صفقة لا تبدو في الأفق والجيش يواصل اخلاء شمال غزة بالقصور الذاتي
هآرتس 31/12/2024، عاموس هرئيل: صفقة لا تبدو في الأفق والجيش يواصل اخلاء شمال غزة بالقصور الذاتي
في اليوم الاخير في سنة 2024 كان يفضل، حتى لو من اجل التغيير، أن تقول الحكومة للجمهور الحقيقة. ورغم الاتصالات الكثيفة التي جرت في الاسابيع الاخيرة إلا أن المحادثات حول صفقة التبادل ما زالت عالقة، واحتمالية دفعها قدما تبدو ضئيلة. ربما أنه فقط تدخل من الرئيس الامريكي القادم دونالد ترامب سينجح بطريقة معينة في اخراج هذه العربة من الوحل عند تسلمه لمنصبه في 20 كانون الثاني القادم.
احيانا يجب على المرء اللجوء الى وسائل الاعلام العربية من اجل الحصول على صورة كاملة عما يحدث، أو ما لا يحدث. صحيفة “الشرق الاوسط” السعودية نشرت أول أمس بأن الخلاف بين اسرائيل وحماس بقي على حاله. فحماس تطالب بالحصول على تعهد واضح بانسحاب اسرائيل من القطاع، الذي سيكون مدعوم بخرائط وجدول زمني صارم. حماس تريد ايضا بلورة تفاهمات حول المعايير لتحرير آلاف السجناء الفلسطينيين من السجون الاسرائيلية في النبضات القادمة في الصفقة، في حين أن اسرائيل تطلب من حماس تزويدها بقائمة كاملة ومفصلة عن جميع المخطوفين وعن وضعهم، سواء الاحياء أو الأموات.
حسب صحيفة “الشرق الاوسط” فان هناك نقطة خلاف اخرى وهي رغبة الحكومة الاسرائيلية بصفقة جزئية فقط، في اطارها سيتم اطلاق سراح فقط المخطوفين المشمولين في “القائمة الانسانية”، النساء، كبار السن الرجال، المرضى والجرحى. وهناك خلاف ايضا حول تعريف المرضى والجرحى، الذين يجب شملهم في المرحلة الانسانية، لأنه بعد سنة واربعة اشهر على وجودهم في الاسر فان وضع جميع المخطوفين صعب. كما يبدو يمكن شمل الجميع في القائمة. توجد لاسرائيل مصلحة في زيادة العدد بقدر الامكان لأن تنفيذ المرحلة الثانية في الصفقة أمر مشكوك فيه. في المقابل، قيادة حماس في القطاع، على رأسها محمد السنوار وعز الدين حداد (التي تقرر حقا مواقف حماس في المفاوضات)، تريد اعادة فقط الحد الادنى من المخطوفين من اجل الاحتفاظ بالباقين كـ “بوليصة تأمين” لنفسها، على فرض أن القتال سيستأنف بسرعة.
صورة الوضع هذه التي وصفتها الصحيفة السعودية بشكل دقيق لم تتغير كثيرا خلال السنة الاخيرة. حماس، حتى بعد أن تمت تصفية معظم قادتها بالاغتيال من قبل اسرائيل، واكثر من 15 ألف من نشطائها المسلحين قتلوا في المعارك، إلا أنها ما زالت تصمم على طلباتها الاساسية، انهاء الحرب وانسحاب اسرائيل بشكل كامل واطلاق سراح جماعي لمخربين في السجون الاسرائيلية (من بينهم عدد من كبار القادة الذين تهتم حماس بأن يقوموا باعادة تشكيل قيادتها في الضفة الغربية) واعادة اعمار القطاع). منذ تفجر صفقة التبادل الاولى في كانون الاول من السنة الماضية كانت هناك محاولات لتجاوز نقاط الخلاف، لكن في كل مرة كان فيها تقدم حقيقي، حدث تراجع في النهاية ايضا. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو غير مستعد لأن يخطو خطوة اخرى من اجل التوصل الى الاتفاق لعدة اسباب متشابكة، سياسية وشخصية واستراتيجية.
هذا الخلاف ما زال موجودا، وبعثات الى قطر ومصر تذهب وتأتي في الوقت الذي يحاول فيه المخطوفين البقاء على قيد الحياة في ظل ظروف الشتاء القاسية في القطاع. التقرير الذي قدمته اسرائيل للامم المتحدة، الذي نشر في الاسبوع الماضي في “هآرتس”، يشير بدرجة معينة الى خطورة وضعهم. وهو يستند الى شهادات المخطوفين الذين عادوا الى القطاع قبل اكثر من سنة. الآن وضع الذين بقوا هناك يمكن أن يكون خطير بشكل لا يمكن تقديره.
مركز الثقل
الجمود في المفاوضات يظهر الشكوك المتعلقة بمواصلة العملية في القطاع. في نهاية شهر تموز الماضي بعد اطلاق الصاروخ الذي قتل بسببه 12 فتى في مجدل شمس في هضبة الجولان نقلت اسرائيل مركز ثقل الحرب الى الشمال، الى لبنان. في منتصف شهر ايلول بعد عملية “البيجرات” ضد حزب الله تم تقليص القوات في قطاع غزة من اجل ارسالها للمشاركة في العملية البرية في جنوب لبنان. مع ذلك، في بداية تشرين الاول بدأت العملية الهجومية الرئيسية للجيش الاسرائيلي في القطاع في الفترة الاخيرة – عملية الفرقة 162 في مخيم جباليا في شمال القطاع.
هذه العملية، الرابعة في المخيم منذ بداية الحرب، ما زالت مستمرة. النتائج في هذه المرة أكثر تدميرا وقتلا: معظم البيوت في المخيم تم تدميرها في عملية الجيش الاسرائيلي، وقتل اكثر من الفي فلسطيني، والجيش الاسرائيلي تكبد أكثر من 40 قتيل في المعارك. رؤساء جهاز الامن يواصلون الادعاء بأن الضغط العسكري، الذي ازداد في الاسبوع الماضي عند توسيع العملية الى بيت حانون، يدفع قدما بالمفاوضات حول الصفقة. عمليا، هذا يبدو كعمل ينبع من القصور الذاتي. المفاوضات عالقة، وقف اطلاق النار لا يلوح في الافق، وفي ظل غياب التقدم في المفاوضات فان القصف يستمر في جباليا.
بدون اتفاق فانه من المرجح أن تتوسع العملية الى مناطق اخرى في شمال القطاع مع ابعاد منهجي للمدنيين الفلسطينيين من كل المنطقة. في هيئة الاركان يستمرون في نفي أنهم ينفذون “خطة الجنرالات” التي تتحدث عن افراغ نصف القطاع الشمالي بالقوة. عمليا، الجيش يواصل التقدم نحو هناك خطوة تلو الاخرى.
هل هذا سيهزم حماس؟ يوجد شك كبير في ذلك. سيطرة حماس المدنية على معظم القطاع تستمر. فهي تسيطر على المساعدات الانسانية وتكسب منها الاموال وتفرض سلطتها على معظم السكان. التعافي العسكري لحماس محدود، في هذه المرحلة هي لا تنجح في تشكيل خطر حقيقي على سكان بلدات غلاف غزة، رغم وجود ارتفاع معين في اطلاق الصواريخ من شمال القطاع. جهود حماس موجهة لجباية ثمن من القوات التي تعمل في جباليا، واحيانا من القوات التي احتلت ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا.
في هذه الظروف يصعب رؤية كيف ستنتهي الحرب في الوقت القريب. اسرائيل يمكن أن تغرق في وحل غزة لسنوات، بدون أي حسم حقيقي. نتنياهو بحاجة الى مواصلة الحرب لتبرير خطواته حتى الآن، وكي يمنع تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الاخفاقات التي سمحت بحدوث مذبحة 7 اكتوبر، ولمواصلة في ظل ضباب المعارك سن قوانين الانقلاب النظامي.
اهتمام الاعلام ينتقل الى مناطق اخرى، بعضها مهمة. رئيس الحكومة اجرى عملية في اعقاب مشكلة صحية، التي يبدو أن بعض تفاصيلها لا يتم ابلاغ الجمهور بها. زوجته توجد بعيدا، حيث ينتظرها تحقيق في الشرطة؛ الاحزاب الحريدية تهدد بحل الائتلاف اذا لم يتم وبسرعة الدفع قدما بالقانون الذي سيشرعن تهرب الشباب الحريديين من الخدمة العسكرية. حتى الآن يفضل عدم نسيان الامر الاساسي. ففي اليومين الاخيرين قتل جنديان في شمال القطاع، اوريئيل بيرتس من بيتار عيليت، وهو جندي في كتيبة نيتسح يهودا الذي قتل أمس باصابة صاروخ مضاد للدروع في بيت حانون. وقبل يوم من ذلك قتل في حادث عملياتي في دبابة مركباه جندي المدرعات الرقيب اول يوفال شوهم من القدس.
اصدقاء شوهم في الوحدة قالوا بأنه اثناء عمليات التمشيط في القطاع تعود على مناداة اسم هيرش غولدبرغ بولين، الذي تعلم معه في المدرسة الثانوية الدينية هيمل بيرف، الذي كان مثله يشجع فريق هبوعيل القدس. غولدبرغ وخمسة من المخطوفين الآخرين قتلوا على يد آسريهم من حماس في رفح في نهاية شهر آب. فوق قبر ابنه دعا الأب أمس، البروفيسور آفي شوهم، نتنياهو: “أنا اطلب منك عقد الصفقة”.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2024-12-31 14:28:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>