حماس والاخوان المسلمين، دمى لقطر وتركيا
هآرتس 2/1/2025، رونيت مارزين: حماس والاخوان المسلمين، دمى لقطر وتركيا
في شهر حزيران 2017، بعد سنوات كثيرة من التحريض في وسائل الاعلام القطرية والتدخل النشط لاسقاط بعض الانظمة العربية (الربيع العربي)، قرر عدد من الزعماء العرب فرض المقاطعة على قطر. فقد ادركوا ما ادركته الدول الغربية، بما في ذلك اسرائيل، لكنها ترفض التنازل عن خدمة “الاشعال والاطفاء” التي تقوم بها قطر وحليفتها تركيا. ورغم أن المقاطعة تم رفعها في كانون الثاني 2021 إلا أن الزعماء العرب لم يتخلوا عن التأهب لأنهم يعرفون اسلوب قطر وكيف أنها تقوم بتحويل قادة تنظيمات اسلامية متطرفة الى زعماء دول.
يمكن رؤية ذلك في ثلاث حالات امتحان: زعيم حماس خالد مشعل، الذي ساعدته قطر على اسقاط السلطة الفلسطينية والسيطرة على الساحة الفلسطينية؛ أحمد الشرع الملقب بالجولاني، مؤسسة جبهة النصرة وهيئة تحرير الشام، الذي ساعدته قطر وتركيا في اسقاط نظام الاسد والسيطرة على سوريا؛ ومحمود فتحي، مؤسس الحزب الاسلامي “الفضيلة” في مصر، الذي تعاون مع تركيا وقطر من اجل اسقاط النظام في مصر.
قصة الغرام بين مشعل وقطر بدأت في 1999 بعد طرده من الاردن الى الدوحة. وهذه العلاقة تقوت منذ وقف الى جانب الشعب السوري وضد مستضيفيه السوريين عند اندلاع ثورة الربيع العربي. امير قطر، بمباركة الولايات المتحدة وزعماء في الغرب، طلب من مشعل الاقامة في الدوحة. وبواسطة سيطرته على حماس وعلى خطاب المقاومة الفلسطينية فقد أمل امير قطر بأن يصبح عامل له نفوذ اقليمي ودولي.
في قطر تم وضع مراقبين على مشعل وهما المفتي يوسف القرضاوي الذي توفي قبل سنتين واعتبر أبو مقاربة الوسطية “الطريق الوسطى”، وعضو الكنيست السابق عزمي بشارة، الذي يعمل على الربط بين القومية العربية والاسلام السياسي والدفع قدما بفكرة “الوحدة العربية” امام “الاتحاد الاوروبي”. هؤلاء الاثنان قاما بتعليم مشعل كيفية صياغة اقواله بشكل لطيف ازاء الغرب وتبني خطاب النضال، ليس ضد اليهود بل ضد “الكولونيالية الصهيونية” و”نظام الابرتهايد الاسرائيلي”. اضافة الى ذلك تم نشر شبكة للمؤثرين الفلسطينيين والعرب من اجل ترديد وتأكيد شرعية المقاومة الفلسطينية المسلحة.
ثورة “الربيع العربي” في 2011 التي أدت الى اسقاط عدد من الانظمة في الدول العربية، واندماج زعماء “الاخوان المسلمين” في الحكم، خلقت في قطر النشوة التي بحسبها هم على وشك تجسيد فلسفة الثورة لجمال عبد الناصر، التي ربطت ثلاث دوائر: الدائرة العربية، الاسلامية والافريقية. مشعل آمن بأن تحرير القدس هو اقرب من أي وقت مضى. في احتفال احياء ذكرى تحرير القدس التاريخي على يد صلاح الدين الايوبي الذي جرى في القاهرة في 2012، دعا الى الاستعداد لتحرير القدس بالجهاد، وقلب طاولة المفاوضات على رأس الذين يريدون استعباد الفلسطينيين. وبسبب عدم حدوث ذلك فقد سافر مشعل في تشرين الاول 2015 الى “جولة تعليمية” في جنوب افريقيا لدراسة “لغة الابرتهايد” بدلا من “اللغة اللاسامية” في ميثاق حماس، باعتقاده أنه سيستطيع أن يجر اسرائيل ذات يوم الى المحكمة في لاهاي وعزلها في العالم (الامر الذي حدث بالفعل بعد عقد من ذلك).
بعد سنتين على الزيارة وضع مشعل وثيقة سياسية جديدة (أيار 2017) بروحية ما تعلمه من عزمي بشارة ويوسف القرضاوي وفي جنوب افريقيا. في الوثيقة لم يكن أي انحراف عن ايديولوجيا الحد الاقصى – تحرير كل فلسطين من البحر الى النهر، ولم يكن فيها اعتراف بشرعية اسرائيل. ولكن كان فيها اعتراف باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود 1967 وعاصمتها القدس (شرقي القدس) باسم الاجماع الوطني.
بعد سنة، بموافقة اسرائيل، بدأت تتدفق ملايين الدولارات لحماس في القطاع، على فرض أن هذا الامر سينقل مركز قوة حماس من القيادة في غزة الى القيادة في الدوحة. ولكن عمليا، القوة السياسية والعسكرية لحماس غزة ازدادت ووصلت الى الذروة في عملية “حارس الاسوار” في 2021.
مشعل غضب. بعد مرور بضعة اشهر، في خطاب القاه في مؤتمر منتدى “صلاح الدين الايوبي” في تركيا، قام بارسال رسالة مبطنة ليحيى السنوار، وعرض عليه التعلم من الارث العسكري والسياسي لصلاح الدين: التصرف بحكمة سياسية وخداع عسكري، مع استغلال التغيرات التي تحدث في المنطقة وتقدير الوضع من اجل اتخاذ قرار متى يجب التقدم أو الانسحاب ومتى يكون من الصحيح الدفاع أو الهجوم أو التوقيع على اتفاقات. مشعل قدم نصيحة للسنوار، الحفاظ على علاقة جيدة مع أبناء شعبه والحرص على ادارة معركة اخلاقية ضد العدو. هكذا، مشعل أمل في وضع نفسه كمواصل لدرب صلاح الدين، والشخص الذي يستحق اكثر من السنوار ومحمود عباس قيادة الفلسطينيين.
في آب 2022، بعد فترة قصيرة على الجولة العسكرية بين اسرائيل والجهاد الاسلامي، التي لم تشارك فيها حماس (عملية “بزوغ الفجر”)، سافر مشعل الى زيارة في الاردن لمدة شهرين، وفيلم وثائقي متعاطف لقناة “الجزيرة” رافقه في هذه الزيارة. أمير قطر حاول بطريقته اقناع المملكة الاردنية باعادة مشعل الى الاردن ومن هناك الى الساحة الفلسطينية. ولكن ملك الاردن، الذي يعرف عن قرب الخطاب المخدر والتآمري للاخوان المسلمين، تنازل عن هذه “المتعة” وأبقى مشعل في الدوحة. منذ ذلك الحين خطاب مشعل أخذ في التدهور، وبرعاية قطر فقد اصبح يتمنى قدوم “عبد الله عزام” جديد (من مؤسسي القاعدة)، وحتى أنه طالب باستئناف العمليات الانتحارية ضد اسرائيل.
قصة الغرام الثانية التي تجريها قطر هي مع احمد الشرع، زعيم التمرد السوري. قطر – بدون اطلاق أي رصاصة وبدون سفك قطرة دم من جنودها – استغلت خوف تركيا من الاكراد وحلمها في احياء الامبراطورية العثمانية من جهة، وغضب المتمردين السوريين على نظام الاسد من جهة اخرى، وتسببت باسقاط النظام في سوريا. وبعد ذلك الدفع قدما بالهدف المأمول وهو انشاء انبوب لنقل الغاز الى اوروبا.
بواسطة المثقفين عزمي بشارة وبرهان غليون، المعارض السوري الذي يعيش في تركيا، ومؤثرون في الشبكة، الذين اصبحوا يعملون في سوريا وخارجها، فقد أملت قطر في “ترويض” الشرع وتعليمه كيفية التحدث بلغة جديدة ستخدر الغرب واسرائيل وتسمح لقطر بالدفع قدما بمشروع انبوب الغاز بدون ازعاج. في مقابلات اجراها بشارة وغليون مع وسائل الاعلام في قطر وفي تركيا، فقد عرضوا على الشرع الانتقال من لغة التمرد والثورة الى لغة بناء مؤسسات دولة؛ من اللغة الجهادية الاسلامية الى لغة التحرير الوطني العربي السوري؛ من لغة الاقصاء والقمع الى لغة استيعاب تحترم حقوق الانسان.
لقد انضم الى هؤلاء الاثنين احمد منصور، وهو من كبار المذيعين في قناة “الجزيرة”، الذي اجرى مع الشرع سلسلة من 8 اجزاء مشجعة له بشكل خاص. كان من الواضح أن منصور يقوم بتجنيد كل مؤهلاته المسرحية (بما في ذلك البكاء) من اجل اقناع المشاهدين بأن الشرع هو الرجل الصحيح في المكان الصحيح. منصور وصف محبة الانسان لديه والتواضع والمصداقية والحكمة والبراغماتية، لكن من كثرة انفعاله اوضح للمشاهدين ايضا الى أين توجهه.
الشرع، حسب اقوال منصور، يتعلم من التاريخ، لا سيما من المعارك الكبيرة التي حدثت في سوريا ولبنان وفلسطين والاردن، التي هزمت فيها معظم الامبراطوريات الكبرى. توجد لديه مؤهلات تنظيمية وعملياتية تشبه مؤهلات صلاح الدين، الذي حرر القدس فقط بعد أن حارب الأمراء والسياسيين الذين كانوا مخلصين للصليبيين وضمن وحدة المقاتلين. هو يعرف كيف ينفذ خدعة استراتيجية وخلق الانطباع بأن الامر يتعلق بعملية ردع، وليس بنية تحرير سوريا، كما فعل السنوار في “طوفان الاقصى”. وهو ايضا يعرف خطط اسرائيل من ابحاث في مراكز الابحاث في الولايات المتحدة واماكن اخرى، وأنه غير معني في هذه المرحلة في الدخول الى حروب هو غير مستعد لها.
الشعار الذي اطلقه الشرع، “نصر بدون ثأر”، لا يقف الآن على المحك، وفي الخلفية توجد صور قاسية لقتل بدون محاكمة لمواطنين سوريين وابناء اقليات ورجال من النظام السابق.
محمود فتحي، الرجل الثالث الذي تعهدته قطر وتركيا، التي أملت اعادته الى مصر ذات يوم كرئيس للحكومة أو كرئيس، تمت مشاهدته بعد فترة قصيرة على اسقاط النظام في سوريا في صورة مشتركة مع الشرع وياسين اقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. فتحي، الذي بدأ طريقه كامام مسجد، اصبح ناشط سياسي في ثورة الربيع العربي في مصر، وكان يتوقع أن يتم تعيينه في طاقم محمد مرسي، الرئيس المصري الذي انتخب بعد انتهاء الثورة. ولكن بعد عزل مرسي هرب فتحي الى تركيا وحكم عليه بالاعدام غيابيا في محكمة في مصر بسبب التورط في قتل هشام بركات، النائب العام المصري.
فتحي يقترح استغلال الحرب بين روسيا واوكرانيا والحرب في قطاع غزة من اجل التقدم من “طوفان الاقصى” الى “طوفان الأمة”، مثلما استغل النبي محمد الحروب بين الفرس والبيزنطيين من اجل اقامة الدولة الاسلامية.
هناك من سيقولون إن تحويل زعماء منظمات ارهابية الى لاعبين سياسيين يمكن أن يُبعدهم عن الاعمال الارهابية، وهذا أمر جيد. في بعض الحالات كان ذلك يمكن أن يكون صحيحا لولا “طوفان الاقصى” في 7 اكتوبر 2023، الذي اثبت أن حركة الاخوان المسلمين الممولة والمدعومة من قطر وتركيا مستمرة في التقدم نحو السيطرة على كل المنطقة.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-02 14:42:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>