روسيا ترسل مقاتلات Su-35 إلى الجزائر في صفقة تسليحية سرية

بدأت تفاصيل الصفقة تظهر عندما التُقطت صور أقمار صناعية في 2 مارس 2025 تُظهر طائرة سو-35 مفككة، مطلية بتمويه يتماشى مع الطلبية المصرية السابقة، وهي تُحمّل على متن طائرة An-124 في كومسومولسك-نا-آمور، وهي مركز إنتاج طائرات سوخوي.
وبعد ثلاثة أيام، في 5 مارس، ظهرت الطائرة ذاتها في قاعدة عين البيضاء، المعروفة أيضاً بقاعدة أم البواقي الجوية. وبحلول 10 مارس، أكدت الصور وجود طائرة سو-35 واحدة على الأقل تحمل علامات سلاح الجو الجزائري، ما يشير بوضوح إلى أنها أصبحت تحت قيادة مشغل جديد. وأفاد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن أربع طائرات إضافية على الأقل في كومسومولسك كانت تحمل شارات جزائرية، ما يدل على أن عمليات التسليم ستتواصل.
الجزائر تبدأ تسلم مقاتلات سو-35 المصرية pic.twitter.com/kocXwOSZGo
— defense arabic موقع الدفاع العربي (@DefenseArabic) April 11, 2025
تعود هذه الصفقة الهادئة لكن البارزة إلى فشل صفقة عام 2018 مع مصر، والتي كانت قد طلبت أكثر من 20 طائرة سو-35 لكنها تراجعت تحت ضغط أمريكي مرتبط بقانون “مكافحة خصوم أمريكا من خلال العقوبات” (CAATSA). وبعد انسحاب مصر، وجدت روسيا في الجزائر، الشريك القديم، مشترياً بديلاً.
وتُعد مقاتلة سوخوي سو-35، المعروفة باسم “Flanker-E” في مصطلحات حلف الناتو، مقاتلة متعددة المهام من الجيل 4++، صُممت لتملأ الفجوة بين تصاميم الحقبة السوفيتية والطائرات الشبحية من الجيل الخامس. وهي طائرة ذات مقعد واحد ومحركين، يبلغ طولها 21.9 متراً، وباع جناحيها 15.3 متراً، وتصل كتلتها القصوى عند الإقلاع إلى نحو 34,500 كيلوغرام.
تعمل بمحركين من نوع Saturn AL-41F1S مزودين بفوهات توجيه الدفع، ما يمنحها قدرة فائقة على المناورة، ويُمكّنها من أداء حركات بهلوانية متقدمة مثل “كوبرا بوغاتشوف” حيث ترتفع الطائرة بزاوية شبه عمودية دون أن تفقد السيطرة. تبلغ سرعتها القصوى 2.25 ماخ (حوالي 2400 كلم/ساعة)، ويبلغ نصف قطرها القتالي نحو 1600 كلم بدون خزانات وقود إضافية.
ويستطيع رادارها من نوع Irbis-E السلبي الممسوح إلكترونياً اكتشاف أهداف على بعد يصل إلى 400 كلم، وتتبع عدة أهداف في آن واحد. وتسلح المقاتلة بمدفع داخلي من عيار 30 ملم (GSh-30-1) و12 نقطة تعليق تحمل ما يصل إلى 8000 كغ من الذخائر، تشمل صواريخ جو-جو R-77 وR-73، وصواريخ كروز Kh-31 وKh-59، وقنابل موجهة KAB-500، ما يجعلها فعالة في مهام التفوق الجوي والهجوم الأرضي والاعتراض.
وعند مقارنتها بنظيراتها الأمريكية مثل F-15EX Eagle II، تُظهر سو-35 قدرات متعددة مماثلة، لكنها تفتقر إلى تقنيات التخفي التي تتميز بها F-35 Lightning II. أما في مواجهة الطائرة الصينية J-16، فتتفوق سو-35 قليلاً في المناورة رغم التشابه في أنظمة الرادار المتطورة بين الطرفين.

اقتناء الجزائر لهذه المقاتلات يعزز قدرات قواتها الجوية، التي تشغّل بالفعل أكثر من 70 طائرة Su-30MKA، و40 طائرة MiG-29، إلى جانب طائرات روسية أخرى.
توفر مقاتلات Su-35، بفضل إلكترونيات الطيران المتقدمة وقدراتها في الضربات بعيدة المدى، نقلة نوعية تمكّن الجزائر من استعراض نفوذها عبر شمال إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط.
لطالما اعتمدت الجزائر على السلاح الروسي، في علاقة تعود جذورها إلى الحرب الباردة، حين دعم الاتحاد السوفياتي نضال الجزائر من أجل الاستقلال ضد فرنسا.
ومنذ ستينيات القرن الماضي، زوّدت موسكو الجزائر بكل شيء من الدبابات إلى أنظمة الدفاع الجوي، مما جعل الجزائر أكبر سوق أفريقي للسلاح الروسي.
في عام 2023، بلغ حجم ميزانية الدفاع الجزائرية 25.1 مليار دولار، مدفوعة بعائدات النفط والغاز الهائلة، مما مكّنها من تمويل صفقات تسليح مكلفة.
ومن المرجح أن مقاتلات Su-35، التي كانت مخصصة لمصر، قد قُدمت بشروط تفضيلية، في ظل سعي روسيا لتصريف طائرات جاهزة وسط ضغوط اقتصادية ناجمة عن العقوبات الغربية.
يسلط انهيار الصفقة المصرية الضوء على التحديات التي تواجه صادرات السلاح الروسية. ففي عام 2018، وقّعت مصر عقداً بقيمة 3 مليارات دولار لاقتناء Su-35 لتحديث سلاحها الجوي، الذي يعتمد على مقاتلات F-16 القديمة وطائرات رافال الفرنسية. لكن بحلول عام 2020، دفعت التحذيرات الأميركية من عقوبات قانون “مكافحة خصوم أمريكا من خلال العقوبات” (CAATSA) القاهرة إلى إعادة النظر في الصفقة.
وقد أدى هذا القانون، الذي سُنّ عام 2017، إلى ردع دول أخرى مثل الهند وتركيا عن تعميق التعاون مع صناعة الدفاع الروسية. وبحلول عام 2021، ترك انسحاب مصر روسيا مع ما لا يقل عن 12 طائرة Su-35 جاهزة للتسليم لكنها غير مسلّمة، كما أظهرت صور الأقمار الصناعية من كومسومولسك-نا-آمور. وقد طُرحت آنذاك فكرة توجيه هذه الطائرات إلى إيران، لكن طهران أولت الأولوية لمنظومات الدفاع الجوي، قبل أن تؤكد في يناير 2025 شراء كمية محدودة من Su-35.
برزت الجزائر كخيار مثالي كونها أقل عرضة للضغوط الأميركية، ما يبرز قدرة روسيا على التكيف، ولكنه يعكس أيضاً حاجتها الملحة لتأمين مشترين في سوق آخذة في التقلص.
لا تقتصر الحسابات الاستراتيجية للجزائر على التحديث العسكري فحسب، إذ إن موقعها الجغرافي بين المغرب من جهة الغرب وليبيا من الشرق يفرض عليها تحديات إقليمية معقدة. وتشكل الخصومة المتواصلة مع المغرب، لا سيما بسبب نزاع الصحراء المغربية، عاملاً محورياً في توجيه جزء كبير من ميزانيتها الدفاعية.
ويمتلك المغرب 23 مقاتلة F-16 Block 52+، ويعمل على تطويرها إلى معيار Block 70/72، كما بحث إمكانية الحصول على مقاتلات F-35 عبر قنوات أميركية وإسرائيلية.
وتمنح Su-35 الجزائر ميزة في القتال الجوي، رغم أن فعاليتها تعتمد على مستوى تدريب الطيارين وكفاءة الصيانة، وهما مجالان قد يتأثران بالعقوبات التي تعرقل سلاسل التوريد الروسية.
ولا تقتصر دوافع روسيا على الجانب الاقتصادي فقط. فمع تراجع نفوذها في الشرق الأوسط بعد سنوات من التدخل في سوريا، تسعى موسكو لترسيخ موطئ قدمها في شمال إفريقيا. وتُعد الجزائر، باعتبارها عضواً في أوبك ومصدراً للغاز إلى أوروبا، شريكاً قيمًا.
تعزز صفقة Su-35 هذا التحالف، وقد تفتح الباب أمام عقود مستقبلية، مثل طائرة Su-57 الشبحية، التي يُعتقد أن الجزائر طلبتها عام 2021. لكن إنتاج Su-57 يعاني من بطء شديد، إذ لم تُسلّم روسيا سوى 19 طائرة منها لقواتها حتى أوائل 2025، ما يضعف احتمالات تصديرها في المدى القريب.
وتعمل Su-35، وهي جاهزة بالفعل، كحل مؤقت لإبقاء الجزائر منخرطة في الشراكة، ريثما ترفع روسيا وتيرة الإنتاج، كما وعد بذلك المدير التنفيذي لشركة “يونايتد إيركرافت كوربوريشن”، فاديم بادخا، في 29 مارس 2025.
ومع ذلك، يواجه قطاع الصناعات الدفاعية الروسية تحديات كبيرة، إذ لم يُنتج سوى 7 طائرات Su-57 بين عامي 2023 و2024، وهي وتيرة لا تفي بالطلب المحلي أو الدولي.

//platform.twitter.com/widgets.js
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-04-14 14:11:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل