الصراع على الأراضي في المجتمع العربي يكلف دماء

هآرتس 12/3/2025، ضياء الحاج يحيى: الصراع على الأراضي في المجتمع العربي يكلف دماء
هذا المبنى يعرفه تقريبا كل شخص من سكان قلنسوة. هو مبنى كبير، بني بحجارة بيضاء، التي خلال السنين اصبح لونها رمادي بشكل جزئي. ايضا النباتات التي تنمو بين الشقوق وتتسلق على الجدران تغطي قليلا المجد الذي كان هنا في السابق. ولكن هذا البيت الآن، المغروس في قلب الحي القديم في المدينة، غير معروف بسبب ماضيه، بل بسبب حاضره الدموي. منذ اربع سنوات هو يوجد في قلب صراع دموي على الاراضي، الذي حتى الآن جبى حياة ثمانية اشخاص، ويبدو أن هذا العدد غير نهائي.
كل ذلك بدأ في 2021 عندما حصل ابناء عائلة سلامة العقبى، حسب قولهم، على تصاريح من البلدية للعيش في المبنى، الذي اعتبر في حينه مبنى عام. واذا سألنا عائلة الناطور فان هذا العمل كان اقتحام. حيث أنهم في هذه العائلة يدعون الملكية التاريخية لهذا المبنى. من هنا فان المسافة الى رصاصة البداية التي كانت في شهر حزيران في تلك السنة كانت قصيرة. 20 رصاصة على سيارة بكر الناطور، ابن العائلة الذي كان في حينه عضو في مجلس قلنسوة. هو قتل على الفور واصيب ثلاثة من اخوته. ابناء العائلة توجهوا للثأر، وبعد ذلك الثأر للثأر. ومنذ ذلك الحين وحتى الآن فان اطلاق النار يجر اطلاق آخر، والقتل يجر القتل، ومن بين المصابين ايضا عدد غير قليل من الابرياء. هذه قصة واحدة ولكنها مثال على الطريقة التي فيها الصراع على الاراضي سرعان ما يتحول الى صراع اجرامي في المجتمع العربي في هذه الايام، من الشمال وحتى الجنوب، من المدن وحتى القرى البدوية. هذا هو المكان الذي فيه الجريمة المتصاعدة تلاقي عدم التسوية الواضحة للاراضي، واطالة الاجراءات القضائية وعدم الثقة بالمؤسسات والنقص الكبير في الاراضي للبناء والتخطيط.
“الارض”، يقول الشيخ محمود نادر من الطيبة، “كان يجب أن تكون مصدر للحياة، التراث والربط بين الاجيال”. ولكن الشيخ نادر، المعروف كرجل اصلاح في المدينة، يشير بخيبة أمل الى أنه بالنسبة للكثيرين الارض الآن هي ارض خصبة للصراعات التي لا تتوقف، الصراعات الدموية. “تقريبا كل اسبوع تصلنا ملفات عن صراعات”، قال. “منذ 25 سنة أنا أركض بين العائلات من اجل الصلح. فقط في السنوات الخمسة الاخيرة هذا الامر اصبح شائع جدا. هناك حالات كثيرة من التحايل في داخل العائلة، والاسوأ هو أن هناك عائلات تدخل منظمات الجريمة أو المجرمين لابتزاز ابناء العائلة أو الجيران”.
هذا الصراع في داخل العائلة هو روتين حياة سمر (اسم مستعار) منذ بضع سنوات. البداية كانت في 2019 عندما اقترحت عليها والدتها شراء بيتها وقطعة الارض القريبة منه في منطقة أبو غوش. “ارادت الاهتمام بي، أنا بنتها الوحيدة، كي يكون مكان لي أعيش فيه”، قالت. “لم افكر بالنقود أو المكاسب. دفعت لها 600 ألف شيكل، وكل ذلك موثق”.
في نفس الوقت الأم قامت بتوزيع املاكها المتبقية في اطار الورثة بين الاخوة. في الوقت الحقيقي كل ذلك حدث بالتراضي، ولكن عندما مرضت الأم، قالت سمر، بدأ الصراع. “اخوتي بدأوا في التسلل ومحاولة التأكد من أن الارض ستكون لهم. الأم عارضت وقالت هذا ليس الوقت المناسب”.
عندما توفيت الأم لم تكن أي طريقة لوقفهم، قالت سمر. اثنان من اخوتي ببساطة لم يوافقوا على أن البيت مسجل على اسمي رغم أنني دفعت كل ما املك مقابله. في البداية، حسب قولها، هددوا زوجها ومنعوه من الوصول الى البيت وقاموا بتخريب سيارته. بعد ذلك عندما قامت سمر بتأجير البيت لعائلة اخرى بدأوا في تهديد هذه العائلة الى أن تركت البيت. “عرضوا علي شراء البيت بـ 200 ألف، في حين أنني دفعت 600 ألف شيكل ثمنا له”، قالت. “هم ايضا قطعوا طريق وصولي الى قطعة الارض، التي ينوون ايضا اخذها مني”.
من هنا تفاقمت الامور. ذات مرة اخوتها قاموا بالاعتداء على زوجها، ومرة اخرى كان اطلاق نار نحو البيت وتهديد بالقتل. “اخوتي اشخاص خطيرون وأنا أعرفهم”، قالت. “ذهبنا الى الشرطة ولكنها لم تفعل أي شيء. حققت معهم عدة مرات، هذا كل شيء”. الآن هي تعيش في خوف – فقدان حياتها وحياة احباءها أو فقدان العقار الذي قامت بشرائه باموالها. “أنا لم اتخيل أن عائلتي ستتفكك بسبب قطعة ارض وبيت. لم اعتقد أن اخوتي سيضربون أولادي وزوجي”، قالت بيأس. “هل يجب علي الصمت وخسارة مستقبلي، فقط بسبب عنفهم وبسبب أن القانون لا يحميني؟”.
من عائلة الى جريمة
الصراعات على الميراث ليست ظاهرة جديدة. ولكن في السنوات الاخيرة الصراعات ازدادت وازداد خطرها. “على الاغلب هذا ينبع من الطمع”، قال مقبل جبارين (أبو مجهد) من لجنة الصلح في أم الفحم. حسب الشريعة الاسلامية فان قوانين الميراث واضحة. ولكن الآن الكثيرين غير مستعدين للعمل بحسبها. من هنا تبدأ سلسلة التحايل والضغط. الاخوة يجبرون الاخوات على التنازل عن نصيبهن. الاخوات يقمن بتجنيد المجرمين ضد الاخوة، والاخوة يهددون بعضهم البعض”. حسب اقوال أبو مجهد، الذي كان ايضا عضو في لجنة الاصلاح القطرية قبل اخراجها خارج القانون، فان الحديث لا يدور فقط عن صراعات تندلع بعد موت الآباء. هو يقول بأنه في مرات كثيرة يحاول أحد الاخوة السيطرة على املاك أخيه المتوفى بدل تركها لاولاده. عندما يكبر الاولاد يطالبون بنصيبهم، عندها ينشب الصراع من جديد. ولكن الذروة تكون عندما تتدخل في التقسيم منظمات جريمة. الناس يحضرون المجرمين لحل المشكلة، لكن عمليا هم يصعدون الوضع، الطمع يعمي عيونهم، الامر الذي يصل احيانا الى اطلاق النار واشتعال النيران وحتى القتل.
الامثلة غير قليلة، مؤخرا وصلت الى لجنة الاصلاح حالة بدايتها كانت قبل 15 سنة. بعد ذلك، قال أبو مجهد، “شخص بالغ سأل بناته اذا كن يردن نصيبهن في الميراث في تلك اللحظة. هن تنازلن لاخوتهن. الآن عندما اصبحت قيمة الارث مليون بدلا من 100 ألف، تراجعن وطالبن بنصيبهن.
حسب قوله، عندما عرفن الاخوات بأنهن لن ينجحن في الحصول على ما يردن بالطريقة المقبولة توجهن الى المجرمين، الذين هددوا الاخوة. النهاية شملت الترسانة المعروفة من اطلاق النار والقاء القنابل واشعال الحرائق. لجنة الاصلاح نجحت في التوصل الى تسوية فيها دفع الاخوة تعويضات مالية للاخوات. “هذا لا يعتبر عدل أبدا”، يعترف. “لكن هذا هو الحل الذي نتجت عنه اقل الاضرار”.
امام كل ذلك هناك مجهول واحد بارز وهو السلطات. تقريبا كل الذين لهم صلة بالصراعات يوافقون على أن الشرطة لا ترد، وبالتأكيد ليس بالسرعة المطلوبة. “الشرطة لم تأت للدفاع عنا بعد اطلاق النار على بيتنا”، قال عبد الجابر. “هي تأتي فقط بعد أن يكون ضحايا. ايضا عندها لا تفعل أي شيء”.
وقد جاء من الشرطة الرد: “نحن نصمم على تعزيز الامن الشخصي للجمهور العادي، ونقود مع هيئة مكافحة الجريمة في المجتمع العربي في مكتب رئيس الحكومة، نضال مصمم بهدف العثور على واعتقال من يرتكبون الجريمة والعنف في الشوارع، وضمان الأمان وتحسين ظروف حياة سكان الدولة الذين يحترمون القانون”.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-03-12 16:17:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>