المستوطنون المشاغبون ليسوا أقلية هامشية، الحديث يدور عن ارهابيين عنيفين

هآرتس 26/1/2025، اهود اولمرت: المستوطنون المشاغبون ليسوا أقلية هامشية، الحديث يدور عن ارهابيين عنيفين
للحظة حبست الانفاس وساد الصمت في ارجاء البلاد. هذا كان عندما شاهدنا النساء الثلاثة يمشين وسط صخب وضجيج مقاتلي حماس في غزة، في الطريق الى سيارة الصليب الاحمر التي نقلتهن الى بيوتهن.
بعد اشهر من الانتظار، الخوف ازاء الرفض غير الانساني لرئيس الحكومة من اجل التوصل الى اتفاق، الذي كان محتمل، لتحرير المخطوفين، وبدرجة كبيرة بفضل الرئيس الامريكي الجديد – القديم، توصلنا الى الاتفاق. أنا لا اتذكر منذ سنوات كثيرة أنه كان حدث كهذا من القلق والتوقع وعدم الصبر والأمل، مثل الساعات التي انتظرنا فيها الى أن توقف النفس في نهاية المطاف، والمخطوفات الاوائل الثلاثة ظهرن وسببن لنا الانفعال العميق الذي أملناه جدا.
هذه اللحظة كانت قصيرة وانتهت. الجولة القادمة من المخطوفين العائدين يتوقع أن تكون في الغد. مرة اخرى تنهدنا بفرح واثارة. لا يوجد شيء نحبه اكثر من شم رائحة حبنا الجماعي لانفسنا. نحن رائعون جدا، انسانيون جدا، ونهتم كثيرا بالرهائن. القلق الكبير على مصيرهم والخوف من فقدانهم والفرح بانقاذهم حتى لو عدد قليل منهم، يخلق على الفور الشعور المتجدد بالتضامن في المجتمع الاسرائيلي. ولكن هذا ليس دقيق. بين انقاذ مخطوفة واخرى خلال الحوار المتواصل في جميع قنوات الاعلام وفي الشبكات الاجتماعية حول الشعور الرائع للراحة والرضا، يواصل محاربو المستوطنين في الضفة الغربية التنكيل والاعتداء والاحراق والضرب وتدمير ممتلكات الفلسطينيين الذين يعيشون هنا والمس بهم ايضا.
في الاسابيع الاخيرة الكثير من الشباب، على الاغلب ملثمين أو يرتدون اقنعة تستهدف طمس هويتهم، انقضوا على قرى في الضفة الغربية وعملوا بالروح الكهانية الآخذة في الانتشار في اوساط اجزاء واسعة في المجتمع الاسرائيلي. هم يخرجون من اجل المس بالسكان الفلسطينيين، الذين ليس لديهم أي مكان يهربون اليه، أو وسائل للدفاع عن انفسهم، أو شرطة وحرس حدود وجيش لحمايتهم.
لا شك أنه يوجد ارهاب فلسطيني، الذي يتلقى الالهام من حماس والجهاد الاسلامي، الذي نشعر بضرره السيء بين حين وآخر. هذا الارهاب هو ارهاب قاتل، عنيف، عديم الرحمة والشفقة. دولة اسرائيل تحاربه بكل الوسائل الكثيرة التي بحوزتها، وتستعين، ضمن امور اخرى، باجهزة الامن الفلسطينية التي تشارك اجهزة الامن الاسرائيلية بالمعلومات الحيوية وتساعدنا في العثور على الارهابيين واماكن اختبائهم واعتقالهم قبل تنفيذ عملياتهم القاتلة.
في عدد كبير من الحالات، التي يطبيعة الحال لا يتم التحدث عنها بتوسع في وسائل الاعلام لدينا، المعلومات المسبقة التي قدمتها اجهزة امن السلطة الفلسطينية تساعدنا في منع العمليات الارهابية واعتقال القتلة وانقاذ حياة الناس. في حالات غير قليلة ينجح الارهابيون في تنفيذ غايتهم. خاصة لأنه في عدد من الحالات على الاقل هم يعملون لوحدهم، وليس كجزء من منظومة تنظيمية منسقة، لذلك يصعب تحديد هويتهم والعثور على مكان تواجدهم واعتقالهم قبل اطلاق النار على المدنيين اليهود وقتلهم.
النضال ضد هذا الارهاب هو مهمة رئيسية للجيش، الشرطة والشباك. هذا النضال سيستمر لفترة طويلة، ونحن سنضطر مرة اخرى الى مواجهة عمليات كثيرة ستكون مقرونة بفقدان اسرائيليين لحياتهم في ارجاء الضفة الغربية.
ايضا اتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية، الذي لا يلوح في هذه الاثناء في الافق السياسي لدينا، لن يقضي على الارهاب الفلسطيني في فترة قصيرة. المرارة التي تراكمت في اوساط ملايين الفلسطينيين خلال عشرات سنين الاحتلال الاسرائيلي للمناطق، لن تتلاشى بين عشية وضحاها، وحتى ليس في سنة. هذه ستكون عملية طويلة، مؤلمة ومعقدة، التي سنضطر الى تعلم مواجهتها واستيعابها واحباط تهديدها.
لكن لم يعد امامنا خيار التسامح مع الارهاب اليهودي العنيف الذي ينتشر في ارجاء الضفة الغربية. في الاشهر الاخيرة اصبح شباب في اوساط المستوطنين وكثير من البالغين ايضا، اشخاص يرتكبون المذابح وليس لهم كابح. هم ينقضون على الفلسطينيين الذين يوجدون قرب المستوطنات التي نفذت قربها عمليات ارهابية، ويدمرون ممتلكاتهم ويحرقون بيوتهم وحقولهم. لا توجد أي طريقة لطمس هذه الظاهرة، وهي آخذة في الاتساع وتهدد باشتعال نار الانتفاضة الثالثة في ارجاء البلاد.
في الوقت الذي نواجه فيه الحاجة الى انهاء الحرب في غزة، واستكمال اعادة جميع المخطوفين الاحياء ودفن الذين ماتوا، تحدث في المناطق التي توجد تحت سيطرتنا العسكرية والامنية المطلقة اعمال فتك مثيرة للاشمئزاز كجزء من جهد استراتيجي واعي للجهات التي تنفذه لتوسيع الحرب التي نغرق في ألمها منذ 15 شهر ايضا الى داخل قرى ومدن الضفة الغربية من اجل أن يؤدي ذلك الى اخلاء هذه المناطق من السكان وتمهيد الارض للضم الكامل لدولة اسرائيل. لا يوجد خيار امام شخص يحترم نفسه لتجاهل هذه الظاهرة وطمس تأثيرها واخطارها والتهديد الذي تشكله على طابع وقيم المجتمع الاسرائيلي.
للاسف، حكومة اسرائيل تتصرف وكأن هذه الامور لا تحدث أبدا. في الحقيقة ايتمار بن غفير، الذي تمت ادانته بدعم الارهاب عدة مرات، وشجع شبيبة التلال على مواصلة النشاطات التي يرافقها العنف الشديد كجزء من روتين حياتهم، لم يعد الآن عضو في الحكومة، لكن روحه، قيمه وكراهيته، ما زالت تملي سلوك الجهات الحكومية في مناطق الضفة الغربية. هكذا نشأ بالفعل مجال واسع ومريح للجهات الارهابية اليهودية للعمل بدون خوف من جهات انفاذ القانون.
في السنة الاخيرة كانت هناك عدة احداث اشعلت الجمهور في اسرائيل لفترة قصيرة، مثل التقارير عن تنكيل الجنود بمخربي النخبة الذين كانوا في نوبات حراسة من قبل قوات الامن في سجن سديه تيمان، واقتحامه واقتحام القاعدة العسكرية “بيت ليد” واستخدام العنف ضد الجنود وخرق كل قواعد الانضباط الاساسية التي كانت متبعة في اسرائيل منذ عشرات السنين عندما يدور الحديث عن منشآت عسكرية. من من بين العشرات الذين اعتقلوا لبضعة ايام تم تقديمه للمحاكمة؟ ضد من اتخذت وسائل قانونية مشددة مثلما يقتضي الامر من العنف القاسي الذي ميز هذه الاحداث؟.
في السنة الاخيرة ايضا جاء مئات من معتمري القبعات من المناطق، احيانا يرافقهم اعضاء كنيست ووزراء في الحكومة، ومنعوا قوافل الشاحنات التي كانت تنقل التموين الانساني الى القطاع. يمكن، بل مسموح، التعبير عن الرأي ضد هذا التموين. هذه المواقف عبر عنها عدد غير قليل في اطار الخطاب العام الجاري في وسائل الاعلام الحرة في الدولة. ولكن المستوطنين الذين وصلوا الى كرم أبو سالم والمعابر في غزة اتبعوا اساليب عنيفة لخرق قرارات الحكومة وسلوك قوات الامن. من منهم تم اعتقاله؟ من تم تقديمه للمحاكمة؟ من دفع الثمن بسبب هذه الخروقات العنيفة للقانون الاسرائيلي؟.
في هذه الاحداث ليس فقط لم يتم اتخاذ خطوات، كما هو مطلوب، بل إن شرطة اسرائيل، بالهام من رئيسها لفترة قصيرة، وقفت جانبا وشاهدت هذا الخرق للقانون والمس المادي بالشاحنات التي نقلت المواد الغذائية للمحتاجين اليها وشاهدت تدمير هذا التموين ولم تتدخل. هي لم تحاول منع تدمير المواد الغذائية وكأنها فرع للارهاب اليهودي الذي عمل بدون ازعاج. في الفترة الاخيرة، في اعقاب احداث الارهاب القاسية في منطقة قرية الفندق التي توجد في منطقة افرايم، خرج المستوطنون الى حملة انتقام في القرية. فقد مسوا بالممتلكات والبيوت والسكان والمنطقة، وكل ذلك من اجل زرع الخوف والذهول في اوساط الناس الذين يعيشون هناك.
يمكن الافتراض بأن هذه الحالة، مثل عدد كبير من الاحداث في الضفة الغربية واعمال شغب الارهاب اليهودي، بما في ذلك التي انتهت بقتل ابرياء، ستبقى بدون رد مناسب من قبل قوات الامن لدينا. المشاغبون اليهود لن يتم اعتقالهم، والمذنبون لن يتم ايجادهم، ومن يؤيدون الارهاب اليهودي ويدافعون عنه يمكنهم الاعلان بغطرسة أن هؤلاء اقلية صغيرة جدا من الشباب غير المنضبطين.
هذا ليس هو الوضع. الحديث لا يدور عن اقلية صغيرة، أو عن شباب غير منضبطين، بل الحديث يدور عن ارهابيين عنيفين يعملون في مجموعات كبيرة ومنظمة. الحديث لا يدور عن اقلية هامشية، بل عن مجتمع كبير من المشاغبين الذين يملكون السلاح الذي كما يبدو في حالات كثيرة تم تزويدهم به بصورة غير قانونية، كجزء من توزيع السلاح للوزير بن غفير. هؤلاء الشباب يعملون في مناخ يحتضنهم ويدعمهم، من قبل عدد غير قليل من السكان البالغين الذين يوجدون في الاراضي الفلسطينية.
أنا اعرف أن ما اكتبه سيغضب من اشير اليهم. هم سيستخدمون الادوات التي يخلقها المناخ العام في اسرائيل الآن، من اجل محاولة اسكاتي. ولكن أنا لا توجد لدي أي امكانية للصمت، لأن جزء من مناخ العنف والكراهية والارهاب يمكن، لا سمح الله، أن ينزلق ايضا الى وحدات الجيش. لا يمكن عدم التحدث عن ذلك. وقد قلت في السابق في عدة مناسبات وفي نقاشات علنية غير قليلة بأن من يعتمرون القبعات المنسوجة هم الاكثر شجاعة وجرأة في اوساط الجنود. لا يوجد مثلهم. وليس بالصدفة أن الكثيرين في اوساط الذين سقطوا في الحرب هم من معتمري القبعات المنسوجة. مثل شوفال بن نتان، الذي قال فوق قبره شقيقه الذي عند تأبينه كيف أنه قتل واحرق ودمر الممتلكات والبيوت في غزة فقط كي يفرح اصدقاءه. هناك اسباب للافتراض أن شوفال لم يكن لوحده. حالات كثيرة للعنف القاسي والوحشي كشفت في هذه الحرب. جرائم كثيرة تم ارتكابها اثناء القتال على يد الجنود والضباط، حتى ضباط كبار في وحدات النخبة المقاتلة لدينا.
أنا لا استطيع تبني صيغة الجنرال احتياط موشيه يعلون، الذي اتهم الدولة والجيش بارتكاب تطهير عرقي في غزة. لا توجد لدي التفاصيل والمعلومات التي ربما تكون لدى يعلون. وأنا غير محسوب على اصدقائه ومحاوريه. ولكنه شخص نزيه ومحارب شجاع ويمثل الجيش الاسرائيلي، الذي كان ذات يوم بدرجة لا تقل عن كبار المقاتلين في الوقت الحالي.
تجاهل تحذير يعلون والقصص عن القادة، بما في ذلك قادة الفرق الذين يسمحون لانفسهم ببث روح التدمير بدون كابح في وضع مطلوب فيه ضبط النفس ويقتضي الحذر من ارتكاب جرائم حرب، يجب أن يقلقنا.
“شبيبة التلال”، هو لقب اكل الدهر عليه وشرب. الحديث يدور عن شباب الاعمال الفظيعة، الذين يعملون في المناطق التي فيها دولة اسرائيل هي المسؤولة عن الامن.
الفشل في منع شباب الفظائع ليس صدفيا. هو يمثل سياسة تمثل دولة اسرائيل 2025. الغاء الاعتقال الاداري للمستوطنين في الضفة بصورة تظاهرية من قبل وزير الامن، هو اشارة. من الواضح أنه يمكنهم الهياج لمعرفتهم أن جهاز الامن الاسرائيلي يعطيهم الدعم والتغطية.
اذا لم نقم على الفور بوقف مظاهر العنف وعمليات الفتك هذه فجميعنا سنكون مسؤولين عنها.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-26 22:58:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>