عين على العدو

حل المسألة الفلسطينية هو شرط أساسي للتقدم نحو أي اتفاق إقليمي استراتيجي في

معاريف 24/1/2025، ليئور أكرمان: حل المسألة الفلسطينية هو شرط أساسي للتقدم نحو أي اتفاق إقليمي استراتيجي في الشرق الأوسط

في حكومة إسرائيل الحالية وفي أوساط جمهور لا بأس به في الدولة توجد رؤيا في اطارها يختفي تماما الفلسطينيون من حياتنا ومن المنطقة، والمشكلة الفلسطينية تكف عن الوجود. لبعض من منتخبي الجمهور في إسرائيل توجد أيضا رؤيا مكتوبة في الموضوع واستراتيجية واضحة ظاهرا لتنفيذها. لكن الحقيقة الواقعية هي ان 5 مليون فلسطيني في قطاع غزة وفي منطقة يهودا والسامرة لن يرحلوا الى أي مكان، ولا توجد أي خطة قابلة للتنفيذ لحل المشكلة الفلسطينية لا تتضمن بقاءهم هنا ككيان منفصل تماما عن إسرائيل. أساس الاهتمام الجماهيري في إسرائيل، وعمليا في العالم كله اتجه في اثناء السنة الأخيرة بما يجري في قطاع غزة في اعقاب احداث 7 أكتوبر والحرب التي نشبت في اعقابها. لكن في مناطق الضفة ينشأ واقع لا يقل اثارة للقلق بل واكثر من ذلك.

في الجانب الفلسطيني تضعف السلطة الفلسطينية في كل المستويات تقريبا. على خلفية الضعف المتواصل لزعيمها أبو مازن، غياب التأييد في الشارع الفلسطيني والضائقة الاقتصادية المتصاعدة يتعاظم الاضطراب في الشارع الفلسطيني. هذه الميول تؤدي الى التطرف في الرأي العام والى ارتفاع في تأييد منظمات معارضة مثل حماس ومنظمات محلية مدعومة من ايران.

منذ بداية الحرب تقريبا لم يسمح بدخول عمال فلسطينيين الى نطاق إسرائيل. والمعنى هو أنه رغم ان عشرات الاف الماكثين غير القانونيين يشقون طريقهم كل يوم للعمل في إسرائيل، فان الأغلبية الساحقة من السكان الفلسطينيين عديمة العمل والدخل وتوجد في خطر وجودي ملموس.

الحكم الفلسطيني فقد أجزاء هامة من سيطرته على الأرض سواء على خلفية ضعفه وانعدام الانسجام في أوساط زعماء السلطة أم في ضوء إجراءات اتخذتها إسرائيل على الأرض بقيادة الوزير بتسلئيل سموتريتش والتي سنوسع الحديث فيها لاحقا.

في جوانب الإرهاب تعرض المعطيات انخفاضا دراماتيكيا في مدى العمليات من مناطق الضفة في السنة الأخيرة. لكن هذا الانخفاض لا ينبع من الانخفاض في الدافع الفلسطيني بل من التعزيز الكبير للتواجد ولاعمال الإحباط التي قام بها الشباك والجيش مع بداية الحرب. بالتوازي انكشف دور إيراني متصاعد في تمويل خلايا إرهاب في المنطقة وتسليحها بوسائل قتالية تم تهريب معظمها عبر الحدود الأردنية.

من غير المستبعد أن يكون بعضا من صراعات السيطرة في السلطة الفلسطينية تؤدي الى اضعاف مقصود لسلطة القانون في الشارع من قبل قادة الأجهزة من اجل خلق وضع من انعدام الثقة بالقيادة الحالية. واضح للجمهور الفلسطيني بان “اليوم التالي” لابو مازن يقترب والصراعات على القيادة المستقبلية تلقى تعبيرا واضحا في تصريحات بعض من الزعماء المحتملين مثلما هو أيضا في دورهم في تحويل الأموال والسلاح للخلايا الفاعلة في المناطق المختلفة كجزء من الاستعداد لصراع القوى الكفيل بان ينشأ بعد رحيل الزعيم الحالي.

بناء الثقة

بالتوازي مع كل هذا تنشأ سياقات مقلقة في الجانب اليهودي. فسيطرة سموتريتش على الإدارة المدنية من جهة والسيطرة التي حققها ايتمار بن غفير (حتى استقالته هذا الأسبوع) في لواء المناطق في شرطة إسرائيل من جهة أخرى تؤدي الى واقع يكون فيه ارتفاع كبير جدا في نطاق اعمال الإرهاب لنشطاء اليمين المتطرف ضد مواطنين فلسطينيين. من جهة أخرى يكاد لا يجري أي عمل لانفاذ شرطي ضدهم.

توجد أدلة على ارتفاع متزايد للبناء غير القانوني وشرعنة بؤر استيطانية غير قانونية في المنطقة، في الوقت الذي يشتد فيه هدم البناء الفلسطيني غير القانوني. وزراء عظمة يهودية والصهيونية الدينية يعلنون على الملأ عن نيتهم الوصول الى ضم كامل لاراضي الضفة في ظل تحويل الفلسطينيين الى مواطنين من الدرجة الثانية وخلق ابرتهايد كامل في دولة إسرائيل.

عموم هذه المعطيات، في التداخل مع الحجيج المتكرر لبن غفير الى الحرم تفاقم الكراهية في الجمهور العربي في إسرائيل وفي المناطق وترفع الاحتمال لانتفاضة فلسطينية حادة ضد إسرائيل. تقديرات امنية مختلفة في إسرائيل تتوقع حتى إمكانية ان تنزلق صراعات القوى في داخل السلطة الفلسطينية في اليوم التالي لابو مازن الى حدود إسرائيل وتهدد أمنها في سيناريوهات معينة.

الطرفان ينتظران بترقب دخول الرئيس ترامب الى معالجة الأمور وذلك على افتراض انه سيعلن عن سياسة واضحة في هذا الاتجاه او ذاك. بعض من منتخبي الجمهور في إسرائيل لا يزالون يعلقون آمالا على الرئيس ترامب لتنفيذ الضم الكامل في الضفة لكن ليس مؤكدا على الاطلاق انهم يقدرون نواياه على نحو صائب نواياه التي تتناول مستوى استراتيجيا اعلى بكثير من مناطق الضفة.

إسرائيل من جهتها ومن جانب رئيسها لا تعرض أي رؤيا او استراتيجية واضحة بالنسبة لمناطق الضفة والسلطة الفلسطينية، لكن واضح منذ الان ان من ناحية الولايات المتحدة والسعودية لا توجد إمكانية للتقدم للتوقيع على اتفاق استراتيجي في الشرق الأوسط دون إعطاء جواب للمسألة الفلسطينية. من المهم أن نفهم بان حل المسألة الفلسطينية هو شرط أساسي للتقدم نحو أي اتفاق إقليمي استراتيجي في الشرق الأوسط بقيادة الولايات المتحدة بما في ذلك التسوية مع السعودية. كما أنه شرط لتأييد الولايات المتحدة لكل خطوة رمزية كفيلة ان تتخذها دولة إسرائيل في المستقبل ضد ايران ووكلائها في المنطقة.

وفقا لذلك على إسرائيل ان تبلور وتعرض استراتيجية واضحة وبعيدة المدى في الموضوع. وان تتضمن هذه سلسلة سياقات واتفاقات مع السلطة الفلسطينية في المجالات المدنية والأمنية المختلفة، وبهدف خلق ثقة متجددة تجاه القيادة الفلسطينية والعالم العربي بعامة، ولخلق مسار يسمح بانفصال مطلق عن الفلسطينيين – سواء في منطقة غزة أم في مناطق الضفة. بالتوازي، على إسرائيل أن تبني خطة تسمح بتنمية الاقتصاد الفلسطيني وإصدار تصاريح عمل تحت رقابة متشددة لوسائل تكنولوجية وباشتراط الاغلاق المحكم لجدار الفصل بين السلطة وإسرائيل.

على إسرائيل أن توقف تماما إجراءات الضم الكامل للمنطقة بخلاف القانون الدولي، وتمنع شرعنة المستوطنات غير القانونية. بالتوازي على شرطة إسرائيل أن تشدد الانفاذ ضد نشطاء اليمين المتطرف في الضفة وتحبط أعمالهم بما يشبه ما يفعله الشباك تجاه السكان الفلسطينيين. بهذه الطريقة فقط يمكن لإسرائيل أن تنخرط في السياقات الاستراتيجية السياسية، الاقتصادية والأمنية التي تخطط الولايات المتحدة لاتخاذها في الشرق الأوسط في السنوات القريبة القادمة وان تخلق أيضا اتفاقات امنية جديدة مع السعودية ودول عربية أخرى.

مركز الناطور للدراسات والابحاثفيسبوك

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-24 14:14:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى