سياسة ترامب ثابتة أم متقبلة؟

إسرائيل اليوم 10/3/2025، آفي برئيلي: سياسة ترامب ثابتة أم متقبلة؟
الواقع الاستراتيجي الذي يعمل فيه ترامب هو بالتأكيد فوضوي بحد ذاته، وكذا خطواته في أوروبا وفي الشرق الأوسط تبدو للكثيرين متقلبة.
لكن عمليا، تنبع خطواته من منطق ليس جزءاً من النظام السياسي القديم، الذي انهار منذ زمن بعيد. يعزى لها التقلب، فقط لان الناس يحاولون أن يفهموها بتعابير النظام الذي انهار، وهذا الخطأ يعرقل فهم الثبات الذي في سياسته.
في وضع الاضطراب يميل الناس بالذات الى التمسك بما هو معروف، بما سبق الفوضى وبشكل عبثي، لكن مفهوم عاطفيا، لان يفسروا بواسطته الجديد، غير المسبوق – ليحللوا بواسطة “قواعد” قديمة وضعا لم تتضح قواعده بعد.
بمثل هذه الروح، فان محللين غير قليلين يفسرون بواسطة مفاهيم قديمة مناورات إدارة ترامب في أوروبا وفي الشرق الأوسط ويفوتون منطقها.
مثال واحد يوجد في الادعاء الذي يطرح ضد ترامب، بان تنكره لاوروبا يعرضها لتهديد روسي. هذا ادعاء غير محدث أصله في تهديد الشيوعية الروسية على أوروبا الغربية. لنضع جانبا الحق الذي في رغبة ترامب في الغاء طفيلية الأوروبيين التي تعيش في ظل الحماية العسكرية و (الاقتصادية) الأمريكي؛ وفي رغبته في احباط تطلع أوكرانيا لجر الولايات المتحدة الى حرب مباشرة ضد روسيا؛ وعندها، اذا ما نظرنا الى ما يسمى “التهديد الروسي”، سنرى ان روسيا فشلت بشكل ذريع في أوكرانيا. فقد انكشف جيشها في بؤسه. اكثر من ثلاث سنوات وهي ترسل الى الموت مئات الاف الجنود، فقدت عمليا اسطولها في البحر الأسود، مرتزقوها (مظهر آخر من الضعف) كادوا يقومون بانقلاب عسكري وهي “نجحت” في أن تحتل فقط قسما من المقاطعات الناطقة بالروسية في جنوب شرق أوكرانيا وتفقد إقليم كورسيك في روسيا.
روسيا لم تنجح في التغلب على دولة اصغر منها تعد اضعف منها بكثير. وبالتالي ثبت بان التهديد العسكري الروسي على أوروبا اقل دراماتيكيا مما اعتقدوا قبل الحرب. صحيح أنه انكشف أغراض الطغيان الروسي لكن في اطار ذلك أيضا انكشف، بضوء واضح ضعفها وبطنها الطرية في المنطقة غربي موسكو. صعوبة التمسك بتفسيرات قديمة إياها تميز المحاولة لفهم السياسة الامريكية في أوروبا وفي الشرق الأوسط وكأنها تنبع من رغبة في فك الارتباط عن المنطقتين لغرض التركيز على الصراع مع الصين.
لكن اذا كان الصراع بين الولايات المتحدة والصين يتعاظم بالفعل، فان أوروبا بالذات، وبخاصة الطرق اليها، تصبح اكثر أهمية. على هذه الخلفية يمكن أن نرى بانه يوجد ثبات في محاولات ترامب لانهاء الحرب في أوكرانيا في نوع من التعادل وكذا في رغبته في اخضاع ايران ووكيلها في غزة. هو يقترح على روسيا مساعدة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، الابتعاد عن الصين وطمس فشلها في أوكرانيا من خلال تجميد الوضع القائم إذ ليس لها امل في النصر. وهو يسعى لان يثبت مصالح اقتصادية أمريكية في أوكرانيا تمنع مسبقا هجوما روسيا. حتى لو أجبرت أوكرانيا على الموافقة، ليس مؤكدا ان روسيا ستسلم بالتعادل الذي هو خسارة في الحرب علميا.
في مثل هذه الحالة يمكن للولايات المتحدة أن تترك الاثنتين تتقاتلا، وأوروبا تتعاظم عسكريا وتأخذ على عاتقها أساس عبء الدعم لاوكرانيا، لانه لا يوجد تهديد روسي عملي على الديمقراطيات الأوروبية. الساحتان في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط مرتبطتان، كما اسلفنا، وكما ألمح – في حقيقة أن المفاوضات الامريكية الروسية تجري في السعودية.
لكن سياسة الولايات المتحدة مختلفة في المنطقتين. هام لها ان تمنع تحول نووي إيراني وتمنع سيطرة صينية أو صينية إيرانية على محور التجارة بين الشرق الأقصى وبين أوروبا عبر الشرق الأوسط. دول الخليج، السعودية، الأردن وإسرائيل، بما في ذلك غزة هي جزء من هذا المحور. إسرائيل هامة، بفضل قوتها وموقعها. وعليه فان المصلحة الامريكية، في فهم ترامب، تستوجب انتصار إسرائيل في الحرب، أي اقتلاع حماس، هجرة الغزيين وتصفية النووي الإيراني. اما أوكرانيا بالمقابل فهي دولة فصل يسعى الامريكيون الى استقرارها بالتعادل وبالاتفاق للتنجيم على المعادن. حرب أوكرانيا تقف في طريق الولايات المتحدة. حرب إسرائيل تخدم مصالحها الحيوية.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-03-10 15:34:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>