الاستقرار النفدي مرتبط بتحقيق الاصلاحات وعودة الثقة الى البلد
منذ حوالى السنة لم يعد سعر صرف الدولار هاجساً لدى اللبنانيين بعد الاستقرار الذي شهده بالرغم من عدم الاستقرار السياسي و الخضات الأمنية. لكن هذا الاستقرار وإن طال مفعوله يصفه الاقتصاديون بالاستقرار الوهمي والهش إذا لم يرتبط بإصلاحات تعيد الثقة إلى البلد .
لكن السؤال هل فعلاً هذا استقرار لسعر الصرف أم استقرار لانهيار الليرة اللبنانية التي لم تعد موجودة، وأين هيبة الدولة من دون العملة الوطنية بعد ان فرضت الدولرة نفسها على جميع النشاطات الاقتصادية، ومختلف القطاعات كالطبابة والاستشفاء والمحروقات والتسعير في السوبرماركت والأسواق والذي اكتسب شرعيته من قرارات صادرة عن وزارة الاقتصاد، إضافة إلى الرسوم الجمركية التي أصبحت بالدولار الجمركي، كما تضمنت مشروع موازنة ٢٠٢٤ بنوداً صريحة تجيز للحكومة اقتطاع بعض الرسوم والضرائب بالدولار الأميركي، وليس بالعملة الوطنية.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن استراتيجية مصرف لبنان ساهمت إلى حد كبير في الحفاظ على استقرار الدولار بعد وقف العمل بمنصة صيرفة التي أسهمت في تشجيع المضاربة، عندما استخدمها بعض المستفيدين لتأمين بعض المكاسب، ووقف تمويل الدولة وعدم صرف أي مبالغ إضافية من الاحتياط الإلزامي إضافة إلى “تقنين” طبع الليرة اللبنانية، وجعلها ضمن الحدود الدنيا لعدم تسريع التضخم.
في السياق رأى كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل أن مصرف لبنان استطاع من خلال منصة صيرفة أن يسحب جزءًا كبيراً من النقد المتداول بالليرة اللبنانية من السوق وأن يضخ الدولارات وأن يوقف تدهور سعر صرف الليرة ويساهم في تحسن سعر صرف الليرة تدريجياً ليستقر على ٨٩،٥٠٠ ليرة للدولار الواحد منذ أواخر تموز الماضي بالرغم من الخضات الأمنية التي حصلت كحادثة كوع الكحالة والمعارك في مخيم عين الحلوة والحرب الإسرائيلية على غزة والمواجهات في الجنوب اللبناني.
ويلفت غبريل إلى أن مصرف لبنان استطاع في العام ٢٠٢٣ ان يسحب ٢٢ تريليون ليرة أي استطاع أن يٌقلّص النقد المتداول بنسبة ٣٨% تقريباً “أي أن مصرف لبنان قادر عملياً على سحب كل الليرات اللبنانية من السوق إذا أراد” .
و وفق غبريل هدف مصرف لبنان من كل هذه العملية هو الحفاظ على استقرار سعر الصرف إلى حين البدء بالإصلاحات الجدية و تمهيداً لإطلاق منصة بلومبرغ والتي كان مصرف لبنان ينوي إطلاقها في أواخر العام الماضي “لكن بسبب الحرب على غزة والمواجهات في الجنوب قرر تأجيل إطلاقها لأن هذه العملية بحاجة إلى استقرار”.
ويرى غبريل أن مصرف لبنان في محافظته على استقرار سعر صرف الدولار على ٨٩،٥٠٠ ليرة عملياً (يربح الوقت )، مشيراً أنه في شهر تموز الماضي وقبل استلام حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصور حاكمية مصرف لبنان طلب نواب الحاكم الأربعة من مجلس النواب إقرار قوانين إصلاحية ابتداءً من قانون الكابيتال كونترول الذي يهدف إلى المساواة بين المودعين و ضبط السحوبات من المصارف للمحافظة على الكتلة النقدية واستقرار سعر الصرف، إلى مشروع إعادة التوازن المالي إلى مشروع إعادة هيكلة المصارف “لكن كل هذ القوانين لم تقر حتى اليوم”.
ورداً على سؤال لماذا لم يتراجع سعر الصرف مع تراجع النقد في التداول إلى الف و ١٧٥ مليار ليرة قال غبريل هذا التراجع بالتداول بالليرة لا يعني أن سعر صرف الدولار يجب ان يتراجع إلى أقل من ٨٩،٥٠٠ لأنه لا يوجد رابط مباشر بينهما، لافتاً إلى أن تراجع حجم النقد المتداول أدى إلى لجم المضاربة “ومصرف لبنان يدفع رواتب موظفي القطاع العام بالدولار ليتجنب ضخ كتلة نقدية في السوق تؤدي إلى طلب على الدولار”، مؤكداً ان هدف مصرف لبنان هو المحافظة على الاستقرار النقدي من خلال ربح الوقت إلى حين بدء العملية الإصلاحية.
ووفق غبريل تخفيض سعر صرف الدولار يتطلب جوا من الثقة و بدء العملية الإصلاحية وإعادة تدفق رؤوس الأموال وإعادة العمل للدورة الاقتصادية بشكل طبيعي وبدء تدريجي لاستعادة الثقة .
و يقول غبريل عندما يطلق مصرف لبنان منصة بلومبرغ يصبح العرض والطلب هو الذي يحدد سعر الصرف من دون تدخل من مصرف لبنان إلا في حالات استثنائية عندما تحصل تقلبات حادة في سعر الصرف، مشيراً أن العرض والطلب يعكس الحركة الاقتصادية من استهلاك واستثمار واستيراد و تصدير إلى الاستقرار السياسي والثقة وتدفق رؤوس الأموال و الإصلاحات.
و إذ توقع غبريل أن يستمر مصرف لبنان في المحافظة على استقرار سعر الصرف إلى حين بدء العملية الإصلاحية رأى أن الهدف هو توحيد أسعار الصرف المتعددة، لافتاً أن سعر الصرف الموجود اليوم أصبح “سعرا مرجعيا” فإيرادات الخزينة في الموازنة واشتراكات الضمان الاجتماعي تحتسب على سعر صرف ٨٩،٥٠٠ ليرة إضافة إلى ان ميزانية مصرف لبنان يقدمها منذ ١٥ شباط على هذا السعر وميزانيات المصارف ستحتسب ابتداءً من شهر كانون الثاني المقبل أيضاً .
وبرأي غبريل قبل أن تستقر الأوضاع وينتظم عمل المؤسسات الدستورية ابتداءً من انتخاب رئيس للجمهورية وحكومة فاعلة تستطيع أن تتخذ القرارات وتبدأ العملية الإصلاحية واستعادة الثقة والتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وبدء تدفق رؤوس الأموال لن يتراجع سعر الصرف وأقصى ما يمكن أن يقوم به مصرف لبنان هو الحفاظ على سعر الصرف الحالي.
وحول تأثير زيادات الرواتب التي أعطيت لموظفي القطاع العام قال غبريل في حال أدت هذه الزيادات إلى ضخ كتلة نقدية جديدة بالليرة اللبنانية في السوق، وهذه الكتلة النقدية أدت إلى طلب مستجد على الدولار ممكن أن يكون هناك تأثير في سعر صرف الدولار.
لكن عملياً هذه الزيادات تمت بالتنسيق مع مصرف لبنان يقول غبريل من أجل المحافظة على سعر الصرف، مشيراً أن سياسة مصرف لبنان هي سحب السيولة بالليرة اللبنانية من السوق كي يلجم المضاربة ويحد من الطلب على الدولار في السوق الموازي ” وهو نجح في هذا الأمر ” .
و يلفت غبريل إلى ان الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية الموجودة في السوق تساوي ٦٠٠ مليون دولار تقريباً ومصرف لبنان لديه الإمكانات على سحبها كلها “ولذلك لا أرى تأثير سلبي في سعر الصرف نتيجة زيادة الرواتب”.
المصدر
الكاتب:hanay shamout
الموقع : lebanoneconomy.net
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2024-03-06 08:42:32
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي