العالم بعد الحوسبة السحابية ليس كما قبله
قبل انتشار منصات الحوسبة السحابية، اعتمدت الشركات على الخوادم وقواعد البيانات والأجهزة والبرامج والأجهزة الطرفية الأخرى لنقل أعمالها عبر الإنترنت. وكان على الشركات شراء هذه المكونات لضمان وصول مواقعها إلى “الويب” أو تطبيقاته إلى المستخدمين، لذلك احتاجت الشركات إلى فريق من الخبراء لإدارة الأجهزة والبرامج ومراقبة البنية التحتية، وأدى هذا النهج إلى ظهور الكثير من المشاكل مثل الكلفة العالية للإعداد والمكونات المعقدة ومساحة التخزين المحدودة.
ومع انتشار جائحة كوفيد – 19، اضطرت الشركات والحكومات إلى تبني سياسة لا مركزية في العمل، لتحظى تكنولوجيا الحوسبة السحابية باهتمام متزايد بهدف الحد من الخسائر، حيث أصبحت هذه التكنولوجيا في الوقت الحالي مكونا رئيسيا، ليس فقط في مجال الأعمال، بل في حياتنا الخاصة وداخل منازلنا وفي الترفيه.
ويمكن تعريف الحوسبة السحابية بأنها شبكة من الخوادم البعيدة المستضافة على الإنترنت لتخزين واسترجاع البيانات، وتوفر عددا من خدمات تكنولوجيا المعلومات مثل الخوادم وقواعد البيانات والبرامج والتخزين الافتراضي والشبكات وغيرها.
وفي مصطلح مبسط يتم تعريف الحوسبة السحابية بأنها منصة افتراضية تتيح تخزين البيانات والوصول إليها عبر الإنترنت دون أي قيود، وتسمى الشركات التي تقدم جميع الخدمات السحابية بـ”موفري السحابة”، لأنها توفر القدرة على تخزين واسترجاع البيانات وتشغيل التطبيقات وإدارتها من خلال بوابات التكوين.
حكومات إلكترونية
وتقدم الحوسبة السحابية خدمات حاسوبية مهمة من سعة التخزين العالية إلى قوة المعالجة عبر الإنترنت، ووفرت أموالا طائلة على مؤسسات الدول والمدارس والمستشفيات وغيرها بسبب سعتها التخزينية العالية، إذ لم يعد هناك داعٍ لوجود الكثير من المرافق المادية اللازمة للتخزين. وأدت تطبيقاتها بسبب هذه الميزة إلى تغير شكل حياتنا كثيرا وفي مختلف القطاعات، وقد تكون الحكومة الإلكترونية من أبرز القطاعات التي استفادت من الحوسبة السحابية وساهمت في تغيير نمط حياتنا.
ويمكن للحوسبة السحابية أن تقدم خدماتها إلى أنشطة متعددة تقوم بها الحكومة، فهي تدعم الحكومة في الانتقال من الطرائق التقليدية للإدارة وتقديم الخدمات إلى طريقة متقدمة من خلال توفير البيئة المناسبة لذلك، ويمكنها أيضا مساعدة الحكومة بتقليل التكاليف التي تُصرف على وسائل التخزين المادية، والاستفادة من تلك الأموال في الخدمة العامة.
ويحتل التعليم بشقيه الخاص والحكومي مكانة متقدمة إن لم تكن الأولى في تسخير الحوسبة السحابية لفائدة الطلاب والمعلمين، إذ يمكن الآن للمؤسسات التعليمية تخزين كميات كبيرة من البيانات، مثل الدروس التعليمية، ويمكن للطلاب الوصول إلى هذه البيانات في أي مكان وأي وقت، كما يمكنهم التسجيل والمشاركة في أنشطة التعلم عبر الإنترنت، وتقديم خدمات متنوعة للجامعات والكليات والأساتذة والمعلمين للوصول إلى آلاف الطلاب في جميع أنحاء العالم. كما تستخدم المؤسسات التعليمية في جميع أنحاء العالم هذه الخدمات لتحسين كفاءتها وإنتاجيتها.
أما في البلدان الأقل تقدما، فيمكن للطلاب الوصول إلى مواقع الويب التعليمية ومنتديات ومجتمعات مشاركة المعرفة السحابية، وبالتالي التعلم عن بُعد. ولا يتطلب تخزين البيانات في السحابة وجود بنية تحتية معقدة ومكلفة بالنسبة إلى المؤسسات التعليمية. وتستخدم تقنيات الحوسبة السحابية كذلك في مجال الرعاية الصحية، حيث يمكن للمهنيين الطبيين إجراء التشخيصات واستضافة المعلومات وتحليل المرضى عن بُعد بمساعدة الحوسبة السحابية، حيث تساعد التكنولوجيا السحابية الفريق الطبي على ضمان حصول المرضى على أفضل رعاية ممكنة دون تأخير.
وتساعد الحوسبة السحابية علماء البيانات في تحليل البيانات الضخمة وأنماطها المختلفة، والرؤى لتحسين التوقعات واتخاذ القرارات. وأصبح بالإمكان الانتقال من مرحلة تبقى فيها جميع بيانات المرضى في مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات إلى مرحلة يمكن فيها للمرضى والكوادر الطبية المعنية الوصول إلى جميع البيانات المطلوبة على هواتفهم المحمولة، ما أسهم في تسريع وصول المرضى إلى التشخيص والعلاج المناسبين لهم. على سبيل المثال، يمكن للمرضى الحصول على نتائج تحاليلهم المخبرية على هواتفهم ومشاركتها مع الطبيب مباشرة دون إضاعة الوقت في الذهاب إلى المختبر ومن ثم إلى الطبيب.
خدمات التسوق
وفي مجال النقل تحتوي معظم المركبات الحديثة اليوم على برامج ملاحة مثبتة مسبقا، تجمع كمية كبيرة من البيانات وتخزنها في السحابة بهدف مساعدة السائق على الانتقال من مكان إلى آخر بسرعة وسلاسة. أما على الصعيد الشخصي، يمكنك الآن تخزين جميع ملفاتك على السحابة دون الخوف من ضياعها أو تلفها، بدلا من تخزينها على أدوات تخزين خارجية، بالإضافة إلى إمكانية مشاركتها مع الآخرين إن رغبت عبر البريد الإلكتروني مثلا.
وتظهر التأثيرات التي أحدثتها الحوسبة السحابية على حياتنا جلية في تطبيقاتها التي تربط جميع أنحاء العالم، وأبرز هذه التطبيقات محركات البحث مثل غوغل، وبث الفيديو المباشر، والألعاب على الإنترنت، ومشاهدة الأفلام على المنصات المخصصة مثل نتفليكس، وتحميل الكتب من المكتبات الإلكترونية، والتواصل مع الآخرين على منصات التواصل الاجتماعي، واستعادة ذكرياتنا المخزنة في السحابة.
وتركت الحوسبة السحابية في التسوق عبر الإنترنت أثرا كبيرا مع نمو هذا المجال، وذلك من خلال تخزين معلومات العميل على السحابة بهدف توفير تجربة أفضل له من جهة، وكي تتمكن الشركات من التوصل إلى إستراتيجية تسويق أفضل من جهة أخرى.
وصممت بعض الشركات تطبيقات تُنبه المستخدمين إلى ضرورة إصلاح عطل ما، كأن تُرسل إلى سائق السيارة الكهربائية إشعارا بأن البطارية على وشك النفاد، ما يمكنه من إيصال السيارة إلى مقبس شحن قريب في الوقت المناسب. يعتمد هذا التطبيق وتطبيقات أخرى مماثلة على السحابة.
وتتسلل الحوسبة السحابية إلى منازلنا عبر إنترنت الأشياء حيث أسهمت في جعل المنازل الذكية حقيقة واقعية، فالأجهزة الذكية الجديدة مثل الغسالة والثلاجة ومصابيح الإنارة وغيرها جميعها متصلة بالسحابة، وستؤدي إلى تغيير حياتنا في منازلنا.
مرتبط
المصدر
الكاتب:hanay shamout
الموقع : lebanoneconomy.net
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-01-05 06:41:18
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي