صحة و بيئة

ابتكار جهاز يقلل الوفاة جراء تسمم الدم

ابتكار جهاز يقلل الوفاة جراء تسمم الدم

ابتكر فريق بحثي بقيادة جامعة كاليفورنيا في سان دييجو، جهازاً فريداً من نوعه يمكن ارتداؤه، لقياس النشاط في الأعصاب العنقية البشرية في البيئات السريرية.

والأعصاب العنقية مجموعة من الأعصاب الشوكية التي تخرج من العمود الفقري العنقي، وهي ثمانية أزواج، تسمى C1 إلى C8، ومسؤولة عن نقل الإشارات بين الدماغ، وأجزاء مختلفة من الجسم، وخاصة الرأس، والرقبة، والكتفين، والذراعين، واليدين.

ويستطيع الجهاز إجراء ما يُعرف باسم التصوير العصبي اللاإرادي، وهو نشاط عصبي من العصب المبهم، والعصب السباتي لدى الإنسان، بالإضافة إلى أعصاب لاإرادية أخرى موجودة في الجلد، وعضلات الرقبة.

تسمم الدم

والعصب المبهم “طريق سريع” للجهاز العصبي اللاإرادي، مع امتدادات تمتد من قاعدة الجمجمة عبر الجذع، والبطن للتأثير على الهضم، ومعدل ضربات القلب، والجهاز المناعي.

ويقول الباحثون إن القدرة على مراقبة نشاط العصب المبهم بشكل غير جراحي، لها آثار عميقة على البحث الطبي، والعلاج، وفهم حالات مثل: الإنتان أو “تسمم الدم”، وهي استجابة التهابية تهدد الحياة، وتتسبب في وفاة 48 مليون شخص، من بينهم 20 مليون طفل، سنوياً حول العالم.

وبالمثل، فإن المرضى باضطراب ما بعد الصدمة، والذين تبلغ نسبتهم 3.9 % من سكان العالم يمكن أن يستفيدوا أيضاً من هذا النهج المبتكر؛ فمن خلال توفير رؤى تفصيلية عن نشاط العصب اللاإرادي، قد يقدم الجهاز وجهات نظر جديدة حول الأسس الفسيولوجية لاضطراب ما بعد الصدمة، مما يؤدي إلى تدخلات، وعلاجات أكثر فعالية.

يمتلك الجهاز القابل للارتداء، القدرة على إحداث ثورة في كيفية مراقبة الأطباء للمرضى السريريين، وعلاج الحالات المرتبطة بخلل العصب اللاإرادي، ومع تقدم البحث، فإن الآثار المترتبة على تحسين نتائج المرضى، وتعزيز فهمنا للجهاز العصبي، ستكون هائلة.

وحسب ما ورد في دورية “نيتشر كومينكيشن”، صمم الباحثون مجموعة أقطاب مرنة، ومتكاملة مع مادة لاصقة للكشف عن النشاط العصبي، العميق في نموذج سريري مصاب بالتهاب مفرط.

في العادة يقوم الأطباء داخل غرف العناية المركزة، بزرع مجموعة من الأقطاب الدقيقة جراحياً لتنشيط العصب المبهم، غير أن الجهاز الجديد يستخدم تقنية قوية تسمى “التصوير المغناطيسي العصبي”، للكشف بدقة أكبر عن إطلاق الأعصاب العنقية بشكل غير جراحي في الوقت الحقيقي.

التهاب عدوى الدم

يكتشف الجهاز المجالات المغناطيسية الناشئة عن النشاط في العصب المبهم، والعصب السباتي، والتي “تنبض” لتحذير الجهاز العصبي اللاإرادي من التهديد.

واختبر الباحثون الجهاز على تسعة أشخاص بالغين، إذ تم سحب دم المرضى واختبار بلازما الدم لديهم؛ لمعرفة مستويات أساسية من البروتينات المسببة للالتهابات، والتي تسمى “السيتوكينات”.

بعد ذلك، تم حقنهم بنوع من السكاريدات الدهنية لإحداث التهاب مفرط مؤقت، مما أدى إلى حالة التهابية مفرطة مؤقتة في الجسم تحاكي الالتهاب المرتبط بعدوى الدم.

وداخل غرفة محمية مغناطيسياً في مركز التصوير المغناطيسي للدماغ التابع لمعهد كوالكوم بجامعة كاليفورنيا في سان دييجو، وضع الباحثون أجهزة استشعار من جهازهم في نقاط العصب المبهم أسفل الأذن اليمنى، وفوق الشريان السباتي الأيمن، حيث يوجد كل من العصب المبهم، وعصب الجيب السباتي، وراقب الجهاز معدل ضربات القلب، والمجالات المغناطيسية الناشئة عن نشاط الأعصاب.

في غضون نصف ساعة من حقن المرضى، اكتشف الجهاز تغييرات في نشاط أعصابهم أسفل الأذن اليمنى، وأكد الباحثون ارتفاع نشاط الأعصاب وإطلاق البروتينات الالتهابية من خلال عينات الدم، كما سجلوا تغييرات في معدل ضربات القلب في جميع أنحاء الجسم، بالإضافة إلى وجود رابط ملحوظ بين إطلاق الأعصاب في كلا الموقعين.

ويعاني المرضى الذين يعانون من مستويات عالية من مؤشرات نخر الورم، لخطر أكبر للإصابة بـ”صدمة إنتانية”، وهي حالة مميتة، إذ تتجاوز الاستجابة الالتهابية للجسم الحد، وتسبب آثاراً مدمرة على مستوى النظام يمكن أن تؤدي في النهاية إلى الوفاة.

وفي حالة “الإنتان”، تكون كل دقيقة لها أهميتها والعلاجات المبكرة تنقذ الأرواح، ويقول الباحثون إن الكشف المبكر عن الإنتان يعد أمراً بالغ الأهمية، فكل ساعة لا يتم فيها علاج الإنتان، تزيد احتمالية الوفاة بنسبة تصل إلى 7%.

ويمكن للتقنية أن توفر للأطباء علامة تحذير مبكرة للاستجابة المناعية المفرطة، أو الشلل المناعي في الإنتان، ويمكن للأطباء بعد ذلك تقديم العلاج الصحيح في أسرع وقت ممكن.

وفي العادة؛ يظهر بعض المرضى أعراض أعلى في وجود بروتينات التهابية وآثاراً جانبية أقوى، بينما كانت أعراض الآخرين أقل، وباستخدام هذه التقنية، قد يتمكن الأطباء من تحديد مجموعات فرعية من المرضى المعرضين لخطر أعلى من الاستجابة المناعية المفرطة، والشلل المناعي، وكلاهما يساهم في المضاعفات، والوفيات المرتبطة بالإنتان.

ويمكن أيضاً استخدام الجهاز لتحديد ما إذا كانت العلاجات تقلل الالتهاب في الجسم، ولفهم الجهاز العصبي، والالتهاب، بشكل أفضل لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، وحالات الصحة العقلية الأخرى، علاوة على تخصيص جرعة العلاجات التي تستهدف الجهاز العصبي للمرضى.

ويمثل تطوير جهاز قابل للارتداء، وغير جراحي لقياس نشاط العصب العنقي، لحظة فارقة في علم الأعصاب السريري؛ فمن خلال تمكين الدراسة التفصيلية لتصوير الأعصاب اللاإرادي، تمهد هذه التكنولوجيا الطريق لعلاجات مبتكرة، وتحسين إدارة الحالات الصحية الحرجة.

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :asharq.com بتاريخ:2024-07-28 22:52:32
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من Beiruttime اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading