منوعات

ذكرى وفاة الرسول الاعظم محمد(ص) وشهادة سبطه الامام الحسن(ع)

نعزي الإمام صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وولي الأمر في غيبته الإمام الخامنئي (مدّ ظلّه العالي) وعموم المؤمنين بذكرى رحيل خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وحفيده الإمام الحسن المجتبى عليه السلام على بعض الروايات في أواخر شهر صفر الحرام.

لقد كان النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) نوراً كلّه، وخيراً كلّه، ورحمةً كلّه، ورسالةً وخلقاً ليس فوقه خلق. وعندما نقف على ذكرى وفاته (صلى الله عليه وآله) ، فإنّنا نتذكر الهمّ الكبير الذي كان يشغل باله وهو في مرض الموت، ولذلك انطلق ليوصي، لا بمالٍ يورّثه، ولا بدنيا يمنحها أقرباءه، بل بالإسلام.

ذكر المؤرخون أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم استدعى أحد مواليه في أواخر صفر وطلب منه مرافقته إلى البقيع قائلاً له: “إني قد أُمرت أن أستغفر لأهل البقيع فاخرج معي الليلة”، فخرجا في جوف الليل، وهناك سلّم على أهل القبور، وقال لغلامه: “إني قد أوتيت مفاتح خزائن الدنيا والخلد فيها ثمّ الجنّة، وخُيّرت بين ذلك ولقاء ربي والجنّة، فاخترت لقاء ربّي والجنّة”، قال له غلامه: بأبي أنت وأمّي فخذ مفاتح خزائن الدنيا والخلد فيها ثمّ الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لا والله يا أبا مُوَيهبة، لقد اخترت لقاء ربّي”، ثمّ استغفر لـأهل البقيع ورجع.

بعد ساعات وفي حشد من الناس دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم المسجد برأس معصوب وطلعة نالت منها الحمّى، فجلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: “إنّ عبداً من عباد الله خيّره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله” ثمّ سكت والناس قد طأطأوا رؤوسهم، وتابع خطابه وفي باله صلى الله عليه وآله وسلم ما قد خطّط له لحرب الروم وجهّز له من جيش كبير بقيادة أسامة بن زيد البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً آمراً أصحابه وبقيّة المسلمين الانضواء تحت رايته لذا قال من منبر المسجد:

“أيها الناس، انفذوا جيش أسامة… ثم سكت ولهيب الحمّى يزداد اشتعالاً، ثم قال: “أيها الناس، إنّي أحمد إليكم الله، لقد دنا منّي خفوق من بين أظهركم فمن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتد منه، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يقل رجل إنّي أخاف الشحناء من رسول الله، ألا وإنّ الشحناء ليست من طبيعتي ولا من شأني، ألا وإنّ أحبّكم إليّ من أخذ منّي حقاً إن كان له، أو حللني فلقيت الله، وأنا طيب النفس… “ثمّ نزل من المنبر وأقام الصلاة وبعدها قام ينتظر الناس الذين أثقلهم سؤال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وهو المعصوم الكامل الذي امتدحه الله تعالى بأنّه على خلق عظيم، فجأة نهض رجل يضطرب ليقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إنّ سوطه وقعت ذات يوم على بطنه بطريق الخطأ فإذا بخاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم يكشف بطنه طالباً من الرجل أن يقتصّ منه، فتقدّم الرجل وسط ذهول الناس ليقبّل جسده الشريف، ليكون ذلك آخر العهد منه. وبعدها دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيته حيث كان الرحيل المحزن الذي أصيب به الخلق والذي دعانا أهل البيت عليه السلام أن نتذكّره حين نصاب بأمر يخصّنا، فعن الإمام الباقر عليه السلام: “إن أصبت بمصيبة في نفسك أو ما مالك، فاذكر مصابك برسول الله فإنّ الخلائق لم يصابوا بمثله قط”.

لقد رسم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للناس جميعاً طريق السعادة الحقيقية وضمن لهم الوصول إليها من خلال التمسّك بأصلين أساسيّين لا غنى لهما بأحدهما دون الآخر وهما الثقلان، فقال:

“أيها الناس! إنّي فَرْطُكم، وأنتم واردون عليَّ الحوض، ألا وإنّي سائلكم عن الثِقلين، فانظروا: كيف تخلِّفوني فيهما؟ فإنّ اللطيف الخبير نبّأني: أنّهما لن يفترقا حتّى يلقياني، وسألت ربِّي عن ذلك فأعطانيه، ألا وإنِّي قد تركتها فيكم: كتاب الله وعترتي: أهل بيتي، لا تسبقوهم فتَفرَّقوا، ولا تقصروا فتهلكوا، ولا تعلّموهم، فإنّهم أعلم منكم.

أيّها الناس! لا ألفينّكم بعدي كُفّاراً، يَضرِبُ بعضُكم رقابَ بعضٍ، فتلقوني في كتيبة كمَجْر السيل الجرّار. ألا وإنّ عليّ بن أبي طالب أخي ووصيّي، يقاتل بعدي على تأويل القرآن، كما قاتلتُ على تنزيله”.

ولم يكن حول النبي (صلى الله عليه وآله) في اللحظات الأخيرة إلاّ علي بن أبي طالب وبنو هاشم ونساؤه. وقد علم الناس بوفاته (صلى الله عليه وآله) من الضجيج والصراخ الذي علا من بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) حزناً على فراق الحبيب، وخفقت القلوب هلعة لرحيل أشرف خلق الله.

لقد كانت وفاته صدمة عنيفة هزّت وجدان المسلمين، وقف علي (ع) بحيال رسول الله(ص) وهو يقول: سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته اللهم إنّا نشهد أن قد بلّغ ما اُنزل اليه ونصح لاُمته وجاهد في سبيل الله حتى أعزّ الله دينه وتمّت كلمته، اللهم فاجعلنا ممن يتّبع ما أنزل الله إليه وثبّتنا بعده واجمع بيننا وبينه، فيقول الناس: آمين، حتى صلّى عليه الرجال ثم النساء ثم الصبيان. ولم يحضر دفن النبي (صلى الله عليه وآله) والصلاة عليه أحد من الصحابة الذين ذهبوا الى السقيفة.

فسلامٌ عليك يا رسول الله يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حياً.

ذكرى استشهاد سبط النبي الامام الحسن(ع)

استشهد الامام الحسن بن علي عليهما السلام في 28 صفر وهو ابن سبع واربعين سنة، وكان بينه وبين اخيه الحسين عليه السلام مدة الحمل وكان حمل ابي عبد الله عليه السلام سته اشهر، فاْقام ابو محمد مع جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع سنين، واقام مع ابيه بعد وفاة جده بثلاثين سنة، واقام بعد وفاة امير المؤمنين عليه السلام عشر سنين.
قُتل (عليه السلام) مسموماً على يد زوجته جُعدة بنت الأشعث الكندي بأمر من معاوية بن أبي سفيان.

قال الشيخ المفيد (قدس سره) «وضمن لها أن يزوّجها بابنه يزيد، وأرسل إليها مائة ألف درهم، فسقته جعدة السم»، ففعلت وسمّت الإمام الحسن(ع)، فسوّغها المال ولم يزوّجها من يزيد.

فلا يزال الامر به حتى يقتل بالسم ظلماً وعدواناً، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته، ويبكيه كل شيء حتى الطير في جو السماء والحيتان في جوف الماء، فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعم العيون، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، ومن زاره في بقيعه تثبتت قدمه على الصراط يوم تزل الاقدام. ولقد دفن في البقيع المدينة المنورة.

المصدر
الكاتب:
الموقع : almanar.com.lb
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-09-14 10:11:22
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من Beiruttime اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading