اخبار لبنان

"بين إسرائيل وإيران هل يضيع لبنان ال10452كلم2 ؟ "

تنقسم آراء المحللين حول ما ستؤول الیھا الاوضاع في منطقة الشرق الأوسط، فمنھم من یؤكد أننا عشیة حرب إقليمية بین اللاعبين الاقلیمیین الأساسیین إیران وإسرائيل، ومنھم من یعتقد بوجود مفاوضات سریّة بین الطرفين، بغض النظر عما یروّجه الطرفان في الإعلام، وھي مباحثات لم تنقطع یوما” بینھما ولطالما كانت تسفر عن تفاهمات وتوزيع أدوار. لذا نرى من الأھمّیة استعراض ما یجري حالیّا” في غالبیّة دول المنطقة وانعكاس تأثير الدور الأمريكي على مجریات الأوضاع فیھا، والتوقّف مطوّلا” على العلاقة الإسرائيلية الإيرانية.
بدایة نتطرّق الى ٣ تطوّرات أساسية، وھي:
١- قرار مبدئي من إدارة بایدن بالانسحاب من منطقة الشرق الاوسط وتكلیف قوى إقليميّة حليفة بتقاسم النفوذ فیما بینھا شرط تأمين مصالح أمريكا، فتتفرّغ بدورها لمواجهة خصميها الاستراتیجیین الصین وروسيا.
٢- المفاوضات العلنية والسریة بین أمريكا وایران لإعادتها الى الاتفاق النووي، ففي مقابل رفع العقوبات عنھا وتحرير أموالها المجمدة والسماح لھا بلعب دور محدد في المنطقة، تشترط أمريكا علیھا التوقف عن: تصنيع الصواريخ البالستية، عدم التدخل في لبنان وسوریا والیمن والعراق وفلسطين، والتراجع عن الاتفاقيتين الاستراتیجیتین مع الصین وسوریا.
٣- تبادل الرسائل بین إیران من جھة وأميركا وإسرائيل من جھة، سواء” الدموية كما ھو الحال في غزة ولبنان وسوریا والعراق والیمن، أو الدبلوماسية من خلال مفاوضات إیران والسعودية ومن خلال التطبيع بین إسرائيل وبعض دول الخليج.
لا بد أيضا” من فھم طبيعة العلاقة الحالیة بین دولتي إسرائيل وایران والتي ھي نتاج علاقة تاريخية بدأت بین الفرس والیھود منذ العام٥٣٩ ق.م. أیام قورش (المنقذ من سبي بابل)، فنستعرض بعض المحطات التي مرت بھا ھذه العلاقة في تاریخنا الحدیث، أي منذ تأسيس دولة إسرائيل:
• ١٩٤٨ أعرب بن غوريون عن رغبته بالتحالف مع جيرانه من غیر العرب كإيران وتركیا
• ١٩٥٠ اعترف شاه إیران بإسرائيل
• ١٩٧٠ أنشأت إیران سفارة لھا في إسرائيل أسمتها بیرن ٢ للتمويه
• ١٩٨٠ زار احمد كاشاني نجل آیة ﷲ أبو القاسم كاشاني، المقرب من الخميني، إسرائيل قبل اندلاع الحرب الإيرانية العراقية فوافق بیغن على شحن أسلحة ومعدات عسكرية لإیران
• ١٩٨١ قصفت إسرائيل موقع أوزیراك النووي في العراق بفضل صور وخرائط ایرانیة، بحسب كتاب تریتا بارسي ” التحالف الغادر”
• ١٩٨١ أسقط السوفيات طائرة أرجنتينية دخلت بالخطأ الأجواء الروسية وكانت محملة بأسلحة وذخائر من إسرائيل الى إیران، من ضمن صفقة بقیمة ١٥٠ ملیون دولار، وكان الإنكليزي استویب الن سمسار ھذه الصفقة، وكشفت صحيفة الحیاة اللندنية عن جسر جوي أقیم بین البلدين لهذه الغایة
• ١٩٨١ في مقابلة نشرتها ھیرالد تریبیون الامریكیة في ٢٤ آب اعترف الرئيس الایراني السابق بني صدر أنه أحیط علما” بالعلاقة بین الدولتين وأنه لم یستطع ان یواجه التیار الدیني في إیران
• ١٩٨٢ كشفت مجلة میدل ایست البريطانية عن صفقة اسلحة بین إسرائيل وایران ب ١٠٠ ملیون دولار كانت إسرائيل قد صادرتها من الفلسطینیین بجنوب لبنان على أن تسدد إیران ثمنها نفطا”
• ١٩٨٢ أكد آرییل شارون لشبكةNBC أن إسرائيل زودت إیران بالسلاح والذخائر
• ١٩٨٣ أوقف الأمن العام الألماني الشیخ صادق الطبطبائي، وبحوزته ١٠٠ كلغ. ھیرویین، أما جواز سفره فیؤكد دخوله الى إسرائيل عام١٩٨٠، وكان الطبطبائي صلة الوصل بین إیران وإسرائيل من خلال یوسف عازار المقرب من أجهزة المخابرات الإسرائيلية
• ١٩٨٣ كشف أندريه فریدل وزوجته، المقیمین في لندن، عن قيامهما بوساطة بین الدولتين بموضوع بیع اسلحة إسرائيلية لإیران، بقیمة ١٣٥ملیون دولار، وتتضمن ھذه الصفقات اسمي یعقوب نمرودي والعقید كوشك دنغام الذي كان یشغل منصب نائب وزیر الدفاع في إسرائيل
• ١٩٨٥ صفقة بین إسرائيل وأمريكا وایران لتحرير الرهائن الامریكیین المحتجزين لدى حزب ﷲ في لبنان مقابل حصول طهران على أسلحة ولم تنفذ ھذه الصفقة إلا بعد أن تم شحن أول دفعة من الصواريخ
• ١٩٨٧ وفقا” لجون بولوخ وھارفي موريس فقد صمم الإسرائيليون وصنعوا كتل كبیرة من مادة الستایرین الخفيفة الوزن، استعملتها القوات الإيرانية لبناء ممرات فوریة عبر میاه العراق الضحلة في مواجهة البصرة
• ١٩٨٧ اسحاق رابين یعتبر إیران أفضل صدیق لإسرائيل
• ١٩٩٨ أكدت ھأرتس ان شركات شانون الكیمیاویة الإسرائيلية زودت إیران ب ٥٨٠٠٠ قناع للغازات السامة
• ١٩٩٨ صرحت معصومة ابتكار نائبة الرئيس الایراني، لصحيفة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس – سويسرا، أن دولتها ترحب بالحوار مع إسرائيل
• ٢٠٠٣ حاولت إیران عبر الوسيط السويسري تیم غو لدمان، التفاوض مع أمريكا حول اقتراح من ٥ بنود بتضمن مساهمة إیران في تحقيق أمن العراق واستقراره ، والتزامها بما تطلبه الوكالة الذریة للطاقة، والتوقف عن دعم فلسطينيي المعارضة والقبول بمبادرة السلام العربية وتحويل حزب ﷲ إلى حزب سياسي. أما المفاجأة الكبرى فكانت استعداد إیران للاعتراف بشرعية الدولة الإسرائيلية. ھذا ونشیر الى أن من المشاركين الإیرانیین في تقديم ھذا الاقتراح وزیر الخارجية كمال خرازي والرئيس محمد خاتمي والسفير لدى الأمم المتحدة محمد جواد ظریف وسفیر إیران لدى فرنسا، وكان المرشد الاعلى للثورة موافق على البنود الخمسة. ولكن أمريكا رفضت التفاوض مع إیران، وكان وراء رفضھا كل من دیك تشیني نائب الرئيس الأمريكي ودونالد رامسفیلد وزیر الدفاع
• ٢٠٠٣ بعد رفض أمريكا مبدأ التفاوض مع إیران خاطب الجنرال محمد رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الایراني، مجموعة من المسؤولين الامریكیین والاسرائیلیین، خلال مؤتمر أثينا وأبدى استعداد بلاده للتوصل الى تفاهم مع إسرائيل على أساس اقتراح البنود الخمسة أعلاه
• ٢٠١٠ نقلا” عن موقع المرصد: فجّرˮ الباحث السياسي“ أنطوان صفير، خلال محاضرته في مقر بلدیة باريس، قنبلة إعلامية، فأكّد أنه صادف أثناء زیارته لطهران عام ٢٠٠٧ أي بعد سنة من عملية عناقيد الغضب في الجنوب اللبناني من في قاعة الانتظار في مكتب رئيس الأمن القومي الایراني علي لاریجاني، ثلاثة مسؤولين من الموساد من بینھم رئيس قسم الأمن الاستراتيجي، الذي أكد له عندما عاد والتقاه في مكتبه في تل أبیب، أن ما یتم تداوله في الإعلام عن خلاف بین الدولتين مناف للحقيقة، في حین أن الواقع مختلف تماما،” فإسرائيل زودت إیران بالسلاح والعتاد والخبراء أثناء حرب شط العرب، وكان لھا الید الطولي في انتصار إیران و إن العلاقة لم تزل قائمة حتى يومنا هذا”.
ویضیف انطوان صفير أنه كصديق لإیران شاهد عیان بأن العلاقة بینھما تحالفية عميقة، بدأت مع بدایة حكم الخميني، ویؤكّد أن إیران حینھا كانت أضعف من ان تنتج قنبلة نووية وھي تفتش عن حمایة أوروبية، لا سیّما فرنسية، أو امریكیة
• ٢٠١١ كشفت صحيفة ھأرتس عن ٢٠٠ شركة إسرائيلية على علاقة تجارية بإيران
• ٢٠١٢ أشارت صحيفة التلغراف البريطانية إن سفينتان محملتان بقطع غیار لطائرات حربية انطلقت في نیسان وكانون الأول من ميناء قرب حیفا الى إیران
• ٢٠١٣ أكد مصدر يوناني أنه بالتعاون بین الوكالة الامریكیة للتحقيق في جرائم الأمن القومي ووحدة التحقيق في الجرائم المالیة والاقتصادية في الیونان، تم العثور على حاويات محملة بقطع غیار للطائرات كانت في طریقھا من إسرائيل الى إیران بواسطة شركة تاسوس كاراسا اليونانية.
إن فضيحة إیران غیت، والتي شغلت الرأي العام العالمي عام ١٩٨٦، أكدت من خلال ١٣ وثيقة لیس فقط على عمليات تزويد إسرائيل لإیران بالأسلحة والذخائر والصواريخ أثناء حربھا مع العراق، بل على التنسيق الميداني الكامل بین البلدين، وعلى سبیل المثال، وثيقة یقترح فیھا العقید ایماني، نائب وزیر الدفاع الایراني، من مجلس الدفاع تأجيل الھجوم لحین وصول الاسلحة الإسرائيلية. وأكدت بعض الوثائق المسربة معرفة أمريكا بهذه العلاقة. من جھة أخرى، حاول الخميني للتغطية على ھذه الفضيحة مهاجمة منظمة التحرير الفلسطینیة لاعترافها بإسرائيل وقبولها بالتفاوض معھا.
نستنتج من العرض أعلاه أن العلاقة بین إسرائيل وایران، عميقة عمق التاريخ، وھي لم تتبدل بتبدل الحكام لا في إسرائيل ولا في إیران، وھي بدأت من أیام قورش واستمرت إبان حكم الشاه وما بعده منذ بدایة زمن حكم الملالي وليومنا ھذا، ولطالما أسفرت عن تحقيق مصالح الطرفين، ذلك أنھا علاقة استراتيجية وجیوسیاسیة واقتصادية واجتماعية، تجمعهما عداوتهما المشتركة للعرب. إلا أنه وبعد أن تفتتت أكثرية الجیوش العربية، أصبحت إسرائيل بحاجة الى خلق خطر وجودي جدید، لشد العصب الداخلي، وقد وجدت في إیران غایتھا المرجوة، بالمقابل قررت إیران الاستفادة من تشرذم الدول والجيوش العربية فحّولت نفسها الى رأس حربة في الدفاع عن فلسطين وحملت لواء تحریرھا، لا بل إنھا تكاد تحتكر قضیتھا.
فھل من الممكن لهذه العلاقة التاريخية والاستراتيجية أن تنتھي بحرب بینھما؟ أم تراهما یتسابقان لتحسين شروطهما في خارطة الشرق الاوسط الجدید؟
ھل فعلا” تسعى إیران الى امتلاك قنبلة ذریة وعندئذ ستشكل خطرا” حقیقیا” على إسرائيل، ما سيقود إلى حرب حتمية بینھما؟ وما ھي الفائدة التي قد تجنیھا إیران من امتلاك قنبلة ذریة؟
وھل یشكّل العرب تھدیدا” حقیقیا” على إیران، ام العكس ھو الصحيح؟
ان إسرائيل وایران وأمريكا امام خيارات صعبة: فھل تذهب إسرائيل الى الحرب، في عملية ھروب الى الامام، ام تقبل بدولة قابلة للحیاة للفلسطينيين؟
ما ھي السياسة التي ستنتهجها الحكومة الإسرائيلية الجديدة؟
ھل تضیّع إیران كعادتها الفرصة التي تقدمّھا لھا أمريكا من خلال العودة الى الاتفاق النووي، فتصبح شريكا” أساسیّا” في رسم خارطة الشرق الاوسط الجدید؟
ھل تقدم إدارة بایدن على الانسحاب من المنطقة قبل ان تؤمن على الخارطة الجديدة؟
ھل بمقدور أمريكا الضغط فعلیا” على إسرائيل لقيام دولة فلسطينية قابلة للحیاة؟ وما ھو، في ھذه الحالة، الثمن الذي ستطلبه إسرائيل من أمريكا، مع علمھا بتغيّر الاجواء الامریكیة، لا سیما داخل الحزب الدمقراطي، لصالح الحقوق الفلسطینیة؟
ما مدى تأثير الأوضاع الداخلية في ھذه الدول على القرارات التي سیتخذھا قادتها؟
وأخيرا” أین لبنان من كل ھذه الاستحقاقات؟ وأي ثمن سیدفعه لبنان سواء” في حالة الحرب أو السلم؟
ما ھي حدود لبنان في خارطة الشرق الاوسط الجدید؟
وھل سیكون تحت نفوذ المحور الایراني أم التركي أم الإسرائيلي الخليجي؟ أم يكون تحت الوصاية الروسية السورية أم الوصاية الأوروبية وكل هذا بغطاء اميركي أممي؟
ھل ینجح البطريرك، ومن معه، في تحقيق الحیاد الإيجابي؟
على الرغم من أھمیة ھذه التطورات الجیوسیاسیة المفصلية في المنطقة، وفي ظل غيبوبة تامة تعیشھا المنظومة السیاسیة في لبنان، وفي ظل غياب عملي للأحزاب “السيادية” على الساحة الدولية، فما على الكنيسة إلا أن تقول “الأمر لي” وتفعّل اللوبي اللبناني في العالم كما فعل بشير ليتحقق الحياد الإيجابي الذي لا خلاص للبنان إلا من خلاله. وإلا فمصير لبنان ال 10452 كلم² سيبقى في مهب رياح لعبة الأمم !!!

المصدر: النهار/ الفرد ماضي

The post "بين إسرائيل وإيران هل يضيع لبنان ال10452كلم2 ؟ " appeared first on LebanonFiles.

المصدر
الكاتب:Lina lina
الموقع : www.lebanonfiles.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2022-07-23 13:54:18
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من Beiruttime اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading