عين على العدو

حكومة نتنياهو توشك على أن توقع على إسرائيل كارثة أخرى، والجمهور سيندم على

هآرتس 21/3/2025، عاموس هرئيل: حكومة نتنياهو توشك على أن توقع على إسرائيل كارثة أخرى، والجمهور سيندم على عدم الاكتراث

عشية الحرب في غزة في 2023 حذر قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” المستوى السياسي من “عاصفة مثالثة”، التي ستقود إسرائيل الى انفجار إقليمي. التحذيرات نزلت على آذان صماء. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التقط صورة وهو يضع نظارات بلون وردي، واستخف بالاخطار وشرح أن إسرائيل والجيش الإسرائيلي اقوى من أي وقت مضى تحت قيادته، رغم الازمة الداخلية التي تسبب بها تشريع الانقلاب النظامي. بأثر رجعي تبين أن قسم الأبحاث كان على حق في التنبؤ، لكنه اخطأ في تشخيص ساحة الانفجار. ومثل أجهزة الاستخبارات الأخرى فان “أمان” لم تلاحظ ما يحدث في قطاع غزة تحت انفها، بصورة انتقمت منا بشكل مأساوي في 7 أكتوبر 2023. 

الآن في ظل الحرب المتجددة ضد حماس، إسرائيل تقف امام عاصفة مثالية أخرى، اذا تم تنفيذ خطط الائتلاف – بعد عودة قوة يهودية الى الحكومة والمصادقة على قانون التسوية – خلال أسبوع ستخرج الى حيز التنفيذ سلسلة أخرى من الخطوات المتطرفة، التي ستساعد على تدهور النظام في الدولة من الديمقراطية الى الديكتاتورية. اذا كانت الكارثة السابقة قد تسبب بها نتنياهو بالتقصير، فان الكارثة الحالية يوقعها على الإسرائيليين بشكل متعمد. في الأيام القريبة القادمة هو ينوي استكمال اقالة رئيس الشباك والمستشارة القانونية للحكومة، تغيير تشكيلة لجنة تعيين القضاة، تمرير الميزانية وتعزيز سلطة الائتلاف لسنة أخرى على الأقل. في غضون ذلك استأنف الحرب في غزة، هذه المرة حرب اختيارية بدون اجماع عام. في الخلفية تقترب مرحلة التحقيق المضاد في محاكمته الجنائية، في الوقت الذي فيه التحقيق في قضية قطر يهدد المستشارين المقربين منه.

عن اللامبالاة والتآكل الذي يبثه معظم الجمهور في البلاد إزاء الاستعراض المثير للرعب، الذي قامت به قوات الائتلاف وعملاؤها في وسائل الاعلام، نحن سنندم على ذلك في المستقبل. من الأفضل عدم الانجرار الى الأوهام، حتى لو كان عشرات آلاف المدنيين قد ذهبوا في اليومين الماضيين للاحتجاج في القدس. الانقلاب النظامي يتقدم بوتيرة سريعة. خطة نتنياهو لازاحة آخر حراس العتبة من منصبه، لا تواجه في هذه الاثناء صعوبات خاصة. رئيس الحكومة رفع في بداية هذا الأسبوع مبلغ الرهان عندما اعلن عن نيته التخلص من رونين بار. وقد ارفق بالقرار مبرر مدهش جدا وهو أن نتنياهو اعلن بأنه فقد ثقته ببار، وكأنه ما زال يعتقد أنه حتى الآن من المرجح أن ينشر مثل هذه التصريحات الأخلاقية، نظرا لتهربه من الاعتراف بالمسؤولية عن المذبحة. وفي اليوم التالي، يبدو أنه لا صلة لذلك بالاحداث، قرر نتنياهو خرق اتفاق وقف اطلاق النار مع حماس وقام بشن هجوم جديد على هذه المنظمة الإرهابية في قطاع غزة.

الهجوم الكثيف من الجو، أعاد على الفور الى الائتلاف ايتمار بن غفير ومجموعة المتعصبين لديه، هكذا ضمن تمرير الميزانية. أول أمس مساء عقدت الحكومة جلسة للمصادقة على تعيين بن غفير مجددا في وزارة الامن الوطني، رغم معارضة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا. الجلسة التي تم التخطيط لها لمناقشة وضع المخطوفين تم تأجيلها. بن غفير يمكن أن يوفر لنتنياهو شيء آخر إضافة الى أصابعه واصابع اصدقاءه في الكنيست. منذ اللحظة التي سيعود فيها الوزير للسيطرة في الشرطة سيتم اتباع سياسة عنيفة اكثر لوقف المظاهرات وردع المشاركين فيها. الدلائل الأولى على التغيير شوهدت في الشوارع من منتصف هذا الأسبوع.

المستشارة القانونية للحكومة والمحكمة العليا، وربما استيقاظ غير متوقع للجمهور، هي الحاجز الأخير امام الخطوات المخطط لها للحكومة. في الجلسات الليلية نتنياهو يحث الوزراء على ضرورة تقليد هنا المثال المخيف الذي يوفره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمقرب منه ايالون ماسك. رئيس الحكومة أيضا يقوم بتصوير أفلام ضد الدولة العميقة، ويتملق ترامب في تويتر لاقناعه بأن نضالهما هو نفس النضال. في “خطاب الولاء” الذي القاه نتنياهو في جلسة الكابنت عندما عاد من واشنطن في الشهر الماضي، شرح للوزراء بأن ترامب اخطأ عندما لم يعزل من منصبهم جميع رجال الدولة العميقة في ولايته الأولى. في هذه المرة قال بانفعال إن الرئيس يقوم بتعيين فقط المخلصين له. هذه كانت لحظة نادرة من الوضوح والنقاء، وفيها كشفت خطته الكبيرة. بعض المشاركين في الجلسة وصفوها بأنها اكبر موقف مخيف في حياتهم. 

منذ 4 كانون الثاني 2023، اليوم الذي فيه عقد وزير العدل الغض ياريف لفين مؤتمر صحفي عرض فيه خطة الانقلاب النظامي، إسرائيل تنزلق نحو ازمة دستورية وفوضى سياسية، التي ذروتها هي المواجهة المباشرة بين الحكومة ومحكمة العدل العليا. ربما هذه اللحظة ستأتي حول اقالة بار. فاذا تدخل القضاة ضد الإقالة، هل ستخضع الحكومة؟ واذا قرر بار تجاهل بيان الإقالة فما الذي سيحدث بالضبط؟ هل سيتمترس في مكتبه في الوقت الذي يطرق فيه وريثه على الباب من الخارج؟. هذه مواقف لم تصل اليها الدولة في أي يوم. 

حتى الآن بار يصمم على المثول في جلسات تتعلق بإدارة الحرب. الجمهور يتم تلقينه الآن بتسريبات متناقضة عن هوية وريثه. هل سيكون مرشح من الخارج، غادر بعد عدم حصوله على هذا المنصب في السابق، أو سيكون م.، نائب بار السابق الذي كان في إجازة ونتنياهو قام باستدعائه كي يستبدل رئيس طاقم المفاوضات حول المخطوفين؟. نتنياهو يقوم الآن بجمع الآراء حول م.، الشخص المناسب حسب كل الآراء. ولكن للتأكيد فان محيطه يهتم بتقديم احاطة والتذكير بأن النائب أراد الاستقالة بسبب الشعور بالمسؤولية عن 7 أكتوبر. هذه خطوة كلاسيكية: تعيين م. المقبول على بار، سيضعف معارضة الجمهور لاقالته؛ في نفس الوقت رجال رئيس الحكومة يعملون الآن على تقييد خطوات الوريث المحتمل وضعضعة صورته من اجل أن يتذكر من الذي يعتمد عليه.

المستشارة القانونية للحكومة عارضت عودة بن غفير الى وزارته، ونتنياهو اختار تجاهل ذلك. المحكمة العليا لم تصدر أمر تأجيل للتعيين، لكن في 7 نيسان يتوقع استئناف النقاشات في التماس تم تقديمه في السابق بهذا الشأن. الموعد الهدف الذي حدده نتنياهو لاقالة بار هو 10 نيسان. فهل المحكمة العليا ستتدخل في هذه القضية؟ حتى أمس فضل القضاة انتظار التطورات. بعد غد الحكومة يمكنها التعبير عن عدم الثقة ببهراف ميارا قبل اقالتها. يبدو أن نتنياهو قد اتخذ قرار استراتيجي بالذهاب الى حرب على كل الساحة. هذا لم يكن أسبوع جيد للديمقراطية في إسرائيل، والاسبوع القادم يمكن أن يكون أسوأ. “كل المبنى الديمقراطي ثابت مثل برج من ورق”، قال شخص يتابع عن كثب ما يحدث. 

خدمات لتحسين الصورة

في الخلفية قضية قطر تتعقد. وهذا دليل على قوة وسائل الاعلام، عندما تلعب دورها بدلا من تشكيل أنبوب التسريب في خدمة الوزارات الكبيرة. القضية بدأت بالكشوفات التي عرضها بار بيلغ (هآرتس)، وفي اعقابه عوفر حداد (اخبار 12). هذا الأسبوع انضمت اليهما منشورات لروعي يانوفسكي (كان) وباروخ قرا (اخبار 13). الصورة التي رسمت من وراء امر منع النشر المتشدد، هي صورة مقلقة. حسب المنشورات فان مستشارين اعلاميين رافقا نتنياهو، يونتان اوريخ وإسرائيل اينهورن، قاما باعداد حملة لتحسين الصورة الدولية لقطر، عشية المونديال الذي استضافته في 2022؛ المستشار الثالث ايلي فيلدشتاين، مشتبه فيه بأنه قدم لقطر خدمات دعائية اثناء الحرب. الآن يتم فحص اذا كان الثلاثة قد عملوا في نفس الوقت الذي كانوا يخدمون فيه سيدين، نتنياهو والقطريون، بدون اتفاقات تضارب مصالح.

مساء أول أمس تم استدعاء مشبوهين رئيسيين للتحقيق. اينهورن يتواجد في صربيا، وقد امتنع عن العودة الى البلاد منذ فترة طويلة، ولم يبق للقراء إلا تخمين من هما الاثنين اللذين تم التحقيق معهما.

يانوفسكي وجد أن فيلدشتاين حصل على دفعات من جاي بوتليك، من اللوبي اليهودي الأمريكي الذي يخدم قطر، بواسطة رجل اعمال إسرائيلي. هذا الامر يوجد له تفسيرين. حسب رواية بوتليك المبلغ كان مقابل خدماته للقطريين. حسب القنبلة التي القاها محامو فيلدشتاين فانه لم يعمل في أي يوم لصالح قطر. هذه كانت طريقة ملتوية لمكتب رئيس الحكومة للدفع له مقابل خدمات التحدث باسمه، بعد أن تم رفضه للعمل بشكل منظم في المكتب لأنه لم يجتز التحقيق الأمني. بكلمات أخرى، المكتب استخدم “محفظة قطر” لغايته، مثلما في السابق عرف كيفية تمويل احتياجات ومدفوعات أخرى. اوريخ نفى بسرعة، والمكتب أيضا. في الخلفية من المرجح أن يتم فحص شبهات أخرى. هل أحد المستشارين تم تشغيله من قبل قطر من اجل جمع معلومات حول اتخاذ القرارات في إسرائيل، حتى لو كان بغطاء نشاط تجاري؟.

من غير الواضح ما الذي عرفه نتنياهو نفسه من كل ذلك. هل غض النظر عن العلاقات بين مستشاريه والقطريين، أو، كما يأمل معارضيه، أنه سيتم العثور هنا على مسدس مدخن يربطه مباشرة بالقضية. يمكن التخمين بأن علامات الذعر من الأيام الأخيرة تتعلق بالخوف الدائم من شهود دولة، وفتح صناديق بندورا قديمة. على مدى السنين كان المكتب والمحيط يشهدان خليط متفجر من الاسرار المسمومة والشخصيات ذات العوالم العاطفية المضطربة. نتنياهو سيجد صعوبة في الرهان على صمت المتورطين الرئيسيين اذا تعمق التحقيق وازداد الخطر الشخصي المتوقع عليهم.

في الخلفية تحق العلاقة القديمة المعروفة بين نتنياهو والقطريين، التي نشأت بوساطة الموساد ومجلس الامن القومي. أساسها، كما ذكر هنا، كان في قرار رئيس الحكومة في 2018 الدفع قدما بتحويل الأموال القطرية لحماس في القطاع، في البداية في حقائب التي كان فيها كل شهر 30 مليون دولار نقدية، روني الشيخ، نائب رئيس الشباك والمفتش العام السابق للشرطة قال أمس في مقابلة مع “صوت الجيش” بأنه حذر من أن هذه الأموال تمول نشاطات إرهابية، ولكن لا أحد في المستوى السياسي أو الأمني رغب في أن يستمع. تفسير ذلك واضح. هذه كانت السياسة التي وضعها نتنياهو، والتي اختبأت وراءها أيضا الرغبة في تعزيز حماس واضعاف السلطة الفلسطينية التي تم الادعاء بأنها تستخدم ضد إسرائيل “الإرهاب السياسي” في الساحة الدولية. 

القضية القطرية مثل قضية الغواصات في حين، مشحونة أيضا من ناحية اقسام اليمين في إسرائيل، لأنها تربط كما يبدو بين الاشتباه بالرشوة وبين المس بأمن الدولة. رئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت يلاحظ المشاعر العامة. أول أمس خرج في هجوم فظ ضد نتنياهو حول الأموال القطرية والشبهات في مكتبه. بينيت يسير على اطراف أصابعه منذ الانقلاب النظامي و7 أكتوبر. ولكن هنا لاحظ نقطة ضعف رئيس الحكومة ولذلك قام بمهاجمته.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-03-21 15:41:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى