الاحتجاج في غزة لم يخلق كتلة حرجة، وهو بدون قيادة او اطار تنظيمي أو اجندة

يديعوت 28/3/2025، ميخائيل ميلشتاين: الاحتجاج في غزة لم يخلق كتلة حرجة، وهو بدون قيادة او اطار تنظيمي أو اجندة
“حكم حماس انتهى. المنظمة دمرتنا. نحن ضد حكم القمع، وبهذه الوتيرة بعد سنتين – ثلاث سنوات الكل هنا سيموت. من ناحيتنا من الأفضل أن يحكمنا سودانيون”، هكذا بوجه مكشوف، اعلن هشام البراوي، مختار احدى العشائر الكبرى في بيت لاهيا شمال القطاع، في شريط انتشر هذا الأسبوع في الشبكات الفلسطينية. ولاحقا منح مقابلة صاغ فيها بشكل أكثر حدة مطالب الغزيين: “نحن نطلب من حماس تحرير كل المخطوفين، وبالمقابل تحرر إسرائيل سجناءنا. نحن لسنا ضد حماس، فهي من لحمنا ودمنا، لكننا لا يمكننا أن نعيش تحت حكمهم ويجب رفع اعلام بيضاء”.
منذ 7 أكتوبر لم تشهد مظاهر احتجاج ضد حماس مثلما كانت هذا الأسبوع في القطاع، ولكن شارك فيها المئات حتى الالاف ممن يطلقون بوجوه مكشوفة شعارات حادة ضد المنظمة، مثل “برا برا يا حماس”، او “شيعة، شيعة”، وهي إهانة شديدة تجاه المنظمة السُنية، شتيمة توازي الاتهام بالكفر. الاحتجاج يتسع بالتدريج. المظاهرات نشبت في بيت لاهيا، وفي غضون يوم واحد انتشرت الى جباليا، الى مدينة غزة، الى المخيمات الوسطى وكذا الى منطقة خانيونس.
“ما بدأ هذا الأسبوع لن يتوقف”، يشرح “ع” صحفي كبير من القطاع. ويواصل معه “س”، رجل فتح كبير من غزة الذي يقول “غزيون كثيرون، بيأسهم، حطموا حاجز الخوف ويعبرون عن مللهم من الكابوس الذي لا ينتهي”. البروفيسور مخيمر أبو سعده، باحث في العلوم السياسية انتقل الى مصر يضيف في حديث معه: “حماس ملزمة هذه المرة أن تفهم بان هذا ليس مجرد احتجاج “بدنا نعيش” الذي كان في الماضي ولم يهددهم حقا. اذا لم يكن استماع للشعب، فستنشأ قريبا صدامات فلسطينية داخلية في غزة”.
ولا يزال، من السابق لاوانه تأبين حماس او الإعلان عن بدء “ربيع غزة”. فالاحتجاج يعبر عن المعاناة المتواصلة لسكان القطاع لكنه لا يصبح مواجهة مباشرة مع حماس التي يتعاطف معها جزء هام من الجمهور. الاحتجاج يبدو في هذه المرحلة كانفجار عفوي لم يجمع كتلة حرجة، بدون قيادة، اطار تنظيمي أو اجندة مرتبة. والاهم من كل ذلك، حماس لم تقل كلمتها بعد. المنظمة تتابع عن كثب التطورات ولن تتردد في اغراقه بالدم اذا ما شعرت بانه يشكل لها تهديدا وجوديا.
في إسرائيل ينظرون برضى على ما يجري في القطاع، بل ويرون فيه تعبيرا عن نجاح السياسة المتبعة. في تصريح اطلقه وزير الدفاع كاتس للجمهور الغزي أول امس كان تشجيع علني: “طالبوا بطرد حماس من غزة والتحرير الفوري لكل المخطوفين. هذا هو الطريق الوحيد لوقف الحرب”. حماس من جهتها بدأت بحملة إدعت فيها بان الاحتجاج تحركه إسرائيل والسلطة وبالتالي فان من يشارك في المظاهرات يساعد في واقع الامر العدو. حتى الان لا تبدو مؤشرات على مرونة من جانب حماس في موضوع الحرب او المفاوضات على المخطوفين، والمنظمة تتمسك برسالتها الثابتة: التحرير فقط مقابل البحث بوقف الحرب والانسحاب من القطاع.
***
يتابع العالم العربي التطورات في غزة لكنه في نفس الوقت قلق من خطوة أخرى عمل عليها وزير الدفاع هذا الأسبوع: إقرار إقامة “مديرية انتقال طوعي” يفترض بها أن تحقق رؤيا ترامب لافراغ القطاع وتحويله الى “ريفييرا شرق أوسطية”. يترافق المشروع ومحاولة لخلق أجواء متفائلة مثلما يظهر من تقارير غير متوازنة حول “مجموعة غزيين كبيرة أولى سافرت الى الخارج” (عمليا، سافر 70 شخصا من ذوي الجنسية الأجنبية كعلاجات طبية في إيطاليا ورومانيا)، او “ارتفاع حاد في عدد المغادرين للقطاع”، فيما عمليا يدور الحديث عن نحو 200 كل أسبوع من اصل عدد سكان بنحو مليوني نسمة.
تفاقم إقامة المديرية الضرر الذي سبق أن لحق بإسرائيل في ضوء الحماسة التي تبديها منذ شهرين لخطة ترامب. وزارة الخارجية السعودية – التي توضح كل الوقت بانه لن يكون تطبيع بدون بحث في الموضوع الفلسطيني – شددت هذا الأسبوع: “نحن نشجب بشدة بيان سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن إقامة المديرية”. مصر، الأردن وقطر ساروا في اعقاب الرياض في بيانات مشابهة.
في الخلفية، تنشر في إسرائيل من القطاع تقارير – تبدو أحيانا كاحجية تافهة، عن دول او شبه دول يزعم انها وافقت على استيعاب غزيين. المشترك في كل هذه التقارير هو حقيقة أنه بعد وقت قصير من النشر تنفى نفيا قاطعا. هكذا كان في حالة البانيا التي رئيس وزرائها ايدي راما، ادعى في كانون الثاني الماضي بان هذه انباء ملفقة. لكن أيضا مع السودان، اندونيسيا ومصر، التي قيل في الأسبوع الماضي انها وافقت على أن تستوعب مؤقتا في أراضيها نصف مليون غزي. “القاهرة ترفض رفضا باتا كل محاولة لاقتلاع الغزيين وترى في ذلك تهديدا على امنها القومي. كما جاء في بيان وزارة الاعلام المصرية.
وكانت الذروة في تقارير عن كيانات مثل صومالي لاند وفونت لاند، الاقليمين اللذين انفصلا عن الصومال في التسعينيات. “للتركيز الإسرائيلي والامريكي على صومالي لاند يوجد منطق استراتيجي عميمق”. يشرح الباحث المصري د. راغب سرغالي. “هذه منطقة فقيرة لكنها ذات أهمية جغرافية استراتيجية تقع قرب مضائق البحر الأحمر وتسيطر على الحركة لقناة السويس. وعد بالاعتراف والمساعدة من شأنه ان يشكل اغراء لتنفيذ خطة ترامب في هذه المنطقة”. الباحث الصومالي د. علي كيلاني يدعي “هذا حلم صيف يجسد صفر فهم الصوماليين الذين يعارضون الفكرة معارضة تامة”.
***
الرضى في إسرائيل عظيم لدرجة أنهم لم ينتبهوا الى أن حتى واضعي الخطة بدأوا يفقدون ا لاهتمام بها. فقد اعلن ترامب قبل نحو اسبوعين بانه لا يعتزم طرد فلسطينيين من القطاع، ومبعوثه الى المنطقة ستيف ويتكوف قال قبل أسبوع في مقابلة اثارت أصداء ان واشنطن معنية باعمار غزة لكنه لم يذكر على الاطلاق اخلاء السكان. وقد شرح يقول انه “مطلوب خطوة متداخلة تتضمن استثمارا في البنى التحتية، السكن، العمل، التعليم، الصناعات المتطورة. الغزيون يحتاجون الى الامل ومن الواجب خلق افق لهم في القطاع”.
الفجوة بين إسرائيل والعالم في موضوع خطة ترامب تجسد مرة أخرى – مثلما في مرات عديدة بعد 7 أكتوبر – بان خيالات، اماني وأفكار تسيطر على خطابنا وتصبح اقوى من خطط واعية. هكذا كان مع فكرة نظام العشائر في غزة بدلا من حماس، مع الامل في أن تأتي مصر او الامارات لتحكم غزة وتقوم بدلا منا بالعمل الأسود. ان التمسك بالاحلام يؤدي الى إضاعة الوقت والمقدرات. يوقع اضرارا ويصرف الانتباه عن المواضيع الأساسية وعلى رأسهم المخطوفون.
بين هذا وذاك الإسرائيليون ملزمون بان يتساءلوا في هدف المعركة التي تدور رحاها الان في غزة، الامر الذي تمتنع القيادة السياسية والأمنية عن شرحه للجمهور. على هذه الخلفية يثور الاشتباه بان الغاية عمليا هي احتلال كامل للقطاع الامر الذي معناه التخلي عن المخطوفين، الذين فرصة تحريرهم في ظل حرب إبادة لحماس تقترب من الصفر. هذا أيضا مدخل لتغيير استراتيجي دراماتيكي في ضوء الثمن الأمني، الاقتصادي، الاجتماعي والسياسي الجسيم وعديد السنين الذي سيفترضه احتلال غزة والبقاء في المنطقة بلا حدود زمنية. هذه مهمة يبدو أنه لن يكون مفر من تنفيذها في المدى البعيد، لكن مشكوك أن تكون القيادة التي انتجب اخفاق 7 أكتوبر وتفتقر الى الشرعية من الداخل هي من يجب أو تستطيع ان تخوض خطوة تاريخية كهذه.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-03-28 17:49:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>