صحة و بيئة

“فضيحة الدم الملوث”.. أكبر كارثة علاجية في تاريخ بريطانيا

&Quot;فضيحة الدم الملوث&Quot;.. أكبر كارثة علاجية في تاريخ بريطانيا

تظاهر الأشخاص المتضررين من “فضيحة الدم الملوث” في بريطانيا، لمرة أخيرة عشية نشر التقرير النهائي بشأن ما وصف بأنه “أكبر كارثة علاجية” في تاريخ هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) البريطانية منذ إنشائها عام 1948.

وأصيب في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي أكثر من 30 ألف شخص في بريطانيا بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، والتهاب الكبد الوبائي نوع C، بعد إعطائهم منتجات دم ملوثة.

وطالت الإصابات مجموعتين رئيسيتين؛ مرضى الهيموفيليا الذين يعانون اضطرابات في الدم، وأولئك الذين خضعوا لعمليات نقل الدم بعد الولادة والجراحة والعلاجات الأخرى، وأعلن فتح تحقيق في الحادثة عام 2017، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية BBC.

وقالت مؤسسة Hepatitis C Trust الخيرية، إن الاجتماع سيكون “وقتاً للتأمل”، ودُعي الحاضرين لارتداء شيء أحمر تعبيراً عن الوحدة، وإحضار صور لأحبائهم الراحلين. ومن المقرر الوقوف دقيقة صمت لتذكر الأشخاص الذين لقوا حتفهم.

وأطلق التحقيق في عام 2017 من قبل رئيسة الوزراء آنذاك تيريزا ماي، ويعد هذا أكبر تحقيق عام يتم إجراؤه على الإطلاق في المملكة المتحدة.

“فضيحة الدم الملوث”

ومن المقرر أن تنشر لجنة التحقيق في “فضيحة الدم الملوث” تقريرها النهائي، الاثنين، بعد قرابة 6 سنوات من بدء البحث في كيفية إصابة عشرات الآلاف جراء عمليات نقل دم ومنتجات دم ملوثة، ومن المتوقع أن تسلط الضوء على كيفية “ارتكاب الأخطاء على المستويات الفردية والجماعية والنظامية”.

ومن المتوقع أن ينتقد التقرير شركات أدوية وممارسين طبيين وموظفي خدمة مدنية وسياسيين، على الرغم من أن العديد منهم ماتوا بالفعل؛ نظراً لمرور فترة زمنية طويلة. 

ومن المقرر أيضاً أن يمهد التقرير الطريق أمام فاتورة تعويضات ضخمة، ستتعرض الحكومة البريطانية لضغوط لدفعها بسرعة.

ولولا جهود الناشطين الدؤوبين، الذين رأى الكثير منهم أن أحباءهم يموتون قبل الأوان بعقود، لربما ظل حجم الفضيحة مخفياً إلى الأبد، وفق وكالة “أسوشيتد برس“.

وقال جيسون إيفانز، الذي كان في الرابعة من عمره عندما توفي والده عن عمر ناهز 31 عاماً عام 1993 جراء إصابته بفيروس نقص المناعة البشرية، والتهاب الكبد بسبب منتج بلازما دم ملوث: “لقد غطت هذه الفضيحة برمتها حياتي بأكملها”.

وأضاف للوكالة الأميركية: “كان والدي يعلم أنه يحتضر، وصور العديد من مقاطع الفيديو المنزلية، وهي موجودة لدي، وأعيد تشغيلها مراراً؛ لأن هذا هو كل ما أملك حقاً”.

ولعب إيفانز دوراً فعالاً في القرار الذي اتخذته رئيسة الوزراء آنذاك تيريزا ماي بتشكيل لجنة التحقيق في عام 2017، وقال إنه “لا يمكنه نسيان هذا الأمر”، معرباً عن أمله في أن يتمكن هو والكثير من الأشخاص الآخرين من ذلك، الاثنين.

من أُعطي دماً ملوثاً؟

وفي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، تعرض آلاف الأشخاص الذين يحتاجون إلى عمليات نقل دم، لدماء ملوثة بالتهاب الكبد، بما في ذلك نوع كان لا يزال مجهولاً، أطلق عليه فيما بعد اسم التهاب الكبد الوبائي C، وفيروس نقص المناعة البشرية.

يعاني الأشخاص المصابون بالهيموفيليا A من نقص في عامل لتخثر الدم يسمى “العامل الثامن”، في حين أن المصابين بالهيموفيليا B ليس لديهم ما يكفي من “العامل التاسع”.

وفي السبعينيات، أجريت عمليات نقل دم ومنتجاته لأولئك الذين يعانون الهيموفيليا، وهي حالة تؤثر على قدرة الدم على التجلط، لما بيع آنذاك على أنه “علاج ثوري” جديد مشتق من بلازما الدم البشري المتبرع به، ليحل محل عوامل التخثر هذه؛ لكن شحنات كاملة كانت ملوثة بالفيروسات القاتلة.

وسرعان ما فاق الطلب مصادر العرض المحلية، لذلك بدأ مسؤولو الصحة في استيراد العامل الثامن من الولايات المتحدة، وجاءت نسبة عالية من تبرعات البلازما من السجناء ومتعاطي المخدرات الذين حصلوا على أموال مقابل التبرع بالدم، ما أدى إلى زيادة خطر تلوث البلازما بشكل كبير، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”.

وكان يجري تصنيع العامل الثامن عن طريق خلط البلازما من آلاف التبرعات. وخلال عمليات التعبئة، قد يعرض متبرع واحد مصاب المجموعة بأكملها للخطر.

كم عدد الضحايا؟

وبعد إعطائهم العلاج الملوث، الذي كان يطلق عليه اسم “الدواء العجيب”، أصيب نحو 1250 شخصاً، كانوا يعانون اضطرابات نزفية، بفيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد الوبائي C، بينهم 380 طفلاً.

وتوفي نحو ثلثيهم في وقت لاحق؛ بسبب أمراض مرتبطة بالإيدز، ونقل البعض فيروس نقص المناعة البشرية إلى شركائهم (أزواجهن/ زوجاتهم) عن غير قصد.

وأصيب ما بين 2400 إلى 5000 شخص آخرين بالتهاب الكبد C، والذي يمكن أن يسبب تليف الكبد وسرطان الكبد. ومن الصعب معرفة العدد الدقيق للأشخاص المصابين بالتهاب الكبد C، ويعزى ذلك جزئياً إلى أن ظهور الأعراض ربما يستغرق عقوداً.

وهناك مجموعة ثانية من المرضى أجريت لهم عمليات نقل دم ملوث بعد الولادة أو الجراحة أو علاجات طبية أخرى بين عامي 1970 و1991.

ويقدر التحقيق أن ما بين 80 إلى 100 أصيبوا بفيروس نقص المناعة البشرية، ونحو 27 ألفاً أصيبوا بالتهاب الكبد الوبائي C. ويُعتقد أن نحو 2900 شخص لقوا حتفهم، في حين عاش الناجون مع آثار صحية مدى الحياة.

فرص ضائعة

بحلول منتصف السبعينيات، كان هناك دليل على أن مرضى الهيموفيليا الذين يعالجون بالعامل الثامن كانوا أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الكبد. 

وحضت منظمة الصحة العالمية، التي حذرت في عام 1953 من مخاطر التهاب الكبد المرتبطة بالتجميع الجماعي لمنتجات البلازما، الدول على عدم استيراد البلازما.

وظهر مرض الإيدز، وهو أكبر أزمة صحية عامة منذ الحرب العالمية الثانية، في أوائل الثمانينيات، كان يُعتقد في البداية أن انتشاره يقتصر على “مجموعات محددة”، وسرعان ما بدأ يظهر بين مرضى الهيموفيليا، وأولئك الذين تلقوا عمليات نقل دم.

وعلى الرغم من أن سبب مرض الإيدز لم يحدد حتى عام 1983، نقلت تحذيرات إلى حكومة المملكة المتحدة في العام السابق من أن العامل المسبب يمكن أن ينتقل عن طريق منتجات الدم. 

وقالت الحكومة إنه لا يوجد دليل قاطع، ولم يتم إبلاغ المرضى بالمخاطر، وواصلوا تلقي العلاج الذي يعرضهم لخطر مميت.

أخطاء “كارثية”

ويقول ناشطون إنه من المعروف منذ الأربعينيات من القرن العشرين أن الحرارة تقتل التهاب الكبد في منتج آخر من البلازما، وهو الألبومين، والسلطات كان بإمكانها جعل العامل الثامن آمناً قبل بيعه.

وتشير الأدلة المقدمة للتحقيق إلى أن اعتراض السلطات الرئيسي كان مالياً، والعامل الثامن غير المسخن كان مقرراً من قبل هيئة الخدمات الصحية الوطنية حتى أواخر عام 1985.

ويأمل النشطاء أن تكون النتيجة الأساسية للتحقيق هي أن مركزات العامل الثامن لم يكن من المفترض ترخيص استخدامها ما لم يتم تسخينها.

التعويضات

وفي أواخر الثمانينيات، طالب الضحايا وأسرهم بالتعويض على أساس الإهمال الطبي. وعلى الرغم من أن الحكومة أنشأت مؤسسة خيرية لتقديم مدفوعات دعم لمرة واحدة للمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في أوائل التسعينيات، لكنها لم تقر بأي التزام أو مسؤولية، وأجبر الضحايا على توقيع تعهد تنازل بعدم مقاضاة وزارة الصحة للحصول على الأموال.

ومنع التنازل الضحايا من رفع دعوى قضائية بسبب التهاب الكبد، على الرغم من أنهم في تلك المرحلة كانوا يعرفون فقط عن إصابتهم بفيروس نقص المناعة البشرية، وبعد سنوات من التوقيع، قيل للضحايا إنهم أصيبوا أيضاً بالتهاب الكبد الوبائي، وخاصة التهاب الكبد الوبائي C.

ولم تكن هناك أي دعوى قضائية جماعية أخرى حتى رفع إيفانز، الذي “انهارت” والدته بعد وفاة والده، والذي كان يُطلق عليه “فتى الإيدز” في المدرسة، دعوى قضائية لإساءة استخدام السلطة في منصب عام ضد وزارة الصحة.

وباقتران القضية مع الضغط السياسي والإعلامي، أعلنت رئيسة الوزراء إجراء تحقيق مستقل، وقالت إنها كانت “مأساة مروعة ما كان ينبغي أن تحدث أبداً”.

وقبلت الحكومة دعوى التعويض، إذ تشير معظم التقديرات إلى أن الفاتورة النهائية تبلغ نحو 10 مليارات إسترليني (12.7 مليار دولار). في أكتوبر 2022، دفعت السلطات دفعات مؤقتة قدرها 100 ألف إسترليني لكل الناجين، والشركاء الذين فقدوا ذويهم.

ومن المتوقع أن تعلن الحكومة عن مدفوعات لمختلف حالات العدوى، وأن تحدد أيضاً كيف ومتى يمكن للعائلات التي فقدت ذويها التقدم بطلب للحصول على مدفوعات مؤقتة نيابة عن الأشخاص الذين ماتوا.

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :asharq.com بتاريخ:2024-05-20 12:55:44
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من Beiruttime اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading