“انفجار مالي”… “لُعبة” جديدة للزيادات؟

على الرغم من الإختلاف في المعطيات حول نتائج قرارات الزيادة الأخيرة على رواتب موظفي القطاع العام والتي أتت على صورة تعويضات وحوافز إضافية، وما رافق صدور سلسلة الرتب والرواتب وتداعياتها المالية والإقتصادية، فإنه يمكن القول بأن الواقع شبيه اليوم لما كان عليه في تلك المرحلة وبكل تعقيداته وتفاصيله وارتداداته على مالية الدولة.

والسؤال الأساسي المتداول يتناول مصدر التمويل الذي ستؤمن من خلاله الحكومة، ارتفاع كلفة الرواتب من 80 مليون دولار شهرياً إلى 120، وما إذا كانت ستُدفع للموظفين بالدولار أو بالليرة، لأن شراء الدولار بالليرات المتوافرة والتي تصل إلى 100 تريليون ليرة، وفق ما أعلن منذ شهر الرئيس نجيب ميقاتي، سوف يؤدي إلى اهتزاز سعر الصرف.

ومن الواضح أن لا استدامة للقرارات الحكومية، إذ أن الأموال غير متوافرة حالياً، رغم الإحتياطي الملحوظ في الموازنة لتغطية الحوافز والتقديمات، ولكن هذا الإحتياطي غير موجود بانتظار جباية الضرائب والرسوم الواردة في الموازنة. وبالتالي فمن المستبعد أن تتمكن الخزينة من تأمين الأموال الضرورية لدفع حقوق الموظفين المشروعة، ما يقود إلى التساؤل حول ما إذا كانت الزيادة ستأتي على حساب تمويل أدوية السرطان أو دعم القمح وغيرها.

وفي هذا السياق يتحدث الخبير الإقتصادي الدكتور جاسم عجاقة ل”ليبانون ديبايت”، عن أن الفوضى القائمة في هذا الملف، تعود إلى غياب الإصلاحات الإقتصادية الضرورية، مشيراً إلى أن حكومة تصريف الأعمال، لا تملك مصادر الأموال اللازمة لتغطية هذا الإنفاق، لأن الضرائب الملحوظة في موازنة العام الحالي، لن تغطي هذا الإنفاق.

وبالتالي، يرى الدكتور عجاقة أنه “لا يمكن الخروج من واقع الفوضى الحالي، إلاّ من خلال تنفيذ خطوات إصلاحية”. ويستدرك بالإشارة إلى “مخاوف تتمثل بانخراط الحكومة في إجراءات خاطئة متتالية أو مراكمة الأخطاء، ما قد يؤدي إلى حلول الكارثة الكبرى، وصولاً إلى ما نخشاه من انفجار مالي”.

ويستدرك عجاقة بأن “النوايا سليمة وهي إعادة انتظام عمل المؤسسات الرسمية، ولكن إن لم تتلازم الإجراءات مع الإصلاح، ستكون النتائج معاكسة، وسنصل إلى الدوران في دائرة مفرغة”.