بعد إبعاد عمر بن لادن من فرنسا.. اين هم أبناء زعيم القاعدة الارهابي؟
عمر بن لادن، البالغ من العمر 43 عاماً، استقر في فرنسا منذ عام 2016.
وقال وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو إن عمر بن لادن كان يعيش في مقاطعة أورن كزوج لمواطنة بريطانية، مضيفاً أن القرار اتخذ بسبب “نشره تعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي العام 2023 تمجد الإرهاب”.
وأشار إلى أن “المحاكم أكدت شرعية هذا القرار الذي اتخذ لمصلحة الأمن القومي”. ووفقاً لبيان وزير الداخلية الفرنسي المعين حديثاً، والمعروف بتبنيه مواقف حازمة في ملف ترحيل المهاجرين، فإن عمر ممنوع من دخول فرنسا “تحت أي ظرف”.
وأعادت قضية عمر طرح السؤال عن مصير أبناء أسامة بن لادن، الذي قُتل على يد القوات الخاصة الأمريكية في باكستان عام 2011 ودُفن في البحر؟
تشير التقارير الصحافية إلى أن عمر هو الابن الرابع لزعيم تنظيم القاعدة، وقد ولد في السعودية التي تنحدر منها عائلته الثرية. أمضى عمر طفولته في السعودية، ثم عاش في السودان وأفغانستان. افترق عمر عن والده في سن مبكرة، إذ غير قناعاته في سن التاسعة عشرة، وترك والده في عام 2000، رافضاً استكمال تدريبه في معسكرات الجهاديين بأفغانستان، التي كانت تستقطب القاصرين والشباب اليافعين. رفض عمر أن يرتبط اسمه بسفك الدماء، فاختار طريقاً مختلفاً لنفسه. حصل عمر على إقامة في فرنسا بعد زواجه من المواطنة البريطانية جين فيليكس براون التي غيرت اسمها لاحقاً إلى زينة محمد الصباح، وكان قد التقى بها في مصر. لفي عام 2008، اشتكت زينة في حديث لصحيفة “الغارديان” من أن السلطات البريطانية ترفض منح عمر الجنسية بسبب ماضيه العائلي. استقر عمر في منطقة نورماندي شمال فرنسا، حيث احترف الرسم، مستلهماً من طبيعة الريف الفرنسي. ومع ذلك، أصدرت السلطات الفرنسية قراراً بطرده نهائياً من البلاد في أكتوبر الحالي. وتشير التقارير إلى أن عمر عاد إلى قطر بعد صدور قرار طرده في عام 2023، إثر انتهاء صلاحية إقامته، بينما يُنتظر البت في الطعون المقدمة بهذا الشأن.
“لن أعيش في جلباب أبي”
رغم تبرؤ عمر من نهج والده، إلا أن التقارير تفيد بأنه قد يكون ظل محاصراً بنظرة عامة تشكك بقدرته على الفكاك من إرث العائلة. فعلى الرغم من حرص عمر بن لادن على نبذ العنف الذي انتهجه والده، إلا أن البعض انتقد تصريحات سابقة له وصف فيها والده بأنه كان “رجلاً لطيفاً”، و”ملتزماً بقواعد دينية وأخلاقية صارمة”. بعد مقتل والده، وجه عمر انتقاداً للولايات المتحدة، واتهمها “بانتهاك القانون الدولي لعدم السماح بدفن لائق لوالده”، وسط الجدل حول دفن رفات أسامة بن لادن في البحر. في مذكراته التي نُشرت عام 2009، عبر عمر عن شعوره بالأسى لوضعه الخاص، لكونه نشأ في ظل أب كان مضطراً للاختباء دائماً خوفاً من أجهزة الاستخبارات العالمية، وعلى رأسها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA). مع ذلك، وجد عمر الدعم والمساندة من المقربين، خاصة زوجته، التي نفت الاتهامات الموجهة إليه بشأن منشور أثار غضب السلطات الفرنسية، واعتبرته تمجيداً للإرهاب. وأكدت أن التصريح كان اقتباساً من السياسي البريطاني الراحل ونستون تشرشل. كما أكد صديقه المقرب، باسكال مارتن، الذي يعيش في فرنسا، أن عمر لا يتبنى أفكار والده، مضيفاً: “أصبحنا أصدقاء، ويمكنني القول إن عمر الذي عرفته لا يشبه الصورة التي يُروج لها”.
كيف عاش أولاد بن لادن؟
بينما اختار عمر بن لادن ألا يعيش في جلباب أبيه، كان لأسامة بن لادن أبناء آخرون اتبعوا خطاه. وظهر اسم حمزة، الذي يُعتقد أنه كان في الثلاثينيات من عمره، حين أعلنت تقارير إعلامية أمريكية مقتله في غارة جوية عام 2019 في عهد الرئيس دونالد ترامب. ورغم الإعلان عن مقتله في 2019، أفادت التقارير بأن العملية نُفذت قبل ذلك بعامين، ولم تصدر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أي تعليق حول تفاصيل الغارة. ويُعتقد أن حمزة كان مرشحاً لخلافة والده في قيادة تنظيم القاعدة، بناءً على وثائق عُثر عليها في منزل والده بعد الغارة الأمريكية التي قتلته في 2011.حمزة بن لادن: تقارير أمريكية تكشف عن “مقتل” نجل زعيم تنظيم القاعدة في وقت سابق، كانت الولايات المتحدة قد أعلنت عن مكافأة قدرها مليون دولار لمن يُدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على حمزة. وكان الأخير يعد قائداً شاباً يسعى إلى إعادة بناء تنظيم القاعدة. وقيل إن القوات الأمريكية عثرت على شريط فيديو يوثق زفاف حمزة على ابنة أحد قادة تنظيم القاعدة البارزين في إيران. وفي ما يتعلق بجنسيته، أفادت تقارير إعلامية بأن السعودية سحبت الجنسية من حمزة بن لادن، وسط تكهنات حول مكان وجوده، سواء في أفغانستان، باكستان، سوريا أو إيران. ووفقاً لتقرير من “مؤسسة بروكينغز” البحثية، كان حمزة مع والده في أفغانستان قبل هجمات 11 شتنبر، وقضى وقتاً معه في باكستان بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان. في عام 2015، نشر حمزة أول رسالة صوتية له، توعد فيها بالانتقام لوالده والجهاد ضد أعدائه، وقدم نفسه كوريثٍ لأسامة بن لادن. ومن بين أبناء بن لادن الذين ارتبطت أسماؤهم بالإرهاب أيضاً، سعد، الابن الثالث، الذي قتل في غارة أمريكية في باكستان عام 2009، وخالد، الذي قُتل بجوار والده في الغارة الأمريكية على منزله عام 2011.
Getty Images
المصور الباكستاني مظهر خان صور أسامة بن لادن وأحد أبنائه في أفغانستان.
من المعروف أن زعيم تنظيم القاعدة السعودي المولد، أسامة بن لادن، كان لديه عدد كبير من الأبناء والبنات من عدة زوجات. وعلى الرغم من عدم وجود إحصاء دقيق، فإن موسوعة ويكيبيديا تقدر عدد أبنائه المعروفين بنحو 20. أسامة بن لادن نفسه كان الابن السابع عشر لأحد أغنى رجال السعودية، محمد بن لادن، الذي أسس في عام 1931 إمبراطورية مالية ضخمة، وكان له أكثر من خمسين ابناً وابنة من عدة زيجات. وليس هناك معلومات كثيرة عن أبناء أسامة، ونادراً ما يذكرون في الإعلام، باستثناء بعض الأحاديث التي تتناول من بقي منهم تابعاً لأفكار والده، أو من ابتعدوا عن نهجه واتخذوا مسارات مختلفة. وفقًا لموقع “هيستوري”، كانت الحياة داخل منازل بن لادن قاسية؛ إذ عاش الأولاد بدون مكيفات في صيف أفغانستان الحار، وكانوا ينامون على مراتب موضوعة على الأرض، وكانت ملابسهم بسيطة. لكن في سلة مشترياتهم، كانت توجد المشروبات الغازية والأدوية وألعاب الفيديو وصبغات الشعر من العلامات التجارية الغربية، كما أفاد بعض أصحاب المتاجر المحلية الذين كان الأولاد يتبضعون من عندهم. في عام 2017، كشفت إيمان بن لادن، في حديثها لصحيفة “الغارديان”، عن تفاصيل حياتية تخص والدها. أشارت إلى أن العائلة كانت تعيش في حالة من الشتات وعدم الاستقرار. وتذكرت يوم العاشر من شتنبر 2001، قبل يوم واحد من هجمات مركز التجارة العالمي، إذ صدرت الأوامر لزوجات بن لادن بحزم أمتعتهن ونقل أطفالهن بعيداً عن قندهار. وسافرت العائلة لمدة ثلاثة أيام على متن حافلة متهالكة تعود للحقبة السوفييتية، دون أن يعرفوا وجهتهم النهائية. وأوضحت إيمان أن الهجمات وقعت أثناء رحلتهم إلى شمال شرق أفغانستان، وأنها لم تكن على علم بتفاصيلها. ووصفت إيمان الحياة في القلعة التي كان يقيم فيها والدها وزوجاته في قندهار، وقالت إن صرخات أخيها عمر، الذي كان مراهقاً في ذلك الوقت، كانت تملأ المكان بسبب خلافاته المستمرة مع والده، رغم التشابه الكبير بينهما. وعلى النقيض، ورث حمزة بن لادن أفكار والده المتطرفة. وأضافت أن والدها كان يسعى لإنجاب أكبر عدد ممكن من الأطفال لخدمة أهدافه، لكن مسار العنف الذي اختاره أدى إلى تفكك العائلة. وأشارت إلى أن بعض أبناء أسامة الذين ولدوا من زيجات مع أقاربهم عانوا من مشكلات في النمو أو من مرض التوحد. وأفادت إيمان أن العائلة واجهت صعوبات متزايدة بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان، مما دفعها إلى البحث عن ملاذ آمن. وكان من بين الخيارات غير المتوقعة اللجوء إلى إيران، نظراً لكونها لا تتعاون مع الغرب وتشترك بحدود مع أفغانستان، ما جعلها خياراً مناسباً. ومع ذلك، اعتبرت إيمان أن اللجوء إلى إيران كان محفوفاً بالمخاطر بسبب الخلافات الدينية بين الشيعة والسنة، إضافة إلى العداء بين إيران وتنظيم القاعدة. تشير التقارير إلى أن أبناء بن لادن توزعوا فيما بعد بين باكستان وسوريا وإيران، حيث عاش بعضهم تحت الإقامة الجبرية، وحافظوا على حياة منخفضة الظهور.
هل يمكن لأولاد بن لادن العودة إلى السعودية؟
مع مرور الوقت، سعى بعض أفراد العائلة إلى إنهاء حالة الشتات. في عام 2010، استعانت إيمان بالسفارة السعودية في طهران وعادت إلى جدة وهي في العشرين من عمرها، برفقة بعض أشقائها. بينما انتقل بعض أفراد العائلة الآخرين إلى قطر. وأوضحت إيمان أن تقارب الرياض مع واشنطن في عام 2001 حال دون التفكير في اللجوء إلى السعودية في تلك الفترة. وفي حديثه مع بي بي سي، قال محمد إبراهيم، الباحث في الشؤون السياسية من السعودية: “عائلة بن لادن تظل جزءاً مؤثراً في المجتمع السعودي، الذي يحتضن أفرادها ككل، باستثناء بعض الحالات الخاصة التي انشقت عن العائلة”. وأضاف: “كما هو الحال في كل قبيلة، يوجد الصالح والطالح، والمملكة لا تعاقب أحداً بذنب غيره، ولا تُحمل مسؤولية لقريب بسبب أفعال قريبه”. وقال إبراهيم إن السعودية “تحترم التزاماتها تجاه مواطنيها، باستثناء من يثبت ضلوعه أو اشتراكه في مخالفات قانونية سواء وطنية أو دولية”. برأيه فإن “التصرف الصحيح لمن يعانون من مشاكل في الخارج، هو طلب المساعدة عبر القنوات الرسمية والبعثات الخارجية، لفحص كل حالة بشكل فردي”. لكنه أضاف أن “المملكة تحرص على سمعتها كدولة تكافح الإرهاب، وقطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال”. لكن ما قد يعرقل عودة أبناء بن لادن إلى السعودية، هو قانون “تطبيق العدالة على رعاة الإرهاب” الصادر في الولايات المتحدة عام 2016، والمعروف اختصاراً بـ”قانون جاستا”.قانون جاستا الأمريكي: السعودية تحذر الكونغرس “عواقب وخيمة وخطيرة” يسمح هذا القانون لأسر ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية وملاحقة مسؤوليها عن أي أضرار مترتبة على تلك الهجمات، رغم معارضة السعودية ونفيها مسؤوليتها عن هجمات 11 سبتمبر.
وعلى نحو عام، خضعت عائلة بن لادن في السعودية لتدقيق مكثف، ويُقال إن من بين أبناء أسامة الذين عادوا إليها، عبدالله بن لادن، الابن البكر، الذي يدير الآن أعماله التجارية هناك. وفي عام 2017، مع صعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، احتُجز أفراد من العائلة في إطار “حملة الاعتقالات في فندق الريتز كارلتون”، التي شملت رجال أعمال وأمراء بتهم تتعلق بالفساد. بعد مرور ما يقرب من ربع قرن على أحداث 11 سبتمبر، يبدو أن عائلة أسامة بن لادن لم تتخلص بالكامل من لعنة الماضي، إذ يظل الاسم مرتبطة بلحظة حالكة في تاريخ الولايات المتحدة وتاريخ السعودية.
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.alalam.ir بتاريخ:2024-10-13 11:10:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي