اشترك في :

قناة واتس اب
عين على العدو

الازمة مع تركيا غير مسبوقة لكن تتبقى مصالح مشتركة

إسرائيل اليوم 8/1/2025، د. رامي دانييل: الازمة مع تركيا غير مسبوقة لكن تتبقى مصالح مشتركة

ثمة شيء مأساوي في وضع العلاقات بين تركيا وإسرائيل. توجد في سوريا مصالح مشتركة للدولتين. القصف الإسرائيلي على المحور المؤيد لإيران أضعف النظام في دمشق، ما ساهم في انتصار الثوار الذين دعمتهم تركيا. وأدى هذا الانتصار في النهاية الى اسقاط الأسد والذي استغلته إسرائيل لتزيل تهديدات في الشمال ولتضرب حلفاء طهران. في واقع آخر كان يمكن الحلم بتعاون إسرائيلي – تركي لصد ايران، الخاسرة الأكبر من التطورات الأخيرة في سوريا.

لكن إسرائيل وتركيا بعيدتان عن التعاون وتوجدان في واحدة من الازمات الحادة في تاريخ علاقاتهما، بسبب الرد التركي على الحرب في غزة. ففور بدء الاعمال العسكرية في قطاع غزة بدأ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يتحدث بشكل متطرف ضد إسرائيل. تركيا تعمل ضد إسرائيل في المنظمات الدولية، وتبقى احدى الداعمات الأكبر لحماس. في خطوة غير مسبوقة، اعتقد الكثيرون انها متعذرة، قرر اردوغان قطع العلاقات التجارية بين الدولتين.

أدى هذا الموقف باسرائيليين كثيرين لان يتخوفوا من التقدم التركي في سوريا وباطلاق تحذيرات من أن تركيا قد تصبح نوعا من “ايران جديدة” بالنسبة لإسرائيل. لا خلاف في أن على إسرائيل أن تستعد لواقع يكون لها فيه حدود افتراضية مع تركيا في سوريا، لكن لا ينبغي المبالغة في وصف التهديد التركي. فتركيا ليست ايران، لا من ناحية السياسة الداخلية، لا في سيطرتها في سوريا ولا في علاقاتها مع إسرائيل. تركيا وإسرائيل لا تزالان تقيمان علاقات سياسية، حتى وان كان على مستوى متدنٍ. مشكوك أن يكون ممكنا التطلع الى اكثر من هذا الان. العلاقات هي اليوم حقل دمار، والضرر الذي تلحقه الازمة الحالية سنشعر به لسنوات طويلة أخرى. رغم هذا، من غير المستبعد ان يغير اردوغان موقفه تجاه إسرائيل حين تنتهي الحرب في غزة. فقد سبق للرئيس التركي أن اثبت على مدى السنين قدرته على تنفيذ انعطافات حادة في الموضوع. ليس مؤكدا ان تكون القيادة الإسرائيلية مستعدة لان تغفر له ما حصل في السنة والنصف الأخيرتين.

فضلا عن هذا، فانه حتى اذا توصل زعماء الدولتين الى ترتيب ما فان الشرخ بين المجتمعين عميق لدرجة انه سيكون صعبا جسره. في تركيا العداء تجاه إسرائيل “القاتلة والمجرمة” قائم في كل الجماعات السكانية، وفي إسرائيل الأجواء هي “العثمانيون قادمون”. ظاهرتان تعززان الواحدة الأخرى في نوع من الدائرة الهدامة المغلقة.

الاقوال من جانب مؤيدي اردوغان بان “تحرير فلسطين” هو استمرار طبيعي لنهاية نظام الأسد، تعزز المخاوف في إسرائيل حول نوايا تركيا. بالمقابل، يعتبر الاتراك الموقف الإسرائيلي من تركيا كتهديد والدعوات لدعم الاكراد وتعزيز العلاقات مع اليونان وقبرص كدليل على مخاوفهم التي تكاد تكون جنون اضطهاد لكنها متفجرة، وكدليل على التحالف الدولي المتبلور ضد دولتهم.

رأي عام معادٍ ليس عاملا جديدا في علاقات تركيا – إسرائيل، لكن دوما كانت جماعات في الدولتين أخذت على عاتقها صيانة العلاقات. في التسعينيات كان هؤلاء هم رجال الجيش وفي الـ 15 سنة الأخيرة أضاف رجال الاعمال مضمونا جديدا للعلاقات. في فترات الازمة السياسية أيضا بين تركيا وإسرائيل ازدهرت التجارة بينهما واعتبرت خيطا رابطا يمنع اتخاذ خطوات متطرفة. في هذا السياق، فان قرار اردوغان فرض المقاطعة هو قرار ذو مغزى جسيم. في كل يوم يمر يجد رجال الاعمال الاتراك والإسرائيليون بدائل للطرف الاخر وينشأ واقع جديد يصبح فيه ترميم التجارة المتبادلة، في حالة رغبت الحكومتان بذلك، أصعب فأصعب. بكلمات أخرى قليلة هي الأمور التي تربطنا بتركيا اليوم، وسيكون صعبا بناء علاقات جديدة في المدى البعيد.

على إسرائيل أن تكون الراشد المسؤول

عامل آخر سيؤثر كثيرا على دينامية العلاقات بين الدولتين هو ميزان القوى بينهما. فعلى مدى عشرات السنين كان إنعدام تماثل في صالح تركيا. المعنى الاستراتيجي للعلاقات بالنسبة لإسرائيل كان عاليا جدا بحيث أن أنقرة حددت وتيرة وعمق العلاقات. التطبيع الأخير بين انقرة والقدس وقع في واقع مختلف: مكانة إسرائيل تعززت في اعقاب التعاون في شرق البحر المتوسط واتفاقات إبراهيم، وتركيا، بالمقابل اعتبرت منعزلة وضعيفة. لأول مرة في تاريخ العلاقات كان يمكن لإسرائيل أن تملي وتيرة تقدمها.

الان بات الوضع سائلا جدا. في انقرة وفي القدس أيضا توجد ثقة بالذات كبيرة، لكن يوجد في الدولتين ايضا نقاط ضعف. رغم اكثر من سنة من القتال إسرائيل لم تحقق اهداف الحرب بعد. الوضع غير المستقر في سوريا من شأنه ان ينقلب على تركيا. كما أنه من السابق لاوانه أن نعرف ماذا ستكون آثار إدارة ترامب الجديدة على الشرق الأوسط. ميزان القوى بين أنقرة والقدس من شأنه أن يتغير، وكل تغيير كهذا سيؤثر أيضا على العلاقات بينهما.

إسرائيل وتركيا توجدان الان في احدى الفترات المعقدة والباعثة على التحدي في علاقاتهما توجد فيها مخاطر واضحة وفرص محدودة. الى جانب الحاجة الحقيقية للاستعداد لكل سيناريو محتمل، وبخاصة في سوريا، لا يزال من المجدي توجيه التفكير الى الحد الأقصى من الفرص القائمة والامتناع عن تعريف تركيا كتهديد على إسرائيل. الى جانب الحذر الواجب على إسرائيل أن تكون “الراشد المسؤول” وان تعمل بمنطق، رغم المشاعر الناشئة لسماع خطاب معاد آخر من اردوغان. مصالح إسرائيل في المنطقة تتطلب الان إيجاد تسوية مؤقتة مع  تركيا. امر كهذا مركب، حساس وغير شعبي لكنه ضروري.

مركز الناطور للدراسات والابحاث فيسبوك

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-08 19:01:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى