صحة و بيئة

الإنفلونزا: كيف تتحول إلى قاتل صامت؟

في كل موسم من مواسم الإنفلونزا، يُصاب نحو 8% من سكان الولايات المتحدة. ومع أن معظم المصابين يتعافون، فإن الآلاف يموتون سنويًا بسبب الإنفلونزا الموسمية. وفي العقد الماضي، سُجِّلت ما بين 21,000 و51,000 حالة وفاة في كل موسم، باستثناء موسم 2020-2021 الذي شهد انخفاضًا غير مسبوق في نشاط الإنفلونزا.

هناك مجموعات معينة أكثر عرضةً لتطوير عدوى الإنفلونزا الشديدة التي قد تؤدي إلى الوفاة، وتشمل الأطفال دون سن الخامسة، وكبار السن الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا، والمصابين بأمراض مزمنة، والنساء الحوامل. لكن كيف يموت الناس فعليًا بسبب الإنفلونزا؟

قد تسبب فيروسات الإنفلونزا أضرارًا جسيمة لمجموعة من الأعضاء والأنظمة داخل الجسم، بما في ذلك الرئتين والقلب والدماغ والجهاز المناعي عامةً، وفقًا للدكتورة أكيكو إيواساكي، أستاذة البيولوجيا المناعية والجزيئية والخلوية والتطويرية بجامعة ييل وباحثة بمعهد هوارد هيوز الطبي.

تشمل هذه المضاعفات المهددة للحياة ذات الرئة، التي تؤدي إلى التهاب الأكياس الهوائية في الرئتين وامتلائها بالقيح. يمكن أن تغزو فيروسات الإنفلونزا الرئتين مباشرةً مسببةً ذات الرئة الفيروسية، أو أن تتسبب في أذية الخلايا المبطِّنة للجهاز التنفسي، ما يتيح للبكتيريا النمو على نحو مفرط، مؤديةً إلى التهاب قد يتطور إلى ذات الرئة البكتيرية.

توضح إيواساكي: «تستعمر هذه البكتيريا عادةً الجهاز التنفسي العلوي دون أن تسبب أي ضرر. ولكن بعد الإصابة بالإنفلونزا، قد تتمكن هذه البكتيريا من الاستيطان في الرئتين والتكاثر هناك».

وأضاف الدكتور أوكتافيو راميلو، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى سانت جود لبحوث الأطفال: «تجعل الفيروسات الخلايا المبطّنة للجهاز التنفسي أكثر عرضة لغزو البكتيريا والإنتان، ما يسمح للبكتيريا بالتكاثر بسهولة أكبر والتسبب بأضرار كبيرة».

يمكن أن تؤدي ذات الرئة الشديدة أيضًا إلى متلازمة الشدة التنفسية الحادة (ARDS)، إذ تتراكم السوائل في الرئتين، ما يجعلها متصلبة وغير قادرة على التوسع جيدًا.

ولا تقتصر مضاعفات الإنفلونزا على الرئتين فقط، بل ربما تؤثر أيضًا على القلب. قد تسبب التهابات مثل التهاب العضلة القلبية والتهاب التامور (الكيس المحيط بالقلب)، ما يضعف قدرة القلب على ضخ الدم أو يتسبب في اضطراب نظم القلب أحيانًا بنتائج مميتة.

وأوضح راميلو أنه يمكن أن تؤدي عدوى الإنفلونزا إلى التهاب العضلة القلبية بسبب التهاب الخلايا المبطنة للأوعية الدموية الناجم عن الفيروسات. أما بالنسبة لالتهاب التامور، فإن السبب الدقيق غير واضح، لكنه غالبًا ما يحدث بعد عدوى فيروسية مثل الإنفلونزا.

في حالات نادرة، قد تسبب الإنفلونزا التهاب الدماغ (تورم الدماغ)، وهي حالة تُقدر أنها تحدث في نحو 4 من كل 100,000 طفل سنويًا في الولايات المتحدة. وتشمل مضاعفاتها النوبات التشنجية، والغيبوبة، وحتى الوفاة.

ومع أن الآلية الدقيقة لالتهاب الدماغ

الناجم عن الإنفلونزا ليست معروفة بعد، فإن إحدى الفرضيات تشير إلى أن العدوى تؤدي إلى إطلاق السيتوكينات الالتهابية، وهي جزيئات تسبب الالتهاب، التي قد تعبر إلى الدماغ بعد إضعاف الحاجز الدموي الدماغي.

يمكن الإنفلونزا أيضًا أن تؤدي إلى الإنتان، وهي استجابة مناعية شاملة في الجسم تهدد الحياة. قد تحفز فيروسات الإنفلونزا هذه الاستجابة بمفردها أو تتيح للبكتيريا دخول مجرى الدم عبر الأنسجة المتضررة، ما يؤدي إلى الإنتان.

وتشير بعض الدراسات إلى أن ذات الرئة المرتبطة بالإنفلونزا قد تزيد من خطر الإنتان أكثر من ستة أضعاف، مقارنة بعدوى الإنفلونزا دون ذات رئة.

من الأكثر عرضة للوفاة بالإنفلونزا؟

تعتمد خطورة مضاعفات الإنفلونزا المميتة على حالة الجهاز المناعي، وهو ما يجعل كبار السن، والأطفال الصغار، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، والحوامل أكثر عرضة للخطر.
وقال راميلو أن كبار السن يعانون من الشيخوخة البيولوجية، التي تؤدي إلى تراجع وظيفة الخلايا، مما يضعف الجهاز المناعي. أما الحوامل، فإن جهازهن المناعي يخفض من دفاعاته حتى لا يهاجم الجنين، ما يجعلهن أكثر عرضة للمضاعفات المرتبطة بالإنفلونزا في أثناء الحمل.

بالنسبة للأطفال الصغار، فإن أجهزتهم المناعية لم تواجه العديد من الجراثيم من قبل. تقول إيواساكي أنه يجب أن تُطوَّر استجابات مناعية ضد فيروسات الإنفلونزا من البداية، مضيفةً أن هذا يمنح الفيروس فرصة للتكاثر قبل أن يتمكن الجهاز المناعي من التصدي له.

ترفع الأمراض المزمنة، مثل الربو، وأمراض الكلى، وفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، والسرطان، من خطر مضاعفات الإنفلونزا عن طريق إضعاف الجهازين المناعي أو التنفسي، أو كليهما. يمكن أيضًا أن تفاقم الإنفلونزا هذه الحالات المزمنة، ما يزيد خطر الوفاة من أسباب أخرى.

الوقاية والعلاج:

لحسن الحظ، يمكن أن تقي لقاحات الإنفلونزا من العدوى الشديدة ومضاعفاتها المميتة المحتملة. أما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من عدوى شديدة، فإن العلاجات مثل “تاميفلو” يمكن أن تقلل كثيرًا من خطر الوفاة إذا أُعطيت بسرعة.

اقرأ أيضًا:

أنت مُصاب بالانفلونزا! هل تذهاب إلى الطبيب أم تنتظر كي تتعافى؟

هل تصاب المعدة بالانفلونزا ؟ ما الذي تحدثه العدوى الفيروسية في المعدة و الامعاء ؟

ترجمة: أيهم عبد الحسين صالح

تدقيق: مؤمن محمد حلمي

مراجعة: باسل حميدي

المصدر

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.ibelieveinsci.com بتاريخ:2024-11-29 22:53:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من بتوقيت بيروت اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading