العرب و العالم

بين التهديد والهدهد: رسائل من الصلب المصبوب

بين التهديد والهدهد: رسائل من الصلب المصبوب

أفادت وكالة مهر للأنباء أنه نشرت المقاومة اللبنانية مقطعا فيديويا عبارة عن استطلاع جوي عال الدقة لمنطقة حيفا، يظهر فيه مجموعة واسعة من الأهداف الإستراتيجية الحيوية. اعتبر البعض هذا الشريط الفيديوي بالغ الأهمية، فيما عمد آخرون إلى تسخيفه. شكل هذا المقطع الفيديوي رسالتين عاليتي النبرة لكل من السيد آموس هوكشتاين من جهة، والى القيادة الإسرائيلية من جهة أخرى، وذلك بشقيها السياسي والعسكري على حد سواء، جعلتهما أمام تحد، قد لا نبالغ إن قلنا إنه مصيري.

فقد أرسل حزب الله مسيرات استطلاعية من نوع الهدهد، من القوة الجوية التابعة له إلى إسرائيل وعادت هذه الطائرات بصور بالغ الدقة وذات جود عالي تبين عددا كبيرا من البقع السكنية والمنشآت الإستراتيجية كمحطات الكهرباء، ميناء حيفا، مطار حيفا، خزانات الامونيا، خزانات المحروقات، مصانع شركة رافاييل(رفاييل هي الشركة الدفاعية الاضخم في الكيان) عنابر الغواصات، مراكز القبة الحديدية، المدارس، المستشفيات الخ…

فيما يخص السيد آموس هوكشتاين، فهو قد قدم إلى لبنان، حيث عقد سلسلة اجتمعات مع عدد من المسؤولين وأبرزها مع رئيس المجلس النيابي الاستاذ نبيه بري، حاملا رسالة إسرائيلية صريحة مفادها أنه ينبغي على حزب الله ( المقاومة اللبنانية) التراجع إلى ما وراء الليطاني وإلا الحرب مع لبنان واقعة. لم يلبث أن رد حزب الله بهذا الشريط المصور. يشدد الحزب من خلال ذلك على موقفه القائل إنه إن هدأت جبهة غزة تهدأ جبهة لبنان الجنوبية، ويبدو أن هذا الأمر مسلم به هوكشتاين أساسا. أما الرسالة الثانية، فلا تقل أهمية عن الأولى ومفادها أن الحزب لن يرضخ لهذه الإملاءات فهو متمسك بأرضه، إذ أن مقاتليه ينتشرون في قراهم وليسوا بوارد الإنسلاخ عنها وعن كل ما ترمز إليه تلك الأرض في ذاكرة المقاومة. وهم أبناء هذه الأرض فهي قراهم وفيها أهلهم، أحباءهم وأولادهم.

اما فيما يتعلق بالجانب الإسرائيلي، فالرسائل وصلت وقد فعلت فعلها بحيث جاء الرد الأول من الصحافة، إذ اعتبرت أن ذلك أمر خطير وما لبثت التحليلات والإستنتاجات لضباط وأمنيين سابقين أن اجتاحت الفضاء الإلكتروني والصحافي. ما هي إذا الرسائل التي وجهتها المقاومة للعدو الإسرائيلي؟

جاءت الرسالة قوية جدا، لا بل نارية إذا جاز التعبير؛ فقد صدرت، في هذا السياق، تعليقات الصحافة الإسرائيلية لتشدد على أن توقيت نشر فيديو حزب الله ليس صدفة، ويتزامن مع جولة الوسيط الأميركي، وأن القدرة التي يعرضها حزب الله قد أصابت الجيش والمؤسسات الأمنية بالدهشة، زد على ذلك أن الوثائق الجديدة هي أكثر إثارة للقلق منذ بداية الحرب ويمكن رؤية حيفا بكل وضوح وتفصيل فيها.

وفي السياق عينه، إعتبر الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي في الكيان الصهيوني، غيورا آيلاند، أن حزب الله جيش متطور لا مثيل له، وقد رأب هذا الأخير في السنوات الماضية مع إسرائيل فجوتين وهما الأسلحة الدقيقة والطائرات دون طيران، وقد عملت إيران على مد يد المساعدة والدعم. إضافة إلى ذلك يعترف آيلاند أن المنظومات التي تمتلكها المقاومة لا تقل تطورا عن تلك التي حققها الإسرائيليون، ويختم بما هو الأهم، إذ أكد أن إسرائيل سترتكب خطأ إذا حاولت معالجة حالة حزب الله بالوسائل العسكرية صرفا.

أمام تلك المشهدية يمكن استخلاص جملة من العبر في الرسائل الى القيادتين السياسية والعسكرية، وحتى على المستوى الشعبي.

شعبيا، تأتي هذه العملية لتزيد من حالة الرعب التي يشكو منها سكان المستوطنات بدءا من غدا ة التحرير في العام 2000، بحيث أنهم كانوا يشتبهون بأصوات حفر في الليل يخالونها حفر أنفاق يقوم به حزب الله.

فيما يتعلق بالرسائل الموجهة إلى كل من الرعيلين السياسي والعسكري فتتمثل في نقاط عدة: تأتي تلك العملية ضمن الحرب النفسية التي تمارسها المقاومة اللبنانية على العدو لضرب تماسكه الفكري والعصبي وقوته على الإدراك، وستسدل الستار عن مفاعيل ذلك في الأيام المقبلة. ثانيا، من الناحية الإستعلامية، تأتي طلعات طائرات الهدهد لتؤكد على القصور الإستعلامي المضاد لدى الجيش الإسرائيلي، إذ برهنت المقاومة عن معلوماتها الدقيقة والمفصلة عن البقع التي بينها الشريط المصور من جهة، ومن جهة ثانية ابتعدت المسيرات عن الحد الامامي للجبهة (تكتيا) لتتوغل في العمق الإسرائيلي وتعمل على نصوير المنشآت ذات الصفة الإستراتيجية. قد يتكرر الأمر مرات ومرات ليصل إلى حد الإستعلام الجوي في الوقت الحقيقي. ثالثا تدل هذه الصور الجوية على أن راجمات الصواريخ البالستية والمسيرات الإنقضاضية سترمي بدقة على هذه النقاط الحيوية ستحدث فيها دمارا هائلا، يضاف إلى ذلك، ربما في مراحل ما مقبلة، الحشود العسكرية من مدرعات مشاة، مرابض مدفعية وراجمات صواريخ، قبب حديدية ومراكز القيادة والسيطرة وبطاريات الصواريخ والرادارات التابعة لها، طالما أن الإنذار المبكر لم يعمل ووبالتالي لم تنفذ تلك المنظومات مهمتها في صد وتدمير الطائرات الدخيلة. وأخيرا نجحت المقاومة في تبيان أنها، بقليل من الإمكانات المادية، استطاعت فعل ما فعلته مقارنة مع الإنفاق الضخم من جانب العدو على تحقيق عتاده، تشغيله وتعهده.

يذكر أن الأركان الإسرائيلية صادقت، في وقت متأخر من بعد ظهر اليوم نفسه الذي شهد عرض المقطع الفيديوي، على خطط العمليات ضد لبنان. نحن بالتالي، ننتظر ما سيقوم به رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو. وعليه، إن شاءت إسرائيل وقرعت طبول الحرب وقررت أن تنفذ عمليات واسعة النطاق في لبنان، فإن حجم الدمار في الكيان سيكون فوق الخيال. ينتتظر المحللون والمراقبون العسكريون تطورات الوضع الميداني بين المقاومة اللبنانية وجيش الدفاع الإسرائيلي مع ما يستتبع ذلك من دخول إقليمي لقوى محور المقاومة، بما فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية على خط المواجهة، لتظهر جليا على مرأى من الجميع، وبأبهى حلاها، وحدة الساحات العسكرية، التي فرضت نفسها تلقائيا.

عاد الهدهد بالخبر اليقين، فهل ننتظر طيور أبابيل ترمي حجارة من سجيل؟

/انتهى/

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :ar.mehrnews.com
بتاريخ:2024-06-20 09:06:15
الكاتب:
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من Beiruttime اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading