اشترك في :

قناة واتس اب
صحافة

ازدواجية المعايير الغربية وتأثيراتها الأمنية في غرب آسيا

تُشكل مواجهة دول محور المقاومة محورًا رئيسيًا في الدراسات الغربية والصهيونية، حيث تركز الدراسات على تكامل الأدوات السياسية والعسكرية والاقتصادية لتحقيق احتواء فعّال لطموحات النظام الإيراني وحلفائه من الدول. وفقًا للخبراء الغربيين، يتمسك النظام الإيراني بأيديولوجية ثورية “تهدد الأمن والاستقرار العالميين”، مما يجعل التفاوض معه أمرًا غير مجدٍ. ومن هذا المنطلق، يوصي الخبراء بالاستمرار في الحصار وفرض عقوبات مشددة، وبتكثيف الضغوط الاقتصادية والسياسية على إيران ودول محور المقاومة ككل، وذلك مع إبقاء الخيار العسكري كأداة ضغط حاسمة في حال فشل المسارات الدبلوماسية. كما يشير بعضهم إلى أهمية دعم الشعب الإيراني عبر مساندة المعارضة الإيرانية وحركات التغيير الداخلي والإصلاح، بالتزامن مع تعزيز الوعي الدولي بأيديولوجية النظام الساعية لنشر الثورة عالميًا.

التصدي للوجود الإقليمي الإيراني

تتنامى المخاوف الإقليمية والدولية بشأن الوجود الإيراني المتزايد في منطقة غربي آسيا، والذي يتم ترسيخه عبر مجموعات في دول محور المقاومة. ومن بين أبرز هؤلاء “حزب الله” في لبنان، الذي يمثل محورًا رئيسيًا بين هذه الدول، وذلك بسبب تواجده على خط التماس وتشكيله خطرًا وجوديًا على الكيان المؤقت.

ويمكن ملاحظة ربط الدراسات الغربية والصهيونية بشكل مباشر بين الوجود الإيراني الإقليمي وحزب الله في لبنان، حيث يعتبرون الأخير درة التاج والمحور الأساس في أي تحرك إيراني بالمنطقة، وبالتالي لا نرى فصلًا في الدراسات بين حزب الله وإيران في الإقليم، وتتبلور توصيات الدراسات باعتبارهما هيكلًا واحدًا.

تطبيق قرارات مجلس الأمن: الإطار الدولي للتصدي

يرى المحللون السياسيون ضرورة تطبيق صارم لقرارات مجلس الأمن، لا سيما القرارين 1559 و1701.

القرار 1559: ينص على ضرورة تفكيك جميع “الميليشيات غير الشرعية” في لبنان، بما في ذلك نزع سلاح حزب الله، وتأكيد سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها.

القرار 1701: جاء بعد حرب تموز2006 ويهدف إلى تعزيز وقف الأعمال العدائية وضمان انسحاب حزب الله من جنوب الليطاني، مع تعزيز دور قوات اليونيفيل في مراقبة تنفيذ هذه القرارات.

يعتقد الخبراء أن تطبيق هذه القرارات من شأنه تقليص النفوذ العسكري لحزب الله جنوب الليطاني ومنع تحويل هذه المنطقة إلى نقطة انطلاق لأي أنشطة تهدد الأمن الإقليمي، خاصة على الحدود مع الكيان المؤقت.

قطع الإمدادات الإيرانية: مراقبة نشاط حزب الله

يشدد الخبراء على أهمية رصد أنشطة حزب الله، حيث يلعب دورًا عسكريًا محوريًا بدعم من إيران. ويُعد الجسر البري الإيراني – الذي يمتد عبر العراق وسوريا وصولًا إلى لبنان – القناة الرئيسية للإمدادات العسكرية واللوجستية التي تصل إلى حزب الله. لذا، يعرض الخبراء مسألة دعم التعاون الاستخباراتي الدولي لرصد هذه الإمدادات وقطعها عبر استخدام تقنيات المراقبة الجوية والأرضية. ودوليًا، يشددون على أهمية فرض عقوبات مشددة على الجهات التي تسهّل مرور هذه الإمدادات، سواء من دول أو أفراد.

مواجهة التحديات الأمنية في لبنان

تتفق الدراسات الغربية والصهيونية على أهمية إعادة هيكلة الجيش اللبناني ليصبح القوة الوطنية الوحيدة القادرة على فرض سيادة الدولة، وحماية حدودها، والتصدي لأي تهديد أمني. ويرى هؤلاء الخبراء أن هذا التوجه يعكس الحاجة الماسة لتعزيز قدرات الجيش ليتمكن من ملء الفراغ الذي تتركه “الجماعات المسلحة”، لا سيما حزب الله، الذي يمثل حضورًا كبيرًا على الساحة اللبنانية.

التطوير الداخلي: خطوات لبناء جيش قوي

يطرح المحللون السياسيون والعسكريون نهجًا متعدد الأبعاد لتعزيز قدرات الجيش اللبناني:

  • تحسين التجهيزات العسكرية: تحديث المعدات والأسلحة بما يتناسب مع تحديات العصر، خاصة تلك المتعلقة بمراقبة الحدود ومكافحة التهديدات الداخلية والخارجية.
  • التدريب المكثّف: توفير تدريبات عالية الجودة للقوات المسلحة، مع التركيز على الوحدات المنتشرة في المناطق الحساسة مثل الحدود الجنوبية حيث ينشط حزب الله، وفي المناطق الحدودية مع سوريا التي تشهد تهريبًا للأسلحة.
  • دعم البنية التحتية العسكرية: بناء قواعد عسكرية حديثة مزودة بتكنولوجيا متطورة تتيح مراقبة التحركات غير الشرعية وتعزيز العمليات الميدانية.

المساعدات الدولية المشروطة: دعم بشروط واضحة

تشدد الدراسات الغربية على أهمية أن تكون المساعدات العسكرية الدولية المقدمة إلى لبنان محكومة بشروط صارمة تضمن تحقيق أهداف محددة تتعلق بإعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز سيادتها. ومن أبرز هذه الشروط، التزام الحكومة اللبنانية باتخاذ إجراءات حاسمة لتفكيك البنية التحتية العسكرية لحزب الله، التي تشمل أسلحته الثقيلة وترسانته الصاروخية غير المشروعة التي تعتبر مصدر تهديد للأمن الإقليمي والدولي.

كما تؤكد توصيات الخبراء والمحللين أن أي دعم مالي أو تقني يجب أن يكون جزءًا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز قدرات الجيش اللبناني كمؤسسة وطنية وحيدة مسؤولة عن الدفاع عن لبنان. وتشمل هذه الاستراتيجية خططًا واضحة للإصلاح العسكري، من خلال تحديث المعدات العسكرية، وتوفير تدريبات متقدمة للقوات، وتعزيز قدرة الجيش على مراقبة الحدود ومنع الأنشطة غير القانونية.

التعاون الدولي: منع إعادة تسليح حزب الله

تُعد مسألة منع حزب الله من إعادة تسليح نفسه محورًا أساسيًا في الجهود الدولية الهادفة إلى تقليص وجوده المتزايد. لتحقيق هذا الهدف، يوصي الخبراء بتطبيق عدة استراتيجيات، منها تعزيز الرقابة على الحدود اللبنانية-السورية، التي كانت تُعتبر معبرًا رئيسيًا لتمرير الأسلحة إلى الحزب وذلك قبل سقوط النظام السوري، أما الآن فتنطبق على أي جهة أو دولة تحاول أن تكون جسرًا يوصل المساعدات إلى الحزب. ويشمل ذلك نشر تقنيات مراقبة متطورة، مثل الطائرات بدون طيار وأنظمة الرصد الإلكتروني، بالإضافة إلى فرض عقوبات دولية صارمة على الأفراد والجماعات المتورطة في توصيل الأسلحة أو تسهيل وصولها إلى الحزب. كما يؤكد الخبراء على ضرورة تعزيز فعالية قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) عبر توسيع صلاحياتها لمنع الأنشطة “غير القانونية” المرتبطة بتسليح الحزب، مع تعزيز التنسيق مع الجيش اللبناني لتطبيق قرارات مجلس الأمن وضمان مراقبة فعالة على الأرض.

الممارسات الفعلية تُقيّد حصول لبنان على أسلحة نوعية

تشير الوقائع إلى وجود تناقض واضح في مواقف الولايات المتحدة والدول الغربية تجاه دعم الجيش اللبناني. فعلى الرغم من التوصيات المتكررة والتصريحات المعلنة التي تؤكد الالتزام بتسليح الجيش اللبناني وتعزيز قدراته، إلا أن الممارسات الفعلية تعكس سياسات تُقيّد حصول لبنان على أسلحة نوعية تُمكّن جيشه من تشكيل قوة رادعة حقيقية. يُعزى ذلك إلى مخاوف هذه الدول من أن يتحول الجيش اللبناني إلى قوة تهدد مصالحها الإقليمية، أو أن يستخدم هذه الأسلحة في صراعات قد تؤثر على أمن الكيان المؤقت أو تخل بالتوازنات الإقليمية التي تسعى هذه الدول إلى الحفاظ عليها. في المقابل، تُركّز المساعدات العسكرية الغربية على توفير تجهيزات ومعدات ذات طابع دفاعي أو تقني محدود، مما يُبقي الجيش اللبناني في إطار قوة غير قادرة على مواجهة تحديات كبرى، ويُظهر التدخل الغربي كوسيلة لإبقاء لبنان في دائرة النفوذ دون تمكينه فعليًا من تحقيق استقلالية عسكرية حقيقية.

الملف الفلسطيني: إصلاحات ومرحلة انتقالية

تشير الدراسات إلى أن تحقيق الاستقرار في قطاع غزة يتطلب إدارة انتقالية مؤقتة تحت إشراف دول عربية ودولية، وذلك كخطوة تمهيدية لعودة السلطة الفلسطينية إلى المنطقة. هذه الإدارة الانتقالية تهدف إلى ملء الفراغ السياسي والأمني الذي نشأ نتيجة للانقسام الداخلي بين السلطة الفلسطينية وحركة “حماس”، والتي تسيطر على غزة منذ عام 2007. ويرى الخبراء أنه من خلال هذا الإشراف الدولي والعربي، يمكن ضمان استقرار الوضع وتفادي تدهور الأوضاع الأمنية أو السياسية بشكل قد يُعزز من قدرة “حماس” على التمركز والسيطرة على القطاع مرة أخرى.

في هذا السياق، يطرح المحللون أهمية إصلاح السلطة الفلسطينية لتعزيز قدرتها على إدارة القطاع بشكل فعّال، مما يُعتبر أمر ضروري لضمان عودة السلطة إلى غزة. ويشمل الإصلاح، وفقًا لتوصيات الخبراء السياسيين، تحسين هياكل الحكومة الفلسطينية، وتعزيز المؤسسات الأمنية، ورفع كفاءة النظام الإداري. بالإضافة إلى أن يتم التركيز على إرساء دولة قانون قادرة على محاربة الفساد وتعزيز سيادة القانون، لضمان أن السلطة الفلسطينية قادرة على أداء مهامها بشكل حقيقي وفعال في مواجهة التحديات.

من جهة أخرى، يحذر الخبراء من خطورة ترك فراغ أمني في غزة، حيث قد يؤدي ذلك إلى تعزيز “نفوذ حماس” مجددًا، وهو ما قد يفاقم الوضع الأمني والسياسي. لذا، يروا أنه من الضروري العمل على تجنب أي انهيار محتمل في النظام الأمني في غزة، لضمان عدم عودة حركة حماس إلى سدة الحكم في ظل غياب السلطة الفلسطينية.

أما فيما يتعلق بالحلول السياسية، أكدت الدراسات على أهمية تحديد أهداف سياسية محدودة وقابلة للتحقيق، لتجنب المزيد من التعقيد الذي قد يؤثر سلبًا على “فرص السلام” في المنطقة. حيث يتم التركيز بشكل خاص على دور الولايات المتحدة كلاعب رئيسي في العملية السياسية في منطقة غرب آسيا، حيث يُعتبر وجودها ضروريًا لدعم استقرار السلطة الفلسطينية وتعزيز موقفها في مواجهة التحديات. إضافة إلى ذلك، يتم التأكيد على ضرورة إشراك فرنسا ودول الخليج في مراقبة تنفيذ الاتفاقيات التي قد يتم التوصل إليها بين الأطراف الفلسطينية، وذلك لضمان الالتزام الصارم بتطبيق هذه الاتفاقيات، خاصة في جوانب الأمن والسياسة، وللتأكد من عدم السماح بتفاقم التوترات مجددًا.

منظور مختلف: حق الكيان المؤقت في الدفاع

يستمر الكيان المؤقت في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني تحت غطاء دعم الولايات المتحدة، التي تمنحه الحق في “الدفاع عن نفسه” على الرغم من المجازر والانتهاكات المستمرة التي يرتكبها بحق المدنيين الفلسطينيين. هذا الموقف الأمريكي، الذي يتناقض مع النداءات المتكررة من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، يساهم في تعزيز حالة الإفلات من العقاب لهذا الكيان، مما يفاقم معاناة الشعب الفلسطيني ويعزز الاحتلال في الأراضي الفلسطينية. على الرغم من التقارير الدولية التي توثق الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، تبقى الولايات المتحدة وحلفاؤها من الدول الأوروبية والعربية وفيّة في تقديم الدعم العسكري والمالي للكيان المؤقت، مبررة ذلك بحقه في الدفاع عن نفسه ضد ما تصفه بالتهديدات الأمنية. هذا الدعم يأتي في وقت تتعرض فيه المدن الفلسطينية للقصف، وتستمر المستوطنات في التوسع، ويُحرم الفلسطينيون من حقوقهم الأساسية في أرضهم. بينما يدين المجتمع الدولي هذه الانتهاكات بشكل مستمر، يبقى تأثيره ضعيفًا أمام القوة السياسية والاقتصادية التي تتيحها الولايات المتحدة للكيان، مما يعكس ازدواجية المعايير في التعامل مع حقوق الإنسان في منطقة غرب آسيا على وجه الخصوص.

استراتيجية شاملة لمواجهة التحديات الأمنية في سوريا

في إطار الاستجابة للتحديات الأمنية المستمرة في سوريا، يصف المحللون السياسيون والعسكريون في مراكز الدراسات الغربية إلى الحاجة إلى تنفيذ استراتيجية شاملة متعددة الجوانب لمواجهة الأوضاع المعقدة على الأرض. أولى هذه الجوانب تتمثل في تقوية الدفاعات حول مراكز الاحتجاز التي تديرها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وهي جزء أساسي من الجهود الدولية لمكافحة تنظيم داعش “الدولة الإسلامية” (هيئة تحرير الشام). حيث تتمثل أهمية هذه المراكز في احتجاز العديد من عناصر التنظيم، مما يجعلها أهدافًا محتملة للتهديدات والهجمات سواء من قبل التنظيم نفسه أو من قبل أطراف أخرى، مما يتطلب تأمين هذه المنشآت بشكل فعال. ويوصي الخبراء بتوفير الموارد اللازمة لإدارة هذه المرافق بشكل مستدام، لضمان استمرار قدرتها على تأدية مهامها في احتجاز المشتبه بهم وتقديم خدمات الرقابة المناسبة.

يتمثل جانب آخر من الاستراتيجية بإيجاد حلول مستدامة لقضية المحتجزين، حيث تبرز قضية الفارين من تنظيم “الدولة الإسلامية” الذين لا يزالون يشكلون تهديدًا أمنيًا في سوريا وفي الدول المجاورة. وتشير الدراسات إلى أهمية التوصل إلى آلية إعادة هؤلاء الفارين إلى دولهم الأصلية بشكل رسمي، ضمن عمليات قانونية تضمن محاكمتهم بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وهو ما يمكن أن يسهم في تقليص المخاطر المرتبطة بهم.

كما يشير الخبراء إلى ضرورة ممارسة ضغط دبلوماسي على الدول المعنية لتحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها الذين ارتبطوا بتنظيم “الدولة الإسلامية”. وإلزام هذه الدول على إعادة مواطنيها الذين انضموا إلى التنظيم أو شاركوا في أنشطته، وأن تُعنى بتقديم المحاكمات المناسبة لهم بما يتماشى مع القوانين الدولية. في هذا السياق، يُعتبر التنسيق بين الدول ضرورة أساسية لتحديد من المسؤول عن متابعة أفراد التنظيم بعد عودتهم إلى بلادهم، وبالتالي الحد من التهديدات المستقبلية التي قد تنشأ نتيجة لعودتهم إلى الأنشطة الإرهابية.

تعتبر الإجراءات الاستباقية أحد الركائز الأساسية لمنع عودة التنظيم إلى الأراضي السورية. وتدعو الدراسات إلى تكثيف العمليات الأمنية الاستباقية التي تشمل تنسيق الجهود بين القوات المحلية والدولية، بهدف القضاء على أي خلايا نائمة أو محاولات تجنيد جديدة قد يقوم بها التنظيم داخل الأراضي السورية. ويشمل ذلك العمل على تعزيز التنسيق مع الشركاء الدوليين، مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وكذلك استثمار العلاقات مع الناشطين المحليين في مناطق مثل درعا والقنيطرة، حيث يمكن تقديم الدعم لهم في مواجهة تهديدات التنظيم وتعزيز الأمن المحلي.

في المجمل، تُركّز الاستراتيجية على مكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية” بشكل شامل، من خلال مزيج من التدابير الأمنية والتعاون الدولي، مع ضمان احترام حقوق المحتجزين والعمل على إيجاد حلول دائمة لقضية المقاتلين الأجانب وأسرهم في سوريا.

الهيمنة الأمريكية والغربية: بيئة مواتية لعودة الخلايا الإرهابية

إن استمرار التدخل الأمريكي في شؤون الدول في منطقة غرب آسيا -سوريا على وجه الخصوص-، بما في ذلك فرض العقوبات الاقتصادية والتدابير السياسية التي تؤدي إلى عزل الأنظمة دوليًا، تُنشئ بيئة مواتية لنمو جماعات مثل الجماعات الإرهابية. إن التدخل الأمريكي، الذي يشمل الدعم المباشر للمجموعات المسلحة المعارضة للنظام، عزز حالة الانقسام والصراع المستمر في سوريا، مما أعاق جهود الاستقرار ومنح فرصًا أكبر لخلايا تنظيم الدولة الإسلامية وغيرها من التنظيمات المتشددة لإعادة تجميع صفوفها في مناطق غير خاضعة للرقابة الحكومية أو العسكرية وساعد في إضعاف النظام وسقوطه. كما ساهمت العقوبات المفروضة على سوريا في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مما زاد من الاستياء الشعبي وخلق بيئة خصبة لتجنيد عناصر جديدة لصالح هذه التنظيمات الإرهابية، والتي استغلت الفوضى لفرض سلطتها في المناطق المتنازع عليها. في ظل هذه الظروف، يبقى تأثير التسلط الأمريكي وفرض العقوبات عاملاً رئيسيًا في دفع البلاد نحو المزيد من عدم الاستقرار، مما ساهم في إعادة إحياء التهديدات الإرهابية التي طالما شكلت مصدر قلق للدول المجاورة وللمجتمع الدولي.

التناقضات السياسية لخدمة الأهداف الاستراتيجية

على الرغم من الجهود الدولية المعلنة لحل النزاعات الإقليمية وتحقيق الاستقرار في منطقة غرب آسيا، إلا أن تأثير السياسات الأمريكية والغربية يبقى مصدرًا رئيسيًا لزعزعة الاستقرار في هذه المنطقة. فالعقوبات المفروضة على دول مثل سوريا ولبنان، إلى جانب التدخلات السياسية والعسكرية المستمرة في هذه البلدان، قد ساهمت بشكل كبير في إضعاف الأنظمة القائمة، مما أتاح الفرصة لظهور خلايا إرهابية وتوسيع نفوذ التنظيمات المتطرفة مثل تنظيم “الدولة الإسلامية”. كما أسهمت هذه السياسات في تهديد استقرار الدول المجاورة من خلال تعميق الانقسامات الداخلية وتأجيج الأزمات السياسية والاجتماعية.

فيما يتعلق بالكيان المؤقت، إن استمرار الدعم العسكري والسياسي الذي يتلقاه من الولايات المتحدة والدول الغربية قد عزز دوره التخريبي في المنطقة. هذا الدعم الذي ساهم بشكل كبير في استمرار الممارسات العدوانية للكيان ضد الشعب الفلسطيني منذ بداية احتلاله وحتى الحرب الأخيرة-طوفان الأقصى- والتي طالت الشعب اللبناني ودول المنطقة التي ساندت الشعب الفلسطيني وحقه في الدفاع عن أرضه. إن الاستعمار الاستيطاني ليس فقط اعتداءً على حقوق الفلسطينيين، بل هو أساس في تفاقم الصراع العربي-الإسرائيلي ويديم حالة من التوتر والعنف في المنطقة.

تلعب الدراسات الغربية، من خلال الخبراء والمحللين وتوصياتهم، دورًا رئيسيًا في صناعة القرار الأمريكي والغربي، إذ يعد تأثيرهم على السياسات الدولية أمرًا بالغ الأهمية. ويتمتع هؤلاء الخبراء بموقع مؤثر في تقديم استشارات وتحليلات تتعلق بالتحولات الجيوسياسية، وتوجيه التوجهات الاستراتيجية التي تعتمد عليها الحكومات الغربية. من خلال أبحاثهم وطروحاتهم، يساهم هؤلاء في تشكيل الرأي العام، بل وفي توجيه بعض السياسات للدول الغربية عبر تقديم رؤى وأطر تحليلية تؤثر في اتخاذ القرارات. وفي بعض الأحيان، تكون هذه التحليلات بمثابة أداة لتبرير السياسات التي قد تكون مثيرة للجدل، مثل الدعم المستمر لبعض الحكومات أو الكيانات السياسية في منطقة غربي آسيا.

إن استمرار هذه السياسات يعكس ازدواجية المعايير في تعامل الغرب مع قضايا حقوق الإنسان في منطقة غرب آسيا. ففي الوقت الذي يدعي فيه الغرب دعمه للديمقراطية وحقوق الإنسان، يتجاهل انتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني، ويغض الطرف عن الإجراءات القمعية التي تتبعها بعض الحكومات في المنطقة ضد شعوبها. هذا التناقض يزيد من تعقيد الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة، حيث تتسبب هذه السياسات في تأجيج الأزمات وخلق بيئة خصبة للصراعات المستمرة. وفي الوقت الذي تسعى فيه القوى الكبرى لتحقيق مصالحها الجيوسياسية في المنطقة، تجد الدول العربية المجاورة والشعب الفلسطيني أنفسهم في مواجهة واقع مأساوي مليء بالاحتلال. هذه الأوضاع تعكس حالة من الاستغلال والتخلي عن القيم الإنسانية في مسعى لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، مما يزيد من تعقيد الأزمات المستمرة ويطيل أمد النزاعات.

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :alkhanadeq.org.lb
بتاريخ:
الكاتب:
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى