عين على العدو

التحديات المُلحة لرئيس الوزراء “الإسرائيلي” المُقبل

(ترجمة الهدهد)

كنت أعرف عن كثب خمسة قادة دخلوا مكتب رئيس الوزراء وجلسوا على الكرسي الذي يتم من خلاله اتخاذ القرارات المصيرية للدولة، كل واحد منهم فهم ثقل المسؤولية الملقاة على كتفيه، وأن الأشياء التي “تُرى من هناك” ولا يتم التعمق في معانيها دائماً – تُرى بشكل مختلف من “هنا”، من حيث تتوقف المسؤولية.

في الحملة الانتخابية يعِدون بكل شيء، وليسوا دقيقين في البيانات، ويتجنبون شرح موقفهم من المعضلات الاستراتيجية الوجودية ويتوجهون إلى جمهور الناخبين و ”القاعدة الانتخابية”، ومع ذلك فهم يواجهون في مكتب رئيس الوزراء واقعاً معقداً وصعباً وأوسع نطاقاً.

“جمهورهم” مختلف الآن – ليس فقط “مواطني إسرائيل” بل دول العدو: من إيران إلى سوريا ودول مسالمة مثل مصر والأردن إلى الإمارات، شراكات وتحالفات وأزمات مع دول العالم، من الولايات المتحدة، إلى الصين وأوروبا وروسيا.

سيواجه “رئيس وزراء إسرائيل” المنتخب القادم، أولاً وقبل كل شيء، قرارات سياسية صعبة ومعقدة هنا في الداخل، في “دولة إسرائيل”: معالجة الانقسامات في الشعب، ومحاربة الجريمة، وتعزيز سيادة القانون والحوكمة، ومعالجة غلاء المعيشة والسكن، وتقليص الفجوات في التعليم وقبل كل شيء – تعريف حديث للوجهة التي يريد أن يقود إليها “دولة إسرائيل”.

ومع ذلك فإن قضايا الأمن القومي لإسرائيل” في البعد الخارجي، وفي الشرق الأوسط وعلى الساحة العالمية، لا تنتظر وستضع أمام رئيس الحكومة المقبل تحديات مُلحة وثقيلة، وسيتطلب ذلك تحديد أهداف وطنية، واستراتيجية محدثة لتحقيقها، وتصميم على تحقيقها وقرارات مستنيرة في مواجهة تطورات الأحداث، والمعضلات الاستراتيجية والتغيرات في الساحة الإقليمية والدولية.

وفيما يلي التحديات السبعة الرئيسية في مجال الأمن القومي، التي سيواجهها رئيس الوزراء المقبل في الساحة الخارجية، والتي سيتطلب فيها اتخاذ قرارات.

 إيران: “قنبلة أم قصف منشآتها؟

إن توقف عودة القوى العظمى إلى الاتفاق النووي لعام 2015 إنجاز “لإسرائيل”، فالقمع الوحشي للاحتجاجات في إيران وخيار طهران الاستراتيجي للوقوف إلى جانب روسيا ومساعدتها عسكرياً في جرائم الحرب في أوكرانيا، يراكمان عقبات إضافية في طريق العودة إلى الاتفاقية ويقويان معارضيها، على وجه التحديد بسبب احتمال عدم العودة إلى الاتفاق.

ومن المتوقع حدوث تحركات إيرانية متحدية في المجال النووي: فالتخصيب إلى 90٪، واستئناف عمل مجموعة الأسلحة، أو أقل احتمالاً على المدى القصير – الانطلاق نحو القنبلة.

يجب على “رئيس وزراء إسرائيل” المقبل التأكد من أن يكون في حوزته خيار سياسي وعسكري موثوق به للتعامل مع مثل هذه التحركات الإيرانية، ومنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.

إن التغييرات العميقة في الساحة الداخلية في إيران وفي السياسة الخارجية للنظام تخلق إمكانات للتغييرات الإيجابية – لتعزيز التحالفات الإقليمية في مواجهة إيران، ولكن أيضاً لاحتمال التصعيد من جانب النظام الذي يحاول حرف مشاكله الداخلية للصراعات الخارجية.

الولايات المتحدة: بين تعزيز التحالف والاختلافات في المفاهيم والمصالح في القضايا الرئيسية

الولايات المتحدة هي أعظم حليف “لإسرائيل”، وأحياناً حليفها الوحيد، “فـالعلاقات الإسرائيلية الأمريكية” تقوم على القيم والمصالح المشتركة والثقة بين القادة السياسيين والعسكريين، الهدف الأسمى تجاه الولايات المتحدة هو تعزيز العلاقات الاستراتيجية معها والحفاظ على دعمها “لإسرائيل” وهذا محل إجماع من الحزبين الحاكمين هناك، المهمة أصبحت أكثر صعوبة وتعقيداً من ذي قبل في ظل الانقسامات الداخلية في الولايات المتحدة و ”إسرائيل”، ونظراً للضرر الذي لحق بالعلاقات في الماضي.

سيُطلب من رئيس الوزراء أن يدير بحكمة التوترات مع الولايات المتحدة التي لا تتطابق وجهة نظرها مع وجهة نظر “إسرائيل” بخصوص الرد على التهديد الإيراني والسياسة في الساحة الفلسطينية، وبالتأكيد الحل الدائم.

في القضية الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة، المنافسة الاستراتيجية بين القوى العظمى، يتطلب من رئيس الوزراء الاستمرار في تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، مع التركيز على مجال التكنولوجيا وصياغة سياسة صحيحة بين روسيا وأوكرانيا وإدارة علاقات مثمرة وآمنة مع الصين بالتنسيق الوثيق مع واشنطن.

الساحة الفلسطينية: بين الحرب على الإرهاب واستقرار الأمن والانفصال وخطوات تسوية الصراع

الموضوع الأكثر إلحاحاً على طاولة رئيس الوزراء المقبل هو إعادة الأمن الشخصي في ضوء موجة العمليات في الضفة الغربية، وغير ذلك تكاد لا توجد أي قضية في الساحة الفلسطينية لا تتطلب الاهتمام – بدءاً بالرؤية والبوصلة الاستراتيجية ومحاربة العناصر الإرهابية وفصلها عن السكان والحفاظ على السلطة الفلسطينية كقوة فاعلة تؤدي وظيفتها وتقويتها وتجنب الإدارة المباشرة لحياة الفلسطينيين.

بالتزامن مع إدارة العلاقات مع حماس ومنع ربط الساحات (غزة والضفة الغربية والقدس والفلسطنيين في الداخل) بدعم من حماس والإيرانيين والتعامل مع البؤر الاستيطانية غير الشرعية ودمج الشراكات الإقليمية في استقرار الساحة، ومحاربة نزع الشرعية عن “إسرائيل” – التي يقودها خصومها وأعداؤها ولكن تدعمه خلافات عميقة في المواقف بين “إسرائيل” والمجتمع الدولي فيما يتعلق بسياسة “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.

اتفاقات أبرهام: كيف تتوسع وتتعمق؟

تعتبر اتفاقيات إبرهام أهم إنجاز “للدبلوماسية الإسرائيلية” في العقد الماضي

التحدي في هذا المجال هو ثلاثة أضعاف – توسيع الاتفاقيات إلى دول أخرى وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وتعميقها بمحتوى إضافي من أجل سلام دافئ مع الإمارات والبحرين والمغرب – وجهود من أجل أن تكون اتفاقيات إبرهام حافزاً لتوطيد السلام البارد مع مصر والأردن.

ترتبط كل هذه الإنجازات بشكل أساسي بالإدارة وصنع القرار في الساحة الفلسطينية ودرجة الدعم الفعال من الولايات المتحدة.

حزب الله: تعزيز الردع وضبط التصعيد

يشكل حزب الله اليوم أكبر تهديد عسكري “لإسرائيل”، إن “الردع الإسرائيلي” قوي لكنه يواجه تحديات، وقد يصدق نصر الله دعايته الخاصة حول “إنجازاته” في أنه فرض الاتفاق البحري على “إسرائيل”، قد يتحدى حزب الله “إسرائيل” لأسباب يحرص على الحفاظ عليها – مزارع شبعا والحدود البرية والمجال الجوي وقتلاه في سوريا.

لدى حزب الله قدرات عسكرية متطورة تهدد “إسرائيل” – صواريخ دقيقة، طائرات بدون طيار ودفاع جوي وقوات برية ستحاول غزو الجليل-

في العام الماضي أظهر حزب الله ثقة متزايدة بالنفس، ما أدى إلى تفاقم خطر للتحديات التي تسير على حافة الهاوية من جانبه، فخطر سوء التقدير والتصعيد غير المخطط له منع التصعيد من خلال ردع حزب الله، ومن ناحية أخرى علينا الاستعداد للحرب إذا فشلت السيطرة على التصعيد، لأن هذين العنصرين يشكلان تحدياً كبيراً لرئيس الوزراء المقبل.

استمرار المعركة بين الحروب وإدارة مخاطرها في ظل المتغيرات على الساحة الإقليمية والعالمية

إن الإنجاز الأمني المهم الذي حققته مختلف “الحكومات الإسرائيلية” في العقد الماضي هو الإدارة الناجحة لـ “المعركة ما بين الحروب”، لمنع التمركز الإيراني في سوريا وتهريب الوسائل القتالية إلى لبنان.

تعاملت “إسرائيل” بشكل جيد مع مخاطر المعركة بين الحروب – فهناك خوف من إلحاق الضرر بالروس، ما قد يؤدي إلى تصعيد غير منضبط، وهناك أيضاً الدرس الإيراني، والعلاقة بين الساحة السورية وحزب الله، وأيضاً هناك الحرب في أوكرانيا وتوثيق التعاون بين روسيا وإيران، كل هذه العوامل قد تؤدي إلى تغييرات في علاقات القوة بينهما في سوريا وتؤثر على حرية “إسرائيل” في العمل هناك.

سيتطلب استمرار المعركة بين الحروب والحفاظ على الإنجازات إدارة صارمة وتقييماً رصيناً للوضع واتخاذ قرارات حاسمة ومسؤولة.

الحرب في أوكرانيا: بين القيم والمصالح

حتى وقت قريب كانت “إسرائيل” تتصرف على أساس الفهم أن هناك توتراً بين القيم التي تشاركها مع الغرب الديمقراطي ومصالحها تجاه روسيا في سوريا وتجاه اليهود الروس.

في ضوء الأزمة العالمية المتصاعدة في ظل الحرب في أوكرانيا، وحتى أكثر من ذلك بسبب تورط إيران في الحرب، تزداد حدة التوترات في “سياسة إسرائيل”، تلك التي تتطلب تعديلات في السياسة، حيث سيتعين على رئيس الوزراء المقبل تحديث السياسة، وإعطاء وزناً أكبر للاعتبارات طويلة الأجل، والحفاظ على الشراكة الاستراتيجية المهمة للغاية مع الغرب وتعزيزها، والعمل كشريك موثوق به في النظام العالمي الديمقراطي الليبرالي، الذي تقاتل من أجله الولايات المتحدة والدول الأوروبية.

حتى بعد الانتخابات سيتعين على رئيس الوزراء ومن حوله تحديد التهديدات التي تتعرض لها “إسرائيل” وتعزيز الرد المناسب عليها

هذا إلى جانب صياغة رؤية استراتيجية وسياسية وأمنية واضحة “لدولة إسرائيل” توضح كيفية الحفاظ عليها يهودية وديمقراطية وآمنة لسنوات قادمة، وتبدأ هذه المهمة بعد إغلاق صناديق الاقتراع مباشرة.

المصدر: شبكة الهدهد نقلا عن  القناة 12/ عاموس يادلين

المصدر
الكاتب:majdps
الموقع : almajd.ps
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2022-11-03 11:44:37
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من Beiruttime اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading