الدفاع و الامن

تصاعد القدرات العسكرية لمصر وتداعياتها الإقليمية المستقبلية

من جهة أخرى، قد يصبح السيسي أكثر تشككاً تجاه المساعدات العسكرية الأمريكية المستقبلية، خاصة بعد أن أثارت وزارة الخارجية الأمريكية مخاوف بشأن حقوق الإنسان، وفرضت قيوداً محدودة على المساعدات العسكرية. ونتيجة لذلك، تتبنى القاهرة سياسة خارجية جديدة تعتمد بشكل أقل على الغرب وتركز على تعزيز مكانتها كلاعب إقليمي في الشرق الأوسط وإفريقيا.

وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، أصبحت مصر ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم بين عامي 2015 و2019. وقد جاءت هذه الأسلحة بشكل أساسي من ألمانيا وروسيا وفرنسا، وربما من الصين.

صراع وشيك مع إثيوبيا

في ظل استكمال أديس أبابا بناء “سد النهضة” الإثيوبي، صعدت القاهرة من خطابها تجاه إثيوبيا، وسط مخاوف من أن يؤثر ملء السد على الاقتصاد المصري.

تواجه كل من إثيوبيا ومصر زيادة سريعة في عدد السكان، ويُعدّ النشاط الزراعي على ضفاف نهر النيل ضرورياً لتأمين مصادر الغذاء والطاقة لكلا البلدين. وتخشى القاهرة من أن يؤدي ملء السد إلى تقليل تدفق مياه النيل، وهددت باتخاذ إجراءات عسكرية في عدة مناسبات، مما دفع إلى تدخل الوساطة الدولية.

وفي الوقت ذاته، تواجه إثيوبيا أيضاً مشكلة ديموغرافية واقتصادية متفاقمة، ترتبط بشكل مباشر بعدم وجود منفذ بحري لها. ومع تجاوز عدد سكانها 150 مليون نسمة، يسعى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للحصول على منفذ بحري مباشر، ما أدى إلى نزاعات دبلوماسية مع كل من إريتريا والصومال، وهو أمر يرتبط أيضاً بالمخاوف المصرية.

فبعدما فشل في الحصول على منفذ عبر إريتريا، والذي كان سيؤدي إلى انهيار اتفاقية السلام السابقة، وقّعت إثيوبيا اتفاقاً كبيراً مع منطقة “أرض الصومال” الانفصالية لاستئجار ميناء مقابل الاعتراف بها. ويُعدّ هذا الاتفاق خطوة تاريخية، إذ ستكون إثيوبيا أول دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف باستقلال “أرض الصومال”.

على إثر هذا الاتفاق، استعدت الحكومة الصومالية لتجدد التوترات، حيث تمتلك كل من إثيوبيا والصومال تاريخاً من النزاعات المسلحة. وقد عززت مقديشو التعاون العسكري مع القاهرة، التي أرسلت آلاف المعدات والجنود واللوجستيات إلى الصومال. وتستعد إثيوبيا و”أرض الصومال” لاحتمال نشوب صراع مسلح مع الصومال ومصر، وهو ما قد يؤدي إلى أزمة لاجئين عالمية جديدة لا يستطيع العالم تحمل تبعاتها.

التوترات مع إسرائيل

تسببت الحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس في تداعيات أوسع على تعزيز القدرات العسكرية لمصر. فعلى الرغم من التزام البلدين باتفاقيات كامب ديفيد، إلا أن العلاقات بينهما تدهورت خلال حقبة حكم محمد مرسي، ويُتوقع أن تؤدي الحرب الحالية إلى تعميق هذا التدهور.

تخشى القاهرة من أن تؤدي الحرب إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، مما دفع مصر إلى تعزيز حدودها مع قطاع غزة وتحذير إسرائيل من أي تصعيد قد يهدد أمنها. وأسفرت بعض الاشتباكات المحدودة عن سقوط ضحايا في صفوف قوات الطرفين.

منذ نهاية حرب أكتوبر 1973، نصّت المفاوضات بين مصر وإسرائيل على أن تبقى سيناء منطقة منزوعة السلاح مع وجود محدود للأسلحة الثقيلة.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في مصر، فإن استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين قد يزيد الأعباء على الاقتصاد ويعمّق تورط القاهرة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، خاصةً أن الرأي العام المصري متعاطف بشكل كبير مع القضية الفلسطينية.

ورغم أن نشوب صراع عسكري مباشر بين مصر وإسرائيل يبدو غير مرجح، فإن توجّه مصر نحو تعزيز علاقاتها مع الصين وروسيا ودول مجموعة “بريكس” في مقابل استمرار ارتباط إسرائيل الوثيق بالولايات المتحدة قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات بين البلدين.

تحذيرات تسريبات البنتاغون

في ربيع عام 2023، كشفت وثائق مسربة من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن مصر خططت لإنتاج ونقل 40,000 قذيفة مدفعية لدعم الجيش الروسي في أوكرانيا. ورغم نفي الحكومة المصرية هذه المزاعم، فإنها تتماشى مع التعاون المتزايد بين القاهرة وموسكو، بما في ذلك التعاون العسكري والدعم المشترك لقوات اللواء خليفة حفتر في ليبيا.

في حين أن خروج مصر من دائرة النفوذ الأمريكي يبدو غير مرجح في المستقبل القريب، إلا أن القاهرة تسعى إلى انتهاج سياسة خارجية أكثر استقلالية. ومع ذلك، تظل المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية عنصرًا أساسيًا للحفاظ على السلام بين مصر وإسرائيل. وتشير أولويات الإدارة الأمريكية، بما في ذلك توسيع اتفاقيات أبراهام، إلى استمرار واشنطن في تعزيز علاقتها مع القاهرة.

سباق التسلح الإقليمي

إلى جانب إسرائيل، عززت قوى إقليمية أخرى مثل إيران والسعودية وتركيا نفوذها العسكري في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتشعر القاهرة بإلحاح متزايد لاستعادة مكانتها كقوة إقليمية بارزة، كما كانت خلال القرن العشرين.

وتظل مكانة مصر الإقليمية مرتبطة بفخرها العسكري وقدرتها على إبراز القوة، وهما المجالان اللذان شهدا جمودًا منذ سبعينيات القرن الماضي حتى العقد الثاني من الألفية.




نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد



كوريا الجنوبية ستضاعف إنتاجها من طائرات FA-50 النسر المقاتلكوريا الجنوبية ستضاعف إنتاجها من طائرات FA-50 النسر المقاتل


Back to Top


JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-03-04 08:46:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى