اشترك في :

قناة واتس اب
صحافة

الإخوان المسلمون و طوفان الأقصى

العالم مقالات وتحليلات

التأسيس

حركة “الاخوان المسلمين” أسسها الشيخ حسن البنا في مصر في 22 اذار/ مارس 1928م عقب تخرجه من دار العلوم. انتشرت تعاليم البنا إلى ما هو أبعد من مصر، حيث أثرت اليوم على مجموعة متنوعة من الحركات الإسلامية من المنظمات الخيرية والدعوية إلى الأحزاب السياسية، وليس جميعها تستخدم نفس الاسم. بدأت كحركة دينية واجتماعية، دعت إلى الإسلام في مصر، وعلمت الأميين، وأنشأت المساجد والمدارس الإسلامية والمستشفيات والشركات التجارية. تقدمت لاحقا إلى الساحة السياسية لإنهاء السيطرة الاستعمارية البريطانية على مصر. الهدف المعلن للجماعة حسب موقعها الرسمي هو إقامة دولة مدنية ديمقراطية ذات مرجعية إسلامية وتحكم بالشريعة الإسلامية. الجماعة ممتدة إلى دول إسلامية أخرى، وتوجد في مصر واحدة من أقدم تنظيماتها، على الرغم من سلسلة الحظر وحملات القمع الحكومية التي بدأت في عام 1948م حتى اليوم، مع اتهامات بالتخطيط لاغتيالات ومؤامرات لقلب نظام الحكم. كما تلقت الجماعة دعما من المملكة العربية السعودية التي تشاركت معها أعداء مشتركين مثل الشيوعية والقومية العربية. ظلت مجموعة هامشية في السياسة في العالم العربي حتى نكسة حزيران 1967، وظهرت كخيار بديل للقومية العربية العلمانية الشعبية.

الإخوان المسلمون والحرب على غزة

تبنى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ومعظم فروعه في الدول العربية، موقفا مؤيدا من معركة “طوفان الاقصى” ، ومساندا لها في مراحل الحرب الجارية، وتتعدد دوافع ذلك التأييد والانخراط، كاعتبارات كون حركة حماس أحد فروع الجماعة، وبحكم الدفعة التي منحتها حماس للجماعة بعد سنوات عديدة من الإخفاقات السياسية والأزمات الداخلية التي مرت بها. وقد أعلن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين تماهيه مع حماس، رغم حالة الانقسام بين جناحي انقرة، التي يحكمها الاخوان المسلمون تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، ولندن التي يقيم فيها العديد من القيادات الاخوانية المصرية بعد خروجهم من مصر، وبعد مرحلة من التمايز ما بين الجماعة وحركة حماس، خاصة تجاه الموقف من سوريا وحزب الله وإيران. الامر الذي سنتناول اسبابه في اخر التقرير.

إخوان مصر

في ظل نظام الاخوان في مصر، نظم “ائتلاف القوى الإسلامية والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح” في مصر في الخامس عشر من شهر حزيران عام 2013 مؤتمرا بعنوان “مؤتمر الأمة المصرية في دعم الثورة السورية”في الصالة المغطاة في استاد القاهرة الدولي، شارك فيه آلاف الحضور، ودعا فيه بعض الشيوخ الذين ألقوا كلمات إلى “الجهاد” في سورية، وليس في فلسطين.

وألقى الرئيس المصري السابق محمد مرسي كلمة في المؤتمر قال فيها إن مصر “قررت اليوم قطع العلاقات تماماً مع النظام الحالي في سوريا، وإغلاق سفارة النظام الحالي في مصر، وسحب القائم بالأعمال المصري” في دمشق، ورفع علم الثورة السورية في المؤتمر. ودعا لإنشاء منطقة حظر جوي في سورية، ووعد بالعمل على عقد مؤتمر قمة عاجل..لاتخاذ قرارات لصالح الشعب السوري.

مستشار الرئيس المصري صرح قبل يوم من خطابه: من يتوجه إلى سورية للجهاد لن نمنعه، وعندما يعود لن يخضع للمساءلة. بعد ان بنى اخوان مصر آمالا عراضا على إسقاط النظام في سورية.

كما شن مرسي هجوما عنيفا على حزب الله الذي يشارك في القتال في سوريا الى جانب قوات الرئيس السوري بشار الاسد، مؤكدا انه “لا مكان لحزب الله في سوريا”. واكد انه “لا مجال ولا مكان” للنظام السوري الحالي في سوريا مستقبلا، معتبرا ان هذا النظام ارتكب “جرائم ضد الانسانية”.

واكد ان مصر ترفض “التدخل في الشؤون الداخلية للدول” سواء أكان هذا التدخل من قبل “دول او ميليشيات”، قبل ان يضيف “اننا نقف ضد حزب الله”.

امام هذا الموقف المتشدد ازاء سوريا، جاء موقف مرسي من الكيان الاسرائيلي، متناقضا بالكامل، وذلك عندما ارسل رسالة، حملها السفير المصري الجديد حينذاك عاطف محمد سالم سيد الأهل ، إلى رئيس الكيان الاسرائيلي شمعون بيريز، حيث وصف فيها بيريز بعبارة “عزيزي وصديقي العظيم”!!.

اللافت ان السفير سيد الاهل ولدى تقديم أوراق اعتماده لبيريز قال إنه جاء برسالة سلام، وليؤكد أن مصر تعمل من أجل تعزيز الثقة والشفافية وملتزمة بكل الاتفاقات التي وقعتها مع “إسرائيل”. واضاف “إنه شرف كبير لي أن أكون هنا ويجب إعداد مستقبل من السلام للجيل الشاب، ونحن في قارب واحد يتجه نحو مستقبل آمن”.

إخوان الاردن

أصدر مجلس شورى الجماعة بيانا في 24 أكتوبر عبّر فيه عن “استيائه الشديد من الموقف العربي الرسمي، وضعفه الشديد”، و “ضرورة أن يرتقي الموقف الأردني، بخطوات ضرورية عاجلة، لحشد الموقف العربي، لوقف فوري للعدوان على المدنيين”، كما أصدر المكتب الإعلامي للجماعة بياناً في 25 أكتوبر دعا فيه الحكومة الأردنية لاستخدام كل ما لديها من أوراق ضغط، وهي بالنسبة للجماعة تتمثل في قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وطرد سفيرها من عمان، وإلغاء اتفاقية وادي عربة، وكافة الاتفاقيات الاقتصادية المتعلقة بملفات الغاز والماء الكهرباء. في نفس السياق وظّفت الجماعة قناتها الفضائية “اليرموك” لتغطية الحرب في غزة ضمن خطها المنسجم مع خطاب حماس. هذا النشاط الاخواني الاعلامي حصرا، غاب بالكامل عن مشهد اسناد حزب الله لغزة، وتجاهل بالكامل تضحيات الحزب وموقفه الاسلامي الاصيل من نصرة اهل غزة، فلم يسجل للاخوان المسلمين في الاردن موقفا مؤيدا او حتى ترحيبا لما قام به حزب الله من دعم لحماس منذ 8 أكتوبر، بل على العكس تماما لطالما سمعنا تصريحات ومواقف تتهجم على ايران وحزب الله وموقفهم من الازمة السورية.

وخلافا لما هو متوقع، قالت مصادر داخل الإخوان المسلمين إن الجماعة تراجعت عن نشر بيان نعت فيه شهيد الامة السيد حسن نصرالله وسحبته من وسائل التواصل الاجتماعي بعد ساعات.

اللافت ان التيارات اليسارية والقومية في الاردن هي التي رفعت صور الشهيد السيد حسن نصرالله في تظاهرات قبالة السفارة الإسرائيلية في عمان، وأقامت للشهيد نصرالله بيت عزاء داخل مقر حزب الوحدة الشعبية الذي يمثل هذه التيارات.

إخوان تركيا

يرى اغلب المراقبين ان تركيا تحت قيادة الاخوان، انتظرت 20 يوما دون ان تنبس ببنت شفه، بينما الغضب يلف الشعب التركي بسبب القصف الجوي الإسرائيلي العشوائي لغزة، ليعلن “ليس لدينا مشكلة مع إسرائيل، ولكننا لم ولن نوافق أبدا على الطريقة التي تتصرف بها كمنظمة وليس كدولة”. ومع تصاعد الهجمة الوحشية الاسرائيلية على غزة، ظل الدور التركي محصورا بالتنديد فقط، رغم ان المحكمة الجنائية الدولية اصدرت مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير حربه يواف غالانت، بينما بقيت العلاقات بين تركيا والكيان الاسرائيلي في مختلف المجالات على حالها ولم تتأثر ازاء ما يجري في غزة.

الاخوان المسلمون وانصارهم في تركيا كانوا يتوقعون من رئيسهم رجب طيب اردوغان، الذي رسم صورة له في قمة دافوس للمنتدى الاقتصادي العالمي، في 29 كانون الثاني (يناير) 2009، كنصير للقضية االفلسطينية، عندما قاطع خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز قبل أن يغادر المنصة. وحينها تحول الى أيقونة التأييد للفلسطينيين، ليس فقط في العالم العربي والإسلامي فحسب، بل أيضاً في تركيا، حيث استقبل استقبال الأبطال.

مع امتداد الاضطرابات إلى سوريا المجاورة، أكثر الدول العربية دعما للقضية الفلسطينية، فوجئ كثيرون بموقف أردوغان الداعي إلى “تغيير النظام”، خصوصاً في ظل العلاقات القوية التي كانت تربط دمشق بأنقرة واعتماد الحكومة التركية سياسة «صفر مشكلات» مع جيرانها.

في نهاية المطاف، وصلت رومانسية العرب بأردوغان إلى نهاية صادمة عندما وجه اتهاماً طائفيا مذهلا، واصفا حكم الرئيس السوري بشار الأسد بأنه “ديكتاتور نصيري” (وهو مصطلح مهين لأتباع الطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد) مدينا ما وصفه بإضطهاد الأغلبية السنية من السكان.

شهد حجم التجارة التركية – “الإسرائيلية” على مدى العقدين الماضيين زيادة مذهلة بنسبة 532%، ليصل إلى 8.91 مليار دولار عام 2022. في اللقاء الأول منذ تحسن العلاقات بين اردوغان ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، جرى البحث في إمكان استخدام “إسرائيل” لتركيا كمركز لعبور الطاقة إلى أوروبا.

بعد عملية “طوفان الأقصى” اصدرت وزارة الخارجية التركية في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، بيانا حثت فيه على ضبط النفس وأدانت بشدة الخسائر في أرواح المدنيين!، وشددت على أن أعمال العنف ستكون ضارة، داعية إلى تجنب الأعمال المتهورة ووضع حد لاستخدام القوة وإلى العودة إلى حل الدولتين.

كذلك أبدت تركيا استعدادها للمساهمة في جهود الوساطة. وكانت هذه النغمة المدروسة غير عادية بالنظر إلى خطاب أردوغان الحازم عادة. إذ كان الرئيس التركي حينها يستعد لاستضافة نتنياهو ويخطط لزيارة إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى.

وبطبيعة الحال، تثير أنقرة هذه القضية على كل المستويات. ويجري أردوغان مكالمات هاتفية دبلوماسية بينما طرح وزير الخارجية حقان فيدان اقتراحا من شأنه أن يجعل تركيا، بطريقة أو بأخرى، في موقع “الضامن” لحماس.

لكن، رغم كل هذه اللفتات، بقيت لهجة أنقرة ساكنة إلى حد ما؛ وكل ما أمكنها فعله كان إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام. ولعل كلام فيدان يلخص الموقف، إذ قال: “أتمنى الصبر لسكان غزة. أريدهم أن يعرفوا أننا نبذل كل ما في وسعنا. إن شاء الله، ستمر هذه الأيام. وستواصل تركيا الوقوف إلى جانبهم. نحن نرى هذا الألم والحزن بمثابة ألمنا وحزننا. وهم ليسوا وحدهم”.

وعلى عكس المرات السابقة، لا تبدو تركيا وارودغان منخرطين في النقاش الحالي. ويرمز تغييب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنقرة عن دبلوماسيته المكوكية الأخيرة في المنطقة إلى هذا التحول.

يرى الخبراء ان تورط أردوغان في سوريا، أدى إلى تراجع موقف تركيا الداعم تاريخياً لكل من فتح وحماس في النضال الفلسطيني. أردوغان، الذي كان معروفاً بمعارضته الصريحة لـ”إسرائيل”، أصبح الآن في وضع “وسيط السلام”. وهناك العديد من العوامل الجيوسياسية والسياسية والاقتصادية تكمن وراء هذا التحول.

النتيجة

بات واضحا، انه ليس هناك تباين صارخ في مواقف جماعة الاخوان المسلمين في مصر والاردن وتركيا وسوريا، ازاء ما جرى ويجري في غزة، بل وحتى المنطقة، والسبب يعود في ذلك ان “جماعات” الاخوان المسلمين المعاصرة اليوم، تتمايز عن “جماعات ” الاخوان المسلمين سابقا، وهذا التمايز يكمن وللاسف في تسلل البعد الطائفي الى الخطاب الاسلامي والسياسي للجماعات، وهو تسلل اضعف البعد الاسلامي والعالمي والانساني للجماعات، التي كانت تزعم انها جامعة لكل مكونات المجتمعات الاسلامية، وهو زعم كان سببا في انتشار افكار الجماعة عالميا. ولهذا السبب بالذات لم نتناول موقف الاخوان المسلمين في سوريا ازاء ما يجري في غزة، فهو موقف يمكن وصفه بالغائب، لنفس السبب السابق, فمن الصعب جدا على الانسان، ناهيك عن الانسان المسلم، ان يعجز عن الترحم على ارفع قامة في التاريخ الاسلامي المعاصر، كشهيد الامة الاسلامية الاسمى السيد حسن نصرالله، ضحى بنفسه وبولده وبرجاله وقدم اضخم التضحيات، من اجل القضية الفلسطينية والقدس وغزة، و”حماس الاخوانية”، بسبب الطائفية المقيتة التي تكتمت على انفاسه. بل الادهى من ذلك نسمع ان هناك من يطالب ويدعو الى عدم الترحم عليه، انطلاقا من فيروس الطائفية الذي ينخر عقله ووجدانه. والامرّ من كل هذا وذاك رأينا ان هناك من يجد الف عذر للكيان الصهيوني المجرم الذي لا يخفي اطماعة بالاراضي العربية وخاصة الاردنية واللبنانية والمصرية والسعودية، بينما يعجز عن كتمان حقده الطائفي البغيض على ايران، التي تتعرض منذ اكثر من اربعة عقود لاقسى العقوبات والصغوط السياسية والااقتصادية والامنية والنفسية و..، من اجل القدس، التي ترفع الجماعات الاخوانية راية الدفاع عنها، ومن حقنا ان نسأل كيف يجتمع حب القدس وبغض ايران في قلب واحد؟!، فاذا كان دفاع ايران عن القدس على مدى اكثر من اربعة عقود والتضحيات التي قدمتها في هذا المجال، واذا كان استشهاد قمة شامخة كالسيد حسن نصرالله، لم يخففا من غلواء الطائفية في قلوب البعض، الذي يبغض حتى حماس التي تنتمي الى الاخوان، لانها مدعومة من ايران وحزب الله، فلا نعتقد ان هناك شيئا اخر في العالم يمكن ان يقضي على هذا الفيروس. وما يجري اليوم في سوريا، التي تستبيحها “اسرائيل” وكانها ارض بلا شعب، وسط تهليل وتصفيق من يدعون العروبة والاسلام ، اللذان فقدا معانيهما بالكامل في ظل فيروس الطائفية، الذي تم تصنيعه في مختبرات امريكا والغرب و”اسرائيل”، ودسه في عقول المسلمين لنخرهم وجعلهم اعجاز نخل خاوية.

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.alalam.ir
بتاريخ:2025-01-01 12:01:00
الكاتب:
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى