الدفاع و الامن

صناعة الدفاع السعودية: القدرات والشراكات

موقع الدفاع العربي 26 نوفمبر 2024: تستثمر المملكة العربية السعودية بشكل منهجي في تطوير صناعتها الدفاعية وقدرات البحث والتطوير. ومن المتوقع تخصيص 50% من الإنفاق الدفاعي محليًا بحلول عام 2030.

لعقود من الزمن، لم يكن لدى السعودية أي حافز لإنشاء صناعة دفاعية قوية خاصة بها. وفي حين تأسست بعض الشركات في سبعينيات القرن الماضي، كانت قدراتها تركز في المقام الأول على التجميع والصيانة بدلاً من الإنتاج، ناهيك عن التصميم. وفي الوقت نفسه، حافظت المملكة على شراكة مهمة مع الغرب، الذي لم يكن لديه أي تحفظات بشأن تزويد الرياض بكميات كبيرة من الأسلحة والمعدات. ووفقًا لـ PwC، بين عامي 2015 و2019، استوردت السعودية بشكل أساسي من الولايات المتحدة (73٪) والمملكة المتحدة (13٪).

كانت السعودية خامس أكبر دولة منفقة على الأسلحة في عام 2022 وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (68 مليار يورو، بنسبة نمو 16٪ مقارنة بعام 2021)، وتخضع لإعادة تشكيل أولوياتها. ويرجع قرار إنشاء صناعة دفاع محلية خاصة بها مع التركيز القوي على البحث والتطوير إلى عدد من العوامل المهمة.

أولاً، تقلص حرية المملكة في شراء الأسلحة بشكل ملحوظ. لم تعد الولايات المتحدة حريصة على تزويد الرياض بجميع أنواع المعدات، حيث تعهد الرئيس بايدن بوقف مبيعات الأسلحة بسبب حرب اليمن. كما ظهرت شكوك مماثلة بشأن صادرات الأسلحة الألمانية، حيث واجهت الرياض تحديات في شراء دبابات ليوبارد 2A7 وطائرات يوروفايتر إضافية (على الرغم من رفع الحظر في أوائل يناير 2024). تطوير قدراتها الخاصة سيمنح المملكة المزيد من المرونة في عالم متقلب وغير قابل للتنبؤ، خاصة وأن البلاد تسعى إلى تعزيز استقلالها السياسي.

ثانيا، تهدف المملكة العربية السعودية، التي تخصص نحو 7.4% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، إلى محاكاة دول إقليمية مثل قطر وتقليص اعتمادها على صادرات الطاقة. وفي الوقت نفسه، تدرك الرياض التقلبات غير المتوقعة في سوق النفط. على سبيل المثال، وصلت صادرات النفط الخام السعودية في أغسطس/آب 2023 إلى أدنى مستوى لها في 28 شهرا. مما يتطلب إدارة الميزانية بحكامة.

دبابات الجيش السعودي من طراز M1A2Sدبابات الجيش السعودي من طراز M1A2S
دبابات الجيش السعودي من طراز M1A2S

ثالثا، عازم السعودية على عدم التخلف عن الركب. تراقب الرياض عن كثب نجاحات الإمارات، التي بنت صناعتها الدفاعية الخاصة من الصفر في السنوات الأخيرة، بل وطورت برنامج فضاء محلي، مما أدى إلى إرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى الفضاء. وتمثل شركة إيدج جوهرة الدفاع الإماراتية. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية فإن صناعة الدفاع المحلية تشكل أيضا مسألة هيبة.

رؤية الرياض

تم تقديم المفهوم الطموح للمملكة العربية السعودية بالتفصيل في استراتيجية حكومية، “رؤية 2030″، والتي تهدف إلى تعزيز اقتصاد أكثر تنوعا لم يعد يعتمد على عائدات قطاع الطاقة. وأعلنت هذه الاستراتيجية، التي صدرت في عام 2016، عن خلق آلاف الوظائف ذات المهارات العالية وزيادة انفتاح المملكة على الاستثمارات الأجنبية. وكجزء من الاستراتيجية، هناك خصخصة مستمرة للأصول المملوكة للدولة، بما في ذلك الشركات الرائدة والعقارات والأصول الأخرى. وبالتالي، تطمح المملكة إلى تحسين وضعها الحالي كأكبر اقتصاد في العالم التاسع عشر، لاقتحام المراكز الخمسة عشر الأولى.

يعد هذا التوجه جزءًا من رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع الاقتصاد من خلال تعزيز الصناعات غير النفطية مثل صناعة الدفاع. يُظهر تصريح وزير المالية محمد الجدعان أن المملكة تسعى لجذب استثمارات أجنبية استراتيجية تسهم في بناء قدراتها المحلية، سواء من خلال نقل التكنولوجيا، أو خلق فرص عمل ذات جودة عالية.

إلزام الشركات الأجنبية بنقل مقارها الإقليمية إلى السعودية بحلول يناير 2024 هو خطوة كبيرة في هذا الاتجاه. هذا القرار يشجع الشركات على تعزيز وجودها المحلي وزيادة انخراطها في السوق السعودية، مما يؤدي إلى نقل المعرفة والخبرات وتعزيز الابتكار المحلي.

مثل هذه السياسات تضمن توجيه الاستثمارات نحو القطاعات الحيوية التي تدعم أهداف التنمية المستدامة وتحقيق الأمن الصناعي والاقتصادي. كما تعزز من مكانة السعودية كمركز إقليمي للأعمال في منطقة الشرق الأوسط.

السعودية تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفها برفع معدل التوطين في قطاع الصناعات الدفاعية، وهو جزء محوري من “رؤية 2030”. يعكس النمو التدريجي من 3% في 2016 إلى نحو 15% في منتصف عام 2023 نجاح الجهود المبذولة لتعزيز القدرات المحلية، سواء عبر بناء منشآت تصنيع جديدة، أو عبر الشراكات الاستراتيجية مع الشركات العالمية، أو نقل التكنولوجيا.

تحقيق هدف 50% بحلول عام 2030 يعني أن نصف المشتريات الدفاعية للمملكة ستأتي من شركات محلية. هذا ليس مجرد تحول اقتصادي، بل استراتيجية لتقليل الاعتماد على المصادر الخارجية وضمان الاكتفاء الذاتي في القطاعات الحيوية. بالإضافة إلى ذلك، سيساهم هذا الهدف في خلق فرص عمل محلية عالية الجودة وتطوير الكفاءات السعودية، بما يتماشى مع توجهات المملكة لبناء اقتصاد قائم على المعرفة.

للوصول إلى هذا الهدف الطموح، ستحتاج السعودية إلى التركيز على تطوير البنية التحتية الصناعية، تشجيع البحث والتطوير، وتعزيز الكفاءات الوطنية في مجالات التصنيع المتقدم. كما ستتطلب المرحلة القادمة تعميق الشراكات مع الشركات العالمية الرائدة لضمان نقل المعرفة وبناء القدرات التقنية المحلية.

صناعة الدفاع السعودية: القدرات والشراكاتصناعة الدفاع السعودية: القدرات والشراكات

علاوة على ذلك، تتوقع الرياض مساهمة مباشرة من صناعة الدفاع بما لا يقل عن 22.7 مليار يورو في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بحلول عام 2030. ويبلغ إجمالي الوظائف المتوقعة بحلول عام 2030 نحو 100 ألف وظيفة (مباشرة وغير مباشرة)، والقيمة الإجمالية لأكثر من 70 فرصة استثمارية ناشئة عن التوطين وسلسلة التوريد 65 مليار يورو.

طموحات السعودية لتوسيع القدرات الصناعية الوطنية لم تأتي من فراغ ولكنها تستند إلى أسس متينة. أحد هذه الأسس هو الاقتصاد. وفقًا لأرقام البنك الدولي، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية حوالي 874.16 مليار دولار أمريكي في عام 2021، ونما إلى 1.11 تريليون دولار أمريكي في عام 2022. وهي سابع أكبر سوق عالميًا من حيث الأصول الأجنبية.

تم بناء شركة الصناعات العسكرية السعودية (SAMI)، وهي شركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة (PIF)، كبطل قومي. تهدف شركة سامي إلى أن تكون ضمن أكبر 25 شركة دفاعية وأمنية على مستوى العالم بحلول عام 2030. ولدى الشركة خطة شاملة ليس فقط لكي تكون موردًا رئيسيًا للأسلحة للجيش السعودي وقوات الأمن الداخلي السعودية، بل وأيضًا لتكون مركزًا إقليميًا يقدم خدمات متنوعة، بما في ذلك الإصلاحات والتجديدات والصيانة والإنتاج والتصميم والتحديثات.

ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2024-11-26 14:58:00

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من بتوقيت بيروت اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading