العرب و العالم

اللواء حسن حسن ل Pravda tv:الحرب لا تشتعل للحرب..ومن المهم التمييز بين التوغل والسيطرة

اللواء حسن حسن ل Pravda tv:الحرب لا تشتعل للحرب..ومن المهم التمييز بين التوغل والسيطرة

خاص pravda tv 

إعداد الإعلامي محمد ابو الجدايل 

للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية تُخترق الأراضي الروسية، وخاصة في منطقة لها رمزية تاريخية عمرها ثمانية عقود حيث هزم الجيش الاحمر جحافل جيش هتلر .

وهذا ما أشار إليه نائب رئيس الأمن القومي ديمتري ميدفيدف حيث تحدث عن مقالا انتقاميا نشرته

 صحيفة بيلد الألمانية تعلن فيه بفخر عن عودة الدبابات الألمانية إلى الأراضي الروسية

وأكد أن الرد الروسي سيكون وصول احدث الدبابات الروسية إلى ساحة برلين

بإشارة إلى توسع رقعة الصراع وان روسيا قادرة على الوصول إلى ساحات العاصمة الألمانية وليس إلى الحدود فقط

في هذا السياق كان لموقع pravda tv حوار خاص مع اللواء الدكتور حسن حسن أعده الإعلامي محمد ابو الجدايل 

 

وردا على سؤال عن أهمية كورسك  أهمية كورسك الرمزية والعسكرية؟ وهل التوغل الأوكراني سيغير من سير المعركة؟

 أشار د.حسن إلى أن كورسك مقاطعة روسية، أي أرض يزينها علم جمهورية روسيا الاتحادية

وهذا يكفي للنظر إليها على أنها ذات أهمية أكبر مما قد يرد في الكثير من القراءات والتحليلات

وعندما نتحدث عن أراض روسية فالصورة تصبح مرتبطة بهيبة روسيا

وهي تستعيد دورها الجيوبولتيكي الفاعل على الساحة الدولية بصفتها الدولة الوحيدة المؤهلة لتكون القطب المكافئ للتفرد الأمريكي

الذي ضاق العالم ذرعاً بنزعته الاستعلائية وعدوانيته التي تشمل الجميع بمن في ذلك الحلفاء والشركاء

بل تعمل بكل صفاقة على نشر الحروب والصراعات واختلاق الفتن والاضطرابات والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ذات السيادة

والجميع ينظر إلى روسيا الاتحادية اليوم على أنها الدولة القادرة على تهيئة البيئة الإستراتيجية المطلوبة لطي صفحة الأحادية القطبية والانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب

وهذا يعني أن استباحة الحدود الروسية في مقاطعة كورسك أكبر بكثير من أوكرانيا، وأعمق دلالة من حصر الموضوع بالناحية العسكرية

وإمكانية تغيير اللوحة الميدانية التي فرضتها روسيا الاتحادية منذ الإعلان عن انطلاق عمليتها العسكرية الخاصة لتحصين الأمن القومي الروسي

وحماية المواطنين الروس من الظلم والاعتداءات المتكررة التي كانوا يتعرضون لها من سلطات نظام زيلينسكي، ويخطئ من يظن أو يتوهم أن الحماقة والمقامرة

التي أقدم عليها الجيش الأوكراني بقيادة أمريكية قد تدفع موسكو لإعادة الحسابات

ومقاربة الوضع الميداني بعيداً عن العناوين الرئيسة والأهداف الأساسية التي تم الإعلان عنها رسمياً في شباط 2022م.

وإذا كانت مقاطعة كورسك حاضرة في الوجدان الروسي كمنطلق لجحافل الجيش الأحمر

الذي تصدى للنازية الهتلرية وبدأ هجومه المعاكس في الحرب العالمية الثانية من كورسك إلى أن دخلت دباباته وجنوده برلين

وتمكنت من القضاء على النازية وتخليص العالم من شرورها، فقد يكون استهداف كورسك من النازيين الجدد مقدمة لانطلاقة روسية جديدة ينتظرها العالم لتخليصه

من شرور النيوليبرالية التي تستهدف الجميع دونما استثناء، ومن المهم الإشارة هنا إلى عدد من النقاط المتعلقة بالتوغل العسكري الأوكراني المؤقت في مقاطعة كورسك، ومنها: 

• روسيا الاتحادية لا تقاتل أوكرانيا، بل تواجه الغرب الأطلسي مجتمعاً بزعامة واشنطن على الجغرافيا الأوكرانية، وخطوط الجبهة تمتد على طول/600/ ميل

أي قرابة ألف كم من نقاط الاشتباك بدرجات متفاوتة الشدة، وقد حققت القوات الروسية ـــ وما تزال تحقق ـــ إنجازات ميدانية تقلق الغرب الأطلسي

الذي عمل منذ انهيار الاتحاد السوفييتي للتمدد والتوسع شرقاً إلى أن أضحت الحديقة الخلفية لروسيا الاتحادية مهددة

فكانت العملية العسكرية الخاصة في شباط 2022 لتصحيح التاريخ وإعادة تصويب مساره.

• تنفيذ اختراق بري في الجغرافيا الروسية خارج إمكانيات الجيش الأوكراني

الذي يحتاج قبل تنفيذ أي عملية نوعية إلى استطلاع متقدم ورصد جوي عبر الأقمار الصناعية المتطورة لمعرفة محاور انتشار الجيش الروسي

والثغرات التي يمكن من خلالها بدء الهجوم باتجاه الداخل الروسي، وأي كلام عن جهل واشنطن بالأمور لا يعد أكثر من لغوٍ كلامي لا يغير حقيقة المشاركة الأمريكية والأطلسية في التخطيط للعملية

وتأمين الدعم اللوجستي والإلكتروني والمعلوماتي قبل البدء بأي تحرك ميداني، ومتابعة مراحل العملية البرية لحظة بلحظة.

من المهم التمييز بين مصطلحين عسكريين:التوغل والسيطرة

فبسط السيطرة يتضمن الاختراق أولاً وتدمير العدو المواجه، وإقامة نقاط تمركز وسيطرة

والانتقال من السيطرة النارية إلى السيطرة المباشرة عبر الانتشار والتمركز في منطقة الخرق

وما حدث ليس كذلك، بل أقرب ما يكون إلى مفاجأة تكتيكية أدت إلى إحداث اختراق موضعي، والاندفاع بأعماق مختلفة قد تكون تجاوزت عشرة كيلو مترات بجبهة عرضها قرابة /40كم/

أي أن الأوكرانيين نجحوا في إحداث اختراق مؤقت ومفاجئ، والسؤال إلى متى تستطيع القوات المتوغلة البقاء في الأماكن التي دخلتها

بعدة آلاف من الجنود المدعومين بالمدرعات وبمنظومات دفاع جوي لم تفلح في حماية القوات المتقدمة من النيران الروسية

التي قضت على قسم كبير منها، أي أن المهاجمين لم ينجحوا حتى الآن في الانتقال من السيطرة النارية

إلى السيطرة بالقوات على كامل الجغرافيا التي توغلت فيها.

• أحد الأهداف الرئيسية للهجوم كان السيطرة على محطة كورسك للطاقة النووية

وهذا ما لم يتحقق، وبغض النظر عن الأسباب التي أدت لحدوث الخرق، فالجيش الروسي سرعان ما استعاد زمام المبادرة

وتمكن من إيقاف اندفاع القوات المهاجمة نحو العمق أكثر مما وصلته في المرحلة الأولى للهجوم، والمؤشرات الموضوعية تؤكد أن أمام القوات

المهاجمة أحد احتمالين لا ثالث لهما: الانسحاب والعودة إلى داخل الحدود الأوكرانية، أو القضاء التام عليها بأقرب وقت.

 الهجوم الأوكراني هل هو فعلا محاولة غربية لكسر بوتين حقا؟ أم كما سابقاتها مجرد طعنات مؤذية غير قاتلة…؟

الحرب لا تشتعل للحرب، بل لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو غير ذلك

أي أن الصراع المسلح بكليته هو انتقال لاستخدام القوات المسلحة بعد انسداد الأفق السياسي

وهو محكوم بتسوية سياسية عبر المفاوضات في نهاية المطاف طال الزمن أم قصر

والمتغير المتشكل على الاختراق الأوكراني لا يتجاوز البعد التكتيكي الآني القابل للاحتواء من قبل القوات الروسية

أي أن الهدف الرئيس منه سياسي أكثر مما هو عسكري، ولتوضيح الصورة أكثر نتوقف عند عدد من الأفكار الرئيسية والنقاط المهمة، ومنها:

• روسيا البوتينية اليوم تختلف عن روسيا الاتحادية التي عرفها العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي

والتي كانت بالكاد قادرة على التعامل مع مفرزات الوضع الجديد، وحريصة على عدم إغضاب الغرب الأطلسي بقيادة أمريكا

وتعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وسيل من التحديات التي ترقى إلى مستوى الأخطار والتهديدات

ومنذ بداية القرن الحالي مع وصول الرئيس فلاديمير بوتين إلى سدة الرئاسة تبدلت الصورة، وسرعان ما استطاع فرملة الانهيار وإعادة البناء

واستعادة الدور، ومن الطبيعي أن يثير كل ذلك حفيظة الغرب المشهور بقدرته على اختلاق الأزمات والإدارة بها

بدلاً من إدارة الأزمات، وخير شاهد على ذلك الساحة الأوكرانية التي تحولت إلى جبهة أطلسية متقدمة ضد روسيا البوتينية الجديدة.

• لا شك أن الاختراق البري الأوكراني مؤلم ومستفز للقوات المسلحة الروسية الملزمة بالتعامل معه بوصفه خطراً يهدد الأمن القومي الروسي

وأوجب الواجبات إزالة هكذا أخطار إما بالقضاء عليها بأسرع وقت، أو تحويلها إلى تحديات تمهيداً لإعادة تدوير التحدي وتحويله

إلى فرصة بدلاً من كونه تهديداً يستوجب المواجهة، وهذا شأن المختصين والمسؤولين السياسيين والعسكريين الروس.

• بغض النظر عن الأفق المستقبلي المسدود للخرق الأوكراني هناك مجموعة من الأهداف المتعلقة بما حدث

وقد يكون بعضها مرتبط بتخفيف الضغط عن بقية الجبهات، وبخاصة على محور دونتسيك وقطاع خاركيف

حيث تسقط العديد من المواقع الأوكرانية تباعاً بيد الجيش الروسي، وقد تكون محاولة السيطرة على محطة كورسك للطاقة النووية الروسية هدفاً آخر، وبخاصة أنها لا تبعد أكثر من/60 /كيلومترا

إلى الشمال الشرقي من سودجا التي دخلتها القوات الأوكرانية، وترافق الهجوم على كورسك

باستهداف محطة زابروجيا النووية يؤكد ما قالته الناطقة باسم الخارجية الروسية زاخروفا بأن أوكرانيا وبمساعدة الغرب تنفذ إرهاباً نووياً بكل ما تعنيه الكلمة.

• إمام استمرار العملية العسكرية الروسية في تحقيق المزيد من النجاحات، وإخفاق الدعم الأمريكي والأوربي الغربي اللامحدود لنظام زيلينسكي

في تعديل مخرجات الميدان وتقدم الجيش الروسي على أكثر من محور، وكل هذا وغيره يؤكد حاجة كييف والغرب الأطلسي لأي إنجاز عسكري يخفف من آثار انهيار الروح المعنوية

لدى الجيش الأوكراني من جهة، ومن جهة أخرى يساعد على زيادة الأصوات في الداخل الروسي الداعية لوقف الحرب على الجغرافية الأوكرانية.

• الانقسام في الشارع الأمريكي والتخوف من وصول ترامب إلى البيت الأبيض في الانتخابات الأمريكية

التي أصبحت على الأبواب يمكن أن يرخي ظلاله على الاختراق العسكري الأوكراني

وكأن الرسالة تقول: الدعم الأمريكي لأوكرانيا لا يذهب سدى، بل يحقق إنجازات تساهم في تمكين واشنطن من الاحتفاظ بالأحادية القطبية، وهذه الرسالة مهمة ومؤثرة لدى الناخب الأمريكي.

• الحرب على الجغرافيا الأوكرانية واحدة من الحروب التي أشعلت فتيلها الحكومة الخفية المتحكمة بالقرار الأمريكي، وهذا يعني ضرورة النظر إلى هذه الحروب ضمن سلة واحدة

وبخاصة الحرب المزمنة في الشرق الأوسط، وإصرار حكومة نتنياهو على الاستمرار بحرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري لسكان غزة بدعم أمريكي

وبمشاركة أمريكية تجاوزت كل ما يدخل في إطار الدعم اللامحدود، ويمكن تفسير توقيت الهجوم الأوكراني على دونتسك بانسداد الأفق

في وقف إطلاق النار في غزة، والخوف من توسيع الحرب في الشرق الأوسط مع إصرار إيران وحزب الله

وبقية جبهات الإسناد على الانتقام من العدوانية الإسرائيلية التي استهدفت طهران والضاحية الجنوبية

واغتالت بدم بارد رئيس المكتب السياسي لحماس: إسماعيل هنية، والشخصية العسكرية الأهم بعد سماحة الأمين العام في حزب الله القائد فؤاد شكر

وقد يكون الاختراق البري الأوكراني رسالة أمريكية للروس بعد زيارة وفد عسكري روسي رفيع برئاسة وزير الدفاع السابق “شويغو”

إلى طهران، ومضمون الرسالة يقول: إذا كانت روسيا بصدد التدخل المباشر ودعم أطراف محور المقاومة في مواجهة التوحش الأمريكي المناصر للإجرام الإسرائيلي

فإن الرد على الجبهة الأوكرانية سيكون في الداخل الروسي وليس على خطوط التماس، وهذا يبنى عليه الكثير.

أخيراً وباختصار شديد يمكن القول: إن الاختراق البري في إقليم كورسك أمر مؤلم واستفزازي

لكنه لا يمتلك مقومات التحول إلى ظاهرة، بل سرعان ما سيأخذ مكانه إلى جانب بقية الاستفزازات والإزعاجات التي تنفذها واشنطن عبر وكلائها

وهي على يقين أن أولئك الوكلاء عاجزون عن فرض متغيرات جوهرية في حلبة الاشتباك غير المسبوق إقليمياً ودولياً، والقرائن الدالة تشير إلى أن العالم ضاق ذرعاً بالغطرسة الأمريكية

وهو في طريقه للانتقال إلى نظام متعدد الأقطاب، ولا مكان فيه لهيمنة طرف واحد على القرار الدولي، وفرض إرادته على العالم أجمع.

ظهرت المقالة اللواء حسن حسن ل Pravda tv:الحرب لا تشتعل للحرب..ومن المهم التمييز بين التوغل والسيطرة أولاً على pravda tv.

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :pravdatv.org
بتاريخ:2024-08-15 12:21:22
الكاتب:قسم التحرير

ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

العرب و العالم

اللواء حسن حسن ل Pravda tv:الحرب لا تشتعل للحرب..ومن المهم التمييز بين التوغل والسيطرة

اللواء حسن حسن ل Pravda tv:الحرب لا تشتعل للحرب..ومن المهم التمييز بين التوغل والسيطرة

خاص pravda tv 

إعداد الإعلامي محمد ابو الجدايل 

للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية تُخترق الأراضي الروسية، وخاصة في منطقة لها رمزية تاريخية عمرها ثمانية عقود حيث هزم الجيش الاحمر جحافل جيش هتلر .

وهذا ما أشار إليه نائب رئيس الأمن القومي ديمتري ميدفيدف حيث تحدث عن مقالا انتقاميا نشرته

 صحيفة بيلد الألمانية تعلن فيه بفخر عن عودة الدبابات الألمانية إلى الأراضي الروسية

وأكد أن الرد الروسي سيكون وصول احدث الدبابات الروسية إلى ساحة برلين

بإشارة إلى توسع رقعة الصراع وان روسيا قادرة على الوصول إلى ساحات العاصمة الألمانية وليس إلى الحدود فقط

في هذا السياق كان لموقع pravda tv حوار خاص مع اللواء الدكتور حسن حسن أعده الإعلامي محمد ابو الجدايل 

 

وردا على سؤال عن أهمية كورسك  أهمية كورسك الرمزية والعسكرية؟ وهل التوغل الأوكراني سيغير من سير المعركة؟

 أشار د.حسن إلى أن كورسك مقاطعة روسية، أي أرض يزينها علم جمهورية روسيا الاتحادية

وهذا يكفي للنظر إليها على أنها ذات أهمية أكبر مما قد يرد في الكثير من القراءات والتحليلات

وعندما نتحدث عن أراض روسية فالصورة تصبح مرتبطة بهيبة روسيا

وهي تستعيد دورها الجيوبولتيكي الفاعل على الساحة الدولية بصفتها الدولة الوحيدة المؤهلة لتكون القطب المكافئ للتفرد الأمريكي

الذي ضاق العالم ذرعاً بنزعته الاستعلائية وعدوانيته التي تشمل الجميع بمن في ذلك الحلفاء والشركاء

بل تعمل بكل صفاقة على نشر الحروب والصراعات واختلاق الفتن والاضطرابات والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ذات السيادة

والجميع ينظر إلى روسيا الاتحادية اليوم على أنها الدولة القادرة على تهيئة البيئة الإستراتيجية المطلوبة لطي صفحة الأحادية القطبية والانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب

وهذا يعني أن استباحة الحدود الروسية في مقاطعة كورسك أكبر بكثير من أوكرانيا، وأعمق دلالة من حصر الموضوع بالناحية العسكرية

وإمكانية تغيير اللوحة الميدانية التي فرضتها روسيا الاتحادية منذ الإعلان عن انطلاق عمليتها العسكرية الخاصة لتحصين الأمن القومي الروسي

وحماية المواطنين الروس من الظلم والاعتداءات المتكررة التي كانوا يتعرضون لها من سلطات نظام زيلينسكي، ويخطئ من يظن أو يتوهم أن الحماقة والمقامرة

التي أقدم عليها الجيش الأوكراني بقيادة أمريكية قد تدفع موسكو لإعادة الحسابات

ومقاربة الوضع الميداني بعيداً عن العناوين الرئيسة والأهداف الأساسية التي تم الإعلان عنها رسمياً في شباط 2022م.

وإذا كانت مقاطعة كورسك حاضرة في الوجدان الروسي كمنطلق لجحافل الجيش الأحمر

الذي تصدى للنازية الهتلرية وبدأ هجومه المعاكس في الحرب العالمية الثانية من كورسك إلى أن دخلت دباباته وجنوده برلين

وتمكنت من القضاء على النازية وتخليص العالم من شرورها، فقد يكون استهداف كورسك من النازيين الجدد مقدمة لانطلاقة روسية جديدة ينتظرها العالم لتخليصه

من شرور النيوليبرالية التي تستهدف الجميع دونما استثناء، ومن المهم الإشارة هنا إلى عدد من النقاط المتعلقة بالتوغل العسكري الأوكراني المؤقت في مقاطعة كورسك، ومنها: 

• روسيا الاتحادية لا تقاتل أوكرانيا، بل تواجه الغرب الأطلسي مجتمعاً بزعامة واشنطن على الجغرافيا الأوكرانية، وخطوط الجبهة تمتد على طول/600/ ميل

أي قرابة ألف كم من نقاط الاشتباك بدرجات متفاوتة الشدة، وقد حققت القوات الروسية ـــ وما تزال تحقق ـــ إنجازات ميدانية تقلق الغرب الأطلسي

الذي عمل منذ انهيار الاتحاد السوفييتي للتمدد والتوسع شرقاً إلى أن أضحت الحديقة الخلفية لروسيا الاتحادية مهددة

فكانت العملية العسكرية الخاصة في شباط 2022 لتصحيح التاريخ وإعادة تصويب مساره.

• تنفيذ اختراق بري في الجغرافيا الروسية خارج إمكانيات الجيش الأوكراني

الذي يحتاج قبل تنفيذ أي عملية نوعية إلى استطلاع متقدم ورصد جوي عبر الأقمار الصناعية المتطورة لمعرفة محاور انتشار الجيش الروسي

والثغرات التي يمكن من خلالها بدء الهجوم باتجاه الداخل الروسي، وأي كلام عن جهل واشنطن بالأمور لا يعد أكثر من لغوٍ كلامي لا يغير حقيقة المشاركة الأمريكية والأطلسية في التخطيط للعملية

وتأمين الدعم اللوجستي والإلكتروني والمعلوماتي قبل البدء بأي تحرك ميداني، ومتابعة مراحل العملية البرية لحظة بلحظة.

من المهم التمييز بين مصطلحين عسكريين:التوغل والسيطرة

فبسط السيطرة يتضمن الاختراق أولاً وتدمير العدو المواجه، وإقامة نقاط تمركز وسيطرة

والانتقال من السيطرة النارية إلى السيطرة المباشرة عبر الانتشار والتمركز في منطقة الخرق

وما حدث ليس كذلك، بل أقرب ما يكون إلى مفاجأة تكتيكية أدت إلى إحداث اختراق موضعي، والاندفاع بأعماق مختلفة قد تكون تجاوزت عشرة كيلو مترات بجبهة عرضها قرابة /40كم/

أي أن الأوكرانيين نجحوا في إحداث اختراق مؤقت ومفاجئ، والسؤال إلى متى تستطيع القوات المتوغلة البقاء في الأماكن التي دخلتها

بعدة آلاف من الجنود المدعومين بالمدرعات وبمنظومات دفاع جوي لم تفلح في حماية القوات المتقدمة من النيران الروسية

التي قضت على قسم كبير منها، أي أن المهاجمين لم ينجحوا حتى الآن في الانتقال من السيطرة النارية

إلى السيطرة بالقوات على كامل الجغرافيا التي توغلت فيها.

• أحد الأهداف الرئيسية للهجوم كان السيطرة على محطة كورسك للطاقة النووية

وهذا ما لم يتحقق، وبغض النظر عن الأسباب التي أدت لحدوث الخرق، فالجيش الروسي سرعان ما استعاد زمام المبادرة

وتمكن من إيقاف اندفاع القوات المهاجمة نحو العمق أكثر مما وصلته في المرحلة الأولى للهجوم، والمؤشرات الموضوعية تؤكد أن أمام القوات

المهاجمة أحد احتمالين لا ثالث لهما: الانسحاب والعودة إلى داخل الحدود الأوكرانية، أو القضاء التام عليها بأقرب وقت.

 الهجوم الأوكراني هل هو فعلا محاولة غربية لكسر بوتين حقا؟ أم كما سابقاتها مجرد طعنات مؤذية غير قاتلة…؟

الحرب لا تشتعل للحرب، بل لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو غير ذلك

أي أن الصراع المسلح بكليته هو انتقال لاستخدام القوات المسلحة بعد انسداد الأفق السياسي

وهو محكوم بتسوية سياسية عبر المفاوضات في نهاية المطاف طال الزمن أم قصر

والمتغير المتشكل على الاختراق الأوكراني لا يتجاوز البعد التكتيكي الآني القابل للاحتواء من قبل القوات الروسية

أي أن الهدف الرئيس منه سياسي أكثر مما هو عسكري، ولتوضيح الصورة أكثر نتوقف عند عدد من الأفكار الرئيسية والنقاط المهمة، ومنها:

• روسيا البوتينية اليوم تختلف عن روسيا الاتحادية التي عرفها العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي

والتي كانت بالكاد قادرة على التعامل مع مفرزات الوضع الجديد، وحريصة على عدم إغضاب الغرب الأطلسي بقيادة أمريكا

وتعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وسيل من التحديات التي ترقى إلى مستوى الأخطار والتهديدات

ومنذ بداية القرن الحالي مع وصول الرئيس فلاديمير بوتين إلى سدة الرئاسة تبدلت الصورة، وسرعان ما استطاع فرملة الانهيار وإعادة البناء

واستعادة الدور، ومن الطبيعي أن يثير كل ذلك حفيظة الغرب المشهور بقدرته على اختلاق الأزمات والإدارة بها

بدلاً من إدارة الأزمات، وخير شاهد على ذلك الساحة الأوكرانية التي تحولت إلى جبهة أطلسية متقدمة ضد روسيا البوتينية الجديدة.

• لا شك أن الاختراق البري الأوكراني مؤلم ومستفز للقوات المسلحة الروسية الملزمة بالتعامل معه بوصفه خطراً يهدد الأمن القومي الروسي

وأوجب الواجبات إزالة هكذا أخطار إما بالقضاء عليها بأسرع وقت، أو تحويلها إلى تحديات تمهيداً لإعادة تدوير التحدي وتحويله

إلى فرصة بدلاً من كونه تهديداً يستوجب المواجهة، وهذا شأن المختصين والمسؤولين السياسيين والعسكريين الروس.

• بغض النظر عن الأفق المستقبلي المسدود للخرق الأوكراني هناك مجموعة من الأهداف المتعلقة بما حدث

وقد يكون بعضها مرتبط بتخفيف الضغط عن بقية الجبهات، وبخاصة على محور دونتسيك وقطاع خاركيف

حيث تسقط العديد من المواقع الأوكرانية تباعاً بيد الجيش الروسي، وقد تكون محاولة السيطرة على محطة كورسك للطاقة النووية الروسية هدفاً آخر، وبخاصة أنها لا تبعد أكثر من/60 /كيلومترا

إلى الشمال الشرقي من سودجا التي دخلتها القوات الأوكرانية، وترافق الهجوم على كورسك

باستهداف محطة زابروجيا النووية يؤكد ما قالته الناطقة باسم الخارجية الروسية زاخروفا بأن أوكرانيا وبمساعدة الغرب تنفذ إرهاباً نووياً بكل ما تعنيه الكلمة.

• إمام استمرار العملية العسكرية الروسية في تحقيق المزيد من النجاحات، وإخفاق الدعم الأمريكي والأوربي الغربي اللامحدود لنظام زيلينسكي

في تعديل مخرجات الميدان وتقدم الجيش الروسي على أكثر من محور، وكل هذا وغيره يؤكد حاجة كييف والغرب الأطلسي لأي إنجاز عسكري يخفف من آثار انهيار الروح المعنوية

لدى الجيش الأوكراني من جهة، ومن جهة أخرى يساعد على زيادة الأصوات في الداخل الروسي الداعية لوقف الحرب على الجغرافية الأوكرانية.

• الانقسام في الشارع الأمريكي والتخوف من وصول ترامب إلى البيت الأبيض في الانتخابات الأمريكية

التي أصبحت على الأبواب يمكن أن يرخي ظلاله على الاختراق العسكري الأوكراني

وكأن الرسالة تقول: الدعم الأمريكي لأوكرانيا لا يذهب سدى، بل يحقق إنجازات تساهم في تمكين واشنطن من الاحتفاظ بالأحادية القطبية، وهذه الرسالة مهمة ومؤثرة لدى الناخب الأمريكي.

• الحرب على الجغرافيا الأوكرانية واحدة من الحروب التي أشعلت فتيلها الحكومة الخفية المتحكمة بالقرار الأمريكي، وهذا يعني ضرورة النظر إلى هذه الحروب ضمن سلة واحدة

وبخاصة الحرب المزمنة في الشرق الأوسط، وإصرار حكومة نتنياهو على الاستمرار بحرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري لسكان غزة بدعم أمريكي

وبمشاركة أمريكية تجاوزت كل ما يدخل في إطار الدعم اللامحدود، ويمكن تفسير توقيت الهجوم الأوكراني على دونتسك بانسداد الأفق

في وقف إطلاق النار في غزة، والخوف من توسيع الحرب في الشرق الأوسط مع إصرار إيران وحزب الله

وبقية جبهات الإسناد على الانتقام من العدوانية الإسرائيلية التي استهدفت طهران والضاحية الجنوبية

واغتالت بدم بارد رئيس المكتب السياسي لحماس: إسماعيل هنية، والشخصية العسكرية الأهم بعد سماحة الأمين العام في حزب الله القائد فؤاد شكر

وقد يكون الاختراق البري الأوكراني رسالة أمريكية للروس بعد زيارة وفد عسكري روسي رفيع برئاسة وزير الدفاع السابق “شويغو”

إلى طهران، ومضمون الرسالة يقول: إذا كانت روسيا بصدد التدخل المباشر ودعم أطراف محور المقاومة في مواجهة التوحش الأمريكي المناصر للإجرام الإسرائيلي

فإن الرد على الجبهة الأوكرانية سيكون في الداخل الروسي وليس على خطوط التماس، وهذا يبنى عليه الكثير.

أخيراً وباختصار شديد يمكن القول: إن الاختراق البري في إقليم كورسك أمر مؤلم واستفزازي

لكنه لا يمتلك مقومات التحول إلى ظاهرة، بل سرعان ما سيأخذ مكانه إلى جانب بقية الاستفزازات والإزعاجات التي تنفذها واشنطن عبر وكلائها

وهي على يقين أن أولئك الوكلاء عاجزون عن فرض متغيرات جوهرية في حلبة الاشتباك غير المسبوق إقليمياً ودولياً، والقرائن الدالة تشير إلى أن العالم ضاق ذرعاً بالغطرسة الأمريكية

وهو في طريقه للانتقال إلى نظام متعدد الأقطاب، ولا مكان فيه لهيمنة طرف واحد على القرار الدولي، وفرض إرادته على العالم أجمع.

ظهرت المقالة اللواء حسن حسن ل Pravda tv:الحرب لا تشتعل للحرب..ومن المهم التمييز بين التوغل والسيطرة أولاً على pravda tv.

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :pravdatv.org
بتاريخ:2024-08-15 12:21:22
الكاتب:قسم التحرير

ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من Beiruttime اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading