المرتضى: إرادة الشعوب لا بد أن تنتصر
رعت وزارة الثقافة ممثلة بشخص وزيرها في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى وضمن احتفالية طرابلس عاصمة للثقافة العربية لعام 2024، لقاء مع الاعلامي سامي كليب تحت عنوان “غزة حلقة في مسلسل التدمير الممنهج للوطن العربي”، بدعوة من مركز مولوي الثقافي.
حضر اللقاء الذي استضافه المركز في مقره في طرابلس، النائب جميل عبود، الوزير السابق سمير الجسر، القنصل مصطفى مولوي، رئيس البلدية رياض يمق وشخصيات سياسية وثقافية وإعلامية واجتماعية.
استهل اللقاء بكلمة لرئيسة المركز ميرنا عجم مولوي، ثم قال وزير الثقافة: “تدمير العالم العربي، يوثق الانحدار بدءا بالربيع العربي الذي لم يزهر، مرورا بالمكائد والدسائس التي وثقها الدكتور سامي كليب بعناية الباحث الأكاديمي وبحرص في اعتماد منهجية بحث مدعمة بالوثائق”.
اضاف: “نوافق الدكتور كليب الذي ساعدته سعة اطلاعه واطلالته الثقافية على المخزونين العربي والعالمي في توصيفه التدمير سمة استعمارية لصيقة بجينات الاستعمار بمعنى انها ليست من الزوائد التي يمكن للدولة الاستعمارية الاستغناء عنها بحسب الظروف. الاستعمار إما يستعمر ويؤسس لحواضر تابعة وإما ينحسر ويدمر كل شيء وراءه”.
وتابع: “لن استرسل في التعليق على مقولة الشاعر الانكليزي كيبلينغ حول ان ” الغرب غرب والشرق شرق وانهما لن يلتقيا ابدا” انما لا بد من التعليق خصوصا بعد الحرب على غزة ان الغرب يلتقي مع الشرق، يلتقي معه اذا رضخ الشرق له رضوخا يمنع الشرق من ان يلتقي مع ذاته الوجودية”.
وقال: “هذا هو اللقاء الذي ينشده الغرب عندما يتعلق الأمر بالشرق وهو ضمن معادلة “طبع فنلتقي” أو “طبع وإياك ان تلتقي مع ذاتك وتاريخك وحضارتك وثقافتك”. وما يحدث في غزة هو جزء من هذه الدعوة المفخخة للقاء الضحية مع الجلاد. ضحية مطلوب منها ان تتصهين وتتهود بدءا من تسمية أسماء شوارعها وصولا الى نسيان مسجدها الأقصى وأن تركن الى الابراهيمية وتحمل جواز سفرها وتوسم بمعاداة السامية إن هي تمسكت بجواز سفرها الفلسطيني”.
اضاف: “لذلك، قلنا ان سقوط غزة هو سقوط العرب في آخر معقل لهم في المشرق العربي ومع سقوطها -الذي لم ولن يحصل- ستتحول العروبة التي ذوبها التطبيع الى موضوع اكاديمي لا يستهوي سوى طلبة الماجستير والدكتوراه في كليات التاريخ والعلوم السياسية”.
وتابع: “لذلك أيضا، عندما نقارب مسألة مقاومة التطبيع فإنما نقاربه من زاوية المواجهة الحضارية والثقافية والعسكرية في ثلاثية استراتيجية هادفة الى حفظ العروبة بكل مكونات تنوعها”.
وسأل: “هل نجح تدمير العالم العربي على ما جاء في الكتاب القيم للدكتور كليب وهو على اية حال لم يسلم بتدميره؟”.
وقال: “لقد عانى العالم العربي من القوة التدميرية لما سمي بالربيع العربي بموازاة جهود التطبيع، ثنائي -اي الربيع والتطبيع- غير مكلف للمنظمين لأنه يجنبهم الاحتلال المباشر كما حصل في غزو العراق، ثنائي يضمن الاهتراء بالحصار وبقوانين قيصر وبحكم جمعيات المجتمع المدني وبابتزاز صندوق النقد الدولي وبهدم القيم وببث الفرقة واستيلاد النزاعات والحروب بين المكونات وما سوى ذلك من أساليب الإخضاع الناعم”.
اضاف: “كل هذا تحبطه غزة منذ ستة أشهر، ولذلك يستميت الغرب وليس فقط اسرائيل في تعليق صورة انتصار ولو هزيلة حماية للثنائي الذي نجح في جذب قسم كبير من العالم العربي والاسلامي الى التطبيع أو الى الحصار”.
وتابع: “حصار ايران أتى في هذا السياق أيضا. كان الغرب ينام ملء جفونه مطمئنا الى ان في ايران نقطتي ضعف تمنعانها من الانخراط الفعال في استنهاض العروبة ، أولا جذورها الفارسية وثانيا تشيعها فطار صواب الغرب عندما وحدت غزة الوجدانين الشيعي والسني خلفها -بل الوجدان الإنساني برمته-، وقبلها عندما وقعت المملكة العربية السعودية وايران إتفاقية تاريخية أزالت المخاوف الاستعمارية التي لطالما ألصقت بإيران، ما أجهض مساعي بث مزيد من الفرقة بين العرب والإيرانيين”.
واردف: “غزة هي أكثر دلالة استراتيجيا من ستالنغراد وسايغون وخليج الخنازير لأنها تختزل جرحا إنسانيا لا جرحا دينيا والجراح الانسانية لا يمكن معالجتها بالحروب حتى ولو دامت ألف سنة. انه صراع تاريخي وليس صراعا سياسيا او حدوديا او عرقيا او دينيا ومن يضعه في هذه الخانة يضيع البوصلة”.
وختم: “كل الرجاء ان تنتصر غزة ومع تيقننا بأن انتصارها حتمي نعرف ان الصراع لن ينتهي غدا لأننا نخوض معارك في حرب كبرى تستعر ساعة وتخفت ساعة أخرى لكن في نهاية المطاف لا بد ان تنتصر ارادة الشعوب”.
مولوي
من جهتها، انتقدت مولوي “التدخلات الخارجية في المنطقة”، مشيرة الى “خطورة المرحلة التي يعيشها العالم في مواجهة الحركات الصهيونىة التوسعية في المنطقة، في الوقت الذي تخلت الدول العربية عن غزة لتواجه وحدها ابشع انواع الجرائم في حق الانسانية التي عرفها العصر”.
وأكدت أن “وحدتنا هي خلاصنا”، داعية الى “تعميق أسس العيش المشترك”، مشددة على “اننا جميعا في مركب واحد في وجه الاعاصير التي تعصف في المنطقة”.
كليب
أما كليب فذكر بـ”التاريخ العروبي والنضالي لطرابلس وما قدمته للقضية الفلسطينية”، وقدم عددا من الاقتباسات من كتب عالمية مهمة تحدثت عن الأسباب الحقيقية للحرب على غزة وعن رغبة المشروع الصهيوني بتهجير الفلسطينيين ومنع إقامة دولة فلسطينية.
وعرض بعضا مما جاء في كتاب ” فلسطين” للكاتبين الشهيرين نوام شومسكي وإيلان بابيه ومنها: “لا أحد يجرؤ اليوم على الحديث عن الأيديولوجيا التي باسمها تشن إسرائيل كل اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني، ولا توجد أي مظاهرات ضد الصهيونية، وذلك لان البرلمان الأوروبي بات يعتبر أن أي تحرك ضد الصهيونية يجب ان يحاكم بتهمة معاداة السامية.
ان الخط الأخضر الذي اخترعته إسرائيل للتفريق بين طبقتين من الفلسطينيين، أي الذين يعيشون فيها، وأولئك الذين يقيمون على الأراضي المحتلة، بدأ يتبخر، لان سياسات التصفية العرقية نفسها بدأت تمارس في المكانين.
ان الرغبة الإسرائيلية بتحويل فلسطين المتعددة إلى مكان تسوده فكرة النقاء العرقي هي في قلب المشروع المستمر منذ العام 1882، والأسوأ من ذلك أنه ولا مرة واحدة أدانته الأسرة الدولية التي بقيت مكتوفة الأيدي. وهو ما أدى في العام 1948 إلى الطرد الجماعي لنحو 750 ألف فلسطيني من أرضهم، مع تدمير أكثر من 500 قريبة وعشرات المدن. وبسبب هذا الصمت الدولي، صارت التصفية العرقية البنية التحتية التي تقوم فوقها الدولة اليهودية”.
ان أيديولوجية التصفية العرقية، تطلبت أيضا نزع أي إنسانية عن الفلسطينيين، وهو ما جعل من الممكن ارتكاب الفظائع التي رأيناها في غزة منذ العام 2009، فالنظرة تكون دائما إلى الفلسطيني على أنه هدف عسكري، وخطر على الأمن، وقنبلة ديمغرافية.
كل الوثائق العسكرية الاسرائيلية، بما فيها أمر احتلال القرى في العام 1948، أو ما تسمى أيضا بعقيدة الضاحية التي فرضت على سلاح الجو في العام 2009، والتي كانت تهدف بالأصل لهزيمة حزب الله في الضاحية الجنوبية الشيعية لبيروت التي دمرت تحت القنابل، أو ما يتعلق بتعليمات قصف غزة، كل هذه التعليمات كانت تقول باعتبار المناطق المدنية قواعد عسكرية. وبالتالي يمكن القول إنه منذ العام 1948، لم تكن التصفية العرقية مجرد سياسة في إسرائيل بل هي اسلوب حياة، وإن استمرار ذلك لا يجعل فقط سياسات الدولة مجرمة وإنما تصبح الدولة نفسها مجرمة.
ان خزعبلات مسيرة السلام جعلت إسرائيل تبدع في تطوير استراتيجيتها للتطهير العرقي، بلاد من وضع حد لهذا الأمر، فلم يكن لمسار السلام أي هدف سوى إطالة عمر الوضع القائم، وقد استغلته إسرائيل للسيطرة على أراض اضافية. وإن عملية التقسيم التي بدأت في العام 1974 أو استمرت في العام 1993 مع اتفاقات أوسلو، كانت تهدف إلى الاعتراف بدولة يهودية عنصرية ابتلعت أكثر من 56 بالمئة من فلسطين في العام 1947 وليس أقل من 80 بالمئة في العام 1993. وقد باتت الصهيونية دين الدولة.
ليس أكثر مدعاة للتعجب من طلب إسرائيل من الفلسطينيين الاعتراف بحقها في الوجود.
إن الصهيونية المسيحية تيار مؤثر جدا، وظهر قبل الصهيونية اليهودية، وكان ظاهرة مرتبطة فقط بالنخبة، ففي كل صباح كان اللورد بالفوور، ولويد جورج، وويلسون وهاري ترومان يقرؤون الكتاب المقدس الذي يقول بأرض الميعاد التي اختارها الله لليهود، وكانت سلطات الانتداب البريطانية وغيرها من السلطات الغربية تسهل قيام مؤسسات وطنية يهودية في فلسطين وذلك من منطلق معاداة الإسلام والعرب.
إن هدف إسرائيل على المدى الطويل هو تقليص عدد الفلسطينيين الى أدنى مستوى، ولذلك لجأت الى التطهير العرقي، والخنق الاقتصادي، والسجن الديمغرافي. ولا ريب في أن تقليص عدد الفلسطينيين على كامل أراضي فلسطين التاريخية هو هدف من أهداف المشروع الصهيوني، وقد اتخذ هذا المشروع شكله الافظع انسانيا في غزة”.
وطرح كليب مجموعة من “القضايا المثيرة التي حصلت قبل 7 أكتوبر على المستويين الدولي والإقليمي، وبينها قمة نيودلهي التي أريد منها إنشاء خط للسكك الحديد من الهند إلى الخليج فالأردن وإسرائيل وصولا6 إلى أوروبا لتكون بديلا عن طريق الحرير، وذلك في إطار الصراع الدول المستعر على المنطقة”.
كما توقف عند “مجاهرة بنيامين نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة قبل شهر من اندلاع حرب غزة، بأن عملية التطبيع في المنطقة تجري بلا الفلسطينيين”.
وأشار الى “قضية أثارت خلافات كثيرة قبيل إندلاع الحرب وتتمثل باكتشافات الغاز الهائلة عند سواحل غزة، وما كانت تريده إسرائيل من اتفاق مع السلطة الفلسطينية ومصر بعيدا عن حماس التي رفضته”.
وخلص كليب إلى أن “لا خلاص لفلسطين الا بموقف عربي موحد يستفيد حاليا من الانقسام الدولي الحاد ويعيد طرح القضية على بساط البحث الجدي”.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :otv.com.lb
بتاريخ:2024-04-22 18:13:22
الكاتب:Julien Saad