اشترك في :

قناة واتس اب
العرب و العالم

في حرب الغاز، روسيا هي الأقوى….

في حرب الغاز، روسيا هي الأقوى

د. أحمد مصطفى

مدير وصاحب مركز آسيا للدراسات والترجمة

 

مقدمة

تُعزى مرونة روسيا في حرب الغاز العالمية إلى مواردها الطبيعية الهائلة وبنيتها التحتية القوية وتحالفاتها الجيوسياسية الاستراتيجية.

وباعتبارها أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، تمتلك روسيا احتياطيات تبلغ 38.4 تريليون متر مكعب، وهو ما يمثل 20% من الإجمالي العالمي. وتوفر هذه الإمدادات الوفيرة حاجزاً ضد تقلبات السوق وتغيرات الطلب.

تمتد شبكة خطوط الأنابيب الروسية لأكثر من 165,000 كيلومتر، مما يضمن نقل الغاز بكفاءة وموثوقية إلى الأسواق المحلية والدولية.

وترسخ الشراكات الاستراتيجية مع الصين وأوروبا مكانتها في السوق، حيث يضمن خطا أنابيب نورد ستريم 2 وباور أوف سيبيريا عقود توريد طويلة الأجل. ومما يعزز مرونة روسيا أيضًا سياساتها الاقتصادية التكيفية والتقدم التكنولوجي في قطاع الطاقة.

وقد نفذت الحكومة الروسية تدابير لتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على الصادرات الهيدروكربونية، مما يقلل من تأثير العقوبات الدولية وأسعار الغاز المتقلبة. وقد أدى الاستثمار في تقنيات الاستخراج المتقدمة، مثل التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي، إلى زيادة إنتاج الغاز في منطقة سيبيريا بنسبة 15%.

ويبرهن التزام روسيا بتطوير مصادر الطاقة المتجددة على نهج التفكير المستقبلي لاستدامة الطاقة والقدرة على التكيف مع السوق، مما يعزز مكانتها الحالية في السوق ويضمن مرونتها على المدى الطويل في مشهد الطاقة العالمي.

ما هي التداعيات المحتملة لقرار أوكرانيا بقطع إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا؟

من المتوقع أن يؤدي قرار أوكرانيا بقطع إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر حدودها، اعتبارًا من 1 يناير 2025، إلى تفاقم أزمة الطاقة المستمرة في أوروبا، لا سيما بالنسبة لدول مثل ألمانيا. وسيكون الأثر الفوري لذلك هو ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في جميع أنحاء أوروبا، مما سيؤدي إلى إجهاد الاقتصادات الهشة بالفعل، وربما يؤدي إلى زيادة التضخم وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي. سيؤدي انخفاض إمدادات الغاز الروسي إلى إجبار الدول الأوروبية على البحث عن مصادر طاقة بديلة، مثل الغاز الطبيعي المسال، وهو أمر مكلف وصعب من الناحية اللوجستية.

ستحتاج روسيا، التي تعتمد بشكل كبير على صادرات الغاز الطبيعي في إيرادات الدولة، إلى تنويع استراتيجيتها الاقتصادية، بما في ذلك توسيع التجارة مع الدول الآسيوية والاستثمار في الصناعات المحلية.

ومن المرجح أن يؤدي الضغط الاقتصادي الناجم عن ارتفاع تكاليف الطاقة إلى زيادة السخط الشعبي، مما قد يؤدي إلى تعقيد المشهد السياسي وتأخير الاستجابات الفعالة للسياسات.

كما يمكن أن يكون لأزمة الطاقة آثار أوسع نطاقاً على أهداف الاتحاد الأوروبي في التحول في مجال الطاقة، حيث أن الحاجة إلى تأمين إمدادات طاقة مستقرة قد تؤدي مؤقتاً إلى تحويل الموارد والاهتمام بعيداً عن مشاريع الاستدامة طويلة الأجل. على المدى القصير، قد يضطر البنك المركزي الأوروبي (ECB) إلى التدخل بإجراءات لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، ولكن خياراته مقيدة بالبيئة الاقتصادية العالمية الحالية.

سيكون التأثير على القطاعات الصناعية في أوروبا، لا سيما تلك التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي، شديدًا، مما سيؤدي إلى فقدان الوظائف وانخفاض الناتج الاقتصادي.

يمكن أن تؤدي التداعيات السياسية لقرار أوكرانيا إلى توتر العلاقات بين الدول الأوروبية وروسيا، مما قد يؤدي إلى فرض عقوبات إضافية أو إجراءات دبلوماسية.

بالنسبة للأسر الأوروبية، ستشكل الزيادة في تكلفة الطاقة عبئاً كبيراً على الأسر الأوروبية، حيث ستتأثر الفئات السكانية الضعيفة بشكل غير متناسب.

ستحتاج الحكومات إلى تنفيذ تدابير دعم مستهدفة للتخفيف من هذه الآثار.

قال بعض الخبراء إن تنحي نظام بشار الأسد في سوريا مؤخرًا كان من أجل خط الأنابيب القطري لتصدير الغاز إلى أوروبا كمنافس للنظام الروسي، تحت حماية تركية

أثارت التطورات الأخيرة في سوريا، ولا سيما تنحي نظام بشار الأسد، جدلاً بين المحللين الجيوسياسيين.

وتشير إحدى النظريات إلى أن الدافع الرئيسي وراء هذا التحول هو تسهيل بناء خط أنابيب من قطر إلى أوروبا، مما يوفر بديلاً لإمدادات الغاز الروسي.

ومن شأن خط الأنابيب هذا أن يجتاز المملكة العربية السعودية والأردن وسوريا، ليصل في نهاية المطاف إلى تركيا، التي ستكون بمثابة مركز عبور مهم.

وتتماشى إمكانية بروز تركيا كممر رئيسي للطاقة مع المصالح الاستراتيجية الأوسع لكل من تركيا وقطر لتنويع مصادر الطاقة الأوروبية وتقليل الاعتماد على روسيا.

ولا تزال جدوى مشروع خط الأنابيب هذا موضع تدقيق مكثف بسبب التحديات التقنية والتكلفة والوقت اللازمين لبناء شبكة أنابيب واسعة كهذه، والجدوى الاقتصادية لخط الأنابيب القطري.

كما أن الآثار السياسية المترتبة على خط الأنابيب لا تقل أهمية، حيث سيتطلب درجة عالية من التعاون بين دول ذات علاقات متوترة تاريخيًا، مثل السعودية وإيران أو سوريا وتركيا. وتضيف مشاركة قوى خارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا، طبقة أخرى من التعقيد إلى تحقيق المشروع.

فقد أعربت روسيا، وهي لاعب مهيمن في سوق الغاز الأوروبي، عن مخاوفها من أي مشاريع أنابيب جديدة يمكن أن تتحدى مكانتها. إن دور تركيا في خط الأنابيب المحتمل هذا محوري، باعتبارها عضوًا في حلف شمال الأطلسي وجسرًا بين أوروبا وآسيا.

ومع ذلك، فإن علاقتها مع الاتحاد الأوروبي وروسيا دقيقة، وأي مشروع يفشل في تلبية اللوائح الدولية قد يواجه معارضة من الجماعات البيئية والهيئات التنظيمية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن سوق الطاقة العالمي يتطور بسرعة مع تزايد اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، مما يجعل مشروع خط الأنابيب أقل جاذبية للمستثمرين وصانعي السياسات.

في سوق الغاز، لا يزال لروسيا الذراع الأطول في سوق الغاز، حيث لا يقتصر نفوذها على الاتحاد الأوروبي فحسب، بل يمتد إلى أسواق عالمية أخرى في الجنوب العالمي

تتمتع روسيا بميزة استراتيجية كبيرة في سوق الغاز العالمي، حيث يمتد نفوذها خارج الاتحاد الأوروبي إلى جنوب الكرة الأرضية من خلال تحالفات مثل بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون ومبادرة الحزام والطريق.

وتوفر هذه العلاقات لروسيا مجموعة متنوعة من الأسواق، مما يقلل من الاعتماد على أي مشترٍ واحد ويعزز قدرتها على المساومة.

تسهّل شبكة خطوط الأنابيب الروسية الواسعة، بما في ذلك البنى التحتية الخاصة بـ خطي أنابيب نورد ستريم 2 وكذلك باور أوف سيبيريا، نقل الغاز بكفاءة واقتصادية إلى مختلف المناطق، مما يجعل الغاز الروسي خيارًا تنافسيًا لبلدان الاتحاد الأوروبي ودول الجنوب على حد سواء.

وتعزز قدرة روسيا على بيع الغاز من خلال أطراف ثالثة من مرونة السوق، حيث برزت الهند كوسيط هام، مما يساعد روسيا على الالتفاف على العقوبات والوصول إلى أسواق مثل الولايات المتحدة.

ويشكل تحالف ”بريكس“ الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا منصة لروسيا لتعميق العلاقات الاقتصادية مع الأسواق الناشئة الرئيسية.

توفر منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) لروسيا إطارًا استراتيجيًا للتعامل مع دول آسيا الوسطى وشرق آسيا، مما يضمن تدفقًا ثابتًا للغاز إلى هذه المناطق.

كما تعزز مبادرة الحزام والطريق (BRI) من تواصل روسيا مع دول الجنوب، مما يسهل نقل الغاز الروسي إلى الأسواق البعيدة.

وتلعب شركتا الطاقة الروسيتان العملاقتان المملوكتان للدولة في روسيا، غازبروم وروزنفت، دوراً محورياً في تشكيل ديناميكيات الغاز العالمية، حيث تستثمران بكثافة في التنقيب والإنتاج والبنية التحتية.

وتتيح التطورات التكنولوجية في استخراج الغاز ونقله، مثل تطوير مرافق الغاز الطبيعي المسال، لروسيا توسيع قدراتها التصديرية.

ويضمن هذا النهج المتنوع بقاء روسيا لاعباً هائلاً في مشهد الطاقة العالمي، حيث تؤثر على اتجاهات السوق وتؤمن مصالحها الاقتصادية في قطاع الغاز.

يمكن لروسيا أيضًا بيع الغاز الطبيعي المسال ليس بالدولار الأمريكي وفقًا لمبادرة إلغاء الدولرة

توفر مبادرة إلغاء الدولرة التي أطلقتها مجموعة بريكس لروسيا ميزة استراتيجية في سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي من خلال إتاحة التعاملات بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي.

ويؤدي هذا التحول إلى تنويع المخاطر المالية ويعزز مرونة الاقتصاد الروسي في مواجهة الضغوط الجيوسياسية، لا سيما تلك المفروضة من خلال العقوبات.

ويمكن لجهود مجموعة البريكس الرامية إلى إنشاء عملة مشتركة أو سلة عملات مشتركة أن تعزز هذا التحول، مما يوفر لروسيا إطارًا قويًا لمبيعات الغاز الطبيعي المسال.

وتدعم الروابط الاقتصادية المتزايدة بين دول البريكس، التي تمثل مجتمعة أكثر من 24% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و42% من سكان العالم، استراتيجية إلغاء الدولرة.

فمن خلال تيسير التجارة بعملاتها المحلية، يمكن لروسيا تعزيز وصولها إلى الأسواق وتقليل الاعتماد على الأنظمة المالية الغربية، وبالتالي تأمين صادراتها من الطاقة.

كما أن استخدام عملات بديلة في معاملات الغاز الطبيعي المسال يقلل من تكاليف المعاملات المرتبطة بتحويل العملات، مما يجعل الغاز الطبيعي المسال الروسي أكثر تنافسية في الأسواق الدولية.

ومن خلال تقليل هذه التكاليف، يمكن لروسيا تقديم أسعار أكثر جاذبية، مما يزيد من الطلب على الغاز الطبيعي المسال ويعزز مكانتها في السوق.

تتماشى مبادرة إلغاء الدولرة مع استراتيجية روسيا الاقتصادية الأوسع نطاقاً لتنويع شركائها التجاريين وتقليل الاعتماد على الأسواق الغربية.

ومن خلال الانخراط مع دول البريكس، وخاصة الصين والهند، يمكن لروسيا تأمين عقود طويلة الأجل وتدفقات إيرادات مستقرة، وهو أمر ضروري لاستدامة صناعة الغاز الطبيعي المسال.

وتعزز استراتيجية إلغاء الدولرة أيضًا قدرة روسيا على التفاوض على شروط مواتية مع المشترين، مما يجذب مجموعة أوسع من العملاء ويوسع سوق الغاز الطبيعي المسال الروسي.

ومن خلال الاستفادة من هذه الاتجاهات، يمكن لروسيا تأمين مستقبل أكثر استقرارًا ومرونة لصناعة الغاز الطبيعي المسال لديها، مما يعزز دورها كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمي.

ظهرت المقالة في حرب الغاز، روسيا هي الأقوى…. أولاً على تلفزيون الحقيقة.

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :pravdatv.org
بتاريخ:2025-01-02 16:12:00
الكاتب:قسم التحرير
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى