صحة و بيئة

اكتشاف متغير جيني يحد من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية

في دراسة حديثة، اكتشف فريق دولي من الباحثين متغيرًا جينيًا جديدًا لدى الأشخاص من أصول أفريقية يبدو أنه يحد من تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية.

شارك في قيادة هذه الدراسة البروفيسور جاك فيلاي من EPFL وبول ماكلارين من وكالة الصحة العامة في المخبر الوطني لعلم الأحياء الدقيقة الكندي ومانجندر ساندو من جامعة Imperial college في لندن. نُشرت هذه الدراسة أيضًا في مجلة Nature.

نقلًا عن لسان البروفيسور جاك فيلاي: «أجرينا بحثًا عن المتغيرات الجينية البشرية المرتبطة بوجود مقاومة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، وحددنا منطقةً جديدةً في الجينوم تحتوي على متغيرات لدى الأشخاص ذوي الأصول الأفريقية فقط. لقد استخدمنا في بحثنا مجموعةً من الأساليب الحسابية والتجريبية لمعرفة الآلية البيولوجية وراء هذا الارتباط الجيني وإيجاد دليل على أن جين CHD1L يعمل على الحد من تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية في أحد أنواع الكريات البيضاء».

فيروس نقص المناعة البشرية يمثل مشكلةً حتى الآن:

على الرغم من التقدم الكبير في العلاج وتوفره، ما يزال فيروس نقص المناعة البشرية حتى الآن يشكل تحديًا صحيًا عالميًا. إذ يوجد ما يقارب 40 مليون فرد مصاب به، ولا يوجد لقاح أو علاج.

يهاجم الفيروس الخلايا المناعية -الخلايا التائية المساعدة والبلاعم والخلايا التغصنّية- مؤديًا إلى إتلاف قدرتها على تكوين استجابة مناعية. من دون علاج، يصبح المصاب أكثر عرضةً للإصابة بعدوى انتهازية وبالسرطان، ويمكن أن يصاب بمتلازمة نقص المناعة المكتسبة، المعروفة باسم الإيدز.

على الرغم من أن الإصابات السنوية بفيروس نقص المناعة البشرية أخذت في الانخفاض بفضل انتشار مضادات للفيروسات القهقرية، فإن هذا الانخفاض تباطأ كثيرًا منذ عام 2005، وهناك الآن زيادة مثيرة للقلق في عدد البالغين المصابين في بعض المناطق حديثًا.

فيروس نقص المناعة البشرية والدراسات على الجينوم البشري:

يشمل الطريق للعثور على علاج لهذا الفيروس إجراء دراسات حول العلاقة بين الجينوم البشري وتطور الإصابة به، فقد تكشف لنا عن أهداف علاجية محتملة.

تسمح دراسات الارتباط على مستوى الجينوم أو GWAS بتحليل كامل الجينوم لعدد كبير من الأفراد لتحديد المتغيرات الجينية المرتبطة بالنتائج السريرية، مثل قدرة بعض الأشخاص على الحد من تكاثر الفيروس طبيعيًا، من دون مداخلات علاجية.

لا تكفي دراسة القدرة على ضبط تكاثر الفيروس لدى السكان الأفارقة فقط:

تقاس درجة العدوى الفيروسية عبر ما يسمى (الحمل الفيروسي المحدد) للفيروس ويرمز لها بـ (spVL)، التي تشير إلى مرحلة مستقرة نسبيًا لتكاثره في الجسم بعد المرحلة الأولية الحادة من العدوى لدى الأفراد الذين لم يتلقّوا علاجًا.

تُعد spVL إحدى العوامل المحددة لتطور الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية وقابلية انتشاره، لأنها تعبر عن عدد الفيروسات لكل ملليلتر من البلازما. تختلف spVL بشكل كبير بين الأشخاص، اعتمادًا على قدرة الجهاز المناعي لكل فرد على ضبط تكاثر الفيروس من دون أدوية مضادة للفيروسات القهقرية.

على الرغم من وجود دراسات كبيرة حول ضبط مستوى spVL لدى السكان المنحدرين من أصل أوروبي، فلم تُجرَ الكثير منها على أشخاص ذوي أصول إفريقية، فهم ما يزالون غير ممثلين بشكل كافٍ في الدراسات الجينومية البشرية. وهذه مشكلة كبيرة نظرًا إلى الحمل غير المتساوي لفيروس نقص المناعة البشرية لدى الأشخاص في إفريقيا بالإضافة إلى التنوع الكبير في الجينوم لديهم، الذي تسمح دراسته بالمزيد من الاكتشافات الجينية.

جين رئيسي لمنع تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية لدى الأشخاص من أصل أفريقي:

لمعرفة هذا الجين، نفذ عدد كبير من العلماء دراسات GWAS على نطاق واسع باستخدام بيانات من مجموعات سكانية متنوعة من أصول أفريقية.

حلل العلماء الجينومات العائدة لـ 3879 فردًا مصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، وحددوا باستخدام التحليل الحسابي وتقنيات دقيقة لتحديد مواقع الجينات، منطقةً جديدةً في الجينوم ترتبط ارتباطًا قويًا مع القدرة على ضبط قيمة spVL.

وجد الباحثون 16 متغيرًا جينيًا، تجمعت حول جين موجود على الكروموسوم الأول ويسمى CHD1L، رمز للبروتين الذي يساعد الحمض النووي على الارتخاء، ما يسمح لآليات إصلاح الـ DNA في الخلية بالوصول إليه وإصلاحه عند تضرره.

في هذه الدراسة، أظهر جين CHD1L تغيرًا مميزًا لدى السكان من أصول أفريقية، وارتبط وجود هذا المتغير بالقدرة على ضبط النوع الأكثر شيوعًا وفتكًا من فيروس نقص المناعة البشرية، الذي يسمى فيروس نقص المناعة البشرية-1.

بعد اعتبار CHD1L معدِّلًا محتملًا لعدوى فيروس نقص المناعة البشرية-1، درس الباحثون الآلية البيولوجية وراء هذا الارتباط الجيني ووجدوا أن CHD1L يحد من تكاثر الفيروس في مجموعة من كريات الدم البيضاء تدعى البلاعم؛ وهي مستودع معروف لفيروس نقص المناعة البشرية -1.

مع ذلك، لم يكن هناك أي تأثير على الخلايا التائية، التي تعد نوعًا آخر من الخلايا المناعية يتكاثر فيها فيروس نقص المناعة البشرية عادةً.

على الرغم من هذا الاكتشاف الواعد، يدرك الباحثون جيدًا أن المقاومة الجينية لفيروس نقص المناعة البشرية غالبًا ما تنطوي على تفاعل معقد بين اثنين أو أكثر من المتغيرات الجينية، وليس مجرد ميزة استثنائية واحدة. وما يزال من غير الواضح أيضًا ما مدى مساهمة الجينات في الاختلاف الملحوظ بين حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.

بالإضافة إلى ذلك، تؤثر عوامل متعلقة بالأنظمة الاجتماعية، مثل عدم المساواة العرقية وتوفر العلاج، على المجموعات التي من المحتمل أن تصاب بفيروس نقص المناعة البشرية أو على مدى سرعة تطور الإصابة به إلى الإيدز أو ما إذا كان من الممكن ضبط الفيروس بمستويات أقل من تلك اللازمة لانتشاره إلى أشخاص آخرين.

يقول جاك فيلاي: «توفر النتائج التي توصلنا إليها نظرةً على الأهداف العلاجية المحتملة والمطلوبة لمواصلة الحرب ضد فيروس نقص المناعة البشرية -1. بالإضافة إلى ذلك، تؤكد نتائجنا على أهمية إجراء الدراسات الجينومية على مجموعات سكانية متنوعة لتلبية احتياجاتهم الطبية المحددة بشكل أفضل، وتجنب عدم المساواة الصحية العالمية».

اقرأ أيضًا:

من أين جاء فيروس الأيدز؟

لماذا يمتلك البعض مناعة طبيعية ضد فيروس نقص المناعة البشرية HIV؟

ترجمة: تيماء الخطيب

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصادر: 1 2

المصدر
الكاتب:تيماء الخطيب
الموقع : www.ibelieveinsci.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-12-06 22:29:44
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من بتوقيت بيروت اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading