الصين تعرض طائرات J-10C وJ-31 على مصر، الحليف القوي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. فهل سيهدد العلاقة القوية تقليديا ب…
وتقدم الطائرة “جيه-10 سي” المعروفة أيضاً باسم “التنين القوي” قدرات قتالية محسنة بشكل كبير، بما في ذلك أنظمة متقدمة لمكافحة النيران وقدرات عمليات متعددة الأدوار. وتعزز ميزة التكلفة للمقاتلات الصينية، التي تتراوح بين 40 مليون دولار و50 مليون دولار لكل منها، جاذبية الصفقة، خاصة على خلفية ارتفاع أسعار طائرات “إف-16″ و”إف-15” الأميركية الجديدة. وتسعى القوات الجوية المصرية، التي تعتمد منذ فترة طويلة على التكنولوجيا الأميركية، الآن إلى توسيع استقلالها العسكري من خلال التحول إلى الصين، التي تقدم قيوداً سياسية أقل على تجارة الأسلحة.
تلعب مصر دوراً بالغ الأهمية في أمن الشرق الأوسط، كونها أحد الشركاء الاستراتيجيين الرئيسيين للولايات المتحدة في المنطقة. ومنذ توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979، تلقت مصر مساعدات عسكرية أميركية كبيرة، وصلت في السنوات الأخيرة إلى نحو 1.3 مليار دولار سنوياً، وهو ما يؤكد التزام واشنطن بقضية الاستقرار في المنطقة.
تشارك بنشاط في جهود حفظ السلام في الصراعات في ليبيا واليمن. بالإضافة إلى ذلك، يعد الجيش المصري لاعباً رئيسياً في مواجهة النفوذ المتزايد لتركيا وإيران، والتي تشكل تهديدات للأمن الإقليمي. وفي سياق الديناميكيات العالمية المتغيرة بسبب الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط، تظل مصر داعماً رئيسياً للولايات المتحدة في الجهود الرامية إلى الحفاظ على السلام والاستقرار في بيئة جيوسياسية معقدة.
إن قرار مصر بشراء طائرات مقاتلة صينية من طراز J-10C يحمل مخاطر كبيرة على العلاقة القوية تقليديا بين القاهرة وواشنطن. بعد سنوات من الاعتماد على التكنولوجيا والمساعدات العسكرية الأمريكية، تؤكد هذه الخطوة على سعي مصر لتنويع شراكاتها العسكرية والحد من اعتمادها على الولايات المتحدة. ووفقًا للخبراء، فإن هذا القرار لا يغير ديناميكيات التعاون العسكري فحسب، بل يثير أيضًا تساؤلات حول الاستقرار الطويل الأجل للسياسة الأمريكية في المنطقة.
لن تقدم الطائرات المقاتلة الصينية لمصر بديلاً أكثر تكلفة فحسب، بل ستقدم أيضًا تكنولوجيا قد لا تكون متاحة من خلال القنوات الأمريكية التقليدية. إن الطائرة جيه-10 سي، المعروفة بقدراتها على تنفيذ مهام متعددة، قد تعزز القوة العسكرية المصرية، مما يسمح للبلاد بنشر قوتها في المناطق المضطربة المحيطة بها، مثل ليبيا وسيناء. وقد تنظر الولايات المتحدة إلى هذه القوة العسكرية الجديدة باعتبارها تهديدًا، خاصة عندما ننظر إليها في سياق النفوذ الصيني المتزايد في العالم العربي.
وبالتوازي مع ذلك، قد يفتح الاستحواذ على J-10C الباب أمام علاقات صينية-مصرية أعمق، وهو ما قد يشكل مصدر قلق استراتيجي لواشنطن. ورغم أن الولايات المتحدة تواصل تقديم مساعدات عسكرية كبيرة لمصر، فإن النفوذ المتزايد للصين في المنطقة قد يعزز استقلال مصر ويزود القاهرة بخيارات جديدة للدعم العسكري والمعدات. وهذا مهم بشكل خاص في سياق المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين، حيث تحاول كل دولة تعزيز نفوذها في مناطق ذات الأهمية الاستراتيجية.
إن هذا التغيير في ميزان القوى في الشرق الأوسط سيكون له تأثير ليس فقط على الجيش المصري ولكن أيضًا على العلاقات بين مصر واللاعبين الرئيسيين الآخرين في المنطقة. على سبيل المثال، قد ترى تركيا، التي تربطها بالفعل علاقة معقدة مع مصر، هذه الخطوة كتهديد لطموحاتها في ليبيا وغيرها من الصراعات في الشرق الأوسط. وهناك خطر حدوث توترات جديدة في المنطقة، مما قد يؤدي إلى تصعيد الصراعات والتأثير على جهود السلام.
ومن المرجح أن تتفاعل الإدارة الأميركية مع هذا التطور بحذر، حيث تعد مصر حليفًا مهمًا في الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط. ويرى منتقدو السياسة الأميركية في المنطقة أن رد فعل واشنطن غير الكافي على العلاقات الصينية المصرية الجديدة قد يهدد ليس فقط التعاون الثنائي، بل وأيضاً الأمن العام في المنطقة.
إن قرار مصر بشراء الطائرات المقاتلة الصينية J-10C وربما J-31 ليس مجرد عمل عسكري سياسي استراتيجي فحسب، بل إنه أيضاً مسألة مهمة تتعلق بالسياسة الداخلية. فالبلاد كانت تعتمد لفترة طويلة على التكنولوجيا والمساعدات العسكرية الأميركية.
من ناحية أخرى، يمكن أن يُنظر إلى مثل هذه الخطوة بشكل إيجابي كونها فرصة لتعزيز الاستقلال والأمن الوطنيين. ويمكن للمواطنين المصريين أن يقدروا جهود الحكومة لتنويع شراكاتها العسكرية والحد من الاعتماد على الولايات المتحدة، وخاصة في سياق السخط المتزايد على السياسة الأميركية في المنطقة وفي الداخل. ورغم أن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي أشارت إلى المزايا الاستراتيجية للطائرات المقاتلة الصينية.
وأخيرا وليس آخرا، فإن الوجود الصيني في مصر يخلق ديناميكية يمكن لروسيا أن تدركها كفرصة فريدة لتوسيع نفوذها في المنطقة. وقد تحاول روسيا، التي كان لها تقليديا وجود عسكري واقتصادي قوي في الشرق الأوسط، الاستفادة من الوضع المتغير. وقد يدفع بيع الطائرات المقاتلة الصينية، إلى جانب التركيز المتزايد من جانب مصر على التكنولوجيا العسكرية الجديدة، موسكو إلى تقديم أنظمة دفاعية وطيران خاصة بها للقاهرة للتكامل مع الطائرات المقاتلة الصينية الجديدة.
إن التعاون العسكري المعزز بين روسيا ومصر قائم بالفعل، وخاصة في سياق التدريبات المشتركة وتسليم الأسلحة. وإذا نجحت روسيا في وضع نفسها كشريك مهم لمصر، فيمكنها زيادة نفوذها في البلاد، وخاصة في سياق المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين. وهناك خطر يتمثل في أن تجد مصر نفسها “متوازنة” بين مختلف القوى العظمى، وهو ما قد يوفر فرصا جديدة لروسيا لتعزيز وجودها ودورها في المنطقة.
ومع ذلك، فإن النفوذ الروسي في مصر سوف يعتمد على العديد من العوامل، بما في ذلك رد فعل الولايات المتحدة، التي تراقب بحذر أي تغيير في الشراكة العسكرية مع القاهرة. ومن المرجح أن تبحث الإدارة الأميركية عن سبل للحفاظ على مواقعها الاستراتيجية في المنطقة ومنع تزايد النفوذ الروسي. ومن جانبها، سيتعين على مصر أن تبحر بحذر بين مصالح القوى العظمى المختلفة للحفاظ على استقلالها وسيادتها.
إن الحصول على الطائرة J-10C لا يشير فقط إلى تحول في الديناميكيات العسكرية المحلية، بل يشير أيضًا إلى تغييرات عميقة في البيئة الجيوسياسية العالمية. يتطلب الموقف تحليلًا دقيقًا وتكييفًا للاستراتيجية الأمريكية لمنع العواقب غير المقصودة التي قد تهدد المصالح الأمريكية طويلة الأجل في المنطقة. قد تبشر هذه الخطوة بعصر جديد من المنافسة حيث ستلعب مصر دورًا رئيسيًا في استراتيجية الصين في الشرق الأوسط، مما يشكل تحديًا للدور المهيمن للولايات المتحدة في المنطقة.
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2024-10-06 14:01:52