العرب و العالم

الجزائر تسحب سفيرها من فرنسا بعد اعترافها بالخطة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء الغربية

أعلنت الحكومة الجزائرية سحب سفيرها في باريس بأثر فوري، في أعقاب اعتراف الحكومة الفرنسية بالمخطط المغربي للحكم الذاتي كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء الغربية، وهو ما ترفضه الجزائر التي تؤكد تمسكها بمبدأ تقرير المصير، “وفق قرارات الشرعية الدولية”.

وقد عادت الأزمة إلى محور الجزائر باريس بعد أشهر من التعافي، والسبب هذه المرة لم يكن العلاقات الثنائية أو مسائل الذاكرة، بل قضية الصحراء الغربية التي تعتبرها الجزائر مسألة أمن قومي للبلاد. وذكر بيان للخارجية الجزائرية أن الجزائر قررت “بأثر فوري سحب سفيرها في الجمهورية الفرنسية، عقب إقدام الحكومة الفرنسية على الاعتراف بالمخطط المغربي للحكم الذاتي كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء الغربية في إطار السيادة المغربية المزعومة”.

وفي مبررات القرار، ورد في البيان الجزائري: “لقد أقدمت الحكومة الفرنسية على إعلان تأييدها القطعي والصريح للواقع الاستعماري المفروض فرضا في إقليم الصحراء الغربية. إن هذه الخطوة التي لم تقدم عليها أي حكومة فرنسية سابقة قد تمت من قبل الحكومة الحالية باستخفاف واستهتار كبيرين دون أي تقييم متبصر للعواقب التي تنجر عنها”.

واضاف البيان أنه “وباعترافها بالمخطط المغربي للحكم الذاتي كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء الغربية في إطار السيادة المغربية المزعومة، فإن الحكومة الفرنسية تنتهك الشرعية الدولية وتتنكر لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وتناقض كل الجهود الحثيثة والدؤوبة التي تبذلها الأمم المتحدة بهدف استكمال مسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، فضلا عن كونها تتنصل من المسؤوليات الخاصة التي تترتب عن عضويتها الدائمة بمجلس الأمن الأممي”. وعليه، “قررت الحكومة الجزائرية سحب سفيرها لدى الجمهورية الفرنسية بأثر فوري، على أن يتولى مسؤولية التمثيل الدبلوماسي الجزائري في فرنسا من الآن فصاعدا قائم بالأعمال”.

وكان متوقعا أن تؤول العلاقات إلى التأزيم، لكن الأمور تسارعت إلى سحب السفير وهو من أقصى درجات الاحتجاج. وكانت الجزائر، قد أعربت في بيان لخارجيتها الخميس الماضي، عن أسفها الكبير واستنكارها الشديد لقرار الحكومة الفرنسية الاعتراف بخطة الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية في إطار السيادة المغربية، مؤكدة أنها ستستخلص كافة النتائج والعواقب التي تنجر عن هذا القرار، وتحمل الحكومة الفرنسية وحدها المسؤولية الكاملة والتامة عن ذلك.

وورد في البيان الذي تضمن المعلومة التي لم تكن وسائل الإعلام قد أعلنتها بعد أن “الحكومة الجزائرية أخذت علما، بأسف كبير واستنكار شديد، بالقرار غير المنتظر وغير الموفق وغير المجدي الذي اتخذته الحكومة الفرنسية بتقديم دعم صريح لا يشوبه أي لبس لمخطط الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية في إطار السيادة المغربية المزعومة”، مشيرا إلى أن “السلطات الجزائرية تم إبلاغها بفحوى هذا القرار من قبل نظيرتها الفرنسية في الأيام الأخيرة”.

ووفق الخارجية الجزائرية، فإنه “على الرغم من أن المجموعة الدولية على قناعة منذ أمد طويل بأن قضية الصحراء الغربية تمثل دون أدنى شك جزءا لا يتجزأ من مسار تصفية الاستعمار الذي ينبغي استكماله على أمثل وجه، فإن ذات القرار الفرنسي يسعى إلى تحريف وتزييف وتشويه الحقائق من خلال تأييد واقع استعماري وتقديم دعم غير مبرر لسيادة المغرب المزعومة والوهمية على إقليم الصحراء الغربية”.

وما يزيد من عدم مقبولية هذا القرار، وفق الدبلوماسية الجزائرية أنه “يصدر من دولة دائمة العضوية بمجلس الأمن يفترض بها أن تتصرف وفقا لقرارات هذه الهيئة بشكل خاص ووفقا للشرعية الدولية بشكل عام”. وأضاف البيان انه “في الوقت الذي تحشد فيه الأمم المتحدة مساعيها الحميدة لإعطاء زخم جديد لمسار البحث عن تسوية سياسية للنزاع في الصحراء الغربية، فإن القرار الفرنسي يناقض هذه الجهود ويعرقل تنفيذها ويتعارض مع المصلحة العليا للسلم والأمن والاستقرار في المنطقة”.

على خطى إسبانيا

ويبدو أن الأزمة مع فرنسا قد اتخذت نفس الطابع عقب إعلان إسبانيا نفس القرار في آذار/مارس 2002، وهو ما كان قد تسبب في إعلان الجزائر سحب سفيرها من مدريد، ثم قرارها التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة مع المملكة الإسبانية سنة 2002. وذكرت الرئاسة الجزائرية في مبرراتها في ذلك الوقت (آذار/مارس 2022) أن ما فعلته إسبانيا “يعد انتهاكا لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية للسلطة المسؤولة عن الإقليم والتي تقع على كاهل مملكة إسبانيا حتى يتم إعلان إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية من قبل الأمم المتحدة”.

ويرهن هذا التطور المفاجئ في العلاقات بين الجزائر وفرنسا بقوة الزيارة المقررة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس نهاية شهر أيلول/سبتمبر المقبل في حال إعادة انتخابه، علما أن الزيارة تأجلت لثلاث مرات منذ إعلانها بداية 2022 بسبب توترات طارئة على العلاقات.

وهذه المرة الثانية التي تقرر فيها الجزائر سحب سفيرها من باريس. ومطلع تشرين الأول/أكتوبر 2021، كانت الجزائر قد استدعت سفيرها عنتر داود للتشاور احتجاجًا على تصريحات للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، التي شكّك فيها “عمّا إذا كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي”، وفق ما نقلته حينها جريدة لوموند. وفي 6 كانون الثاني/جانفي 2022، تقرر إعادة السفير لمنصبه، لتشهد العلاقات نوعا من الهدوء الذي عكرته من حين لآخر قضايا مستجدة (قضية الناشطة أميرة بوراوي)، لكن دون تأثير بالغ.

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :otv.com.lb
بتاريخ:2024-07-30 18:12:31
الكاتب:Multimedia Team

ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من Beiruttime اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading