عين على العدو

ترامب عاد ليكون مسيح اليمين لكن وعوده بريفييرا شرق أوسطية لا تبدو واقعية

هآرتس – عاموس هرئيل – 6/2/2025 ترامب عاد ليكون مسيح اليمين لكن وعوده بريفييرا شرق أوسطية لا تبدو واقعية

دونالد ترامب – ملاك أو شيطان؟. فقط من تجربة متابعة ردود اليمين الاسرائيلي على الخطوات الدورية للرئيس الامريكي يمكن الاصابة بالدوار. قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني هو كان مسيحي. بعد ذلك عندما فرض على رئيس الحكومة نتنياهو التوقيع على صفقة المخطوفين تم وصفه بالخائن والخطير. منذ يوم الثلاثاء ترامب مرة اخرى تم تتويجه كملاك مخلص والصديق الاكبر لليهود على مر التاريخ.

يصعب جدا توقع خطوات ترامب، واحيانا يصعب تفسيرها بعد أن يقوم بها. ولكن هناك عدد من الافكار الرئيسية المكررة: الرئيس يحب أن يفاجيء، واحيانا بعد أن ينثر الضباب المتعمد، هو يستمتع بطرح نفسه كمن يبلور حلول اصيلة من خارج الصندوق لم يفكر فيها أي أحد قبله، ومهم له جدا أن يحصل على المديح، واذا كان بالامكان ايضا جوائز، على افكاره وخطواته المتميزة. نتنياهو الذي يدرك كل ذلك جيدا اهتم بتملقه بشدة في اعقاب اللقاء بينهما أول أمس.

في المؤتمر الصحفي المشترك لهما في البيت الابيض القى ترامب عدة قنابل. فكرة تشجيع هجرة الفلسطينيين من القطاع بعد التدمير الكبير الذي تسبب به الجيش الاسرائيلي في الحرب، تم طرحها للمرة الاولى في حاشية الرئيس قبل بضعة اسابيع، لكن أمس اضاف لها ترامب طابع ملموس اكثر – واكثر تطرفا. هو يؤيد اخلاء جميع الغزيين من القطاع، هو يقصد أن هذه ستكون تذكرة باتجاه واحد، هو يتوقع من دول اخرى، من بينها الدول العربية، التجند من اجل استيعاب المهاجرين، هو يفحص امكانية أن يأخذ الجيش الاسرائيلي على عاتقه مهمة اعادة الاعمار (هذه ربما كانت القنبلة الاكبر)، هو يعتقد أنه على انقاض غزة يمكن اقامة ريفييرا الشرق الاوسط. من الذين يعتقد الرئيس أنهم سيعيشون هناك؟ هذا غير واضح تماما اذا لم يرجع الفلسطينيون الى القطاع. في اقواله اهتم ترامب بأن يستبعد، في الواقع ليس بشدة، امكانية أن يستوطن الاسرائيليون هناك مجددا. منذ مساء أمس بدأ البيت الابيض باصدار توضيحات لاقوال الرئيس. حسب الصيغة المحدثة للادارة الامريكية فان ترامب لم يقصد حقا ارسال جنود الى القطاع، واخراج الفلسطينيين من القطاع سيكون بشكل مؤقت فقط.

التوقعات من اليسار وكأن ترامب سيهين نتنياهو في اللقاء الاول لهما وسيجعله يزحف على بطنه، ثبت عدم صحتها. من اقوالهما العلنية يبدو أنهما متفقان حول امور كثيرة، وأن ترامب يعطي وزن لمواقف نتنياهو. الرئيس عبر ايضا عن دعمه لموقف رئيس الحكومة حول الحاجة الى عدم تمكين حماس من السيطرة في القطاع. ولكن في اليمين الاسرائيلي لا يكتفون بذلك، ويعتبرون اقوال ترامب وعد بتحقيق حلم الترانسفير القديم.

عندما وقع اسحق رابين على اتفاق اوسلو كان هناك من قالوا بأنه في اعماقه كان يفضل أن ينفصل القطاع بطريقة عجيبة عن اسرائيل ويبحر غربا، في داخل البحر المتوسط (مثل شبه جزيرة ايبيريا في “الطوافة الحجرية” للكاتب البرتغالي زوسا سراماغو). الآن جاء ترامب، ويبدو أنه يتعهد لليمين بحل لاخفاء الفلسطينيين من الصورة بعصا سحرية. الانفعال كبير مثل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018، ومثل تعهد مكتب نتنياهو بـ “سيادة في اليوم الاول” (ضم المستوطنات في الضفة الغربية)، بعد طرح “صفقة القرن” في العام 2020.

لكن هنا الحديث يدور عن فكرة طموحة جدا واكثر خطورة بكثير. أليست هذه مجرد فكرة غير ناضحة، سيتم حفظها ونسيانها مثل الافكار الكثيرة التي مرت في الطريق القصيرة من عقل ترامب الى فمه؟ من الجدير التذكر كيف أنه في 2018 هدد كوريا الشمالية بحرب حول مشروعها النووي. هذا استمر حتى اللقاء بينه وبين الرئيس الكوري كيم جونغ اون، في حينه اعجب به واعلن بأنه تم حل المشكلة، وببساطة توقف عن التحدث عن الخطر النووي الذي تشكله بيونغ يانغ.

هناك امثلة اخرى اكثر حداثة. قبل اسبوع فقط هدد بعدة خطوات ضد الجارة كندا والجارة المكسيك. في هذه الاثناء حكومات هذه الدول اتخذت خطوات حسن نية بسيطة لارضاء الرئيس، وتفعيل العقوبات تم تأجيله لشهر.

في الوقت الحالي واضح أن امكانية تشجيع الهجرة من القطاع تسليه، رغم المعارضة الجارف لدول الهدف الاولى، الاردن ومصر، ورغم البيان الفوري للرياض عن نية التصميم على الدفع قدما باقامة الدولة الفلسطينية في اطار الاتفاقات والتطبيع المخطط لها مع اسرائيل. من استعداد ترامب لأن تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية عن مشروع اعادة الاعمار يظهر كما يبدو النية لوضع جنود امريكيين، ليس فقط مدنيون يشغلون الجرافات في قلب منطقة مواجهات، في الوقت الذي فيه ترامب يعلن عن نيته انهاء الحروب وتقليص التدخل الامريكي فيها، وقريبا اخلاء مئات الجنود الامريكيين الذين بقوا في سوريا (عملية تثير القلق لدى ملك الاردن عبد الله).

في الساحة السياسية في اسرائيل لا يوجد شك بأن خطوة ترامب تقوي نتنياهو. جميع اعضاء الليكود في اليمين المتطرف يرحبون بذلك وبن غفير يتلمس خطواته كما يبدو للعودة الى الحكومة. وفي وسائل الاعلام الاسرائيلية مرة اخرى يسمع التأثر من نتنياهو الساحر. قبل لحظة كان يقف امام معضلة – اما استمرار صفقة المخطوفين بضغط من ترامب أو حل الحكومة – والآن ها هو الائتلاف مرة اخرى يستقر ويبقى، وتهديد الانتخابات تمت ازالته. بقي حتى الآن سؤال هل نتنياهو تعهد لترامب بتطبيق المرحلة الثانية واستكمال الصفقة. نظريا ربما هو يمكنه اقناع سموتريتش وبن غفير بأن استكمال الصفقة أمر حيوي، حيث أن هناك امور اكبر (هزيمة حماس، الترانسفير) موضوعة على جدول الاعمال. في المقابل، اذا كان ترامب ايضا يتحدث علنا عن انهاء حكم حماس فأي محفز يوجد لهذه المنظمة الارهابية للتمسك بالصفقة؟.

لا يقل أهمية عن ذلك هو تصريحات وقرارات ترامب حول ايران. في الحقيقة هو وقع على توجيه رئاسي بشأن استئناف سياسة “الحد الاقصى من الضغط” على طهران من اجل ردعها عن مواصلة الدفع قدما بالمشروع النووي، لكن في نفس الوقت اوضح بأن التقارير عن احتمالية هجوم مشترك امريكي – اسرائيلي في ايران مبالغ فيها جدا. الرئيس اعلن أنه ينوي البدء في “العمل على الفور” على اتفاق نووي جديد. ونتنياهو، الذي خلال سنوات حذر من هذه الاحتمالية وسعى الى جر الامريكيين الى هجوم عسكري، الآن هو يتساوق معه.


مركز الناطور للدراسات والابحاث فيسبوك

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-02-06 19:00:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى