اسرائيل هي دولة عنصرية وعديمة الرحمة، فما هو مبرر وجودها؟

هآرتس – ميخائيل سفارد – 16/2/2025 اسرائيل هي دولة عنصرية وعديمة الرحمة، فما هو مبرر وجودها؟
دولة اسرائيل آخذة في فقدان مبرر وجودها. في النظرة الديمقراطية والانسانية فان دولة اسرائيل ليست قيمة، الدولة هي أداة لتطبيق حقوق مواطنيها ورعاياها الذين يعيشون فيها. مثل المنظمة التعاونية، لا يوجد للدولة أي شيء لنفسها. كل ما هو لها هو لاعضائها، وكل قوتها تنبع منهم.
الدولة هي تنظيم سياسي يستهدف خدمة الناس، واذا لم تفعل ذلك، وبالتأكيد اذا زادت سوء وضعهم، فان مبرر وجودها ينعدم. توجد دول النظام فيها يعمل على تقويض هذا الهدف، دول تخدم الطبقة الحاكمة التي تقوم باستغلال من لا ينتمي اليها، ولا تهتم برفاهية رعاياها. هذه دول سيئة، مجرمة، مثل البنك الذي يسرق أموال زبائنه. لا يوجد أي مبرر لوجودها. أي مغازلة مع تصور مختلف للدولة، كقيمة بحد ذاتها وكيان هو هدف وليس وسيلة، هي مثل الرقص مع الفاشية الذي في البداية ربما يظهر ساذج، لكن نهايته هي اعتقال منتقدي النظام في معسكرات اعتقال.
إن مهمة الدولة التي تتفاخر بأنها ديمقراطية هي خلق بيئة قانونية، سياسية، أمنية، ثقافية واقتصادية تمكن مواطنيها ومن يعيشون فيها من تحقيق مؤهلاتهم وكتابة قصة حياتهم بشكل حر وبأكبر قدر من الاستقلالية ومحاولة الحصول على السعادة. هذه البيئة لا يمكن تحققها إلا على اساس ترسيخ الحرية والكرامة لجميع الناس والمساواة فيما بينهم.
لذلك، حقوق الانسان والديمقراطية مندمجة. فلا توجد ديمقراطية حقيقية بدون بنية نظامية في اساسها حماية الحقوق الاساسية لكل انسان هي من مسؤولية الدولة. ولا توجد أي حقوق للانسان بدون أن تكون البنية النظامية قائمة على قيم الديمقراطية، التي فيها مشرع منتخب وفصل بين السلطات وسيادة القانون على الحكام. هذا يعني ما يعلمونه لاولادنا من الصف الاول، لكن هذا ليس ما يحدث حولنا، وليس ما يعلمونه لاولادنا في المدارس.
المشروع الاسرائيلي تبجح باقامة ديمقراطية ليبرالية، لكن الآن هو بعيد عن هذا النموذج، وفي كل يوم يمر هو يبتعد أكثر في الاتجاه المعاكس. السمات السامية لجوهر الدولة مثلما تمت صياغتها في الثورة الفرنسية والثورة الامريكية من خلال دروس الحرب العالمية الثانية وتأسيس الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان، تم استبدالها بقيم ظلامية للكراهية والعنصرية واسكات الانتقاد وتركيز السلطة في يد الحكام. وأي تقييم صادق للوضع في اسرائيل الآن سيعجز عن ايجاد مبرر لوجود الدولة. تعالوا نلقي نظرة على بعض سمات دولتنا.
دولة اسرائيل 2025 تتم قيادتها على يد حكومة تهمل مواطنيها. هذا قالوه ألف مرة من قبل، لكن أنا أقوله حسب طريقتي: توجد لنا حكومة لم تمنع اختطاف مواطنين من الأسرة. وبعد سنة واربعة اشهر اصبح من الواضح أنهم جائعين ومتعبين ويتعرضون لتنكيل لا يمكن تخيله، فان الحكومة تعمل على افشال الصفقة لاطلاق سراحهم.
يمكن أن تكون هناك اسباب موضوعية لمعارضة صفقة بشروط معينة، لكن تفجير الصفقة الذي يحدث أمام ناظرينا لا ينبع من القلق على أمن اسرائيل، بل هو يستهدف خدمة احلام مسيحانية وكولونيالية لليمين الاصولي، وترسيخ بقاء رئيس الحكومة السياسي. كان يجب عليهم القول لنا بشكل صريح بأنه لا توجد أي نية للطرد والتوطين، لكنهم يقولون العكس. لذلك، طالما أن الامر يتعلق بحكومة اسرائيل فان المخطوفين الاحياء سيحكم عليهم بالموت من اجل تحقيق احلام سموتريتش، كي يكون نبوخذ نصر لسكان غزة، ونفيهم واقامة المستوطنات في القطاع.
المخطوفون سيواصلون المعاناة بسبب الجوع والتعذيب في الانفاق المظلمة من اجل أن يتمكن نتنياهو من مواصلة السكن في المقر الرسمي في شارع بلفور. يكفي هذا التخلي الذي لا يمكن تخيله من اجل التشكيك في المبرر الاساسي لوجود الدولة وهو حماية المواطنين والتكافل الاجتماعي الذي يضمن لكل مواطن الاهتمام به، وبالتأكيد في حالة التعرض للضرر على يد الاعداء.
النظام في اسرائيل 2025 يكم افواه الانتقاد. عندما حدثني والديّ عن حياتهما في بولندا الشيوعية، التي فيها قام النظام بالغاء العروض على أي منصة وحظر كتب ووضع في السجن من وجهوا الانتقاد اليه، شكرت حظي الجيد لأنني ولدت في دولة لا يحدث فيها كل ذلك. ها هو الآن هذا الامر يحدث. هذا حدث دائما للفلسطينيين، وراء الخط الاخضر وفي داخله. الآن هذا يحدث للجميع وبشكل كبير جدا.
ادارة مدرسة بتسور هداسا قامت بالغاء محاضرة للاديبة شاهم سميث، لأنها انتقدت بشدة القتال في غزة؛ الكنيست تدفع قدما بقانون سيحظر الاستخدام القانوني لمصطلح “الضفة الغربية” والزامنا بالقول “يهودا والسامرة”؛ في هذا الاسبوع الشرطة قامت باقتحام محل لبيع الكتب في شرقي القدس وقامت باعتقال اصحابه لأن الكتب الموجودة فيه غير صهيونية. هذا فقط في الفترة الاخيرة. المتظاهرون من اجل الديمقراطية ومن اجل المخطوفين ويعارضون الحرب يتم اعتقالهم كل يوم من قبل نفس الشرطة ونفس النيابة العامة التي تتجاهل كليا التحريض على جرائم الحرب وتنفيذ جرائم ضد الانسانية وحتى الابادة الجماعية، التي اصبحت مصطلحات سائدة في اسرائيل.
النظام في اسرائيل يكره خُمس مواطنيه. فهو يميز ضدهم ويطبق سياسة واساليب تستهدف ابعادهم عن مراكز القوة. كل سم مكعب من الهواء في اسرائيل يصرخ في أذنهم أنهم لا ينتمون لهذا المكان، وأنهم يوجدون هنا بشكل مشروط. بدءا بنزع الشرعية عن ممثليهم السياسيين ومرورا باللامبالاة بالضربات القاتلة في بلداتهم وانتهاء بقانون القومية. من كل انماط الهوية التي يمكن للانسان في اسرائيل أن يتمتع بها فان المؤشر الافضل على الطفل الذي يولد هناك سيكبر ويصبح مواطن مؤثر في أي مجال تختارونه له، ثقافي، اجتماعي وسياسي بالطبع، هو الانتماء الوطني. اليهود – نعم. العرب – ليس حقا.
دولتنا هي دولة عنصرية، تؤيد التطهير العرقي، تأكل من ينتقدونها وتكره غير اليهود في اوساط مواطنيها، وهي غير رحيمة مع أبنائها الذين تم اختطافهم بدون ذنب، هي بنك يسرق زبائنه، وبعد ذلك التحريض ضدهم. أي مبرر يوجد لوجودها؟.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-02-16 15:50:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>