهديد الخاصة بإيران، بحيث تتحمل أقسى أنواع التشويش الإلكتروني، وقادرة على رصد أهداف ذات بصمة رادارية منخفضة (RCS) مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ الشبحية.
ويمثل نشر هذه الأنظمة عنصرًا أساسيًا في عقيدة الدفاع غير المتماثل الإيرانية — إذ تدمج القدرات التقليدية مع الابتكار المحلي لموازنة الفجوة التكنولوجية مع القوى الغربية.
ومع تصاعد التوترات في الخليج والشرق الأوسط الأوسع، يمكن لشبكة الرادارات الإيرانية المتوسعة أن تعقّد من خطط الخصوم، وتشكّل رادعًا نفسيًا وعمليًا فاعلًا ضد أي ضربة استباقية محتملة.


عيوب رادارات ما وراء الأفق” (OTH)
رادارات ما وراء الأفق (OTH) رغم قدرتها الكبيرة على كشف الأهداف البعيدة، إلا أنها تعاني من عدد من العيوب الفنية والعملياتية. أولاً، تعتمد هذه الرادارات على انعكاس الموجات الراديوية على طبقة الأيونوسفير، وهي طبقة غير مستقرة تتأثر بتغيرات الطقس، الوقت من اليوم، النشاط الشمسي، والعوامل الجيومغناطيسية. هذه التقلبات تؤدي أحياناً إلى تدهور جودة الإشارة أو حتى انقطاعها، مما يؤثر سلباً على مدى الرادار ودقته.
من الناحية الفنية، لا توفر رادارات OTH دقة عالية في تحديد موقع أو ارتفاع الأهداف. المعلومات التي تقدمها غالباً ما تكون تقريبية، وقد تصل نسبة الخطأ إلى عشرات الكيلومترات، مما يجعل من الصعب استخدامها لتوجيه أسلحة دقيقة مثل الصواريخ الاعتراضية. كذلك فإن هذه الأنظمة تحتاج إلى وقت أطول لمعالجة الإشارات مقارنة بالرادارات التقليدية، مما يقلل من فعاليتها ضد التهديدات فائقة السرعة مثل الصواريخ فرط الصوتية.
إحدى المشكلات الأخرى تكمن في قدرتها المحدودة على التمييز بين الأهداف، حيث يمكن أن تتسبب الانعكاسات والتشويش الطبيعي أو الصناعي في إنذارات كاذبة أو صعوبة في التفريق بين طائرة مدنية وطائرة عسكرية شبحية. كما أن التغطية التي توفرها ليست موحدة دائماً، إذ توجد مناطق “عمياء” بين هوائي الإرسال ونقطة انعكاس الموجة، مما يخلق ثغرات محتملة في المراقبة إذا لم تُغطَّ بأنظمة أخرى.
من الناحية اللوجستية، تحتاج هذه الأنظمة إلى مساحات كبيرة لبناء الهوائيات وبنية تحتية معقدة تشمل محطات طاقة ومراكز تحليل. وهذا يجعلها أقل مرونة من الرادارات المتنقلة ويصعب إخفاؤها أو تحريكها بسرعة في حال تغيرت الحاجة التشغيلية. كما أن قدرتها على كشف الأهداف المنخفضة الارتفاع تظل محدودة، خاصة إذا كانت تلك الأهداف تطير قرب سطح البحر أو خلف تضاريس جبلية.
وعلى الرغم من أنها مصممة لمقاومة التشويش الإلكتروني، فإنها ليست محصنة تماماً. يمكن لبعض أنواع الحرب الإلكترونية المتقدمة، خصوصاً الهجمات ذات الطيف العريض أو الهجمات السيبرانية، أن تعطل أو تخدع هذه الأنظمة.
بالتالي، ورغم أهمية رادارات OTH كجزء من منظومة الإنذار المبكر، فإن فعاليتها القصوى تتحقق عند دمجها مع أنواع أخرى من الرادارات التي تغطي نقاط ضعفها.


//platform.twitter.com/widgets.js
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-04-05 09:18:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل